دراسة دولية: تغيرات المناخ في اليمن تزيد الصراعات المحلية

معظم النزاعات تدور حول المياه الجوفية وإدارة النفايات

يتقلب المناخ في اليمن بين الجفاف الشديد والفيضانات (إ.ب.أ)
يتقلب المناخ في اليمن بين الجفاف الشديد والفيضانات (إ.ب.أ)
TT

دراسة دولية: تغيرات المناخ في اليمن تزيد الصراعات المحلية

يتقلب المناخ في اليمن بين الجفاف الشديد والفيضانات (إ.ب.أ)
يتقلب المناخ في اليمن بين الجفاف الشديد والفيضانات (إ.ب.أ)

خلصت دراسة دولية إلى أن الصراعات السياسية والحرب المستمرة في اليمن أعاقا جهود البلاد خلال العقد الماضي للاستجابة لآثار تغير المناخ، ونقلت عن كبار المسؤولين المحليين القول إن الصراعات المتعلقة بتغير المناخ زادت في المجتمعات المحلية بسبب التحديات المرتبطة بهذه التغيرات.

ووفق الدراسة التي نفذتها مؤسسة «برج هوف» الألمانية، فإن معظم هذه الصراعات تدور حول توزيع موارد المياه الجوفية، لكنها تشمل أيضاً قضايا إدارة النفايات في المدن الكبرى، وتسرب النفط إلى الأراضي الزراعية والمواقع البحرية.

معظم الصراعات المحلية في اليمن تدور حول المياه الجوفية (إعلام حكومي)

وذكرت أنه في بعض مناطق اليمن، تحولت الأراضي الزراعية أيضاً إلى سكنية أو صناعية بسبب الجفاف، وأدى التغير الهيكلي في مسار الفيضان وتحويل الأمطار الموسمية إلى تآكل التربة وإلحاق أضرار بالممتلكات، بما في ذلك تضرر المنازل والمزارع بسبب الفيضانات الغزيرة.

الدراسة نبّهت إلى أنه في ظل الحرب والصراعات الداخلية، تدهور أداء الأجهزة الحكومية في مختلف المحافظات، وهذا أعاق بشكل كبير تطوير الاستجابة الكافية للاحتياجات المناخية والبيئية الملحة.

ونظراً للانخفاض الكبير في الإيرادات المحلية، فضلاً عن عدم كفاية الدعم الدولي، فقد فقدت الأموال اللازمة لمعالجة آثار تغير المناخ، وهذا يؤدي - بحسب الدراسة - إلى تفاقم التحديات التي تواجهها السلطات المحلية والحكومات المركزية في الاستجابة للاحتياجات الملحة.

وكانت دراسة أخرى أجرتها المؤسسة أبرزت أن المناطق الشرقية من اليمن على وجه الخصوص هي الأكثر تضرراً من تغير المناخ.

دور السلطات المحلية

لتسليط الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه السلطات المحلية اليمنية في الاستجابة لتغير المناخ والكوارث الطبيعية والبيئية، انعقد مؤتمر في مدينة المكلا، وركز على محافظات حضرموت والمهرة وشبوة، ضمن جهود دعم الجهات الفاعلة في الحكم المحلي وتعزيز الاستقرار في اليمن، بتمويل من وزارة الخارجية الفيدرالية الألمانية.

المناطق الشرقية من اليمن الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية (إعلام حكومي)

وهدف المؤتمر إلى رفع مستوى التنسيق بين الجهات الحكومية والجهات الدولية والمحلية العاملة في القضايا المتعلقة بالتغير المناخي والتدهور البيئي، بما يعزز استجاباتها المشتركة للقضايا البيئية الملحة والكوارث الطبيعية.

وأكد المشاركون في المؤتمر أن الجهات والمكاتب الحكومية التي تهتم بالقضايا البيئية تعاني من نقص الميزانية المخصصة لشراء المعدات اللازمة لعملها، بالإضافة إلى التكلفة التشغيلية للزيارات الميدانية أو التفتيش أو جمع البيانات أو أنشطة الرصد والتقييم.

ونبّه المشاركون إلى أن هذه الهيئات طالما عانت من هذه المشكلة، إلا أنها تفاقمت بسبب تراجع الإيرادات المركزية للحكومة اليمنية. في حين حرمت هجمات الحوثيين على منشآت تصدير النفط، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، الحكومة من معظم إيراداتها من العملات الأجنبية، التي تعادل نحو نصف إجمالي إيراداتها.

كما أن هناك نقصاً حاداً في المتخصصين والكوادر البشرية الفنية والإدارية حيث إن هناك حاجة إلى بناء قدرات واسعة النطاق حتى تكون الوكالات الحكومية مجهزة تجهيزاً جيداً لمعالجة القضايا البيئية.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت النقاشات أن الوكالات البيئية لا تبدو جذابة للباحثين عن عمل من الشباب، كما أن الحكومة اليمنية أوقفت التوظيف الجديد بشكل كامل منذ عام 2014، إلى جانب أن غياب استراتيجية وطنية للاستجابة لتغير المناخ يشكل تحدياً كبيراً في ضمان التنسيق الجيد بين مختلف الهيئات وأصحاب المصلحة.

الحاجة إلى إطار قانوني

بيّنت النقاشات اليمنية في المؤتمر أنه لا يُعقد حالياً سوى عدد قليل من الاجتماعات التنسيقية بسبب نقص الموارد المالية، وبالتالي هناك حاجة إلى إطار قانوني لضمان العمل التنسيقي بين المحافظات المختلفة، ولسوء الحظ، فإن المجتمع الدولي لا يولي اهتماماً كافياً للقضايا المتعلقة بتغير المناخ والتدهور البيئي في اليمن، لكنهم لا يستطيعون إهمال الموضوع تماماً.

الأضرار الناجمة عن التغير المناخي في اليمن شملت المنازل والمزارع والطرقات (إعلام حكومي)

وخلص المناقشون إلى أنه إذا كانت السلطات المحلية ضعيفة والمجتمعات المحلية غير قادرة على الصمود، فإن الاحتياجات الإنسانية سوف تتفاقم بشكل كبير عندما تقع الكوارث الطبيعية. علاوة على ذلك، تفتقر الهيئات المحلية إلى المهارات اللازمة لتقديم مقترحات قوية مبنية على الاحتياجات المحلية الحالية للمنظمات الدولية من أجل الحصول على التمويل الذي من شأنه أن يساعدها على التعامل مع القضايا البيئية الملحة.

وبناءً على تلك المناقشات والتحديات التي تم تحديدها خلال المؤتمر، أكد المشاركون الحاجة الملحة لوضع وتنفيذ خطة لبناء القدرات لموظفي سلطات حماية البيئة والهياكل ذات الصلة من أجل تزويدهم بالمهارات اللازمة للاستجابة لتغير المناخ والتدهور البيئي، والتنسيق مع السلطات ذات الصلة وأصحاب المصلحة.

اليمن من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية (إعلام حكومي)

ومن بين التوصيات التي وضعها المشاركون المطالبة بإنشاء آلية تنسيق داخل هيئة حماية البيئة في المحافظات المختلفة، وإيجاد هيكل تنسيق لضمان التبادل المناسب بين مختلف أصحاب المصلحة حتى يتمكنوا من تطوير استراتيجيات مشتركة للاستجابة للقضايا البيئية والمناخية.

كما أكدوا على أهمية توفير ميزانيات تشغيلية للهيئات العاملة في مجال تغير المناخ والتدهور البيئي، وحشد مزيد من الجهود لمساعدة السلطات المحلية على الاستجابة بفاعلية لآثار تغير المناخ.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

تحقق السلطات القضائية التايوانية، لتحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجر» بالشكل الذي حوّلها إلى متفجرات تأذى بها لبنانيون وبعض منتسبي «حزب الله».

ويقول سامي جانج، رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تم تصديره من الأجهزة بين عامي 2022 و2024 بلغ 260 ألف جهاز، منها ما يقارب 16 في المائة تم تصديره إلى أميركا وأوروبا.

ويأسف المبعوث لما تم تداوله عن الأشخاص الذين أصيبوا في لبنان وغيرها، «وأود أن أنوه بأنه تم التحقق من أن أجهزة (البيجرز)، التي تسببت بالأضرار ليست مستوردة من تايوان إلى لبنان مباشرة».

وأضاف جانج: «تتصنع هذه الأجهزة من اللوحة الرئيسية، وشاشة، وبطارية صغيرة، ومعالج بيانات صغير الحجم، وجهاز فك التشفير وجهاز استقبال الترددات، وجميع هذه المواد الداخلة في عملية التصنيع لا يوجد بها مواد تسبب انفجاراً ممكناً بحيث يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة».

ولفت جانج إلى أن شركة «أبولو جولد» التايوانية صدّرت، من أول عام 2022 إلى أغسطس (آب) 2024، أجهزة «بيجر» بلغ عددها 260 ألف جهاز، منها 40929 جهازاً، خلال هذا العام منذ بدايته وحتى شهر أغسطس (آب)، إلى أميركا والدول الأوروبية، ولم يسبق منها أي أضرار أو انفجارات.

وأضاف جانج: «إن ما حصل في لبنان يطرح عدة استفسارات من شاكلة: هل تم تعديل أو تغيير في أجهزة (البيجرز) بعد الاستيراد من شركة (أبولو جولد)، أو تدخل صناعي من الشركات الأجنبية التي صرّحت لها (أبولو جولد) بصناعة (البيجرز)؟».

الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

وتابع جانج: «الإجابات عن هذه الاستفسارات قيد التحقيق في تايوان حالياً من قبل الجهات المسؤولة، لكن من المؤكد أن (البيجرز)، التي تم تصديرها من تايوان بشكلها الذي تم تصديرها به، ليست متسببة بأي أضرار، ولن تتهاون حكومة تايوان في ذلك الشأن؛ إذ تم عرض الشأن على السلطة القضائية التايوانية للتحقيق فيه».

الأثر الاقتصادي على تايوان

وحول أثر أحداث تفجير «البيجرز» على الصناعات التايوانية وعلى الاقتصاد التايواني، قال جانج: «إن سمعة صناعة تايوان معروفة منذ القدم، ومن الصعب جداً أن تتأثر بأي عوامل لما لديها من قدرة على كسب ثقة التجار، الذين سبق لهم التعامل مع المصانع والشركات التايوانية، لما تتمتع به من قدرات وكفاءة وتقنية عالية».

وأضاف: «لا يمكن أن يقاس حجم استثمارات تايوان بعدد قليل من الأجهزة المذكورة؛ إذ هي فقط نقطة في بحر التعاملات التجارية بين تايوان والعديد من دول العالم».

التعاون السعودي - التايواني

كشف جانج أن بلاده تدرس حالياً التعاون مع السعودية في مجال الرقائق الإلكترونية ومعالجة الاتصالات اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، متفائلاً بمستقبل عريض للتعاون الثنائي في الصناعات التكنولوجية الفائقة.

وقال جانج: «ليس هناك حدود للتعاون بين تايوان والمملكة، فإن تايوان تعمل دائماً على استمرارية للعلاقة بين البلدين، والبحث في فرص الاستثمارات المشتركة، وتايوان من أوائل الدول التي سعت للعمل في جميع مجالات التعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030 التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان».

ولفت جانج إلى أن شركة «فوكسكون» التايوانية أعلنت الشراكة مع المملكة في صناعة أجزاء السيارات الكهربائية والإلكترونيات، بالإضافة إلى التعاون بين تايوان والبنك الأهلي السعودي بشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار، فضلاً عن العديد من الأمثلة على الشراكات الناجحة والمستمرة.

وأضاف جانج: «طبعاً يوجد عدد من المشاريع المقترحة، نظراً إلى أن تايوان تمثل سوقاً عالية الجودة؛ إذ تخضع لمعايير وسياسات رقابية مشددة للحفاظ على سلامة المستخدم والحماية من الغش، وأرى أن مستقبل التعاون مع المملكة واسع جداً، خصوصاً أن تايوان تشتهر بخبرتها وقدرتها على صناعات التكنولوجيات الفائقة، لا سيما في مجال أشباه الموصلات وكذلك الذكاء الاصطناعي».

وتابع: «هناك مجال واسع للتعاون مع السعودية، في مجال الطبي مثلاً، ابتداءً من تشخيص المريض عن بعد حتى العمليات الجراحية عن طريق روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي. وفي الزراعة، تستخدم الذكاء الاصطناعي في تربية الأنعام والأسماك، وكذلك في التعليم».

ووفق جانج: «إن تايوان أطلقت أخيراً أول كتاب مدرسي مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكّن الطلاب من الوصول إلى المواد الدراسية، ويمكّن المعلمين من الوصول إلى أجوبة الطلاب ومراقبة تقدم الطلاب بدقة عالية».

ولذلك، والحديث للموفد التايواني بالرياض، قررت شركة «AMD» الأميركية المتخصصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، وشركة «NVIDIA» لصناعة معالجات الاتصال اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، مطلع هذا العام، أن تؤسسا مركزاً لدراسات صناعة الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤكد الجودة العالية لتقنية الصناعة التايوانية.