تهديد سفن إسرائيل... مغامرة حوثية جديدة أم تطور في الضجيج الإعلامي؟

باحثون: الجماعة تستثمر أحداث «غزة» لتحقيق مكاسب داخلية

توجد السفن الحربية الإسرائيلية منذ زمن بعيد في البحر الأحمر (غيتي)
توجد السفن الحربية الإسرائيلية منذ زمن بعيد في البحر الأحمر (غيتي)
TT

تهديد سفن إسرائيل... مغامرة حوثية جديدة أم تطور في الضجيج الإعلامي؟

توجد السفن الحربية الإسرائيلية منذ زمن بعيد في البحر الأحمر (غيتي)
توجد السفن الحربية الإسرائيلية منذ زمن بعيد في البحر الأحمر (غيتي)

للوهلة الأولى يبدو الخطاب الأخير لزعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي تصعيدياً وجريئاً تجاه إسرائيل أكثر من سابقيه، خصوصاً بعد انتقاله إلى التهديد باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، لكن الوقائع تشير إلى أن التصعيد نحو الداخل أكثر منه نحو إسرائيل، دون أن يخلو الأمر من مخاطر على المحيط الإقليمي.

فبعد أن واجهت صواريخ الحوثي وطائراته المسيرة الموجهة إلى إسرائيل حملة سخرية وتهكم واسعين من عدم جدواها أو فاعليتها، لم يحدث أي رد فعل إسرائيلي يوحي بأنها مثلت خطراً كافياً يمكن الجزم معه بأن الجماعة أصبحت جزءاً حقيقياً من المعركة.

أطلق زعيم الجماعة الحوثية في خطابه الأخير تهديدات باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر (إعلام حوثي)

ويبدو أن التصعيد الخطابي الأخير للحوثي لم يكن في جزء كبير منه سوى ردة فعل على تساؤلات متهكمة وجادة تداولها الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام، حول تجاهل الجماعة الحوثية لوجود السفن والزوارق الإسرائيلية في البحر الأحمر، ما يجعل منها أهدافاً أقرب إلى أسلحتها التي لم تفلح في تغيير قناعات اليمنيين أن الجماعة تتخذ من مساندة الفلسطينيين غطاء لتبرير انتهاكاتها في حقهم.

فتهديد السفن والزوارق الإسرائيلية في البحر الأحمر يمكن أن يعطي المواجهات بعداً جديداً، خصوصاً أن محور إيران في المنطقة اعترف على لسان حسن نصر الله، زعيم «حزب الله» في لبنان، بأن الصواريخ والمسيرات الحوثية لا تصل إلى إسرائيل، وإن كان حاول الإيحاء بقدرتها على التأثير في المعركة، فإن زعيم الجماعة الحوثية أوجد لنفسه وجماعته مبررات لعدم الإقدام على خوض مثل هذه المغامرة.

لكن هذه المبررات تبدو واهية حين يطلقها زعيم جماعة تدعي باستمرار تطوير قدراتها العسكرية والتكنولوجية، وتقف من خلفها دولة مثل إيران التي تمدها بالسلاح النوعي والتكنولوجيا والخبراء وتدعمها مخابراتياً، بافتراض صحة مزاعم الحوثي بأن السفن الإسرائيلية تموه وجودها وتتعمد التهريب وإغلاق أجهزة التعارف، وعدم رفع العلم الإسرائيلي، وكأنه يتحدث عن سفن تجارية وليست قطع بحرية عسكرية.

انكشاف زيف الشعارات

منذ فترة أعلنت إيران أن الحديدة اليمنية أصبحت حارسة البحر الأحمر، ما يفيد بأن وجودها على الساحل الغربي لليمن أصبح حقيقة ينبغي التعاطي معها وعدم إغفالها، إلا أنها وذراعها العسكرية لم تقدم على الدخول في مواجهة حقيقية في البحر الأحمر مع أي طرف، سوى بأعمال القرصنة وزراعة الألغام، وأخيراً، إسقاط طائرة من دون طيار تابعة للبحرية الأميركية.

قالت البحرية الأميركية أواخر الشهر الماضي إنها أسقطت صواريخ وطائرات مسيرة في البحر الأحمر أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل (أ.ف.ب)

في هذا الاتجاه، يصف اللواء المصري بخيت حمدي الأحداث التي يمر بها قطاع غزة وتداعياتها في المنطقة بالكاشفة التي فضحت مواقف الكثير من الأطراف والقوى، والتي تنصلت من مزاعمها وشعاراتها، وذهبت إلى الاستعراض في مناطق وأماكن بعيدة.

فالهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي - برأيه - غير مجدية، خصوصاً أن هناك أهدافاً إسرائيلية قريبة من اليمن مثل القاعدة الإسرائيلية في إريتريا أو التجمع العسكري البحري الدولي في بحر العرب لحماية باب المندب.

وتبدو التهديدات الحوثية مجرد استهلاك إعلامي وفقاً للواء حمدي، فجماعة الحوثي تستطيع بالتأكيد تقدير حسابات أي عمل تقدم عليه وردود الفعل المتوقعة، فحجم القوات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة يمنع الحوثي من التفكير بتوجيه ضربات حقيقية ومؤثرة، وقد اتضح جلياً أن أدوار إيران وأذرعها في المنطقة محددة، ولا يمكنها تجاوزها.

غير أن التصعيد الحقيقي الذي نفذته الجماعة الحوثية عسكرياً، كان داخلياً، حيث استهدفت محافظة الضالع، خلال الأيام الماضية، مطلقة سلسلة من الهجمات ومحاولات تسلل إلى المناطق المحررة، دافعة بتعزيزات بشرية كبيرة من محافظة إب المجاورة، واستهداف تلك المناطق بالمدفعية والطائرات المسيرة، بالتزامن مع أعمال مشابهة في محافظات مأرب وتعز والحديدة، بحسب بيانات الجيش اليمني.

تصعيد نحو الداخل

واصلت الجماعة الحوثية انتهاكاتها وأعمالها العدائية ضد المدنيين في اليمن، إلى جانب تصعيدها العسكري في عدد من الجبهات في محافظات تعز والضالع ومأرب، رغم الهدنة والجهود الإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى السلام في اليمن، وراح ضحية تلك الأعمال عدد من المدنيين.

تعزيزات حوثية سابقة باتجاه مدينة تعز المحاصرة (فيسبوك)

وبينما تعرض رئيس هيئة أركان الجيش الفريق الركن صغير بن عزيز، لمحاولة اغتيال شرقي مأرب، يرجح وقوف خلايا حوثية خلفها، حذر رئيس أركان محور تعز العميد عبد العزيز المجيدي من أن الجماعة تتربص بالمحافظة من خلال استقدام الحشود العسكرية بشكل مستمر، ومواصلتها الهجوم على مواقع الجيش وقصف الأحياء السكنية، وتعزيز مواقعها في خطوط المواجهة في المحافظة.

ويخلص الباحث المصري في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بشير عبد الفتاح، إلى أن المخطط الإيراني للاستفادة من الحرب الإسرائيلية في غزة، من خلال فرض أجواء جيوسياسية محددة في المنطقة، يصطدم بالوعي الأميركي بهذه المخططات، والذي يتضح من خلال حرص واشنطن على عدم فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل بتوزيع عدد من قواتها في المنطقة، والإعلان عن استعدادها للتصدي بنفسها لتلك الجبهات في حال اشتعالها، ونصائحها لإسرائيل بعدم التورط في مواجهة مع «حزب الله».

فإيران تهدف إلى تحقيق أكبر استفادة ممكنة من الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة عبر «حزب الله» و«حماس» والميليشيات في سوريا والعراق، وانضمت إليها ميليشيات الحوثي في اليمن، وذلك في سياق استراتيجيتها للهيمنة الواسعة في الشرق الأوسط، وفقاً لعبد الفتاح. وتراهن في ذلك على حماقة الإدارة الإسرائيلية التي تمضي في أعمال القتل والإبادة والعقاب الجماعي للفلسطينيين، ولا تميل إلى السلام أو تمكين إقامة دولة فلسطينية وحل الدولتين لإنهاء الصراع.

تجند الجماعة الحوثية المقاتلين وتستغل الحرب الإسرائيلية في غزة مبرراً لذلك (إعلام حوثي)

وبدورها، تصعِّد ميليشيات الحوثي خطابياً تجاه أهداف أميركية وإسرائيلية في البحر الأحمر؛ بهدف إعادة التموضع والتغطية على جرائمها في اليمن، وهو ما لن يكتب له النجاح؛ لأن خطايا الميليشيات الحوثية بحق اليمنيين وخطرها على المنطقة أكبر من أن يتم محوها، كما ينتهي عبد الفتاح في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

تنصل من الاستحقاقات المحلية

لكن هذه التحركات الحوثية تأتي ضمن مساعي إيران لاستغلال مناخ المعركة لتمكين أذرعها في عدد من دول المنطقة من التنصل من الالتزامات والاستحقاقات الداخلية، من خلال هذه الأعمال الاستعراضية، وإثبات أنها ومحورها الجهة الوحيدة التي تقف في صف الشعب والمقاومة الفلسطينيين، حسبما يرى الباحث المصري المختص بالشؤون الإيرانية إسلام المنسي في حديث لـ«الشرق الأوسط».

ولم تيأس إيران من فشل وانكشاف مصداقية وجدية شعاراتها حول وحدة الساحات المزعومة، وفقاً للمنسي، ولذلك كان دخول الميليشيات الحوثية على خط المواجهة في توقيت التوغلات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، لإضفاء مزيد من الاستعراض الدعائي الذي يوحي بأن هناك تصعيداً ينفذه المحور الإيراني بشكل منظم ومنسق، خصوصاً أن هذا المحور أعلن أن تدخله سيأتي حين يحدث التوغل البري والتدخل الأميركي.

فإيران، وفقاً للمنسي، تسعى إلى استغلال مناخ المعركة لتمكين أذرعها في عدد من دول المنطقة من التنصل من الالتزامات والاستحقاقات الداخلية من خلال هذه الأعمال الاستعراضية، وإثبات أنها ومحورها الجهة الوحيدة التي تقف في صف الشعب والمقاومة الفلسطينيين.

تسعى الجماعة الحوثية لتحقيق مكاسب داخلية مستفيدة من الحرب في غزة (إ.ب.أ)

غير أن باحثاً يمنياً يرى أن التصعيد الحوثي تجاه إسرائيل، سواء أكان جاداً أو للاستهلاك الإعلامي والتغطية على ممارسات الجماعة داخلياً، قد يأتي بنتائج وخيمة على البلاد.

فنحن، طبقاً للباحث الذي طلب حجب بياناته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، أمام ميليشيات رعناء، وإن كانت تمارس انتهازية ومتاجرة بالقضايا والمآسي الإنسانية، فإن طبيعة تكوينها المتطرفة تكفي لتدفعها نحو مغامرات غير محسوبة تدخل البلاد في جحيم جديد.

ونبه الباحث اليمني إلى أن هذه الميليشيات تمتلك أسلحة نوعية وخطيرة على الداخل والمحيط الإقليمي والعالم، ولا يمكن التعويل على أن هناك تفاهمات بينها والقوى الدولية؛ لأنها في المحصلة مجرد عصابات قد يتم التغاضي عن ممارستها حيناً من الزمن، ثم يأتي الوقت للتخلص منها بأساليب تأتي بالكوارث على كل ما تسيطر عليه من جغرافيا وبشر.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات في صعدة

علي ربيع (عدن)
العالم العربي المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

مع تواصل إضراب المعلمين في تعز للمطالبة بزيادة الرواتب كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم خلال فصل دراسي واحد

محمد ناصر (تعز)
شمال افريقيا مصر تنفي تقارير إسرائيلية عن استعدادات لتدخل في اليمن (الشرق الأوسط)

مصر تنفي تقارير إسرائيلية عن استعدادات لتدخل عسكري في اليمن

نفى مصدر مصري مسؤول، الأحد، ما تناولته تقارير إعلامية إسرائيلية عن «قيام مصر باستعدادات بهدف التدخل العسكري في اليمن».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال لتمويل احتفالاتها بما تسميه «جمعة رجب».

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.