«التطبيع» ذريعة حوثية جديدة للتنكيل بالمعارضين

الجماعة أعدت قانوناً يتيح لها الحبس وفرض الغرامة

دفع الحوثيون بأكثر من 20 شخصاً ليشكلوا مع مجموعة صغيرة ما يسمى مجلس النواب ويستخدمونهم في إصدار تشريعات طائفية (إعلام حوثي)
دفع الحوثيون بأكثر من 20 شخصاً ليشكلوا مع مجموعة صغيرة ما يسمى مجلس النواب ويستخدمونهم في إصدار تشريعات طائفية (إعلام حوثي)
TT

«التطبيع» ذريعة حوثية جديدة للتنكيل بالمعارضين

دفع الحوثيون بأكثر من 20 شخصاً ليشكلوا مع مجموعة صغيرة ما يسمى مجلس النواب ويستخدمونهم في إصدار تشريعات طائفية (إعلام حوثي)
دفع الحوثيون بأكثر من 20 شخصاً ليشكلوا مع مجموعة صغيرة ما يسمى مجلس النواب ويستخدمونهم في إصدار تشريعات طائفية (إعلام حوثي)

حذر قانونيون وسياسيون يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين من عواقب وخيمة لإقرار الجماعة ما سمَّته «قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل»؛ لأنه سيكون أداة جديدة للقمع والتنكيل بالمعارضين، ووسيلة لمصادرة أموالهم وممتلكات التجار، من خلال السجن لفترة تصل إلى 15 عاماً وفرض غرامات بملايين الريالات، ورأوا أن نصوصه فضفاضة تتيح للجماعة تكييف التهم وفق رغباتها.

ووصفت شخصيات سياسية وقانونية إقرار ما يسمى مجلس النواب في مناطق سيطرة الحوثيين القانون المزعوم، بأنه يجعل أي حديث أو نشاط أو رأي لا يتفق مع موقف الحوثيين جريمة يعاقب عليها بالسجن والغرامة.

تستثمر الجماعة الحوثية «حرب غزة» لحشد المجندين وجباية الأموال (إ.ب.أ)

ونبه 3 من الشخصيات اليمنية السياسية -طالبين عدم الإفصاح عن هوياتهم خشية الانتقام لأنهم يعيشون في مناطق سيطرة الجماعة- إلى أن القانون المزعوم صدر عن مجموعة غير شرعية تطلق على نفسها برلماناً، وأنه سيفتح الباب أمام ابتزاز التجار ومصادرة شركاتهم تحت مبرر محاربة التطبيع؛ لأن النصوص الواردة فيه تمنح لسلطة الحوثيين الإدارية والأمنية وغيرها توجيه الاتهام والمحاكمة بسهولة، لمجرد الشك أو الاشتباه.

وتمنح نصوص ما سُمي «قانون محاربة التطبيع» الجماعة الحوثية محاكمة أي شخص تحت مبرر إقامة أي علاقات مع إسرائيل، سياسية، أو دبلوماسية، أو اقتصادية، أو أمنية، أو عسكرية، أو ثقافية، أو سياحية، أو رياضية، أو علاجية، أو تعليمية، وغير ذلك من العلاقات، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. كما أنها تحاكم الآراء والأنشطة التجارية.

تجريم فضفاض

التجريم الفضفاض يمتد إلى ما يصفه قانون الحوثيين بـ«التعاطي مع أي أفكار أو مبادئ أو سلوكيات أو آيديولوجيات (صهيونية) أو الترويج لها بطريقة أو بأخرى بأي وسيلة من الوسائل، سرية أو علنية، بما في ذلك المؤتمرات والندوات والتجمعات، وكذا التعامل مع المؤسسات التي تروج للتطبيع أو إقامة العلاقة معها». ولهذا سيكون كل النشطاء والمثقفين والسياسيين عرضة للمحاكمة بكل سهولة ويسر.

تشريعات حوثية تجعل كل اليمنيين عرضة للحبس والغرامة بحجة تجريم التطبيع مع إسرائيل (إكس)

ومما يزيد مخاوف المعارضين ورجال الأعمال الذين كانوا عرضة طوال السنوات الماضية للابتزاز والمحاكمة ومصادرة ممتلكاتهم بتهمة التعاون مع الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، أن نصوص ما يسمى القانون لا يجرم فقط زيارة السفارات والقنصليات والملحقيات والمؤسسات الدولية التي تقيم علاقات مع إسرائيل في مختلف دول العالم؛ لكنه يشمل التسجيل أو الانتساب إلى أي مؤسسة من مؤسسات العالم التي لها علاقات بإسرائيل.

هذه النصوص المطاطية -وفق ما أفاد به القانونيون والسياسيون في صنعاء- ستمكِّن الحوثيين من استخدامها في ملاحقة من لا يثقون بولائه أو من يريدون مصادرة أمواله وممتلكاته أو إجباره على دفع الإتاوات أو مصادرة الشركات التي يمتلكها؛ لأنها تتحدث عن العلاقات بالمطلق، في ظل تداخل الشركات متعددة الجنسيات والأنشطة التجارية العالمية، وحتى الأنشطة والمؤتمرات الاقتصادية أو الثقافية أو العلمية؛ لأنهم سيكونون في نظر الحوثيين يمارسون نوعاً من «التطبيع».

وحسب أحد المحامين، فإن نصوص هذا «القانون غير الشرعي» ستطلق يد الحوثيين للتنكيل بكل فئات المجتمع؛ لأنه في إحدى فقراته يرى أن القيام بأي أفعال أو أقوال «تصريحاً أو تلميحاً تفضي إلى تحقيق الأهداف وغايات إسرائيل، دون تحديد ما هي هذه الغاية، جريمة يعاقب عليها».

يتجه الحوثيون لتصفية طبقة التجار وإيجاد طبقة بديلة بعد أن عطلوا عمل المصارف (فيسبوك)

وتشمل العقوبة استخدام الشبكة العنكبوتية أو وسائط التواصل الإلكتروني بالتعامل أو التعاقد مع المواقع أو الخدمات الإلكترونية المنشأة في تل أبيب والتابعة لها، ويصل إلى إدانة من يتعامل مع «الشركات المتواطئة والداعمة للاحتلال»، وهو ما يعني وضع كل الشركات التجارية ورجال الأعمال اليمنيين تحت المراقبة والمساءلة.

ومع أنه لا أحد يعترف بحكومة الانقلاب الحوثية، ولا المجموعة التي يطلق عليها «البرلمان» ولا ما يصدر عنها، فضلاً عن تأكيد الحكومة الشرعية أنه لا قوة قانونية لمثل هذه القرارات الحوثية (القوانين) إلا أن السياسيين والتجار والناشطين الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين يحذرون من المضي في تطبيقها، ويطالبون بضغط داخلي وإقليمي ودولي لإيقافها؛ لأنها ستجعلهم عرضة للملاحقة والعقاب، لمجرد أنهم يملكون رأياً مخالفاً لتوجهات الحوثيين وحلفائهم في المنطقة.


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يخضِعون أطفالاً معاقين للتعبئة الطائفية

العالم العربي معاقون يشاركون في وقفات احتجاجية تخدم أجندة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخضِعون أطفالاً معاقين للتعبئة الطائفية

أخضعت الجماعة الحوثية عشرات الأطفال اليمنيين المعاقين لتلقي دروس وبرامج تعبوية في العاصمة المختطفة صنعاء، ضمن ما تسميه «دورات توعوية».

العالم العربي معظم قادة المكونات السياسية شاركوا في إحياء ذكرى انتفاضة صالح ضد الحوثيين (إعلام حكومي)

ذكرى انتفاضة صالح تجمع القوى المناهضة للحوثيين

تحولت الذكرى السنوية للانتفاضة التي قادها الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح إلى مناسبة لجمع أغلب القوى السياسية المناهضة للحوثيين المدعومين من إيران.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تشريع حوثي للتنصل من الالتزام برواتب الموظفين العموميين

ترجح مصادر سياسية وقانونية لـ«الشرق الأوسط» أن تعمل الجماعة الحوثية خلال الأشهر المقبلة على إحالة الآلاف من الموظفين العموميين إلى التقاعد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

حملات حوثية تستهدف مُلاك المطاعم في صنعاء وإب

أطلقت الجماعة الحوثية حملات جباية جديدة تستهدف ملاك المطاعم في العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظة إب بغية إجبارهم على دفع إتاوات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ثلثا سكان اليمن يعيشون في مناطق موبوءة بالملاريا (الأمم المتحدة)

«الصحة العالمية»: 21 مليون يمني معرّضون للإصابة بالملاريا

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن 21 مليون يمني معرَّضون للإصابة بالملاريا. وقالت إن الأمطار الغزيرة والفيضانات ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية

محمد ناصر (تعز)

زعيم «هيئة تحرير الشام» يستخدم اسمه الحقيقي للمرة الأولى

TT

زعيم «هيئة تحرير الشام» يستخدم اسمه الحقيقي للمرة الأولى

الجولاني في حلب الأربعاء 4 ديسمبر 2024 (تلغرام)
الجولاني في حلب الأربعاء 4 ديسمبر 2024 (تلغرام)

استخدم زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني، الخميس، للمرة الأولى اسمه الحقيقي: أحمد الشرع، في منشور على «تلغرام» تزامن مع سيطرة قواته على مدينة حماة في وسط سوريا.

ونشر حساب قيادة الفصائل التي تشنّ هجوماً على الجيش منذ أكثر من أسبوع، تمكّنت خلاله من السيطرة على مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية وعدد من المناطق المجاورة، ثم على مدينة حماة اليوم، صورة للجولاني مرفقةً بعبارة «نبارك لأهل حماة النصر»، وجاء تحتها عبارة: «القائد أحمد الشرع».

وتمّ تأسيس الحساب بعد يومين من بدء هجوم الفصائل في شمال سوريا، وينشر بانتظام بيانات الجولاني.

وارتبط اسم الجولاني المولود في عام 1982، بـ«جبهة النصرة» التي كان أميرها منذ عام 2012، والتي سيطرت وفصائل معارضة على محافظة إدلب (شمال غرب) عام 2015، وكانت تابعة لتنظيم «القاعدة».

في يوليو (تموز) 2016، أطلّ الجولاني علناً للمرة الأولى، ليعلن فك ارتباط «جبهة النصرة» مع تنظيم «القاعدة»، وتغيير اسمها إلى «جبهة فتح الشام» التي تحوّلت بعد اندماج فصائل معها في عام 2017 إلى «هيئة تحرير الشام»، وتولى الجولاني قيادتها العامة.

ويقول خبراء إن «هيئة تحرير الشام» تسعى منذ سنوات إلى تعديل صورتها، منذ إعلان قطع علاقاتها مع تنظيم «القاعدة»، ثم تشكيلها مؤسسات مدنية لإدارة شؤون مناطقها في محافظة إدلب (شمال غرب) ومحيطها.

عناصر من «هيئة تحرير الشام» في إحدى مناطق شمال غربي سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وسبق لزعيم «هيئة تحرير الشام» أن أكد في مقابلة مع شبكة «بي بي إس» الأميركية في عام 2021، أن اسمه الحقيقي أحمد الشرع. وقال إن لقبه الجولاني مرتبط بأصول عائلته من هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل.

ويقود الشرع هجوماً غير مسبوق للفصائل ضد قوات الجيش التي باتت خارج مدينتين من كبرى مدن البلاد في غضون أيام.

وظهر الرجل الملتحي والمقلّ بإطلالاته العامة، الأربعاء، بثياب مدنية زيتية اللون عند قلعة حلب التاريخية، بعد خروج المدينة بالكامل عن سيطرة قوات الجيش للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع عام 2011.