«المواجهة الإعلامية»... كيف تُسهم بفضح جرائم إسرائيل؟

«قمة الرياض» أقرّت آليات لرصد وتوثيق الانتهاكات

جانب من أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة التي شهدتها الرياض السبت (واس)
جانب من أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة التي شهدتها الرياض السبت (واس)
TT

«المواجهة الإعلامية»... كيف تُسهم بفضح جرائم إسرائيل؟

جانب من أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة التي شهدتها الرياض السبت (واس)
جانب من أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة التي شهدتها الرياض السبت (واس)

مثَّل قرار «القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية»، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، السبت، بإنشاء وحدة رصد إعلامية لتوثيق الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تأكيدًا لدور الإعلام في مواجهة جرائم الاحتلال، ومحاولة لبناء رأي عام دولي داعم للحقوق الفلسطينية.

ووصف متخصصون وخبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» القرار بأنه «خطوة بالاتجاه الصحيح»، مؤكدين أهمية «المواجهة الإعلامية الشاملة» للرواية الإسرائيلية التي تجد قدرة على النفاذ إلى وسائل الإعلام الدولية، في مقابل «تهميش واضح» للرواية الفلسطينية.

وكلّفت القمة أمانتي «جامعة الدول العربية»، و«منظمة التعاون الإسلامي»، بإنشاء «وحدة رصد إعلامية مشتركة تُوثّق كل جرائم سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ومنصات إعلامية رقمية تنشرها وتُعرِّي ممارساتها اللاشرعية واللانسانية». كما أدان قرار القمة «قتل الصحافيين والأطفال والنساء، واستهداف المُسعفين، واستعمال الفسفور الأبيض المحرَّم دولياً في الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان».

وارتفع عدد الضحايا من الصحافيين إلى 49 قتيلاً منذ بداية الاستهداف الإسرائيلي لقطاع غزة، إضافة إلى 33 إصابة، وفق الحصيلة التي أعلنها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

واعتبر الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية والقيادي بحركة «فتح» الفلسطينية، قرار إنشاء المرصد «خطوة بالاتجاه الصحيح». وشدّد الحرازين، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، على «الحاجة الماسّة إلى نقل توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي إلى العالم بأَسْره لخلق رأي عام دولي ضاغط».

ولفت الحرازين إلى أن هناك ما وصفه بـ«محاولات من قِبل الاحتلال لتزييف الحقيقة، واختلاق روايات وفيديوهات وصور مُفَبركة لا أساس لها من الصحة، لكسب المزيد من التعاطف وشرعنة الجرائم تحت ما يسمى حق الدفاع عن النفس».

كما أشار الأكاديمي والسياسي الفلسطيني إلى أهمية «التوثيق المنهجي؛ حتى يمكن الاستناد إلى الوقائع أمام (المحكمة الجنائية الدولية)، خصوصاً أن هناك جرائم حرب وجرائم إبادة، وأخرى تتعلق بالتجويع والحصار والعقاب الجماعي، وقتل واستهداف المدنيين والمنشآت والأعيان المدنية والطبية والدينية التي كفل لها القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الحماية».

يُذكَر أن انتقاداتٍ عدة صدرت، خلال الآونة الأخيرة، لاختلال التوازن في التغطية الإعلامية للحرب الإسرائيلية على غزة، إذ وقّع، الأسبوع الماضي، أكثر من 750 صحافياً من عشرات وسائل الإعلام الغربية خطاباً مفتوحاً يدين قتل إسرائيل للصحافيين في غزة، وينتقد التغطية الإعلامية في بلادهم للحرب.

وأشارت تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إلى أن الخطاب «حمّل مسؤولي غرف الأخبار المسؤولية عن اللغة غير الإنسانية التي جرى استخدامها لتبرير التطهير العِرقي للفلسطينيين».

ورأت الدكتورة سهير عثمان، أستاذ الإعلام المساعد بجامعة القاهرة، أن «تكثيف التحركات العربية والإسلامية في مجال فضح الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية خطوة تأخرت كثيراً»، مشيرة إلى أن «الإعلام بات سلاحاً مهماً في العلاقات الدولية وتشكيل الاتجاهات عالمياً».

وأوضحت عثمان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل لديها قدرة كبيرة على النفاذ لوسائل الإعلام العالمية، وهو ما يجعلها قادرة على تمرير روايتها الملفقة في كثير من الأحيان وتوصيلها إلى أعداد كبيرة في عدد من الدول، ما يُكسبها قدراً من التعاطف، ويوفر لها غطاء دولياً لارتكاب جرائمها».

وأشارت الأكاديمية المصرية إلى أن «التركيز على الفضاء الرقمي يمثل بداية موفقة لإحداث نوع من التوازن مع وسائل الإعلام الخاضعة لحكومات غربية وجماعات الضغط المُوالية لإسرائيل على وسائل الإعلام التقليدية، ومحاولة لتجاوز القيود التي فرضتها منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، وهي أميركية في معظمها لمنع وصول الرواية الفلسطينية إلى العالم».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

أبو الغيط يحذر من مغبة القانون الإسرائيلي بحظر «الأونروا»

وجَّه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الخميس)، رسالتين يحذر فيهما من مغبة القانون الإسرائيلي بشأن حظر نشاط «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال إلقائه كلمته في الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (واس)

اتفاقية تعاون سعودية ـ مغربية متعددة المجالات

أبرمت السعودية والمغرب اتفاقية للتعاون في عدد من المجالات التي تجمع وزارتي «الداخلية السعودية» و«العدل المغربية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

أجمع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية على رفض حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار العدوان على لبنان.

عبد الهادي حبتور (الرياض )

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».