بدأت جامعة الدول العربية تحركات لوضع القرارات الصادرة عن القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، السبت، موضع التنفيذ. وأكد المستشار جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام للجامعة أن القرارات الصادرة عن القمة تعد بمثابة «توجيه وخطة عمل تقوم الأمانة العامة في الجامعة العربية ومنظمة العمل الإسلامي بوضعها موضع التنفيذ الفوري».
وأوضح رشدي لـ«الشرق الأوسط» أنه «يجري العمل فعلياً على وضع القرارات التي تتضمن توجيهات تنفيذية موضع التطبيق، سواء من خلال الأجهزة المعنية في الأمانة العامة، أو بالتنسيق مع السفراء العرب في الخارج حسب مقتضى كل توجيه».
وأضاف أن «بعض القرارات الصادرة عن القمة تحتاج إلى تنسيقات بين الدول المشاركة في القمة، ووضع خطة عمل، خصوصاً ما يتعلق بإجراءات كسر الحصار، وتقديم العون للأشقاء في قطاع غزة»، لافتاً إلى أن «هناك تحركات بالفعل في هذا المسار، لكن الأمر يتطلب مزيداً من التنسيق والدعم للدول الضالعة في هذا التحرك».
وتابع: «حالياً نجري دراسة للتحرك الفوري تجاه تنفيذ بعض القرارات التي يمكن استخدام القدرات والإمكانات المتوافرة لدى أجهزة الأمانة العامة لوضعها موضع التطبيق، مثل رصد الجرائم الإسرائيلية، والتوثيق القانوني لجرائم الحرب التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية».
كسر الحصار
وكانت القمة العربية - الإسلامية قد أصدرت قراراً بـ«كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية». كما تضمنت قرارات القمة الطلب من المدعى العام لـ«المحكمة الجنائية الدولية» بدء تحقيق فوري في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وكلفت القمة، التي شارك فيها قادة 57 دولة عربية وإسلامية، الأمانتين العامتين في المنظمة والجامعة متابعة تنفيذ ذلك، وإنشاء وحدة رصد قانونية متخصصة مشتركة توثق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وإعداد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، على أن تقدم الوحدة تقريرها بعد 15 يوماً من إنشائها لعرضها على مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية وعلى مجلس وزراء خارجية المنظمة، وبعد ذلك بشكل شهري.
تنسيق دولي
ومن جانبه، أكد السفير بركات الفرا، سفير فلسطين السابق لدى مصر، أن تنفيذ الكثير من القرارات التي تضمنها الإعلان الختامي للقمة العربية الإسلامية يتطلب تنسيقاً مع دول وازنة على الساحة الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل. مشيراً إلى أن «إسرائيل التي لا تبدي أي التزام تجاه مسؤولياتها الدولية، ويمكنها أن تفسد آليات تطبيق أي قرارات تتعارض مع مصالحها».
الفرا قال لـ«الشرق الأوسط» إن «قراراً مثل كسر الحصار وفرض إدخال المساعدات إلى قطاع غزة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تنسيق على الأقل مع الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن «إسرائيل لن تتورع عن قصف أية شاحنات أو مساعدات تدخل أراضي القطاع دون تنسيق مسبق».
وأضاف الدبلوماسي الفلسطيني أن المجموعة العربية والإسلامية تمتلك الكثير من أوراق الضغط التي يمكن استخدامها للتأثير في إسرائيل، مشيراً إلى أن الكثير من تلك الدول لديها بالفعل علاقات سياسية واقتصادية مع تل أبيب كان من الضروري استخدامها في دفع سلطات الاحتلال للتوقف عن ارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
يذكر أن مساعدات إنسانية بدأت في الدخول إلى قطاع غزة منذ 21 أكتوبر الماضي، أي بعد أسبوعين من بدء العمليات الإسرائيلية ضد القطاع، عبر معبر رفح البري مع مصر، إلا أن السلطات المصرية انتقدت أكثر من مرة وضع إسرائيل عراقيل لوجيستية، وتغيير قواعد دخول الشاحنات إلى الجانب الفلسطيني من المعبر، إضافة إلى قصفها ذلك الجانب أكثر من مرة للحيلولة دون دخول المساعدات.
عجز مجلس الأمن
ورأى الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي والمحاضر بجامعة الإسكندرية، أن «منع وصول المساعدات الإنسانية يشكل انتهاكاً صارخاً من إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني». وأضاف مهران لـ«الشرق الأوسط»، أن المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على حق إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق للمدنيين في الأراضي المحتلة، كما تلزم المادة 59 من الاتفاقية نفسها سلطة الاحتلال بالسماح بمرور جميع شحنات الإغاثة، وشدد على أنه لا يحق لإسرائيل بوصفها دولة احتلال أن تمنع دخول المساعدات الإنسانية لغزة بحجة الأمن؛ لأن ذلك يشكل عقاباً جماعياً محظوراً، وفقاً للمادة 33 من اتفاقية جنيف».
وبشأن إمكانية «فرض دخول المساعدات» أشار أستاذ القانون الدولي إلى أنه «في الأحوال العادية يمكن تحقيق ذلك عبر إجبار دولة الاحتلال من خلال اللجوء لمجلس الأمن لإصدار قرار يُلزم إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات دون شروط أو قيود، عبر الدول والمنظمات الإنسانية»، واستدرك قائلاً: «للأسف مجلس الأمن عجز أكثر من مرة عن اتخاذ أي قرارات تتعلق بالوضع في غزة، فضلاً على استخدام الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) لمنع صدور أي قرارات تجاه إسرائيل».
أفواج جديدة
من جهة أخرى، وعلى الصعيد الميداني، استقبل معبر رفح من الجانب المصري، الأحد، فوجاً جديداً من حاملي الجنسيات الأجنبية الراغبين في مغادرة قطاع غزة، ضم نحو 300 شخص، كما استقبل المعبر عدداً من المصابين الفلسطينيين لتلقي العلاج في الأراضي المصرية.
وأفادت مصادر ميدانية في معبر رفح بأنه جرى تجهيز أكثر من 70 شاحنة مساعدات تمهيداً لإدخالها إلى غزة. وكانت «الهيئة العامة للمعابر والحدود» في غزة قد أعلنت، السبت، أنه «سيعاد فتح معبر رفح البري مع مصر، الأحد، أمام حاملي جوازات السفر الأجنبية، بعدما توقفت عمليات الإجلاء يوم الجمعة.