هل تنسّق مصر مع قطر في وساطة بشأن غزة؟

السيسي يلتقي تميم بن حمد (الجمعة)... غداة زيارة هنية للقاهرة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد (الرئاسة المصرية)
TT

هل تنسّق مصر مع قطر في وساطة بشأن غزة؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد (الرئاسة المصرية)

من المنتظر أن يبدأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الجمعة، زيارة إلى مصر تستغرق عدة ساعات يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسط أنباء عن جهود مصرية - قطرية وتنسيق لإبرام اتفاق بشأن هدنة مؤقتة وإطلاق سراح عدد من الأسرى والمحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.

وتأتي القمة المصرية - القطرية، غداة زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، مصر على رأس وفد من الحركة يضم كلاً من خالد مشعل وخليل الحيّة. ووفق بيان للحركة، فإن الوفد «عقد اجتماعاً مع رئيس (جهاز المخابرات المصرية العامة) الوزير عباس كامل لبحث الأوضاع الراهنة في قطاع غزة».

وتعد هذه الزيارة هي الثانية لأمير قطر إلى مصر في أقل من ثلاثة أسابيع، إذ شارك في «قمة القاهرة للسلام»، التي استضافتها مصر في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

أمير قطر يتوسط الرئيس المصري والأمين العام لجامعة الدول العربية خلال قمة «القاهرة للسلام» الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق البرلماني المصري مصطفى بكري، فإن الاجتماع أثمر عن «قبول حماس الوساطة المصرية جنباً إلى جنب مع الوساطة القطرية لإنهاء أزمة الرهائن، شريطة وقف إطلاق النار وفتح الباب أمام المزيد من المساعدات والإفراج عن الأطفال والنساء من الأسرى الفلسطينيين»، منوهاً إلى أن أمير قطر سيلتقي الرئيس السيسي لـ«التوصل إلى الحل النهائي الخاص بالدفعة الأولى من الإفراج عن الرهائن والهدنة».

ونجحت وساطة مصرية - قطرية الشهر الماضي، في إطلاق سراح محتجزتين إسرائيليتين لدى حركة «حماس»، التي أعلنت بدورها أن هذه العملية كانت لـ«دواعٍ إنسانية»، كما نجحت قطر قبلها بثلاثة أيام في إطلاق سراح أم وابنتها من حَمَلة الجنسية الأميركية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر لم تكشف عن هويته (الأربعاء) أن قطر تقود جهود وساطة لإطلاق سراح 10 إلى 15 رهينة تحتجزهم حركة «حماس»، مقابل وقف إطلاق نار ليوم أو يومين في قطاع غزة. فيما كشفت مصادر مصرية مطلعة، حسبما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية»، الأربعاء، عن أن القاهرة تقترب من التوصل إلى هدنة إنسانية في قطاع غزة، لتبادل الأسرى والمحتجزين.

إدارة جهود الوساطة

ويشير السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق، إلى أن زيارة أمير قطر مصر «ذات مغزى ومعنى»، لافتاً إلى أنها تأتي عشية انعقاد القمة العربية الطارئة في الرياض. ولم يستبعد العرابي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يكون تنسيق الجهود المصرية - القطرية في ملف الأسرى والمحتجزين في قطاع غزة ضمن أجندة الزيارة. مشيراً إلى «الدور الذي يلعبه البلدان في هذا الشأن والخبرات المتراكمة التي تتمتع بها الأجهزة المعنية بهما في إدارة جهود الوساطة في ملفات الأسرى والمحتجزين».

وأوضح وزير الخارجية المصري الأسبق أن نجاح جهود إطلاق سراح بعض الأسرى والمحتجزين يمكن أن يمثل «بداية لما هو أبعد»، حيث يترافق مسار إطلاق سراح الأسرى مع مسار التهدئة ومساعي التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وهو ما عبّرت عنه القاهرة في مناسبات عدة.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس المخابرات الأميركية ويليام بيرنز بحضور مسؤولين من البلدين (الرئاسة المصرية)

وشهدت القاهرة والدوحة خلال الأيام القليلة الماضية حراكاً دبلوماسياً وزيارات مكثفة لمسؤولين غربيين بارزين، إذ استقبل الرئيس المصري، الثلاثاء، مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز في القاهرة، بينما حل الأخير ضيفاً على الدوحة، الخميس.

صفقة لتبادل الأسرى

وأشارت وسائل إعلام قطرية قبل يومين إلى أنه جرت مفاوضات من أجل إتمام صفقة تبادل تتمثل في إطلاق سراح جميع المحتجزين من النساء والأطفال لدى «حماس»، مقابل إطلاق سراح النساء والأطفال الأسرى في سجون الاحتلال، لكنها تعثرت على ضوء رفض إسرائيل الحديث عن صفقة تبادل.

وقال الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة، في إفادة له (الأربعاء): «إن ملف الأسرى لا يزال حاضراً، ونجدد تأكيدنا أن المسار الوحيد هو صفقة تبادل للأسرى بشكل كامل أو مجزّأ».

ويُعتقد أن الرهائن البالغ عددهم نحو 240 شخصاً (وفق تقييمات إسرائيلية) من جنسيات مختلفة، موزّعون على عدة فصائل وأماكن داخل قطاع غزة، وفي أنفاق «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس». ووفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، فإن إسرائيل «لن توافق على وقف إطلاق النار من دون إطلاق سراح جميع الأسرى».

لمسات نهائية

وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي في حركة «فتح» الفلسطينية، إن الولايات المتحدة تكثف على مدى الأيام الثلاثة الماضية من تحركاتها وتنسيقاتها مع كل من مصر وقطر، بغية التوصل إلى اتفاق للإفراج عن مجموعة من الأسرى والمحتجزين لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن واشنطن مهتمة بإطلاق سراح رعاياها المحتجزين في غزة، وبعض الرهائن المدنيين من الأجانب، مرجحاً أن يكون هؤلاء ضمن الدفعة الأولى التي سيفرَج عنهم إذا ما كُلِّلت الجهود المصرية والقطرية بالنجاح.

وأضاف أن الكثير من التقارير الإسرائيلية أشارت إلى زيارة بيني غانتس، الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية المصغرة إلى الدوحة خلال الساعات الماضية، وهو ما يعده الرقب «مؤشراً على اقتراب وضع اللمسات النهائية بشأن اتفاقٍ ما»، لافتاً إلى أن «فصائل المقاومة طلبت هدنة لمدة 3 أيام على الأقل حتى تتمكن من حصر الأسرى والمحتجزين من الجنسيات الأجنبية، وبعضهم موزَّع بالفعل في أماكن مختلفة داخل القطاع».

وأشار القيادي الفلسطيني إلى أن «عملية الإفراج عن الأسرى والمحتجزين، حال نجاح الجهود المصرية - القطرية، ستجري عبر معبر رفح البري». لافتاً إلى أن ذلك «قد يكون بداية لتفاهمات أبعد وإقرار هدنات أخرى، لأن الوضع في غزة (ليس سهلاً على الإسرائيليين)».

وتوقع الرقب أن تكون إسرائيل «أكثر مرونة مستقبلاً في التجاوب مع مثل هذه الهدنات»، وصولاً إلى وقفٍ لإطلاق النار.


مقالات ذات صلة

مقتل 18 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على خان يونس

المشرق العربي أنقاض مبان دمرتها غارات إسرائيلية سابقة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس جنوب قطاع غزة... 7 يناير 2025 (رويترز)

مقتل 18 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على خان يونس

قُتل 18 فلسطينياً، اليوم (الثلاثاء)، بينهم تسعة أطفال، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت خياما ومنازل ومركبة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

2025... عام ملء الفراغات؟

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم... فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات أو خلق بعضها؟

المحلل العسكري (لندن)
المشرق العربي عائلات المحتجزين الإسرائيليين يشاركون في احتجاج بتل أبيب يدعو إلى وقف الحرب (إ.ب.أ)

إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات في قطر بشأن هدنة غزة

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم السبت، استئناف المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» في قطر من أجل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفلة تبكي أقارب لها قتلوا بغارة إسرائيلية في مستشفى بحي الشجاعية شمال قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تدمّر ما تبقى من شمال القطاع وتزيل حياً سكنياً

قوات الاحتلال دمرت جميع البنايات الشاهقة التي تطل على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يعاينون حفرة أحدثتها غارة إسرائيلية في دير البلح وسط غزة الجمعة (د.ب.أ)

«يوم قاسٍ» جديد في غزة

رصد الجيش الإسرائيلي مقذوفَين أُطلقا من شمال قطاع غزة، في حادثة باتت متكررة في الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.