يمنيون يشكون تصاعد منسوب الجرائم في مناطق سيطرة الانقلابيين

لجنة حقوقية وثقت 3 آلاف انتهاك بحق المدنيين خلال عام

عناصر من الحوثيين على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر من الحوثيين على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

يمنيون يشكون تصاعد منسوب الجرائم في مناطق سيطرة الانقلابيين

عناصر من الحوثيين على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر من الحوثيين على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

تصاعدت شكاوى اليمنيين في المناطق الخاضعة للحوثيين من ارتفاع منسوب الجرائم بمختلف أنواعها وانتشار الفوضى والعصابات الإجرامية، في وقت وثقت فيه لجنة حقوقية مستقلة أكثر من ثلاثة آلاف انتهاك ضد المدنيين خلال عام واحد معظمها ارتكبته الجماعة الانقلابية.

جاء ذلك متوازياً مع إقرار الحوثيين أنفسهم بتسجيل نحو 3194 جريمة متنوعة في العاصمة صنعاء وبقية المناطق تحت سيطرتهم خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وذكر تقرير صادر عما يسمى مركز الإعلام الأمني للجماعة الحوثية أن أغلب الجرائم التي تم تسجيلها الشهر الماضي تركزت ما بين جرائم القتل والنهب والسرقات والاعتداء والخطف وغيرها.

أفراد أمن تابعون للحوثيين يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

ولاحظ حقوقيون يمنيون أن الجماعة الحوثية تعمدت كعادتها كل مرة خلال تقاريرها الأمنية إلى عدم التطرق لأي معلومات أو تفاصيل تتعلق بمنسوب الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها كبار قادتها ومشرفوها ومسلحوها بحق اليمنيين المدنيين في جميع مناطق سيطرتها.

ويرجح الحقوقيون في صنعاء أن العدد الفعلي للجرائم الأمنية والجنائية يفوق بأضعاف ما أقرت به الجماعة الحوثية التي تسعى منذ الانقلاب إلى دعم وتمكين العصابات المسلحة لارتكاب مختلف أنواع الجرائم، وإحداث فوضى أمنية واجتماعية بمناطق سيطرتها، ما انعكس ذلك سلباً على حياة ومعيشة اليمنيين، وأدى أيضاً إلى ارتفاع معدل الجرائم إلى مستويات قياسية، وتزايد معدلات الجوع والفقر والبطالة وانتشار عدد من الأمراض والأوبئة.

مرتع خصب للعصابات

يفيد ضباط أمنيون متقاعدون (مناهضون للجماعة) بأن أغلب المناطق في العاصمة صنعاء وريفها ومحافظات إب وذمار والحديدة وصعدة وعمران وحجة والمحويت وريمة وغيرها، أصبحت مرتعاً خصباً لعصابات القتل والتعدي والنهب والسرقة والخطف التي يتعرض لها اليمنيون.

ويؤكد الضباط في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك المدن التي تحت سيطرة الجماعة تشهد حتى اللحظة تدهورا كبيرا في شتى مجالات الحياة، وعلى رأسها المجال الأمني الذي يعاني من حال تدهور وانفلات غير مسبوقين.

تنوع الانتهاك الحوثي ضد المدنيين بين القتل والاختطافات والإخفاء القسري (رويترز)

ولا تعد هذه المرة الأولى التي تبدي فيه جماعة الحوثي اعترافها بتصاعد منسوب الجرائم التي تسجلها المحافظات تحت قبضتها، فقد سبق أن أقرت الجماعة بوقوع أكثر من 1855 جريمة جنائية متنوعة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في صنعاء، و3 محافظات أخرى تخضع لسيطرتها هي: المحويت، وحجة، وريمة.

وأقرت الجماعة حينها بأن جرائم القتل العمد، والقتل بدافع السرقة، وسرقة منازل ومحال تجارية وأشخاص وسيارات ودراجات نارية، وحيازة وتعاطي وترويج المخدرات، تصدرت قائمة الجرائم، بينما توزعت البقية بين قطع طرق، واغتصاب، وخطف، ونصب واحتيال، وجرائم ابتزاز، ونهب ممتلكات خاصة، وانتهاك حرمة مساكن، وتهديد، واعتداء على حرمة الحياة الخاصة.

3 آلاف انتهاك

في تقرير حديث لها، رصدت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان قرابة 3 آلاف جريمة وانتهاك بحق اليمنيين منها 117 حالة ادعاء بتجنيد أطفال ما دون سن 18 عاماً، منها 116 حالة تقع المسؤولية فيها على الحوثيين.

تقرير اللجنة وثق خلال الفترة من أغسطس (آب) 2022 وحتى يوليو (تموز) 2023، نحو 2997 حالة ادعاء بالانتهاك بمختلف محافظات اليمن، موزعة على أكثر من 31 نوعاً من انتهاكات حقوق الإنسان، سقط فيها 3287 ضحية من الجنسين.

وبلغ إجمالي الحالات التي رصدتها وحققت فيها اللجنة في تلك الفترة نحو 782 جريمة قتل وإصابة لمدنيين، سقط فيها 288 قتيلاً منهم 21 امرأة، و48 طفلاً، و657 جريحاً منهم 151 طفلاً و52 امرأة، وارتكبتها جميعها الجماعة الحوثية.

عائلة يمنية نازحة من إحدى المدن جراء الصراع الذي فجره الانقلابيون (الشرق الأوسط)

وتواليا للجرائم الحوثية متعددة الأشكال والأوجه، كشف مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في اليمن، العميد أمين العقيلي، عن توثيق ما يزيد على 10 آلاف ضحية في صفوف اليمنيين المدنيين جراء الألغام التي زرعتها الجماعة الحوثية على مدى السنوات الماضية في عدة محافظات يمنية.

وأشار العميد العقيلي إلى الانتشار الواسع للألغام في اليمن منذ أن بدأت جماعة الحوثي التوسع والتمدد في محافظات يمنية، بداية من صعدة إلى عمران إلى صنعاء ومن ثم إلى تعز وعدن والبيضاء والضالع والحديدة وأبين والجوف وحجة، وحتى ذمار وإب وريمة.

وأكد العقيلي في لقاء مع المركز الإعلامي لمشروع «مسام» السعودي لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، وجود إحصائية مسجلة ومثبتة توثق ما يزيد على 10 آلاف ضحية مدنية للألغام التي زرعتها الجماعة.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها الناتجة عن تراجع حركة السفن التجارية، بسبب توتّرات البحر الأحمر.

وأعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، الاثنين، عن «استراتيجية لتحويل القناة إلى منصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية»، في خطوة وصفها خبراء بالمهمة لتعويض التراجع في إيرادات القناة.

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت بعض شركات الشحن العالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفنَ المارّة بالممرّ الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 إلى 60 في المائة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال 8 أشهر».

وتحدّث رئيس هيئة قناة السويس عن خطة لتوسيع خدمات القناة الملاحية والبحرية، خلال اجتماع مع وزير المالية المصري أحمد كجوك، الاثنين، لمناقشة موارد القناة المالية.

وقال ربيع إن «القناة تسعى لتنويع مصادر دخلها، وعدم الاقتصار على رسوم عبور السفن فقط»، مشيراً إلى أن الخطة تتضمن «تحويل القناة لمنصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية، وتعزيز التوجه الوطني لتوطين الصناعات البحرية، بتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص».

وأوضح ربيع أن «قناة السويس حقّقَت تقدماً في دعم شركاتها العاملة بمجال خدمات صيانة وإصلاح السفن، وتقديم الخدمات البحرية»، وأشار إلى شركات حديثة للهيئة، منها «شركة تنمية الموانئ، وأخرى مختصة بصناعة اليخوت البحرية».

الفريق أسامة ربيع يبحث مع وزير المالية المصري استراتيجية تنمية إيرادات القناة (هيئة قناة السويس)

وبحسب رئيس هيئة قناة السويس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت أعداد السفن المارّة من 25887 سفينة خلال العام المالي الماضي (2022 - 2023)، إلى 20148 سفينة خلال العام المالي الحالي (2023 - 2024).

وباعتقاد مستشار النقل البحري المصري أحمد الشامي، فإن تنويع خدمات قناة السويس الملاحية «سيجذب شركات الشحن العالمية للعبور من القناة مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «القناة بدأت في تحديث خدماتها بالمشاركة مع شركات عالمية في هذا المجال، ما سيُسهم في زيادة الموارد».

وأشاد الشامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار إدارة القناة في مخطط التطوير، وتنفيذ أعمال الازدواج الكامل للمجرى الملاحي، مشيراً إلى أن ذلك «يعزّز قدراتها في استيعاب كبرى الناقلات العالمية».

وشهدت قناة السويس، الجمعة الماضي، مرور الحوض العائم «دورادو» القادم من سنغافورة إلى تركيا، كأكبر وحدة عائمة تعبر القناة في تاريخها، حسب إفادة من القناة.

ودعا مستشار النقل البحري المصري إلى توسيع قناة السويس لشراكاتها الملاحية مع دول الجوار، وقال: «يمكن التوسع في خدمات القناة، بالتعاون عبر وسائط متعدّدة تشمل دولاً أخرى في المنطقة العربية، وفي منطقة الشرق الأوسط، مثل قبرص واليونان»، مشيراً إلى أن «التكامل مع هذه الدول سيُسهم في زيادة موارد الملاحة بقناة السويس، وأيضاً الموانئ البحرية المصرية».

وفي سبتمبر الماضي، بحث رئيس هيئة قناة السويس مع رئيس الهيئة العامة للنقل السعودي، رميح بن محمد رميح، «تعزيز التعاون في مجال تقديم الخدمات اللوجيستية والسياحة البحرية»، مشيراً إلى أن «القناة اتخذت إجراءات للتعامل بمرونة مع تحديات الملاحة في البحر الأحمر، منها استحداث حزمة جديدة من الخدمات الملاحية لم تكن تُقدَّم من قبل، كخدمات القَطْر والإنقاذ وصيانة وإصلاح السفن، ومكافحة التلوث والانسكاب البترولي، وخدمات الإسعاف البحري، وغيرها».

وبمنظور الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، فإن «قناة السويس تمر بمرحلة صمود، في ضوء تأثرها بالأوضاع الإقليمية»، وقال إن «إدارة القناة تبحث عن بدائل لمواردها غير رسوم عبور السفن، من أجل تجاوز تلك المرحلة، عن طريق تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في الخدمات التي تقدّمها».

وعدّ جاب الله، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «توسّع القناة في تنوّع مصادر دخلها، هدف قائم منذ فترة وتسعى لتحقيقه، من خلال مشروع المنطقة الاقتصادية، لاستثمار موانئ وأراضي المنطقة»، مشيراً إلى أن «نجاح تلك الإجراءات مرهون بزيادة أعداد السفن العابرة للقناة»، وتوقّع في نفس الوقت انفراجة في أزمة حركة الملاحة البحرية بالبحر الأحمر، العام المقبل، مع تولّي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مهامه رسمياً، وتنفيذ تعهّده بإنهاء التصعيد والصراعات العالمية، ومنها التوتر في البحر الأحمر.