مصر تعوّل على قمة إقليمية - دولية لإيجاد مخرج لـ«القضية الفلسطينية»

حذرت من تصفية النزاع على حساب دول الجوار

السيسي يترأس اجتماع مجلس الأمن القومي المصري (الرئاسة المصرية)
السيسي يترأس اجتماع مجلس الأمن القومي المصري (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على قمة إقليمية - دولية لإيجاد مخرج لـ«القضية الفلسطينية»

السيسي يترأس اجتماع مجلس الأمن القومي المصري (الرئاسة المصرية)
السيسي يترأس اجتماع مجلس الأمن القومي المصري (الرئاسة المصرية)

دعت مصر لاستضافة قمة إقليمية ودولية حول القضية الفلسطينية، في محاولة جديدة من القاهرة على ما يبدو لـ«تحميل كافة الأطراف المعنية مسؤولية التدهور الراهن» على الأرض، بحسب مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط». وشددوا على «أهمية وضع حد لإشكالية التباين في الرؤى بين المواقف العربية والدولية»، واستغلال الأزمة لـ«تحديد خطوط عريضة لتسوية قضايا الحل النهائي».

وجاءت الدعوة المصرية، في ختام اجتماع عقده مجلس الأمن القومي المصري، الأحد، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمناقشة تطورات الحرب في غزة، وقبل ساعات من زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقاهرة، ولقائه السيسي.

ووفق بيان نشرته الرئاسة المصرية، فإن القاهرة جددت رفضها «سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار»، في إشارة إلى أصوات داخل إسرائيل تطالب مصر بالموافقة على استقبال فلسطينيي قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مكثف حالياً.

وتعتبر السلطات المصرية أن أي نزوح جماعي لفلسطينيي قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية سيشكل تهديداً للأمن القومي المصري. وقالت القاهرة إنها «تواصل الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين». وشدد البيان المصري على أن «أمن مصر القومي خط أحمر ولا تهاون في حمايته».

وتشير النائبة سهام كمال، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب المصري إلى أن الدعوة المصرية للاجتماع الإقليمي والدولي، تنطلق من رؤية ثابتة تقوم على «استحالة إيجاد مخرج للقضية الفلسطينية إلا بحل نهائي وجذري للنزاع عبر إقامة دولتين». وتضيف سهام كمال، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، أن مصر تستهدف من خلال تلك الدعوة «إيصال صورة أوضح للعالم وكافة الأطراف المعنية بحقيقة الأوضاع على الأرض في غزة، وشرح ثوابت الموقف المصري والعربي، عبر مناقشة كافة أبعاد القضية، وإيقاظ العالم، بدلاً من الصورة المغلوطة التي تنشرها إسرائيل حالياً».

وعلى مدار الأيام الماضية، أجرت القاهرة مشاورات واسعة مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين ومن تركيا، فضلاً عن عدة دول عربية، من أجل وقف الحرب وإدخال مساعدات إلى غزة.

ويرى السفير محمد حجازي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنه «بجانب الجهود المصرية للبحث عن حل عاجل لتسوية الأزمة الراهنة، وخفض التصعيد، فإن مصر حريصة أيضاً على طرح إطار شامل لمسار الأحداث، يقوم على إيجاد آلية سياسية للتوصل إلى حل الدولتين، واستئناف عملية السلام، وهو أمر يجب أن يكون نصب أعين الجميع».

وأكد حجازي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدعوة المصرية ضرورية، ويجب أن يكون الحضور عبر دول مؤثرة في محيطنا الإقليمي وعلى رأسها السعودية والأردن والإمارات، إضافة إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأطراف إقليمية محورية كتركيا وإيران، بجانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، وبالطبع إسرائيل والسلطة الفلسطينية»، بحيث يصبح المؤتمر، كما يشير حجازي، «أساساً لإطلاق مسار للسلام، وإعادة إعمار غزة، والخروج بمشهد متوافق عليه يسهم في نجاح الانتخابات الفلسطينية ثم إقامة دولة على حدود 67 وفقاً للمقررات الدولية».

فرص الاستجابة

وحول فرص الاستجابة للدعوة المصرية، يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية والمتخصص في الشؤون الفلسطينية، أن الأهم بالنسبة إلى مصر هو «تحميل الأطراف المعنية مسؤولية ما يجري حالياً، في ظل انقسام عربي وإقليمي ودولي، إزاء التعامل مع القضية، بحيث يشكل المؤتمر فرصة للانطلاق لحل شامل للقضية الفلسطينية، وإيجاد تسوية لقضايا الحل النهائي، بعد انتهاء الحرب».

وتدرك مصر صعوبة إيجاد مخرج عبر آليات الأمم المتحدة كمجلس الأمن الدولي، في ظل الخلاف الأميركي - الروسي، وفق فهمي، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «البديل هو إقناع الأطراف المعنية بالجلوس معاً».

ويشير خبير العلاقات الدولية إلى «إمكانية إنجاح مصر للقمة بمن حضر، اعتماداً على دول مؤثرة مثل تركيا وإيران وقطر»، مؤكداً أن «حضور إسرائيل أمر مهم من أجل ضمانات الحل، حتى وإن كان على مستوى غير مباشر»، على حد قوله. وبشأن استجابة الولايات المتحدة وأوروبا، للدعوة، في ظل مواقفهما الداعمة لإسرائيل منذ اندلاع الأزمة، قال فهمي إنه «يمكن استعاضتهما بالصين وروسيا، واللتين أبدتا مواقف جديدة في التعاطف مع الفلسطينيين».

تقدير فلسطيني

وعبر السفير الفلسطيني لدى القاهرة دياب اللوح، عن «تقديره لموقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والجهود التي تبذل من دعم وإسناد القضية الفلسطينية». وأكد السفير الفلسطيني خلال مؤتمر صحافي، الأحد، «التزام بلاده الكامل بالمرجعيات والقرارات الدولية، والتزامها بالمبادرة العربية للسلام».

وأضاف أن الرئيس محمود عباس ومعه الرئيس السيسي والقادة والزعماء العرب والمشاركين في الاجتماع الوزاري الأخير للجامعة العربية، أكدوا أن «حل القضية الفلسطينية يمثل مفتاح السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن والاستقرار في العالم».


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)

بوريل: لبنان على شفير الانهيار

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الأحد، من بيروت من أن لبنان بات «على شفير الانهيار» بعد شهرين من المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.