اليمن يدعو إلى الصرامة مع الحوثيين لاستئناف تصدير النفط

تأكيد على الالتزام بالتهدئة وتنديد باستمرار انتهاكات الميليشيات

عناصر حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

اليمن يدعو إلى الصرامة مع الحوثيين لاستئناف تصدير النفط

عناصر حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف وتدابير صارمة ضد الجماعة الحوثية، والعمل من أجل استئناف تصدير النفط المتوقف منذ عام بسبب الهجمات الحوثية على موانئ التصدير.

دعوة الحكومة اليمنية جاءت في وقت تواصل فيه الجماعة انتهاكاتها للتهدئة لا سيما في جبهات تعز، بالتزامن مع حملات القمع التي تستهدف المطالبين برواتبهم في مناطق سيطرتها.

رئيس هيئة الأركان في الجيش اليمني يلتقي قادة عسكريين أميركيين (سبأ)

وفيما يعيش أكثر من 80 في المائة من اليمنيين ظروفا بائسة بسبب الحرب والانقلاب الحوثي، أكدت الحكومة في كلمتها أمام الدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان ضرورة تمكينها من استئناف تصدير النفط لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية المُلحة تجاه المواطنين، بما في ذلك دفع الرواتب التي تدعم السكان على مجابهة الظروف المعيشية الصعبة وتمويل الواردات الغذائية المتدفقة إلى مناطق سيطرة الحكومة والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين على حد سواء.

وأكد وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية نبيل عبد الحفيظ، الذي ألقى كلمة بلاده، على دعم اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باعتبارها آلية وطنية مستقلة تمارس عملها بكل كفاءة واستقلالية، وتلقى كل التسهيلات والتعاون للوصول إلى الحقيقة لتحقيق المحاسبة والعدالة وجبر الضرر للضحايا.

ودعت الحكومة اليمنية أعضاء مجلس حقوق الإنسان إلى بحث أوضاع حقوق الإنسان في اليمن تحت البند العاشر لكون اليمن بحاجة إلى الدعم والمساعدة التقنية وبناء القدرات حتى تتمكن الحكومة من الإيفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وتشجيع ومساندة اللجنة الوطنية للتحقيق لمواصلة مهام عملها من أجل المحاسبة وتحقيق العدالة.

التزام بالسلام

الحكومة اليمنية في كلمتها أشارت إلى مستجدات الأوضاع، وأوضحت أن مجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيله يتبنى إجراءات تسهم في استعادة السلام والاستقرار ضمن عملية إصلاح واسعة في إطار الالتزامات العامة للدولة وفي الطليعة ملف حقوق الإنسان من خلال المراجعة الشفافة والعلنية للسياسات والمواقف.

تسعى الجماعة الحوثية إلى تطييف المجتمع اليمني ومصادرة حرياته المكفولة (إ.ب.أ)

وقال وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ «لقد كانت الخطوات المتخذة في إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى وتعيين نائب عام جديد، وتعيين قضاة في المحكمة العليا من بينهم ثماني قاضيات وتمديد عمل اللجنة الوطنية للتحقيق لعامين قادمين دلائل على اهتمام المجلس الرئاسي بتحقيق العدالة وتفعيل مؤسساتها كونها من صلب مهام الدولة في صيانة حقوق المواطنين».

وأضاف عبد الحفيظ أن الحكومة في بلاده «لا تزال ملتزمة بالهدنة الإنسانية وبتنفيذ جميع أحكامها، في وقت ترفض فيه الميليشيات تنفيذ ما عليها من التزامات ومن أهمها فتح المعابر والطرقات بين جميع المدن اليمنية ورفع الحصار عن مدينة تعز».

واتهم المسؤول اليمني الجماعة الحوثية بأنها تواصل خروقاتها واعتداءاتها على السكان المدنيين ومخيمات النزوح في كل من مأرب والضالع والحديدة وتعز، مع تحركاتها الاستفزازية والمتجسدة في الحشد والاستعراض العسكري والتهديد والوعيد باستخدام القوة العسكرية.

ودعا عبد الحفيظ المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان إلى ضرورة الضغط على الميليشيات الحوثية لوقف خروقاتها ونهبها لمقدرات اليمنيين واستهداف المنشآت الحيوية والبنى التحتية، وتوجيه التهم الباطلة وإصدار الأحكام غير القانونية بحق المواطنين والمسؤولين اليمنيين.

انتهاكات متصاعدة

كشف وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية عن أن الجماعة الحوثية أصدرت في الأيام القليلة الماضية قائمة تضمنت أسماء نحو أربعة آلاف شخص من قيادات الشرعية وأعضاء مجلس النواب وقيادات الأحزاب والمسؤولين والنشطاء زعمت أنهم مطلوبون للمحاكمة.

وأعاد عبد الحفيظ التذكير بحملات الاختطاف والاعتقال التي شنتها الميليشيات أخيرا ضد المشاركين في الاحتفالات الشعبية بالعيد الـ61 لثورة «26 سبتمبر» حيث وصل عددهم إلى 1400 معتقل.

المبعوث الأممي إلى اليمن يلتقي وزير الخارجية الأميركي (أ.ب)

وقال «إن ممارسة هذا الأعمال لا توحي بالتزام هذه الميليشيات بالتهدئة كأولوية إنسانية والتهيئة للانخراط بنية صادقة مع جهود المبعوث الأممي والجهود الإقليمية والدولية للتوصل الى حل سياسي عادل ومستدام للأزمة اليمنية يتوافق مع تطلعات الشعب اليمني للعيش في دولة آمنة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان و المواطنة المتساوية».

المسؤول اليمني أكد أن الحكومة في بلاده ترى أنه قد حان الوقت للخروج من المواقف المهادنة وأن يكون واضحا للمجتمع الدولي من هو المعرقل لجهود السلام وأن يتخذ موقفا حازما لاستعادة الدولة اليمنية بكل السبل المتاحة والتخلص من ابتزاز الحوثيين.

وأشار عبد الحفيظ إلى الانتهاكات الحوثية المستمرة، مثل الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري وتجنيد الأطفال وغسل أدمغتهم، وقال إن ذلك يشكل خطرا كبيرا على الجيل القادم.

واتهم وكيل وزارة حقوق الإنسان في اليمن الجماعة الحوثية بـأنها «ألغت حرية الإعلام وقيدت القضاء وتمارس القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وتستخدم محاكمات صورية لتوجيه عقوبات قصوى ضد المنتقدين لتصرفاتها، أو المعارضين لها، كما تمارس التمييز ضد المرأة وتقيد حركتها وحريتها الشخصية».

وفيما تتواصل المساعي الإقليمية والأممية من أجل إقناع الحوثيين بالتوقف عن الرهان على القوة واختيار مسار السلام، لا تزال الجماعة ترفض كافة المقترحات لتجديد الهدنة وتوسيعها على الصعيد الإنساني.


مقالات ذات صلة

الجيش اليمني يُسقط 3 مسيّرات حوثية هاجمت منشأة نفطية حيوية

العالم العربي جانب من منشأة «صافر» لتكرير النفط في محافظة مأرب اليمنية (إكس)

الجيش اليمني يُسقط 3 مسيّرات حوثية هاجمت منشأة نفطية حيوية

هاجمت الجماعة الحوثية منشأة «صافر» النفطية بمحافظة مأرب الخاضعة للحكومة الشرعية بثلاث طائرات مسيرة تم اعتراضها وإسقاطها، وذلك في أخطر تصعيد ضد المنشآت الحيوية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

يعيش أكثر من 4500 نازح في بلدة «مفرق المخا» اليمنية قرب خطوط المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في ظروف إنسانية صعبة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي ندوة محدودة أقامها جناح حزب «المؤتمر» الموالي للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

منع «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب

منعت جماعة الحوثيين في اليمن قادة جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من إقامة مهرجان جماهيري في أحد الميادين، أو حتى تنظيم احتفالية كبيرة بذكرى تأسيس الحزب.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي أضرار كبيرة في محافظة الحديدة اليمنية في ظل ضعف أعمال الإغاثة وتسييسها (رويترز)

جبايات حوثية من بوابة «منكوبي السيول»... ورفض لمبادرات الإغاثة

فرض الحوثيون جبايات على التجار بذريعة إغاثة منكوبي السيول في الحديدة، في حين رفضوا مبادرات الإغاثة المقدمة من طرف الحكومة الشرعية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي إجبار طلبة المدارس بمناطق سيطرة الحوثيين على المشاركة في فعاليات طائفية (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يكثفون انتهاكاتهم في قطاع التعليم

أجبر الحوثيون مدارس أهلية على تخصيص أوقات لإحياء مناسبات ذات منحى طائفي، وإجبار معلمين على المشاركة في دورات تعبوية وعسكرية، وترديد «الصرخة الخمينية».

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
TT

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)

بعد قرابة 10 أعوام من الصراع في اليمن يعيش أكثر من 4500 نازح في بلدة «مفرق المخا» الواقعة على بعد حوالي 29 كيلومتراً من خطوط المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة تعز (جنوب غرب) في ظروف صعبة، إذ غابت عنهم المنظمات الإغاثية وتركتهم يواجهون تحديات كبيرة في سبيل الحصول على الرعاية الطبية.

ووفق بيانات المنظمات الإغاثية، فإن المنطقة التي هجرتها الكثير من المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية ربما لقربها من خطوط التماس، أصبحت على مر السنين مركزاً للأسر التي فرت من القتال، وهي الآن موطن لـ4500 نازح داخلي يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر ويواجهون صعوبة بالغة في الوصول إلى الرعاية الصحية، ومع ذلك يقدم المركز الصحي هناك الرعاية مجاناً.

بلدة «مفرق المخا» في اليمن واحدة من أكثر المناطق إهمالاً (إعلام محلي)

وتذكر منظمة «أطباء بلا حدود» أنه على الرغم من الاحتياجات الشديدة، توقفت المنظمات الدولية والوطنية عن تقديم الدعم للسكان هناك، حتى باتت واحدة من أكثر المناطق إهمالاً في المنطقة.

مركز صحي وحيد

تجلس نور البالغة من العمر عاماً ونصف العام في حضن والدتها بينما يفحصها الطبيب حمزة، حيث تشعر بالضعف والتعب بعد معاناتها من الإسهال لبضعة أيام، وتقول والدتها: «ينفطر قلبي كلما مرض أحد أطفالي، خصوصاً عندما تكون نور أصغر أطفالي. أشعر دائماً بالتوتر عندما أحتاج إلى إيجاد رعاية صحية جيدة الجودة في منطقتي دون دفع رسوم طبية».

ونظراً لوضعها المالي، تأتي المرأة إلى المركز الصحي في مفرق المخا للحصول على رعاية عالية الجودة ومجانية لأطفالها التسعة، حيث تدعم منظمة «أطباء بلا حدود» هذا المركز الصحي منذ عامين، بهدف زيادة قدرة الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية في مديرية موزع، وفق ما تقوله المنظمة.

مستشفى ميداني أقامته منظمة دولية في مدينة المخا اليمنية (أطباء بلا حدود)

وبدعم من فرق المنظمة، يقدم المركز الرعاية الصحية الأساسية والإحالات مجاناً، كما تدعم إدارة حالات الطوارئ الطبية في المركز، بما في ذلك تثبيت استقرار المرضى المصابين بالحرب وضحايا حوادث الطرق قبل إحالتهم إلى مرفق آخر للحصول على رعاية إضافية.

وبالإضافة إلى ذلك يقدم الفريق استشارات منتظمة للمرضى الخارجيين، ورعاية ما قبل الولادة وما بعدها للنساء، وأنشطة تعزيز الصحة، ورعاية الأطفال، بما في ذلك فحص التغذية والتطعيم، إذ أدى انخفاض تغطية التطعيم إلى ظهور أمراض يمكن علاجها باللقاحات في المجتمع.

منطقة مهملة

وفق بيانات منظمة «أطباء بلا حدود»، تم تقديم الرعاية للمنطقة المهملة في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) هذا العام، وعلاج أكثر من 1562 مريضاً في غرفة الطوارئ بالمركز الصحي، وخلال ذلك الوقت، تم علاج أكثر من 9473 مريضاً في العيادة الخارجية، حيث تلقت 915 امرأة الرعاية قبل الولادة وبعدها.

ويعالج الفريق الطبي في المركز الذين يعانون من أمراض معدية بالإضافة إلى 488 مصاباً بحمى الضنك وأكثر من 965 مصاباً بالملاريا، وكانت نور واحدة منهم.

وفي أعقاب الزيادة الأخيرة في عدد حالات الإسهال المائي الحاد والكوليرا في اليمن، أقامت منظمة «أطباء بلا حدود» خيمة مراقبة وتثبيت في مفرق المخا بسعة سريرين. وفي الفترة ما بين أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) الماضيين عالجت الفرق 1089 مريضاً، وتم إحالة بعضهم إلى مركز علاج الكوليرا التابع للمنظمة في مدينة المخا للحصول على رعاية طبية إضافية.

الحكومة اليمنية تقوم بشق طريق لربط «مفرق المخا» بمركز المديرية (إعلام محلي)

ويقول عبد الحكيم محمد فرحان، المرجع الطبي لمشروع «أطباء بلا حدود» في البلدة: «تتطلب العديد من الحالات التي نعالجها في المركز هنا الإحالة إلى مرفق صحي أو مستشفى آخر للحصول على رعاية إضافية بسبب غياب الرعاية الثانوية هنا». وللاستجابة لهذه الحاجة المتزايدة، بدأت منظمة «أطباء بلا حدود» هذا العام نظام إحالة سيارات الإسعاف الذي يسمح بنقل المرضى إلى مستشفى آخر مجاناً.

ونظراً لموقع «مفرق المخا» في الجبال، فإن أقرب مستشفى رئيسي يبعد حوالي 40 كيلومتراً، ويتم تحويل معظم الحالات إلى مستشفى المخا العام، حيث تدير منظمة «أطباء بلا حدود» مرفقاً للولادة وجناحاً للأطفال، أو إلى مرافق صحية أخرى في محافظة تعز. ويقول عبد الحكيم إن العديد من المرضى يعانون من سوء التغذية أو يحتاجون إلى رعاية إضافية للأمومة والإنجاب.