انتهاكات ميليشياوية جديدة تستهدف اليمنيات في محافظات عدة

اعتداء على أرملة وبناتها أمام الناس في الشارع سعياً لسلبها أرضها

عناصر من الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر من الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

انتهاكات ميليشياوية جديدة تستهدف اليمنيات في محافظات عدة

عناصر من الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر من الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

لم تمض سوى أيام قليلة منذ اعتداء الجماعة الحوثية في اليمن على ثلاث نساء وخطف رابعة بمدينتي جبلة والعدين التابعتين لمحافظة إب، حتى أقدمت على ارتكاب جريمة أخرى من خلال اعتداء مسلحين بشكل وحشي على أرملة وبناتها اليتيمات في منطقة سعوان شرق صنعاء.

شهود عيان في صنعاء أوضحوا لـ«الشرق الأوسط»، أن دورية حوثية على متنها مسلحون وعناصر من «الزينبيات» (الأمن النسائي الحوثي) اقتحموا بشكل مفاجئ منزل المرأة وبناتها، وباشروا بسحبها إلى الشارع، ثم الاعتداء عليها بالضرب المبرح هي وبناتها.

مسلحون حوثيون يرددون شعارات الجماعة خلال تجمع بصنعاء (إ.ب.أ)

وبثّ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد توثق لحظة اعتداء المسلحين الحوثيين على النساء بوضح النهار أمام مرأى ومسمع من الناس في صنعاء.

وظهرت المرأة المعتدى عليها في ذلك المشهد وهي تصرخ مع فتياتها في محاولة الاستنجاد بالناس للتدخل وإنقاذها وبناتها من بطش واعتداء الميليشيات.

وقوبلت الجريمة بموجة غضب واستهجان في الأوساط اليمنية، حيث قال ناشطون حقوقيون في صنعاء، إن الاعتداء يأتي ضمن محاولة قادة في الجماعة الحوثية نهب قطعة أرض تابعة للمرأة وبناتها.

وتعد الحادثة امتداداً لجرائم حوثية سابقة، كان آخرها قيام الجماعة مطلع مايو (أيار) الماضي، بالاعتداء بالضرب المبرح بأعقاب البنادق على خمس نساء من أسرة «بيت الفقيه الكيال» في شارع الأربعين بمنطقة سعوان شرق صنعاء، على خلفية محاولتهن حماية أرضهن من النهب.

وأفادت مصادر محلية حينها، بأن ثلاثة نافذين حوثيين يتصدرهم القيادي هيثم رزق، باشروا بجلب المسلحين وقاموا بالاعتداء على النساء بتلك المنطقة، في محاولة منهم لترويعهن وإجبارهن على التنازل عن أراضيهن التي تسعى الجماعة إلى نهبها.

وسبق للجماعة الحوثية وضمن مسلسل النهب الذي تنتهجه بحق أراضي وممتلكات الغير، أن سطت قبل أشهر بقوة السلاح على أراض وعقارات تتبع السكان في مناطق متفرقة بصنعاء وضواحيها، منها مناطق سعوان ودار سلم، وقرى عصر وبني مطر وبني حشيش وهمدان وسنحان وغيرها.

خطف واعتداء

وفي سياق توسيع الجماعة الحوثية حجم اعتداءاتها ضد النساء اليمنيات بمناطق قبضتها، يواصل مشرفون حوثيون في مديرية العدين بمحافظة إب خطف طالبة عمرها (17عاما) منذ فترة، وعدم الإفصاح عن مكان وجودها، فيما تواصل أسرتها المطالبة بالكشف عن مصيرها وإطلاق سراحها.

مسلحات حوثيات يشاركن في فعالية للتعبئة الطائفية في محافظة عمران (إعلام حوثي)

وأوضح ناشطون حقوقيون من إب، أن أحد مشرفي الجماعة التربويين بمنطقة العدين في إب يدعى قائد الحسيني (57 عاماً) يواصل من فترة خطف الطالبة، وإيداعها في مكان مجهول لا تعلمه أسرتها.

وأشار الناشطون إلى استمرار ممارسة الحوثيين في إب التعتيم على الجريمة، كون المجرم ينتمي إلى سلالة زعيم الجماعة، كاشفين عن لجوء الخاطف إلى الاستعانة بقيادات حوثية منهم المنتحل لمنصب «مدير مديرية العدين» المدعو عباس فايع، المتهم بقضايا فساد مالي وأخلاقي، للذهاب معه إلى ذوي الفتاة لطلب يدها لمشرف حوثي آخر.

وأكد الناشطون بتغريدات على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، رفض أسرة الفتاة الحديث عن ذلك الأمر، حتى يتم تسليمها أولاً ، كونها لا تزال تعد مخطوفة.

وسبق تلك الجريمة بأيام قيام «زينبيات» مدعومات بمسلحين حوثيين، بالاعتداء على نساء في مدينة جبلة التابعة لمحافظة إب في محاولة للسيطرة على منازلهن بالقوة.

وكانت تقارير حقوقية يمنية وأخرى دولية وجهت في أوقات سابقة اتهامات للحوثيين بمواصلة ارتكاب جرائم اعتداء وقمع وحملات تصعيد غير مسبوقة ضد النساء والفتيات اليمنيات بمختلف مناطق سيطرتها.

إلى ذلك، كشفت مصادر محلية قبل أيام لـ«الشرق الأوسط» عن إطلاق جماعة الحوثي حملة تجنيد جديدة لعشرات اليمنيات من مختلف الأعمار، ضمن ما يعرف بكتائب «الزينبيات» وهو الجناح العسكري والأمني النسائي للجماعة.

وستتولى المجندات الحوثيات مهام قمع المناوئات لسلطة الانقلاب، وملاحقتهن والاعتداء عليهن واعتقالهن ومداهمة منازلهن، وتنفيذ أعمال تجسسية واستخباراتية، خصوصاً في أماكن التجمعات النسوية، إلى جانب تقديم حصص تعبوية أسبوعية لطالبات المدارس الحكومية بغية غسل أدمغتهن واستدراجهن للانضمام إلى تلك التشكيلات العسكرية.


مقالات ذات صلة

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

العالم العربي عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

أقرت الجماعة الحوثية بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر باليوم العالمي للمعلم فيما يعاني المعلمون في اليمن من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون وتوقف الرواتب والاعتقالات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».