الحوثيون يوجهون ببيع أملاك معارضيهم رداً على المطالبة بالرواتب

المعلمون يسخرون من مزاعم الجماعة ويواصلون الإضراب

فشلت إغراءات الحوثيين وتهديداتهم في وقف إضراب المعلمين (إعلام حوثي)
فشلت إغراءات الحوثيين وتهديداتهم في وقف إضراب المعلمين (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يوجهون ببيع أملاك معارضيهم رداً على المطالبة بالرواتب

فشلت إغراءات الحوثيين وتهديداتهم في وقف إضراب المعلمين (إعلام حوثي)
فشلت إغراءات الحوثيين وتهديداتهم في وقف إضراب المعلمين (إعلام حوثي)

​بينما تمسك نادي المعلمين والمعلمات اليمنيين باستمرار الإضراب العام والشامل في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين، حتى صرف رواتبهم المقطوعة منذ 7 أعوام، وجّه قادة الانقلاب ببيع ممتلكات وبيوت المعارضين لحكمهم، وتحويلها لصالح صندوق دعم المعلم، في مسعى جديد لاحتواء هذا الإضراب.

ورداً على تهديدات رئيس مجلس حكم الانقلاب الحوثي، مهدي المشاط، بحبس ومحاكمة المطالبين برواتبهم، دعا نادي المعلمين اليمنيين إلى استمرار الإضراب حتى صرف المرتبات، وحتى وصول إشعارات مصرفية بتحويل تلك المستحقات لجميع العاملين في قطاع التعليم، من مدرسين وتربويين وموجهين وإداريين.

يسعى محمد علي الحوثي للوصول إلى قمة السلطة من خلال كسر إضراب المعلمين (فيسبوك)

هذا الموقف لم يرق للقيادي محمد علي الحوثي، عضو مجلس الحكم الانقلابي وابن عم زعيم الجماعة المتطلع ليكون رئيساً للمجلس بدلاً عن المشاط؛ حيث وجّه ببيع بيوت وممتلكات المعارضين السياسيين، وتوريدها لصالح صندوق المعلم الذي يرأسه يحيى الحوثي شقيق زعيم الانقلابيين؛ حيث تسعى الجماعة إلى التحايل على مطالب صرف المرتبات، وكسر إضراب المعلمين، من خلال صرف مبلغ 50 دولاراً شهرياً تحت اسم «حوافز».

ومع أن محمد الحوثي لا يمتلك سلطة واضحة في مجلس حكم الانقلاب، فإنه منذ إعلان ابن عمه عبد الملك الحوثي، قائد الجماعة الانقلابية، اعتزامه إجراء تغييرات وصفها بالجذرية في سلطة الانقلاب، يتحدث مقربون منه بأنه سيتولى رئاسة مجلس الحكم بعد سنوات من الانتظار؛ حيث حرص الانقلابيون على الاحتفاظ بهذا الموقع لمن لا ينتمي إلى سلالتهم، للقول إن هناك من يشاركهم حكم تلك المناطق، مع أنه لا يمتلك أي سلطة.

مرحلة صراع جديدة

وفق مصادر سياسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإنه في حال تم تعيين محمد الحوثي رئيساً لمجلس الحكم، فإن قائد الانقلابيين يكون قد انتصر أخيراً لابن عمه، على حساب الجناح الذي يتزعمه أحمد حامد، مدير مكتب مجلس الحكم الذي يوصف بأنه الحاكم الفعلي في العاصمة اليمنية المختطفة.

وتعد هذه الخطوة في حال تنفيذها بداية مرحلة جديدة من الصراع بين الجناحين، ولكن بعد إعادة تموضع كل جناح في موقع مختلف عن موقعه الحالي، وفق ما تقوله المصادر.

تصعيد المعلمين اليمنيين يربك سلطة الحوثيين (نادي المعلمين اليمنيين)

في السياق نفسه، وزع نادي المعلمين والمعلمات بياناً انتقد فيه إصرار مكاتب التربية والتعليم في مناطق سيطرة الحوثيين على المضي في اتباع ما تسمى خطة الطوارئ «التي دمرت التعليم» لأنها قلصت أيام الدراسة من أسبوع كامل إلى يومين، ومن 20 حصة إلى 4 حصص أسبوعية، وأكد أن هذه الخطة تقوم «على وعود كاذبة» بصرف حوافز شهرية من عائدات صندوق دعم المعلم.

وشكك النادي في مصداقية وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب، بشأن استئنافها صرف الحافز الشهري للمعلمين، وقال إنه خلال الشهر المنصرم لم يتسلم أحد من العاملين في قطاع التعليم أي مبلغ من حوافز الصندوق.

وجدد النادي الدعوة لمنتسبيه ومنتسبي النقابات التعليمية الأخرى، وموظفي التربية والتعليم، ليكون الأسبوع الحالي مرحلة جديدة يتم من خلالها توسيع الإضراب إلى جميع المحافظات، لانتزاع الحقوق والمرتبات.

سخرية ودعوة للتصعيد

سخر نادي المعلمين اليمنيين من ادعاءات الانقلابيين الحوثيين بأن مرتبات المعلمين لدى أعدائهم، وقال إن أعضاء ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» وحكومة الانقلاب، وما يسميان مجلسي النواب والشورى، والمحافظين والعاملين في المؤسسات الإيرادية، يتسلمون رواتبهم من فرع البنك المركزي بصنعاء، ومن عائدات الضرائب والجمارك والجبايات والزكاة والأوقاف ومواني الحديدة.

ووصف نادي المعلمين المبررات التي يسوقها الانقلابيون بـ«العبث الذي يجب التوقف عنه»، وجدد دعوته لحكومة الانقلاب إلى صرف مرتبات المعلمين من المصادر نفسها التي يتسلم منها الآخرون مرتباتهم.

تلامذة في مدرسة أنشئت حديثاً على أطراف العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد النادي أن الإضراب شل العملية التعليمية برمتها، بما فيها المكاتب الإدارية للتربية والتعليم، عدا إدارتي التعليم الأهلي والاختبارات اللتين تجبيان أموالاً طائلة من المدارس الأهلية، ومن عائدات صندوق دعم المعلم، ومن الأموال التي يتم تحويلها لهذا القطاع من جهات إيرادية أخرى.

وأشاد النادي بتحركات النقابات التعليمية في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، بهدف انتزاع حقوق المعلمين والموظفين، من ترقيات وعلاوات ومستحقات وغيرها، نظراً لعدم كفاية المرتبات التي يتسلمونها، وقال إن هذه التحركات تثبت مرة أخرى تضامن التربويين والمعلمين بعضهم مع بعضهم، في جميع أنحاء البلاد.

ويأتي تصعيد المعلمين اليمنيين لاحتجاجاتهم بعد أيام من هجوم رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، ووصفه المطالبين بالمرتبات بـ«الغوغائيين والخونة والعملاء والحمقى» وتوعده بردعهم.


مقالات ذات صلة

«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

العالم العربي إجراءات ومساعٍ حوثية لاستعادة الأوراق النقدية القديمة التي أقر البنك المركزي إلغاءها (أرشيفية- رويترز)

«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

أصدر البنك المركزي اليمني قرارين ألغى أولهما تراخيص خمس شركات صرافة وقضى الثاني بعدم التعامل المالي مع الإدارتين اللتين استحدثهما الحوثيون لشركتين دوائيتين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «أيزنهاور» (رويترز)

ضربات أميركية تستبق هجمات حوثية في البحر الأحمر

استبق الجيش الأميركي هجمات حوثية في البحر الأحمر ضد السفن، وقال إنه دمّر زورقين مسيّرين وموقع رادار، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

حملات تعسف استهدفت 1161 منشأة تجارية في صنعاء

تعرّض 1161 محلاً وشركة تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء خلال الأسابيع الماضية لعمليات دهم وابتزاز وإغلاق على أيدي مشرفين حوثيين

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مدير مكتب يحيى الحوثي بجوار التربوي أحمد النونو قبل اعتقالهما في صنعاء (إعلام حوثي)

اعتقال مدير مكتب يحيى الحوثي بتهمة التجسس لأميركا

امتدت حملة الاعتقالات التي ينفذها الحوثيون بإشراف من خبراء في الحرس الثوري الإيراني لأعلى سلم قيادة الجماعة، حيث اعتقل مدير مكتب يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع من دون ضحايا.

علي ربيع (عدن)

«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)
دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)
TT

«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)
دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)

عزَّز البنك المركزي اليمني مساعيه للسيطرة على العمليات المصرفية في البلاد، وتشديد قبضته لتجفيف إيرادات الجماعة الحوثية وعملياتها المالية، وأصدر قرارين؛ ألغى أولهما تراخيص خمس شركات ومنشآت صرافة، وقضى الثاني بعدم التعامل المالي مع الإدارتين اللتين استحدثتهما الجماعة لشركتين دوائيتين في صنعاء.

وأعلن محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب، إيقاف تراخيص كل من: شركة هوام للصرافة، وشركة بيور موني للصرافة، ومنشأة توب توب للصرافة، ومنشأة السهم الأسرع للصرافة، ومنشأة القاسمي إكسبرس للصرافة، وذلك بناء على المخالفات المثبَتة بتقرير النزول الميداني المرفوع من قطاع الرقابة على البنوك.

كما أصدر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، تعميماً موجهاً إلى كل البنوك والمصارف العاملة في البلاد بالتعامل فقط مع الإدارتين القانونيتين المخوَّلتين للشركة الدوائية الحديثة، والشركة العالمية لصناعة الأدوية، ومنع حجز أي أرصدة أو أي حسابات خاصة بهما أو التصرف بها بناءً على أي أوامر أو طلبات تصل إلى البنوك والمصارف من قِبل أي جهة غير قانونية.

جاء هذا القرار خلال أقل من شهر من استيلاء الجماعة الحوثية على مقرات الشركتين في صنعاء، ومحاولة استحواذها على أرصدتهما وأموالهما.

ويُعدّ قرار إيقاف شركات ومنشآت الصرافة الخمس هو الثالث من نوعه خلال أقل من أسبوعين، ليصل عدد الشركات التي جرى إيقاف تراخيصها حتى الآن إلى 15 شركة ومنشأة صرافة، بينما لأول مرة تصدر قرارات من البنك المركزي للرد على سيطرة الجماعة الحوثية على الشركات العمومية.

تعميم من البنك المركزي اليمني في عدن بشأن الشركة الدوائية الحديثة والشركة العالمية لصناعة الأدوية (إكس)

وأوضح مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، أن القرارات الأخيرة بإلغاء تراخيص شركات ومنشآت الصرافة جاء بعد التأكد من مخالفاتها قراراته الخاصة بضبط العمليات المصرفية، والعمل ضمن الشبكة الموحدة للحوالات.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن بياناته، أنه ثبت تورط عدد من مالكي وإدارات الشركات والمنشآت التي جرى إيقافها بتهريب الأوراق النقدية المحلية والأجنبية لصالح الجماعة الحوثية، سواء إلى مناطق سيطرتها أم إلى خارج البلاد لخدمة أعمالها المشبوهة.

استهداف سوق الدواء

منذ قرابة الشهر، سيطرت الجماعة الحوثية على الشركة الدوائية الحديثة والشركة العالمية لصناعة الأدوية في العاصمة صنعاء، واقتحم مسلحو الجماعة مقراتهما واختطفوا موظفيهما وحققوا معهم، متخذة سلسلة من الإجراءات لتقليص وإزاحة أكبر المساهمين في الشركتين، ومنعهم من الحصول على أرباحهم تحت حجة موالاة الحكومة اليمنية، ورفض ضم قيادات حوثية إلى المساهمين فيهما.

يقول الباحث الاقتصادي عادل شمسان، لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار البنك المركزي الخاص بمنع التعامل إلا مع الإدارتين القانونيتين للشركتين يأتي في إطار الحفاظ على الملكيات العامة للدولة، بعد مساعي الجماعة للسيطرة عليها، ويأتي للرد على إجراءاتها الهادفة إلى تصفية شركات القطاع العام والمختلط لصالح الجماعة، وضمان وحماية حقوق المساهمين ومنع تجييرها لصالح مشروع الجماعة.

شركتا أدوية تخاطبان أصحاب المديونيات بوقف تسديدهم الديون بعد استيلاء الحوثيين عليهما (إكس)

ويربط الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي استحواذ الجماعة على الشركتين بحديث القيادي الحوثي مهدي المشاط، رئيس ما يُعرَف بالمجلس السياسي الأعلى للجماعة (مجلس الحكم الانقلابي)، منذ أكثر من عام، حول الاستثمار في مجال صناعة وتجارة الأدوية، حيث تعمل الجماعة على إزاحة الاستثمارات الكبرى في الصناعات الدوائية لإفساح المجال أمام استثماراتها الخاصة في هذا المجال.

وينوه الآنسي، في حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تسعى إلى تصفية سوق الدواء من كل الاستثمارات الدوائية، ومنع تطور وتوسع الشركات القائمة، ومحاصرة الصناعات المحلية، في مخطط لحصول رجال الأعمال التابعين لها على توكيلات وصفات التركيبات الدوائية لتصنيعها محلياً، واحتكارها، وتجريف سوق الدواء تماماً.

وأدانت الحكومة اليمنية استيلاء الجماعة الحوثية على الشركتين، وصنفت تلك الإجراءات على أنها تجريف للقطاع الخاص وتضييق على رؤوس الأموال والبيوت التجارية المعروفة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، لدفعها للمغادرة خارج البلد، لصالح شركات ومستثمرين تابعين للجماعة؛ بهدف السيطرة الكلية على القطاع التجاري.

تراجع الجرائم المالية

يتوقع أن تؤدي قرارات البنك المركزي اليمني وإجراءاته لإغلاق مؤسسات الصرافة المخالفة إلى تقليص عدد المنشآت العاملة في هذا المجال بشكل كبير؛ نظراً لأن الغالبية العظمى من هذه المؤسسات نشأت بسبب الخلل الكبير في القطاعين المالي والمصرفي، والذي كانت تغذيه وتستفيد منه الجماعة الحوثية للإضرار باقتصاد البلد، وتنمية إيراداتها وزيادة ثرائها.

ويذهب الباحث الاقتصادي اليمني رشيد الآنسي إلى أن هذا القطاع كان يدر أرباحاً مهولة من المضاربة بالعملة وغسيل وتهريب الأموال، وهي الجرائم التي كان العائد الأكبر منها يصب في صالح الجماعة الحوثية.

منذ سنوات بدأت الجماعة الحوثية إجراءات تعسفية ضد المستثمرين للسيطرة على سوق الأدوية (إعلام حوثي)

ونبه إلى أن المتاجرة بالأوراق المالية القديمة والجديدة لتحصيل فارق السعر الذي فرضته الجماعة الحوثية للإضرار بالعملة المحلية المعتمدة لدى الحكومة الشرعية، كانت تجري في مناطق الحكومة الشرعية، خصوصاً في محافظة مأرب التي استخدمتها الجماعة للمبادلة بين الأوراق النقدية القديمة والجديدة، ولتهريب الأموال لصالح الجماعة، سواء إلى مناطق سيطرتها أم إلى سلطنة عمان.

ويرجح أن عدداً كبيراً من هذه الشركات ستغلق أبوابها بعد قرارات البنك المركزي الأخيرة التي سدَّت أمامها قنوات الربح المهول الذي كانت تتحصل عليه بالإضرار بالعملة والاقتصاد المحليين.

ويلاحظ الباحث عادل شمسان أن قرارات البنك المركزي بدأت تؤتي ثمارها رغم تأخرها سنوات طويلة، ومع توقف تصدير النفط والغاز بفعل الأعمال العدائية الحوثية، فإن السياسة النقدية التي يقودها البنك المركزي سيكون لها أثر كبير في منع الانهيار المستمر للاقتصاد المحلي، إلى جانب محاصرة مصادر تمويل الجماعة الحوثية، والحد من تأثيرات جرائمها المالية.