مخاوف يمنية من تحول بديلة «صافر» إلى سلاح جديد بيد الانقلابيين

اقتراب انتهاء نقل مخزون النفط ضمن خطة الإنقاذ الأممية

تواصل أعمال نقل النفط من الخزان «صافر» إلى السفينة البديلة نوتيكا (الأمم المتحدة)
تواصل أعمال نقل النفط من الخزان «صافر» إلى السفينة البديلة نوتيكا (الأمم المتحدة)
TT

مخاوف يمنية من تحول بديلة «صافر» إلى سلاح جديد بيد الانقلابيين

تواصل أعمال نقل النفط من الخزان «صافر» إلى السفينة البديلة نوتيكا (الأمم المتحدة)
تواصل أعمال نقل النفط من الخزان «صافر» إلى السفينة البديلة نوتيكا (الأمم المتحدة)

فيما توشك خطة الإنقاذ التي تشرف عليها الأمم المتحدة على الانتهاء من سحب المخزون النفطي من ناقلة «صافر» اليمنية المتهالكة إلى الناقلة البديلة «اليمن» (نوتيكا سابقا)، حذر تقرير يمني حديث من تحول الناقلة البديلة إلى سلاح جديد بيد الانقلابيين الحوثيين.

وكانت الحكومة اليمنية، أفادت الأربعاء، بأنه تم سحب نحو 96 في المائة من النفط المخزن في «صافر» إلى الناقلة البديلة التي اشترتها الأمم المتحدة، وقامت بتسليمها إلى الحوثيين المسيطرين على ميناء رأس عيسى، حيث الخزان المتهالك، ضمن خطة الإنقاذ الأممية، الرامية إلى منع تسرب 1.1 مليون برميل من الخام في البحر الأحمر.

التحذيرات من استمرار الخطر حملها تقرير جديد بعنوان «استبدال صافر بالناقلة نوتيكا المستعملة خطوة محفوفة بالمخاطر ذات عواقب وخيمة»، أعده باحثان يمنيان لصالح مركز الخراز للاستشارات البيئية ومؤسسة ماعت للتنمية وحقوق الإنسان.

من فعالية لمركز الخراز ومؤسسة ماعت لاستعراض تقرير حول أزمة خزان «صافر» (فيسبوك)

التقرير حذر من تحول الناقلة الجديدة إلى مشكلة إضافية بسبب عمرها وصلاحيتها المتبقية المحدودة، إلى جانب وقوع ناقلتين في يد الانقلابيين الحوثيين، مشيرا إلى أن الحل القائم لا ينهي الأزمة البيئية، ويتسبب بمضاعفات اقتصادية.

وأثار التقرير المخاوف بشأن العواقب السلبية المحتملة والمخاطر الكارثية بحكم أن الناقلة «نوتيكا» يبلغ عمرها 15 عاماً، مع الشكوك في قدرتها على تحمل الظروف الجوية القاسية لمدة طويلة.

وأشار الباحثان اليمنيان عبد القادر الخراز وعبد الواحد العوبلي وهما معدا التقرير إلى أن معظم دول العالم تحظر السفن التي يزيد عمرها على 20 عاما من دخول موانئها لحماية البيئة والبنية التحتية للموانئ، متسائلين عن الكيفية التي تم بها إقرار شراء سفينة عمرها 15 عاما، إلى جانب تزايد الشكوك بشأن القيود المالية التي تواجهها الحكومة اليمنية والأطراف الأخرى المشاركة في الوضع.

وتساءل الباحثان حول الكيفية التي تم بها صنع القرار لتخصيص الموارد والأموال لحل الأزمة، والإجراءات التي تمت والتصريحات التي أدلى بها المسؤولون في الوكالات الأممية في اليمن، وتصريحات قيادات الانقلابيين الحوثيين.

واستعرض التقرير القيود المالية التي واجهت الحكومة اليمنية والأطراف الأخرى المشاركة في وضع سفينة صافر، حيث أثارت المخاوف بشأن الطريقة التي تم بها صنع قرار شراء الباخرة الجديدة، مشددا على ضرورة إجراء دراسة أدق لهذه القيود لفهم الآثار والعواقب المحتملة لقرار استبدال «نوتيكا» بـ«صافر».

تساور الشكوك خبراء البيئة حول انتهاء خطر خزان النفط اليمني «صافر» (أ.ف.ب)

ووفق التقرير فإن الحكومة اليمنية، وكذلك الأطراف الأخرى المعنية، عانت من موارد محدودة بسبب الصراع المستمر وعدم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، ما جعل من الصعب تخصيص الميزانية اللازمة للصيانة والتشغيل الآمن للسفينة «صافر» وبالرغم من ذلك تم شراء ناقلة مستعملة مثل «نوتيكا» والالتزام بتغطية تكاليف تشغيلها.

أعباء اقتصادية

الباحثان قالا إن عملية الإنقاذ لا تعالج السبب الجذري للمشكلة المتمثلة في النفط المخزن في خزانات صافر، والذي يجب التخلص منه لإنهاء المشكلة، وأنه كان يمكن استخدام الأموال المخصصة لشراء وتشغيل الناقلة البديلة لتنفيذ خطة شاملة لتفريغ النفط ونقله إلى موقع أكثر أمنا.

ويفرض الواقع الجديد - وفق خطة الإنقاذ - عبئاً مالياً كبيراً على الحكومة اليمنية والأطراف الأخرى المعنية مثل تكاليف الصيانة والموظفين والتأمين والنفقات الأخرى ذات الصلة، مما يزيد من الضغط على الموارد المحدودة المتاحة بالفعل، إلى جانب المخاطر المالية المستقبلية بسبب قدم السفينة الجديدة وعمرها المحدود، ما يفرض تكلفة صيانة والإصلاح والقيود المالية.

ويستعرض التقرير القيود الفنية لحل أزمة «صافر»، ومنها ما يتعلق بمتانة السفينة «نوتيكا» التي تعد أقل من متانة صافر التي تحملت قسوة الظروف الطبيعية طيلة السنوات الماضية، والتكيف مع الظروف المحلية، وحاجتها إلى التعديلات وتعزيز أنظمة الحماية لتحمل الظروف القاسية.

«صافر» و«نوتيكا» خلال الاستعدادات لبدء عملية نقل النفط الخام (شركة سكالز الهولندية)

كما تساءل معدا التقرير عن سبب تسليم الباخرة البديلة للانقلابيين الحوثيين، وعن بنود الاتفاق الذي وقع على ظهر الباخرة، وعدم نشر الأمم المتحدة التي تدعي الشفافية والحوكمة التقييم التفصيلي لوضع الباخرة صافر، ومنها تفاصيل خطة الطوارئ والتجهيزات لمكافحة أي تلوث قد يحدث من عملية التفريغ، وكمية النفط الموجود على الباخرة، وإن كانت ثابتة أم حدث تغير فيها من خلال التسرب أو نقل جزء منها خلال الفترة الماضية.

الحل سياسي وليس بيئياً

يصف الباحث عبد القادر الخراز الحل القائم لأزمة الناقلة صافر بالحل السياسي الذي يُمكّن الحوثيين من قنبلة موقوتة جديدة في تجاوز وتحدٍ للحكومة الشرعية والمجتمع اليمني ودول المنطقة، حيث إن ما فعلته الأمم المتحدة يفتقد إلى الشفافية، وفق تعبيره، مثل تجنبها توضيح كثير من النقاط مثل خطة الطوارئ لمكافحة التلوث أثناء عملية نقل النفط.

ونوه الخراز في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأمم المتحدة لم تنشر أو تقدم للرأي العام أي إفادة حول الأوحال النفطية التي ستترسب في قاع صافر، وهي الأوحال التي تعد مشكلة بيئية بدورها نظراً لما تحتويه من سموم وملوثات بيئية، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك خطة طوارئ خاصة للتعامل مع هذه الأوحال.

وأضاف الخراز، وهو أيضاً خبير لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) أنه اطلع على الإجراءات التي ستنفذها الجهة التي تقوم بعملية نقل النفط من صافر إلى «نوتيكا» ولم يجد سوى أنها تعهدت برش الماء على هذه الأوحال، الأمر الذي عده استهتاراً وعدم اكتراث بما تمثله هذه الأوحال من مخاطر بيئية كبيرة بدورها.

منظر لسفينة «صافر» المتهالكة قبالة ميناء رأس عيسى غرب اليمن (د.ب.أ)

من جانبه توقع الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي أن تتحول «نوتيكا» فزاعة يستخدمها الانقلابيون الحوثيون إلى جانب صافر لأغراض عسكرية وسياسية وتفاوضية، دون أن يتم تجنب حدوث الكارثة البيئية المحتملة، وأن يبدأ الإعلان عن هذا التحول خلال فترة لا تتجاوز العامين حسب وضع «نوتيكا» وقدرتها على الصمود.

وأعاد العوبلي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» التذكير بتهديدات الانقلابيين الحوثيين باستخدام صافر سلاحا في المعركة العسكرية، وابتزاز المجتمع الإقليمي والدولي من خلال التلويح بتفجير «صافر» أو تسريب النفط منها في حال حدثت محاولة لتحرير مدينة وموانئ الحديدة.

كما نبه إلى التدخل الإيراني في أزمة «صافر»، مذكِّراً أيضا باشتراطات الحوثيين خلال جولات المفاوضات لحل هذه الأزمة؛ برفع الحصار عن إيران، مقابل تقديمهم التنازلات بشأنها.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، غطت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة، حيث استهدفت الغارات محطة توتال على طريق المطار، ومبنى في شارع البرجاوي بالغبيري، ومنطقة الصفير وبرج البراجنة، وصحراء الشويفات وحي الأميركان ومحيط المريجة الليلكي وحارة حريك.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه نفذ سلسلة من الغارات الجوية المحددة على مواقع تابعة لـ«حزب الله» في بيروت، بما في ذلك «كثير من مستودعات الأسلحة وبنية تحتية أخرى للمسلحين».

ويتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بوضع مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة، تحت مبانٍ سكنية، في العاصمة اللبنانية، مما يعرض السكان للخطر ويتعهد بالاستمرار في ضرب الأصول العسكرية لـ«حزب الله» بكامل قوته.

وخلال الأيام الماضية، أصدر الجيش الإسرائيلي طلبات إخلاء لأماكن في الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات، حيث يواصل قصف كثير من الأهداف وقتل قادة في «حزب الله» و«حماس».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي، نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول)، تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».