رياح التهدئة في المنطقة... بين التخلي عن النفوذ وسياسة الربح والخسارة

محللون لـ«الشرق الأوسط»: فرص النجاح متوافرة لصناعة مشهد إقليمي جديد

وزراء خارجية السعودية والصين وإيران في بكين أمس (إ.ب.أ)
وزراء خارجية السعودية والصين وإيران في بكين أمس (إ.ب.أ)
TT

رياح التهدئة في المنطقة... بين التخلي عن النفوذ وسياسة الربح والخسارة

وزراء خارجية السعودية والصين وإيران في بكين أمس (إ.ب.أ)
وزراء خارجية السعودية والصين وإيران في بكين أمس (إ.ب.أ)

في 10 مارس (آذار) الماضي وقّع مساعد العيبان مستشار الأمن القومي السعودي، مع نظيره الإيراني الجنرال المعزول علي شمخاني اتفاقاً في بكين برعاية صينية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد قطيعة نحو سبع سنوات؛ الأمر الذي شكّل مفاجأة غير متوقعة للجميع.

التساؤلات التي طُرحت حينها - ولا تزال - تتحدث عن فرص نجاح رياح التهدئة والتصالح التي هبّت على المنطقة، إذا ما أضفنا إليها تطبيع العلاقات السعودية - التركية، وعودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، وتحسن العلاقات المصرية - التركية، مع بعض الاستقرار النسبي في العراق، وهدنة مستمرة وغير معلنة في اليمن.

يعبّر محللون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن تفاؤل حذر بشأن هذه التطورات والانفتاح الذي لم تشهده المنطقة منذ عقود، مؤكدين أن هذه التهدئة تمر باختبارات كثيرة تشمل حسن النوايا والتخلي عن طموحات النفوذ والتوسع الإقليمي، وتحويل القرارات إلى أفعال.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أكد خلال القمة العربية الأخيرة في جدة مُضي الدول العربية نحو السلام والخير والتعاون والبناء، بما يحقق مصالح شعوبها، ويصون حقوق أمتها، مشدداً على «عدم السماح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات».

القادة العرب خلال «قمة جدة» التي شهدت عودة سوريا ووُصفت بالتاريخية بعد نجاحها في حسم ملفات سياسية واقتصادية مهمة (أ.ف.ب)

ويعتقد المحللون أن جميع الأطراف في المنطقة وصلت إلى قناعة بأن التدافع العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي خلال العقود الماضية كان ذا تكلفة عالية. وفي قراءتهم لتحول السلوك الإيراني ومدى جديته، يرى الخبراء أن التفاهمات والتنسيق بين دول المنطقة قد يبدد القلق الموجود لدى البعض، وربما تغيير هذا السلوك بما يخدم مصالح كل دول المنطقة.

فرص نجاح التهدئة

يعتقد الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن جهود التهدئة ستكون ناجحة نسبياً، مبيناً أنه من السابق لأوانه القول إن رياح التصالح الجديدة التي عمّت المنطقة مؤخراً ستنعكس على درجة الاستقرار الإقليمي.

وقال بن صقر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: إن «التجارب السابقة في إنجاز حالة التصالحات والتوافق الإقليمي لم تطل لفترات طويلة، ومنها محاولات التصالح السابقة مع إيران، وكانت هناك قوى مؤثرة داخل بعض الدول الإقليمية لم ترَ مصلحة في استمرار حالة الانضباط، واحترام قواعد الاستقرار الإقليمي؛ لذا من الممكن أن نبني موقف التفائل، ولكن بحذر شديد».

وأضاف: «رياح التصالح الجديدة تطور إيجابي ومفرح، واستمراره سينعكس إيجاباً على استقرار وازدهار جميع دولة المنطقة، بشرط حسن النوايا وتطوير مبادرات التصالح إلى مبادرات فعلية لتسوية الصراعات والخلافات الإقليمية وإنهاء محاولات بناء النفوذ والسيطرة وفرض الهيمنة الإقليمية، وهي مصدر عدم الاستقرار».

من جانبه، أوضح الدكتور سمير صالحة، أستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة إسطنبول، أن فرص النجاح متوافرة باتجاه إنجاز اختراق إيجابي وحقيقي ينهي حالة الاصطفاف والتباعد. ولفت صالحة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قناعات القيادات السياسية الفاعلة والمؤثرة في الإقليم، التي تُرجمت على شكل ضرورة الذهاب وراء خطط التهدئة الإقليمية هي التي فتحت الطريق أمام الذهاب بهذا الاتجاه والسير حتى الآن وراء صناعة مشهد إقليمي جديد.

وتابع: «هناك الرغبة والحاجة والمتغيرات، ولعبة التوازنات الموجودة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، كل هذه العوامل كان لها تأثيرها باتجاه صناعة المشهد الإقليمي الذي نتابعه جميعاً في هذه المرحلة، صحيح أن سياسات المصالح وحسابات الربح والخسارة موجودة وقائمة، لكن في رأيي أن هناك قناعة جديدة نحو مطلب التغيير وتبني سياسة انفتاحية فيها الكثير من الإيجابيات والتقارب وضرورات التفاهم والتنسيق».

وأشار الدكتور سمير إلى أن مصالح دول المنطقة وشعوبها والثروات التي تملكها هذه الدول لعبت دوراً أساسياً ومهماً باتجاه بناء هذه القناعات الجديدة، إلى جانب التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة.

في حين يعتقد الدكتور محمد صدقيان، مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، أن جميع الأطراف في المنطقة اقتنعت في نهاية المطاف بأن التدافع الأمني والسياسي والاقتصادي والعسكري الذي كان موجوداً خلال العقدين الماضيين، كان ذا تكلفة عالية، وبالتالي من الممكن أن تكون هناك خيارات جديدة وأفضل من أجل التعاون والتنسيق وتحديد وتحقيق المصالح لكل الأطراف في المنطقة.

ووفقاً لصدقيان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن ما أسماه التدافع خلال العقدين الماضيين بين الأطراف لم يحقق أي نتائج، وبالتالي «أي طرف رابح هو خاسر في الوقت ذاته؛ لأن هذه الدول في نهاية المطاف تستطيع أن تتكامل فيما بينها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً ورياضياً، وعلى مستوى الشباب والمرأة وكل المستويات»، على حد تعبيره.

وأضاف: «لا أعتقد أن هذه العلاقات مفروشة على السجاد الأحمر، هناك مشكلات بين دول المنطقة، وهذا أمر طبيعي، كما هي موجودة في كل المناطق، سواء أوروبا أو أميركا الجنوبية، أو آسيا، هذه موجودة اختلاف وجهات النظر وتعاريف الأمن القومي الإقليمي والعالمي».

وتابع: «لكن عندما تجلس كل الأطراف على الطاولة يجب أن تسعى من أجل التوصل إلى الحد الأدنى من المشتركات لإيجاد أرضية لاحتضان أي توافق أو تفهامات يمكن أن تحصل، وهذا يصبّ في مصلحة جميع بلدان وشعوب هذه المنطقة».

وانغ يي يتوسط مساعد العيبان مستشار الأمن الوطني السعودي ونظيره الإيراني علي شمخاني في بكين (واس)

جدية التحول الإيراني

يصف الدكتور بن صقر، التعامل مع إيران بالأمر «الصعب والمعقد»؛ وعليه يدعو إلى عدم الإفراط في التفاؤل إلى حين ظهور الأدلة على حدوث تغييرات جذرية في السلوك والمواقف الإيرانية على المستوى الإقليمي.

ومن أبرز الأمثلة على صعوبة التنبؤ بالسلوك الإيراني، ما أعلنه المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خجسته مهر، مؤخراً، أن هناك «استعدادات كاملة لبدء الحفر» في حقل الدرّة، الذي تطلق عليه طهران اسم «أرش»، وهو الأمر الذي رفضته الكويت التي تتقاسم الحقل مع السعودية، في حين أكدت السعودية أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرّة بكامله، هي مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط.

كما أعلنت البحرية الأميركية أن إيران حاولت الاستيلاء على ناقلتين نفطيتين قرب مضيق هرمز فجر الخميس، وأطلقت النار على إحداهما. وبعد تحذير من البحرية الأميركية تراجعت السفن الإيرانية وواصلت السفينتان التجاريتان رحلاتهما.

وعلى الرغم من أن إيران من أكثر دول العالم مركزية في آلية اتخاذ قراراتها - بحسب بن صقر - فإن التعامل معها أمر صعب ومعقد، ويضيف بقوله: «تعامل الدول الخارجية مع إيران يجري عبر مؤسسات الدولة السياسية والدبلوماسية وهي مؤسسات الواجهة، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية، ولكن ليس من العسير اكتشاف حقيقة أن هذه المؤسسات التي يتم التفاوض والاتفاق عبرها هي مؤسسات محدودة السلطة، ومحدودة التأثير والنفوذ، وأن القوى العقائدية المتطرفة تسيطر على القرار والسلوك الحقيقي للدولة عبر مؤسساتها الخاصة، وأن هذه المؤسسات العقائدية لها أجنداتها الخاصة التي لا تتوافق دوماً مع مواقف مؤسسات الواجهة التي تمثل الدولة».

ويؤكد رئيس مركز الخليج للأبحاث أن «قيادة (الحرس الثوري) الإيراني تلعب دوراً محورياً في تحديد طبيعة السياسة الخارجية للدولة، وطبيعة العلاقات مع الدول الإقليمية والعالم، وهنا يكمن السؤال الأساسي الذي سيتحكم بمسيرة وتطورات العلاقات الإقليمية للمرحلة المقبلة: هل مؤسسة (الحرس الثوري) وأذرعها الخارجية تجد مصلحة في ترسيخ الاستقرار الإقليمي؟».

ويجيب قائلاً: «شخصياً غير متفائل من التزام الجناح العقائدي في تشكيلة السلطة في إيران بمتطلبات تحقيق استقرار إقليمي دائم وحقيقي؛ لكون هذا الهدف يتطلب تنازلات وتغير سلوك جذرياً للمؤسسات العقائدية، ويتطلب التنازل عن مبدئين أساسيين تم اعتمادها من قِبل الجناح العقائدي، وهما مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإقليمية، ومبدأ التوسع في بناء قواعد النفوذ الإقليمي عبر تأسيس المليشيات العقائدية المسلحة التي تخدم الأهداف الاستراتيجية وغيرها من أدوات النفوذ والتوسع الإقليمي».

وتابع: «حتى الآن لا توجد أدلة مشجعة تشير إلى حدوث تغيير جذري في السلوك الإيراني من مناطق عدم الاستقرار التي يشكل التواجد الإيراني لاعباً أساسياً فيها، مثل لبنان، العراق، سوريا، واليمن».

في هذه النقطة، يرى الدكتور سمير صالحة، أنه من المبكر الحديث عن السياسية الإيرانية في المرحلة المقبلة، مطالباً بالانتظار بعض الوقت لاختبار «الرغبة» الإيرانية الجديدة المعلنة باتجاه التغيير والانفتاح في المنطقة.

واستدرك قائلاً: «لكن الانتظار لن يطول؛ لأننا في مرحلة انتقالية وفيها الكثير من الاختبارات، أسباب التحول الإيراني معروفة؛ فهناك انسداد حاصل في سياسات إيران على مستوى الداخل الإيراني وعلى مستوى العلاقات مع دول المنطقة، إيران تشعر أنها تعيش عزلة إقليمية وهذه العزلة ستحملها المزيد من الأعباء والخسائر السياسية والاقتصادية والأمنية بطابع استراتيجي؛ لذلك قررت الذهاب وراء التغيير، لكن معرفة النتائج تحتاج إلى متابعة طريقة إيران في ترجمة قرار التحول والتغيير، وهل ستستجيب لمطالب دول المنطقة بمراجعة سياساتها، بالتخلي عن سياسات معينة اعتمدتها حتى الآن، والذهاب إلى طاولة حوار حقيقي حول تفاهمات تنهي أزمات خلافية تاريخية بين إيران والكثير من دول المنطقة».

بدوره، أفاد الدكتور محمد صدقيان، بأن لدى إيران حسن النوايا من أجل الوصول إلى تفاهمات، مشيراً إلى أن «بعض القلق لدى بعض الدول الإقليمية من السلوك الإيراني، التفاهمات والتنسيق والتعاون يمكن أن يبدده ويمكن أن يغير من السلوك بما يخدم مصالح كل دول المنطقة».

وتابع: «لا أريد الدفاع عن الموقف الإيراني، لكنني أعتقد أن إيران دولة من دول المنطقة، وبالتالي لديها مصالح ومقاصد ومثل بقية دول المنطقة تسعى إلى تكوين شراكة وتعاون وتنسيق، ونتذكر أنها طرحت مشروع هرمز للسلام، لكن لم تتم الاستجابة إليه بسبب الأوضاع السياسية حينها، كما طرحت في عهد الرئيس حسن روحاني منتدى للسلام والأمن في المنطقة أيضاً لم تتم الاستجابة له، والآن هناك دعوة أخرى لأن الأمور تحسنت كثيراً والأوضاع، لإنشاء منتدى للسلام والأمن في المنطقة طرحها وزير الخارجية الإيراني في جولته الخليجية». وأضاف: «علينا أن نسير وفق برامج تنفيذية تتحرك على الأرض وفي الميدان، مثل هذه البرامج من الممكن أن تساهم في إيجاد أرضية لاحتضان التفاهمات، وعلينا أن نعلم أن إيران تعدّ نفسها دولة مهددة من إسرائيل والولايات المتحدة والكثير من الأمور، وبالتالي عندما يكون هناك تعاون وتنسيق وطاولة حوار هناك الكثير من القلق يمكن أن يبدد من خلال هذا الاتجاه».

عبداللهيان لدى استقبال الأمير فيصل بن فرحان في طهران يونيو الماضي (الشرق الأوسط)

مستقبل المنطقة

اختلف المحللون في رؤيتهم لمستقبل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ففي حين يراه البعض غامضاً، ومن المبكر الحديث عن الخريطة التي تتشكل نظراً لارتباطها بالتطورات الإقليمية والدولية، يعتقد آخرون بأن المنطقة ذاهبة باتجاه التفاهمات.

يقول الدكتور عبد العزيز بن صقر: إن «مستقبل المنطقة لا يمكن اختزاله بمواقف أو نوايا الأطراف الإقليمية، فالقوى الخارجية والتطورات الدولية لها تأثيرات مباشرة على طبيعة الوضع الإقليمي، سلباً أو إيجاباً».

وبحسب رئيس مركز الخليج للأبحاث، فإن «الصراع الدائر في أوكرانيا وانعكاساته المتوقعة على الوضع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، فالكيفية التي سينتهي إليها الصراع الأوكراني، ونتائج هذا الصراع سيكون لها أصداء وانعكاسات واضحة على الوضع الإقليمي (...) مستقبل الاستقرار الإقليمي يعدّ مسألة غامضة في هذه المرحلة وتنتظر تطورات إقليمية ودولية متشابكة، يمكن إدراك تأثيراتها، ولكن لا يمكن التنبؤ بمسيرتها ونتائجها النهائية».

في حين يستبعد الدكتور سمير صالحة، أستاذ القانون والعلاقات الدولية، بناء اصطفافات إقليمية جديدة، لافتاً إلى أهمية متابعة ورصد عملية التغيير بحد ذاتها كيف ستكون ثم متابعة نتائج هذه الخطوات العملية الملموسة على الأرض بين دول المنطقة، خاصة الدول التي كانت علاقاتها متباعدة ومتوترة في العقدين الأخيرين تحديداً.

وقال: «أعتقد أن شكل خريطة التفاهمات الإقليمية في المرحلة المقبلة مسألة مبكرة للحديث عنها، البعد الخارجي يدفع دول المنطقة ربما إلى مراجعة السياسات، لكن هذا لا يعني أن نرى ترجمة عملية أو ذهاباً وراء قطيعة أو تغييراً في علاقات الكثير من دول المنطقة مع الخارج، هذه التحالفات - برأيي - لن تتغير بهذه السهولة والسرعة بين دول في المنطقة وبعض اللاعبين الإقليميين والدوليين».

وأضاف: «علينا أن نتفاءل بحذر مرتبط بالترجمة العملية لمواقف أو ما سمعناه من مواقف حول التغيير، خصوصاً في الجانب الإيراني».

أما الدكتور صدقيان، مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، فيرى أن المنطقة تسير باتجاه التفاهمات، لكنه يشترط لتحقيق ذلك أن «تستغل الأنظمة السياسية في المنطقة الأجواء الإيجابية الموجودة حالياً، بما يحقق المصالح لكل دول المنطقة».

وتابع: «أنا متفائل، لكن لدي بعض القلق، بألا تتم الاستفادة الكاملة من هذه الأجواء وبالتالي ربما هناك جهات في هذا البلد أو ذاك لا تريد العلاقة والتنسيق بين الجانبين العربي والإيراني (...) يجب علينا أن نضع حداً لهذا التدافع الأمني والسياسي ونضعه خلف ظهورنا لنتطلع إلى وضع وتصور جديد».


مقالات ذات صلة

السفير الإيراني في الرياض: الحج يعزز علاقات بلدينا

الخليج السفير الإيراني لدى السعودية علي رضا عنايتي (الشرق الأوسط)

السفير الإيراني في الرياض: الحج يعزز علاقات بلدينا

أكد السفير الإيراني لدى السعودية علي رضا عنايتي، أن بلاده ترى في الحج شعيرة إسلامية مهمة ومظهراً للتقرب إلى الله، وخلق المحبة والمودة بين المسلمين.

عبد الهادي حبتور (جدة)
الخليج استعرض اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين وبحث التطورات الإقليمية والدولية (الخارجية السعودية)

فيصل بن فرحان يبحث مستجدات الأحداث في غزة مع علي باقري

التقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الثلاثاء، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية المكلف علي باقري كني، على هامش مشاركة المملكة في بريكس.

«الشرق الأوسط» (نيجني نوفغورود)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال استقباله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش القمة العربية الإسلامية الاستثنائية في الرياض (واس)

الرأي العام الإيراني يتأثر إيجاباً بالنموذج السعودي

أظهرت دراسة حديثة أن النموذج التنموي السعودي أصبح يحظى بانجذاب رسمي، إقليمياً ودولياً، بالنظر إلى عديد من التطوُّرات المهمَّة داخلياً وخارجياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي ونظيره الإيراني (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وإيران يبحثان هاتفياً تطورات الأوضاع بالمنطقة

تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، اليوم، اتصالاً هاتفياً، من وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حسين أمير عبد اللهيان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي علي رضا عنايتي السفير الإيراني في الرياض (إرنا)

السفير الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: مستعدون للتعاون مع السعودية لدعم الفلسطينيين

أكد السفير الإيراني في الرياض علي رضا عنايتي، استعداد بلاده للتعاون مع السعودية لدعم الشعب الفلسطيني.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.