دراسة تحذر من زيادة الصراع المجتمعي في اليمن بسبب تغير المناخ

ضغط على مصادر المياه والأراضي... وتفكك في آليات حل النزاع

مخيمات النازحين في اليمن الأكثر تضرراً (إعلام رسمي)
مخيمات النازحين في اليمن الأكثر تضرراً (إعلام رسمي)
TT

دراسة تحذر من زيادة الصراع المجتمعي في اليمن بسبب تغير المناخ

مخيمات النازحين في اليمن الأكثر تضرراً (إعلام رسمي)
مخيمات النازحين في اليمن الأكثر تضرراً (إعلام رسمي)

حذر المعهد النرويجي للشؤون الدولية، من زيادة النزاعات المحلية داخل المجتمع اليمني؛ بسبب الظواهر المناخية المتطرفة، التي ستؤدي إلى خلافات على الموارد الطبيعية، حيث تفرض هذه التغيرات ضغطاً إضافياً على موارد المياه والأراضي، وزاد من شدتها تفكك آليات حل النزاع المحلية بسبب الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي.

المعهد، في دراسة له عن الوضع في اليمن، ذكر أن البلاد تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ بسبب مجموعة من النزاعات المطولة، والأزمة الاقتصادية والمخاطر الطبيعية المتكررة المرتبطة بتغير المناخ.

وتشمل هذه المخاطر، وفقاً للدراسة، ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير أنماط هطول الأمطار؛ «ما يتسبب في حدوث فيضانات، وحالات جفاف، وانخفاض توافر المياه، وتدهور التربة»، حيث يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم نقاط الضعف، ويهدد سبل العيش، ويؤثر في النزاعات القائمة.

ونبه المعهد إلى أن الظواهر المناخية القاسية دمرت مرافق الري، وأدت إلى فقدان سبل العيش الزراعية في اليمن؛ ما أدى إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي وسبل العيش، حيث أدت النزاعات التي طال أمدها، والكوارث المرتبطة بالمناخ، والنقص الحاد في المياه، إلى تفاقم الهجرة القسرية والنزوح في البلاد.

سيول جرفت التربة ومصادر المياه في اليمن (تويتر)

وبحسب الدراسة، فإنه نظراً لأن تغير المناخ يفرض ضغطاً إضافياً على موارد المياه والأراضي، فقد كيّفت الجهات المسلحة المحلية تكتيكاتها وفقاً لذلك، وتستهدف البنية التحتية البيئية الحيوية والموارد الطبيعية لتحقيق مكاسبها، إلا أن آليات الحل غير الرسمية والمحلية، كانت تلعب دوراً مهماً في منع الصراع على الأراضي والمياه.

ولكن هذه الآلية - كما تشير الدراسة - تدهورت ببطء بسبب شبكة المحسوبية المركزية والنزاع المسلح، إذ إنه وفي ظل عدم وجود إدارة بيئية قوية، وأنظمة إنذار مبكر، من المرجح أن تؤدي الظواهر المناخية المتطرفة المتعلقة بالمناخ إلى زيادة الخلافات على الموارد الطبيعية.

ووفق الدراسة، فإن اليمن في خضم أزمة سياسية وإنسانية وتنموية مطولة، بما في ذلك نزاع مسلح طويل يتسم بالتنافس على السيطرة على الدولة، بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً - برئاسة مجلس القيادة الرئاسي وبدعم من التحالف الذي تقوده السعودية - وجماعة الحوثي التي لها صلات بإيران، ولهذا أدت الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة إلى انخفاض كبير في العنف، وبينما انتهت الهدنة رسمياً، استمرت غالبية عناصرها في الصمود.

التغيرات المناخية سبب لتزايد النزوح والصراع اليمني (تويتر)

وذكر معدو الدراسة أن الجهود السعودية - العمانية زادت من التوقعات بإحراز تقدم نحو إنهاء الصراع، الذي أدى إلى تعطيل توفير الخدمات الاجتماعية المحدودة بالفعل، وطالبتا المجتمع الدولي بزيادة دعمه؛ لمعالجة انعدام الأمن الغذائي، وتحديات المياه، ونقص الوصول إلى الرعاية الصحية وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية الأساسية، مع التركيز أيضاً على التنمية المستدامة طويلة الأجل، والمقاومة للمناخ في اليمن.

المعهد النرويجي أوصى السلطات اليمنية والشركاء الدوليين ومنظومة الأمم المتحدة بإجراء تقييم شامل لمخاطر السلام والأمن، المتعلقة بالمناخ والبيئة، مع مراعاة المخاطر التي تتعرض لها الفئات الضعيفة بشكل خاص مثل النساء والفتيات والشباب والمهاجرين والأقليات.

وقال المعهد: «يمكن أن يسترشد التقييم بأنظمة الإنذار المبكر، والحد من مخاطر الكوارث، والاستجابات؛ للتخفيف من مخاطر السلام والأمن المتعلقة بالمناخ، ويجب تكرارها بانتظام، على سبيل المثال، كل سنتين».

وشددت الدراسة على أنه «يجب على منظومة الأمم المتحدة والشركاء الدوليين اتخاذ خطوات عاجلة لزيادة المساعدة الإنسانية التي تعالج انعدام الأمن الغذائي المرتبط بالمناخ والبيئة واحتياجات سبل العيش ذات الصلة». وطالبت «بإيلاء اهتمام خاص باحتياجات النساء والفتيات والشباب والمهاجرين والأقليات».

وقالت إنه على منظومة الأمم المتحدة والشركاء الدوليين زيادة التمويل لمبادرات التعافي المبكر المراعية للسياق ومبادرات التنمية طويلة الأجل، وتعزيز منظمات المجتمع المدني المحلية التي تعمل مع مبادرات الأمنيَن الغذائي والمائي.

خسائر كبيرة في الطرقات والممتلكات نتيجة السيول في اليمن («فيسبوك»)

وحث المعهد النرويجي في دراسته السلطات اليمنية والشركاء الدوليين ومنظومة الأمم المتحدة على «المساعدة في تعزيز النظم والآليات المحلية لمنع وحل وإدارة المظالم والصراعات المحلية المتعلقة بالأراضي والمياه والموارد الطبيعية».

وذكرت الدراسة أن آليات إدارة الموارد الطبيعية المرنة والفعالة، والمرتكزة محلياً، يمكنها أن تلعب دوراً محورياً في التعامل مع مثل هذه النزاعات، وشددت على وجوب أن تشمل آليات حل النزاعات النساء والفتيات والمهاجرين والأقليات والشباب بوصفهم من الأولويات.

وبخصوص الشركاء الدوليين، طالب المعهد النرويجي في دراسته بتسهيل الوصول بشكل عاجل إلى التمويل المناخي، الموجه نحو التنمية والدعم الفني ذي الصلة، للسلطات اليمنية ومنظمات المجتمع المدني المحلية. وشدد على وجوب إعطاء الأولوية لتمويل المناخ الذي يعود بالفائدة على عملية السلام واتفاقيات السلام المحلية، وآليات تسوية النزاعات، فضلاً عن التكيف لتقليل الاعتماد على النفط.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، غطت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة، حيث استهدفت الغارات محطة توتال على طريق المطار، ومبنى في شارع البرجاوي بالغبيري، ومنطقة الصفير وبرج البراجنة، وصحراء الشويفات وحي الأميركان ومحيط المريجة الليلكي وحارة حريك.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه نفذ سلسلة من الغارات الجوية المحددة على مواقع تابعة لـ«حزب الله» في بيروت، بما في ذلك «كثير من مستودعات الأسلحة وبنية تحتية أخرى للمسلحين».

ويتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بوضع مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة، تحت مبانٍ سكنية، في العاصمة اللبنانية، مما يعرض السكان للخطر ويتعهد بالاستمرار في ضرب الأصول العسكرية لـ«حزب الله» بكامل قوته.

وخلال الأيام الماضية، أصدر الجيش الإسرائيلي طلبات إخلاء لأماكن في الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات، حيث يواصل قصف كثير من الأهداف وقتل قادة في «حزب الله» و«حماس».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي، نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول)، تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».