أقدم مساجد صنعاء يتحول إلى ثكنة للاستقطاب والتطييف الحوثي

الجماعة ارتكبت 3370 انتهاكاً بحق دور العبادة في مناطق سيطرتها

جانب من مدينة صنعاء القديمة حيث يقع «الجامع الكبير» (إ.ب.أ)
جانب من مدينة صنعاء القديمة حيث يقع «الجامع الكبير» (إ.ب.أ)
TT

أقدم مساجد صنعاء يتحول إلى ثكنة للاستقطاب والتطييف الحوثي

جانب من مدينة صنعاء القديمة حيث يقع «الجامع الكبير» (إ.ب.أ)
جانب من مدينة صنعاء القديمة حيث يقع «الجامع الكبير» (إ.ب.أ)

حولت الميليشيات الحوثية في اليمن أقدم مساجد صنعاء، المعروف باسم «الجامع الكبير» إلى ثكنة لاستقطاب الأطفال والشبان، بغية تطييفهم، وحشو عقولهم بالأفكار الطائفية والعنصرية، مثله مثل مئات المساجد التي طالتها انتهاكات الجماعة منذ انقلابها على التوافق الوطني.

وحسبما أورده إعلام الميليشيات، أخضع عناصرها على مدى 90 يوماً نحو 1200 طفل ومراهق لتلقي برامج طائفية في باحات «الجامع الكبير» في مدينة صنعاء القديمة، وذلك ضمن سلسلة دورات وحلقات صيفية، تسعى عبرها إلى الأدلجة والتعبئة الفكرية بحق الأطفال من الذكور والإناث، في جميع المناطق تحت سيطرتها.

تزامن ذلك مع توثيق تقرير حقوقي حديث ارتكاب الجماعة على مدى 8 سنوات ماضية أكثر من 3370 انتهاكاً، بحق المساجد ودور العبادة، في 14 منطقة يمنية.

اختتام دورة صيفية حوثية في «الجامع الكبير» بصنعاء (إعلام حوثي)

وقالت مصادر مطلعة في صنعاء، إن قادة الجماعة قاموا عبر ما تسمى «جمعية الجامع الكبير» منذ أبريل (نيسان) المنصرم باستقطاب 1200 طفل ومراهق، منهم 500 طالب من التعليم الأساسي، و70 من خريجي الثانوية، و47 من طلبة الجامعات، و503 ممن استقطبهم أتباع الميليشيات من مناطق عدة، لتلقي برامج تعبئة، بغية غسل أدمغتهم بالأفكار المشبعة بالعنف والقتل والكراهية، تمهيداً للزج بهم فيما بعد بجبهات القتال.

ملايين الريالات

طبقاً لإعلام الجماعة، أنفقت ما تسميان هيئتا الأوقاف والزكاة 80 مليون ريال يمني (الدولار يعادل 520 ريالاً) على عملية الاستقطاب والتطييف في «الجامع الكبير» خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تحت شعار إقامة «الدورة 31 الصيفية» استجابة للتوجيهات الصادرة عن زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي.

وأكد قادة الميليشيات خلال اختتام الدورة التطييفية، أن ذلك التحرك لا تقتصر إقامته على الإجازة الصيفية؛ بل يعد مشروعاً متواصلاً يستهدف على مدار العام بالبرامج والدروس التعبوية مئات الأطفال والشبان، أغلبهم يتم استقطابهم من صنعاء وريفها، ومن محافظات أخرى مجاورة، منها عمران وذمار وحجة والمحويت.

ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» عن معممين انقلابيين تأكيدهم استقبال ما تسمى «جمعية الجامع الكبير» أكثر من ألف طالب في «السكن الداخلي» للجامع، و200 طالب في السكن الخارجي؛ حيث أُخضِعوا لتلقي دروس في حلقات ذات منهج طائفي، ضمن ما يسمى تعميق «الثقافة القرآنية».

وشكا أولياء أمور في صنعاء من خطف مشرفين ومسؤولي أحياء وتربويين حوثيين أبناءهم، إلى دورات صيفية تقام بمراكز مغلقة في عدة مساجد، منها «الجامع الكبير» بصنعاء القديمة، و«جامع الصالح» بمنطقة السبعين وسط العاصمة.

صورة متداولة لـ«الجامع الكبير» في صنعاء القديمة (فيسبوك)

وهاجم ولي أمر طفل استقطبته الجماعة أخيراً إلى دورة صيفية في «الجامع الكبير» بصنعاء، قادة الميليشيات، ووصف ذلك في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «جريمة كبرى تستدعي إخضاع مرتكبيها للمحاسبة القانونية».

وعمدت الميليشيات في الفترة التي أقيمت فيها الدورة الصيفية إلى نصب شاشات عرض كبيرة على جدران «الجامع الكبير» في صنعاء؛ حيث تم فيها بث سلسلة دروس وحلقات ذات طابع طائفي، إلى جانب عرض كلمات ومحاضرات سابقة لمؤسس الجماعة حسين الحوثي، وزعيمها الحالي عبد الملك الحوثي؛ وفق ما ذكره مصلون في الجامع.

آلاف الانتهاكات

على الصعيد ذاته، كشف تقرير حديث صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، عن ارتكاب الميليشيات أكثر من 3 آلاف انتهاك، على مدى 8 سنوات ماضية، طالت عشرات المساجد ودور العبادة في 14 محافظة يمنية.

وكشفت الشبكة عن 3 آلاف و370 واقعة انتهاك ارتكبتها الميليشيات الحوثية، خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2015 حتى 30 أبريل 2022، بحق المساجد ودور القرآن الكريم.

ورصد التقرير الذي حمل عنوان: «ميليشيات الحوثي: حرب على المساجد ودور القرآن الكريم» نحو 109 حالات قتل، ارتكبتها الجماعة بحق الخطباء وأئمة المساجد والمصلين، منها 62 حالة قتل جراء الإطلاق المباشر، و17 حالة قتل نتيجة القصف العشوائي، و19 حالة قتل نتيجة استخدام القوة المفرطة والضرب، و11 حالة قتل جراء الطعن.

إحدى بوابات «الجامع الكبير» بصنعاء (فيسبوك)

ورصد تقرير الشبكة 132 حالة إصابة طالت الأئمة وخطباء المساجد والمصلين، من قبل الميليشيات الانقلابية، كما وثق أيضاً أكثر من 376 حالة اختطاف لأئمة وخطباء المساجد ومصلين، و52 حالة تعذيب جسدي ونفسي للخطباء، وأئمة المساجد والمصلين، منها 6 حالات تعذيب حتى الموت داخل المعتقلات الحوثية. ولفت التقرير إلى أن محافظة صنعاء والعاصمة صنعاء، تصدرتا قائمة الانتهاكات الحوثية بحق المساجد والخطباء.

وكشف التقرير عن تحويل الميليشيات المئات من المساجد ودور القرآن إلى أماكن لتناول القات والرقص، في انتهاك واضح وصريح للمساجد؛ مشيراً إلى أن جرائم الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران لم تقتصر على تفجير دور العبادة؛ بل امتدت في ملاحقة خطباء الجوامع، وممارسة الحصار على جوامع أخرى بقطع المياه والكهرباء عنها.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).