الحوثيون يوغلون في التغيير المذهبي... وسجناء في إب يضربون عن الطعام

الميليشيات أرسلت عشرات المراهقين إلى معقلها في صعدة لتطييفهم

المخيمات الصيفية الحوثية مراكز للتعبئة الطائفية وتجنيد المراهقين (إعلام حوثي)
المخيمات الصيفية الحوثية مراكز للتعبئة الطائفية وتجنيد المراهقين (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يوغلون في التغيير المذهبي... وسجناء في إب يضربون عن الطعام

المخيمات الصيفية الحوثية مراكز للتعبئة الطائفية وتجنيد المراهقين (إعلام حوثي)
المخيمات الصيفية الحوثية مراكز للتعبئة الطائفية وتجنيد المراهقين (إعلام حوثي)

أوغلت الميليشيات الحوثية في فرض التغيير المذهبي على سكان محافظة إب اليمنية، عبر استقطاب عشرات من المراهقين ومن ثم إرسالهم إلى معقلها في محافظة صعدة، لإخضاعهم لدورات طائفية، في حين ذكرت مصادر محلية أن عشرات من الشبان المعتقلين على ذمة المشاركة في تشييع جنازة الناشط حمدي المكحل بدأوا إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على سوء المعاملة.

وذكرت مصادر محلية في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد أن تنامت النقمة الشعبية ضد الميليشيات واتسعت رقعة الرافضين لها، رغم تكثيف الخطاب الطائفي في المدارس والجامعات، وعزل أئمة المساجد المنتمين للمحافظة وتعيين آخرين من أتباعها، قررت الجماعة تنفيذ عملية تغيير مذهبي عبر استقطاب عشرات من المراهقين من داخل ما تسمى المخيمات الصيفية، في محاولة جديدة لإيجاد حاضنة اجتماعية.

ويؤكد سكان في المدينة (إب) أن قيادة ميليشيات الحوثي صُدمت بردة فعل المجتمع عقب تصفية الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي حمدي المكحل؛ حيث خرج آلاف لتشييعه، غالبيتهم من شباب المدينة القديمة، في جنازة تحولت إلى أكبر مظاهرة شعبية منذ الانقلاب.

جنازة حمدي المكحل لا تزال تثير مخاوف الحوثيين حتى اليوم (فيسبوك)

وندد المشاركون في التشييع بالميليشيات، في حين قام بعض المحتجين بتمزيق شعارات الجماعة والدعوة لإسقاط نظام حكمها، ولهذا أقرت مضاعفة أنشطة التغيير المذهبي، اعتماداً على مجموعة من السكان ينحدرون من سلالة الحوثي نفسها، كانوا قد استقروا في المحافظة منذ عشرات السنين، بعد أن تم استخدام هؤلاء عند الانقلاب كخلايا لتسهيل دخول الميليشيات إلى عاصمة المحافظة.

استقطاب 100 مراهق

وفق المصادر، قامت ميليشيات الحوثي عبر المخيمات الصيفية باستقطاب أكثر من 100 من المراهقين، وقامت بإرسالهم على دفعتين إلى محافظة صعدة معقل الميليشيات، وألحقتهم في برنامج إعادة تأهيل طائفي، بهدف خلق تكوين مذهبي في المحافظة التي يعتنق غالبية عظمى من سكانها المذهب السني، وتحتل المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد محافظة تعز، على مستوى البلاد.

وطبقاً لما ذكرته المصادر، فإن زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، يشرف شخصياً على عملية «تطييف» محافظة إب، منذ ما بعد الجنازة الشهيرة، وأنه دفع في البداية بكتائب من وحدات المخابرات الخاصة المعروفة باسم الأمن الوقائي، لتعزيز قبضة الميليشيات على عاصمة المحافظة، وملاحقة الناشطين، وبالذات في المدينة القديمة التي أصبحت مركزاً لمعارضة حكم الميليشيات.

الميليشيات الحوثية كثفت التعبئة الطائفية في أوساط المراهقين (إعلام حوثي)

بالإضافة إلى ذلك، قام زعيم الجماعة –حسب المصادر- بتغيير مسؤولي المخابرات في جماعته الذين اتهموا بالفشل في إيجاد قاعدة شعبية مؤيدة له، وفي طليعتهم المشرف الأمني المعروف بـ«أبو هاشم»؛ حيث تم تعيين آخر يسمى «أبو يحيى»، وهو الذي يتولى حالياً مهمة إرسال المراهقين إلى مركز التعليم الطائفي في صعدة، والمعروف باسم «مدرسة الهادي».

إضراب عن الطعام

المصادر كشفت عن بدء مجموعة من المعتقلين من شبان مدينة إب القديمة إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على مواصلة اعتقالهم، وسوء المعاملة التي يلاقونها من قبل مسؤولي مخابرات ميليشيا الحوثي، منذ ما يزيد على شهرين، دون وجود أي تهمة فعلية سوى أنهم شاركوا في تشييع المكحل، إضافة إلى احتجاجهم على قيام مخابرات ميليشيات الحوثي بنقل 4 من زملائهم المعتقلين، وهم: علي السياغي، ومحمد الشيبة، وعصام الحداد، ومعاذ الصباحي، إلى مركز المخابرات في صنعاء، بعد أن صنفتهم قادة للاحتجاجات التي رافقت تشييع المكحل.

ووسط المخاوف من إرغام الأربعة تحت التعذيب على الإدلاء باعترافات غير حقيقية بأنهم قادوا الاحتجاجات بالتنسيق مع الحكومة الشرعية، يقول سكان في المدينة إن المخابرات الحوثية لا تزال تعتقل عشرات من شبان المدينة القديمة، على ذمة المشاركة في تلك الجنازة التي أعقبتها تظاهرة شعبية شارك فيها آلاف منددين بممارسات الحوثيين؛ حيث وصفوهم بأنهم «أعداء الله».

محمد الشيبة أحد المعتقلين الذين نقلهم الحوثيون من إب إلى صنعاء (تويتر)

وأكد السكان أن المعتقلين أخضعوا لجلسات تعذيب جسدية، كما منعت عنهم الزيارة منذ اعتقالهم، كما تعرض أقاربهم للتهديد إذا ما أدلوا بأي تصريحات عن أوضاعهم أو تبنوا وقفات احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراحهم.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».