حملات «تطهير» وظيفي حوثية بمصلحتي الأراضي والضرائب

استهدفت المشكوك في ولائهم للجماعة

المنظومة العدلية أداة حوثية لاجتثاث المعارضين للجماعة (إعلام حوثي)
المنظومة العدلية أداة حوثية لاجتثاث المعارضين للجماعة (إعلام حوثي)
TT

حملات «تطهير» وظيفي حوثية بمصلحتي الأراضي والضرائب

المنظومة العدلية أداة حوثية لاجتثاث المعارضين للجماعة (إعلام حوثي)
المنظومة العدلية أداة حوثية لاجتثاث المعارضين للجماعة (إعلام حوثي)

تحت مبرر عدم حضور المحاضرات الطائفية أو الالتزام بالدوام نفذ الحوثيون عملية تطهير طالت العشرات من الموظفين في مصلحتي أراضي وعقارات الدولة والضرائب، وقامت الجماعة بإحلال مؤيديها بدلا عنهم، وهو ما وصف بأنه عملية اجتثاث لمن يعارض النهج الطائفي، حيث تستهدف العملية الجهات التي يوجد لديها موارد مالية وتصرف بانتظام رواتب شهرية وحوافز للموظفين.

ووفق مصادر محلية في صنعاء فإن محمد الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، الذي أسس لنفسه ما تسمى المنظومة العدلية نفذ عملية تطهير واسعة طالت العشرات من الموظفين في مصلحة السجل العقاري بحجة أنهم غير مؤهلين، وغير مؤتمنين وقام بإحلال عناصر من أتباعه بدلا عنهم.

وتحدثت المصادر أن الأمر امتد إلى الجهاز الإداري للقضاء حيث تم استبعاد العشرات تحت مبرر مكافحة الفساد، كما قامت مصلحة أراضي وعقارات الدولة والتي يشرف عليها الحوثي شخصيا بالاستغناء عن 150 من الموظفين بدون وجه حق وإحلال عناصر طائفيين بدلا عنهم.

وذكرت المصادر لـ"الشرق الأوسط" أن حملة الحوثيين لإبعاد الموظفين من أعمالهم مرتبطة بتقارير أمنية، تتهمهم بعدم الإخلاص وعدم الالتزام بحضور المحاضرات الطائفية الأسبوعية التي يطلق عليها محاضرات ثقافية، أو الدورات الداخلية التي تقام كل ستة أشهر لجميع موظفي الخدمة المدنية كأساس لبقائهم في وظائفهم حتى تلك التي لا يحصلون منها على رواتبهم الشهرية.

بحسب المصادر فإن عملية الاجتثاث امتدت مؤخرا إلى مكتب مصلحة الضرائب  في صنعاء حيث تم الاستغناء عن  خدمات 19 من مأموري الضرائب بحجة عدم الولاء، لأنهم رفضوا حضور المحاضرات الطائفية التي تقام في المصالح الحكومية نهاية كل أسبوع، وينفذها القيادي الحوثي خالد المرتضى الذي نقل من إدارة فرع مصلحة الضرائب في محافظة ذمار إلى صنعاء.

وتظهر مذكرة مرسلة من القيادي الحوثي المرتضى موجهة إلى رئيس مصلحة الضرائب، أنه تم الاستغناء عن 19 من مأموري الضرائب، ويطالب  بإحلال آخرين لأن المكتب الذي يديره في أمس الحاجة لمأمورين حتى يتمكن من إنجاز أعماله.

جانب من لقاء لموظفي الضرائب في صنعاء (إعلام حوثي)

وبرر المرتضى قرار الإبعاد الجماعي بأن هؤلاء غير ملتزمين بالدوام وهو أمر نفاه المتضررون، حيث يؤكدون أن أعمال مأموري الضرائب ميدانية وليست مكتبية، وأنه في ظل قطع رواتب غالبية الموظفين منذ سبعة أعوام فإنهم متشبثون  بأعمالهم لأن الضرائب من الجهات القليلة التي تدفع بانتظام رواتب شهرية ومكافآت وحوافز.   

تضامن وإدانة

مثقفون وناشطون يمنيون تضامنوا مع المبعدين  وأدانوا الخطوة، وقالوا إن مكتب الضرائب بصنعاء "يستفيد من تجربة اجتثاث البعث في العراق ولذلك توجه  بمذكرة إلى رئاسة مصلحة الضرائب بالاستغناء عن 19 موظفا ويطالب بإرسال بدلاء عنهم على وجه السرعة".  وناشدوا كل قوى الضمير للتعبير عن موقف تضامني يكون من شأنه رفع الظلم عن الموظفين الذين تم الاستغناء عن خدماتهم.

البيان الذي وقعه العشرات من المثقفين والكتاب والناشطين قال إن ثقافة الاجتثاث للمخالف، هو اختلاق  للمبررات من الأجل الاستحواذ على وظائف الناس ومرتباتهم ، وأن الاستهانة بحق الناس في الدفاع عن المظلومين، دفع  بالمرتضى إلى منع المأمور أحمد العراقي من دخول المبنى ومنعه من مزاولة عمله "في تصرف يتنافى مع قواعد  الخدمة المدنية".

وذكر المتضامنون أنهم حاولوا الاتصال بوزير حقوق الإنسان في الحكومة غير المعترف بها، وإعطاء فرصة للتفاهم، ولكن ظهر لهم أن سلطات المرتضى تتجاوز كل السلطات، وتمنوا على  العقلاء  الاصطفاف "لوقف هذا التصرف غير القانوني وهذا السلوك الذي يكشف عن رغبة واضحة في مصادرة أرزاق الناس بذرائع واهية".

ويؤكد سلطان وهو أحد الموظفين أن قانون الخدمة المدنية لا يلزمهم بحضور الفعاليات الطائفية وليست من صميم العمل، وأن في القانون أدوات فيما يتصل بالإجراءات الإدارية ضد الموظف إذا ما قصر في عمله، بدءا بلفت نظر وإنذار شفوي وإنذار تحريري، أما أن يتجه الموظف للعمل فيجد مذكرة الاستغناء عن خدماته فهذا تعسف وظلم واضح.

فصل الجنسين

كان الحوثيون أمروا في وقت سابق جميع المصالح والهيئات العامة بفصل الموظفات عن الموظفين في جميع الدوائر الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وتخصيص أجزاء من المباني للذكور وأخرى للإناث في خطوة غير مسبوقة في تاريخ اليمن.

واستهدفت هذه الخطوات الموظفات في مصلحة الضرائب، التي  أبلغت مسؤولي الشؤون الإدارية، بإعادة توزيع الموظفين من الذكور والإناث في مكاتب منفصلة، ومنع وجود الإناث والذكور في مكتب واحد، مهما كانت طبيعة العمل الذي يؤدى.

هذه الخطوة  تسببت في حرمان الإناث من العمل الميداني الذي يترتب عليه مكافآت كبيرة تفوق في كثير من الأوقات الرواتب الشهرية المتدنية.

وقد بلغ الأمر مستوى أن طلب من النساء في بعض فروع المصلحة البقاء في منازلهن إلى حين إعادة توزيعهن على جهات أخرى التزاما بتلك التعليمات التي لا يعرف على وجه الدقة الجهة التي أصدرتها لأنها تتعارض مع قانون الخدمة المدنية والدستور اليمني الذي يجرم التمييز بين المواطنين على أساس النوع أو العرق أو الدين.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.