تقرير يمني يتهم الحوثيين بارتكاب جرائم تطهير عرقي في «حجور»

الميليشيات لا تزال تختطف 337 مدنياً بينهم 5 أطفال

استخدم الانقلابيون الحوثيون الأسلحة الثقيلة في قصف مديرية كشر وقبيلة حجور (فيسبوك)
استخدم الانقلابيون الحوثيون الأسلحة الثقيلة في قصف مديرية كشر وقبيلة حجور (فيسبوك)
TT

تقرير يمني يتهم الحوثيين بارتكاب جرائم تطهير عرقي في «حجور»

استخدم الانقلابيون الحوثيون الأسلحة الثقيلة في قصف مديرية كشر وقبيلة حجور (فيسبوك)
استخدم الانقلابيون الحوثيون الأسلحة الثقيلة في قصف مديرية كشر وقبيلة حجور (فيسبوك)

منذ أواخر عام 2019 يعاني عمر محمد الجنيد إعاقة حركية بعد تعرضه للتعذيب في سجون الانقلابيين الحوثيين الذين لم يُفرجوا عنه إلا بعد أن تأكدوا من أنهم أوصلوا أطرافه السفلية إلى الشلل، نتيجة إصابته بالتهاب في الحبل الشوكي جراء التعذيب، ولا يعلم الجنيد سبباً لما جرى له سوى أنه ينتمي إلى قبيلة حجور.

وعلى غرار عمر الجنيد؛ هناك العشرات من أبناء قبيلة حجور ومديرية كشر ما زالوا مجهولي المصير، فمنذ تمكن الانقلابيين الحوثيين من إخماد انتفاضة القبيلة التي تسكن في مديرية كشر التابعة لمحافظة حجة (127 كلم شمال غرب صنعاء) مطلع عام 2019، مارسوا ضد أبنائها انتهاكات متعددة من القتل والاختطاف والتهجير وتفجير المنازل ونهب الممتلكات.

الجنيد جرى اختطافه من نقطة التفتيش المعروفة باسم «نقطة أبو هاشم» في أطراف مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء (نحو 150 كلم جنوب شرق العاصمة صنعاء)، وهي النقطة الشهيرة بانتهاكاتها وقسوة تعاملها مع العابرين فيها، وتعد أكثر نقاط التفتيش التي اختطفت المسافرين وتسببت بإخفائهم قسرياً وتغييبهم في السجون. و تعرض للتعذيب والتحقيق معه في رداع لمدة شهرين متواصلين، قبل أن تتم إحالته إلى سجن الأمن والمخابرات التابع للانقلابيين الحوثيين، ليبدأ فصلاً جديداً من التعذيب والتحقيق معه، كأن الاعترافات السابقة التي أُجبر على الإدلاء بها لم تكن مقنعة، فكان يتم تعليقه من ساقيه وضربه بالعصيّ والأسلاك وصعقه بالكهرباء على مدار اليوم.

استخدم الانقلابيون الحوثيون الأسلحة الثقيلة في قصف مديرية كشر وقبيلة حجور (فيسبوك)

أما حمزة الهادي فيتحدث عن اختطاف والده منذ 2019 بعد إخراج كامل العائلة من المنزل الذي أقدم الانقلابيون على نهبه وتفجيره بالمفخخات، وإجبارهم على النزوح. إذ قضت العائلة 3 أيام سيراً على الأقدام في طرق وعرة حتى تمكنت من إيجاد سيارة نقلتها إلى أحد مخيمات النزوح في محافظة مأرب ( 172 كم شرق العاصمة صنعاء).

ورغم مرور 4 أعوام على حدوث مأساة قبيلة حجور ومديرية كشر، لا تزال المأساة الناجمة عن ذلك قائمة، ويتهم تقرير حقوقي محلي الانقلابيين الحوثيين بممارسة جرائم تطهير في المديرية، ويرصد التقرير 117 جريمة قتل ضد مدنيين، وإصابة 537 مدنياً بينهم 12 امرأة و14 طفلاً عقب اجتياح الميليشيات للمنطقة.

ويصف التقرير الحقوقي المسمى «الجرح النازف»، والذي أعدته منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والاختفاء القسري»؛ انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها الميليشيات الحوثية ضد أهالي وأبناء قبيلة حجور، بـ«جرائم حرب» و«تطهير عرقي» والانتقام بدوافع مذهبية وطائفية، مشيراً إلى أن قبيلة حجور قاومت التمدد الحوثي منذ عام 2011.

ويستعرض التقرير الحملة التي شنتها الميليشيات الحوثية ضد قبيلة حجور مطلع عام 2019، واستخدام القوة المفرطة من أجل اقتحام المنطقة، حيث لم تدخر الميليشيات حتى الصواريخ الباليستية والدبابات وراجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، رغم أنها تهاجم قرى لا يملك أهلها سوى أسلحة شخصية خفيفة.

وفي إحدى عمليات القصف المركّز على المدنيين، تمت إبادة أسرة كاملة، وحوصرت المنطقة بشكل كامل بهدف تجويع أهلها وإجبارهم على الاستسلام، ومُنِعت عنهم المياه والأغذية والأدوية، وتم عزلهم عن العالم لأشهر كثيرة.

ويذكر التقرير أن الميليشيات ما زالت تختطف أكثر من 337 مدنياً بينهم 5 أطفال، إلى جانب مختفين قسرياً ترفض الإفراج عنهم أو الإعلان عن مصيرهم وأماكن اختطافهم، مثل أحمد الزعكري، وعلي فلات، وحزام فلات، ومحمد الهادي، ويحيى ريبان، ومسلم الزعكري، ونجيب النشمة.

وكشف تقرير المنظمة عن تفجير 34 منزلاً وتدمير 713 منزلاً بشكل كلّي، وتهجير 882 عائلة، مفيداً بوقوع عمليات إعدام ميدانية للجرحى وأخرى في السجون للمختطفين، إضافةً إلى نهب الممتلكات وتفجير المنازل ومصادرة الأراضي والمزارع، وملاحقة أبناء المنطقة في مختلف المحافظات واختطافهم من الطرقات.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)

الجيش الأميركي يحبط هجوما شنه «الحوثي» على سفن في خليج عدن

قال الجيش الأميركي اليوم الثلاثاء إن مدمرتين تابعتين للبحرية الأميركية كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية عبر خليج عدن أحبطتا هجوما شنته جماعة الحوثي اليمنية المتحال

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الفقر دفع آلاف الأطفال اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين للعمل وترك المدارس (أ.ف.ب)

رقعة الجوع تتسع في صنعاء... والحوثيون مستنفَرون

تعيش صنعاء ومناطق أخرى يسيطر عليها الحوثيون واقعاً مأساوياً بسبب اتساع رقعة الجوع، بينما تتوجس الجماعة من سقوطها، على غرار ما حدث مع نظام الأسد في سوريا.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية يمني يمر أمام مجسمات لمسيرات حوثية في صنعاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تدرس شنّ هجوم واسع على اليمن

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن حكومة بنيامين نتنياهو تبحث إمكانية الرد بشنّ هجوم واسع في اليمن، في وقت قريب جداً.


الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.