اتهامات للحوثيين بتزوير عمليات إتلاف أدوية فاسدة

الجماعة رفضت تعويض عائلات ضحايا حقن السرطان

الحوثيون يزعمون إتلاف 40 طناً من الأدوية (إعلام حوثي)
الحوثيون يزعمون إتلاف 40 طناً من الأدوية (إعلام حوثي)
TT

اتهامات للحوثيين بتزوير عمليات إتلاف أدوية فاسدة

الحوثيون يزعمون إتلاف 40 طناً من الأدوية (إعلام حوثي)
الحوثيون يزعمون إتلاف 40 طناً من الأدوية (إعلام حوثي)

تزامن إعلان الحوثيين في اليمن عن إتلاف كمية كبيرة من الأدوية المهربة والمزورة غير المطابقة للمواصفات والمعايير الأسبوع الماضي في صنعاء؛ مع رفضهم سداد التعويضات التي أقرها البرلمان التابع لهم لأهالي الأطفال الضحايا الذين تم حقنهم بأدوية منتهية الصلاحية.

وفي حين يتهم تجار الأدوية الانقلابيين بابتزازهم ومصادرة بضائعهم ودفعهم إلى الإفلاس، زعم قادة الجماعة أنهم أتلفوا عبر الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية التي يسيطرون عليها منذ الانقلاب، 60 طناً من الأدوية المهربة وغير المطابقة للمواصفات والمعايير والمزورة.

وتعدّ عملية الإتلاف الأخيرة هي السادسة، والكبرى، من حيث الكمية منذ مطلع العام الحالي، وبحسب ما رصدته «الشرق الأوسط»؛ يبلغ حجم ما أعلن الانقلابيون الحوثيون عن إتلافه 151 طنا ونصف الطن، خلال تلك الفترة.

وتشكك عدة مصادر بإتلاف الانقلابيين الحوثيين تلك الكميات من الأدوية، خصوصا مع اتهامهم بالتورط في هذه الأنشطة والإثراء منها، بينما ما يزال ملف قضية الأطفال الذين فارقوا الحياة بسبب حقنهم بأدوية فاسدة خاصة بالسرطان في مستشفى الكويت في صنعاء في سبتمبر (أيلول) الماضي، يُنظر أمام القضاء دون إحراز أي تقدم لصالح أهالي الأطفال الضحايا.

وعقب الواقعة التي عُرفت بـ"جرعة الموت"؛ كشف تقرير للمنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر عن أسماء 71 قيادي حوثي تتاجر بالأدوية المهربة والمزورة ومنتهية الصلاحية، في نفس الوقت الذي نشرت فيه وكالة "أسوشيتيد برس"، تقريراً عن شراكة قيادات حوثية مع مهربي الأدوية بما فيها المنتهية الصلاحية، وتوريدها إلى عيادات خاصة ومخازن منتشرة في جميع أنحاء البلاد.

تحقيقات سرية

وبرغم اعتراف الميليشيات الحوثية بحقن الأطفال بـ"أدوية فاسدة"، إلا أنها ألقت بالمسؤولية على عدد من العاملين في المستشفى، وأحالتهم إلى التحقيق القضائي بسرية مطلقة، حيث لا يسمح بحضور جلسات التحقيق إلا لممثلين عن الميليشيات من العناصر التي تدير قطاع الصحة، وذوي الضحايا المتوفين أو من تعرضوا منهم لمضاعفات تسببت بها الأدوية المزورة.

وبحسب مصادر صحية في العاصمة صنعاء؛ فإن ذوي الضحايا المتوفين أو المصابين بمضاعفات تعرضوا لضغوط من مستويات قيادية عليا للميليشيات، وتلقوا تهديدات واضحة وصريحة بعواقب وخيمة في حالة إفصاحهم عما يجري في جلسات التحقيق، حتى وإن كان هذا الإفصاح لمحاميهم أو أقاربهم، كما منعت الميليشيات نشر أسماء المتهمين بتورطهم في تجارة الأدوية المزورة.

وتؤكد المصادر أن عائلات الأطفال الضحايا طالبت قيادات حوثية تدير قطاع الصحة، بمن فيهم طه المتوكل، بالكشف عن المتسبب الأول والحقيقي في وفاة أطفالهم، واختصار الطريق عليهم بشكل واضح، بدلا عن مضاعفة معاناتهم وابتزازهم نفسيا ومعنويا من خلال إغرائهم بإمكانية توصل القضاء إلى المتهم الحقيقي في القضية.

طه المتوكل القيادي الحوثي المنتحل صفة وزير الصحة في حكومة الانقلاب بصنعاء (تويتر)

وبحسب المصادر؛ أبدت عائلات الأطفال الضحايا امتعاضها من المماطلة والسرية في التحقيق مع المتهمين، وإجبارها على الصمت حول ما يدور في تلك الجلسات، كون ذلك لا يخدم القضية بأي شكل، وأعلنت رغبتها في أن تكون الإجراءات القضائية علنية كون القضية تمس الرأي العام وحياة أفراد المجتمع.

كما تمسكت العائلات بحقها في الحصول على تعويضات عمّا لحقها من أضرار وخسائر، ومنها المبلغ الذي أقره البرلمان الذي تسيطر عليه الميليشيات.

إلا القيادات الحوثية ردت على جميع تلك المطالب بالرفض التام، ودعت الأهالي إلى التأني والصبر حتى تنتهي كامل الإجراءات، ووعدت عائلات الضحايا بالحصول على إنصاف كامل، وهو ما لم تقتنع به العائلات، إلا أنها لا تملك خيارات أخرى للتصعيد من أجل مطالبها.

إتلاف مزور

يعتزم العديد من تجار الأدوية في العاصمة صنعاء إغلاق شركاتهم والانتقال إلى المناطق المحررة هرباً من الابتزاز الذي تمارسه الميليشيات الحوثية ضدهم، والإتاوات الباهظة التي يجري تحصيلها منهم، وإلزامهم بالمشاركة في دعم الاحتفالات بالمناسبات الطائفية، وتقديم أدوية مجانية للمستشفيات التابعة للميليشيات والمساهمة في علاج جرحى المعارك.

ويقول تجار الأدوية إن الميليشيات الحوثية تبتزهم من خلال اتهامهم ببيع أدوية مهربة أو منتهية في حال رفضهم سداد الإتاوات المفروضة عليهم، وفي بعض الأحيان تقتحم الميليشيات مقار شركاتهم ومخازنهم وتصادر كميات من الأدوية بحجة أنها منتهية أو مزورة دون وجود خبراء مختصين بذلك، ودون أوامر قضائية.

ويستغرب التجار من أن الميليشيات الحوثية تقدم على هذه الممارسات بهذا الشكل الذي يصفونه بالبلطجة، برغم أنها تستطيع تلفيق الاتهامات بشكل مختلف طالما وهي تسيطر على المؤسسات الصحية والدوائية وأجهزة الأمن والقضاء، ويشيرون إلى أن القيادي طه المتوكل بنفسه ينزل بنفسه لمصادرة ونهب الأدوية من مخازنهم.

ويرجح هؤلاء التجار أن الميليشيات تعمل على إتلاف كميات بسيطة من الأدوية التي تصادرها منهم من أجل إضفاء المصداقية على ادعاءاتها بمكافحة تهريب وتزوير الأدوية.

ويستدلون على ذلك بأن الصور التي ينشرها الإعلام الحوثي عن عمليات الإتلاف، تظهر كميات محدودة جدا لا تتعدى عشرات الكيلوجرامات، في حين يكون الإعلان عن إتلاف عشرات الأطنان، إضافة إلى أنهم لا يجدون بضائعهم في الصور ومقاطع الفيديو التي ينشرها الإعلام الحوثي عن عمليات الإتلاف.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)

الجيش الأميركي يحبط هجوما شنه «الحوثي» على سفن في خليج عدن

قال الجيش الأميركي اليوم الثلاثاء إن مدمرتين تابعتين للبحرية الأميركية كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية عبر خليج عدن أحبطتا هجوما شنته جماعة الحوثي اليمنية المتحال

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الفقر دفع آلاف الأطفال اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين للعمل وترك المدارس (أ.ف.ب)

رقعة الجوع تتسع في صنعاء... والحوثيون مستنفَرون

تعيش صنعاء ومناطق أخرى يسيطر عليها الحوثيون واقعاً مأساوياً بسبب اتساع رقعة الجوع، بينما تتوجس الجماعة من سقوطها، على غرار ما حدث مع نظام الأسد في سوريا.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية يمني يمر أمام مجسمات لمسيرات حوثية في صنعاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تدرس شنّ هجوم واسع على اليمن

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن حكومة بنيامين نتنياهو تبحث إمكانية الرد بشنّ هجوم واسع في اليمن، في وقت قريب جداً.


تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.