في إطار سعيهما إلى رفع العلاقات بينهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، دشنت مصر وألمانيا، الثلاثاء، «آلية وزارية للتشاور السياسي»، وذلك خلال مشاورات أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الألماني يوهان فاديفول في العاصمة برلين، تناولت أيضاً المستجدات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وأشاد عبد العاطي بالقفزة الكبيرة التي شهدتها العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة في شتى المجالات، معرباً عن التطلع لعقد اللجنة الاقتصادية المشتركة و«منتدى الأعمال» لتعزيز التعاون بين القطاع الخاص بالبلدين. كما رحّب بالمفاوضات الحكومية المصرية الألمانية حول التعاون في مجال التنمية، التي قال إنها «ستسهم في دعم المشروعات المشتركة في مجالات الطاقة المتجددة، وتطوير بيئة الاستثمار، ودعم القطاع الخاص».

وأكد وزير الخارجية المصري أيضاً على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والاستفادة من المميزات التنافسية التي يتمتع بها كل منهما، مشيراً إلى أن مصر تعد سوقاً جاذبة للاستثمارات الألمانية.
علاقات تعاون
ووفق إفادة للمتحدث باسم وزارة الخارجية تميم خلاف، الثلاثاء، استعرض عبد العاطي خلال اللقاء ما تشهده السوق المصرية من نمو مستمر في قطاعات الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والسياحة، والخدمات والطاقة المتجددة، مرحباً بوجود 1600 شركة ألمانية تعمل في مصر، ومعرباً عن التطلع لمزيد من الاستثمارات الألمانية «في ضوء المميزات التنافسية التي يتمتع بها مناخ الاستثمار في مصر».
كما أكد الوزير المصري على أهمية التعاون في مجال التدريب المهني وانتقال العمالة «لما يمثله من فرصة لتحقيق منفعة متبادلة للبلدين».

وقال عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني: «تم التوقيع على وثيقة لتدشين آلية للتشاور السياسي بين مصر وألمانيا، ونتطلع لجذب مزيد من الاستثمارات الألمانية إلى السوق المصرية».
فيما أبدى فاديفول امتنانه «للعلاقات الوطيدة مع مصر»، ورغبته في توثيقها وتعميق التفاهم المشترك فيما بين البلدين، «وتحقيقاً لذلك قررت ألمانيا تدشين حوار استراتيجي والعمل على تفعيل هذا الحوار، وتعزيز التعاون الوثيق بين مصر وألمانيا»، بحسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.
غزة والسودان
وتناولت مشاورات الوزيرين الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث أطلع عبد العاطي نظيره الألماني على الجهود المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
وشدّد على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «2803» الخاص بغزة بما يحافظ على وقف إطلاق النار، ويضمن نفاذ المساعدات الإنسانية، وبدء مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مشدداً على أهمية نشر قوة الاستقرار الدولية، وتمكين القوات الفلسطينية من تولي مهام إنفاذ القانون في غزة.

وأكد الوزير المصري على أن الضامن الوحيد للاستقرار في المنطقة هو تحقيق تسوية سياسية على أساس قرارات الشرعية الدولية، ووحدة الأراضي الفلسطينية، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما تبادل الوزيران وجهات النظر إزاء التطورات في السودان، حيث نوَّه عبد العاطي بـ«أهمية تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة»، مؤكداً على «ثوابت الموقف المصري بشأن ضرورة احترام ووحدة وسلامة الأراضي السودانية، ودعم مؤسسات الدولة، وضرورة توفير الممرات الآمنة للمساعدات الإنسانية للشعب السوداني».

وأوضح الوزير الألماني خلال المؤتمر الصحافي أنه ناقش مع نظيره المصري خطة الوساطة الرباعية الخاصة بالسودان التي تشارك فيها مصر، مؤكداً أن «هذا هو الطريق نحو السلام والحكومة المدنية».
وأضاف: «كما قمنا في الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات لمحاسبة (قوات الدعم السريع) على جرائمها الفظيعة، ويتعين عليها بشكل أساسي الآن الالتزام بوقف إطلاق النار الذي أعلنته»؛ لافتاً إلى أن ألمانيا تعمل حثيثاً مع مصر لضمان التزام الطرفين بوقف إطلاق النار وإنهاء معاناة الشعب السوداني.
ملفات أخرى
وبحسب «الخارجية المصرية» بحث الوزيران أيضاً في التطورات في سوريا ولبنان وليبيا، حيث أكد عبد العاطي «ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة أراضي الدول العربية الشقيقة»، مشدداً على «رفض مصر للانتهاكات المستمرة التي تتنافى مع مبادئ القانون الدولي».
وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، أكد وزير الخارجية المصري «أهمية بحث سبل خفض التوتر في المنطقة ودعم الحلول الدبلوماسية».
وشدّد الوزير على «ضرورة استمرار التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبناء الثقة المتبادلة بين الأطراف المعنية، بما يتيح الفرصة للتوصل إلى تسوية مستدامة للبرنامج النووي الإيراني، وبما يدعم الاستقرار في المنطقة».




