ارتدى الصحافيون التونسيون، الخميس، الشارات الحمراء في المؤسسات الإعلامية، بينما تجمع عدد كبير منهم في «ساحة القصبة» قبالة مقر الحكومة في يوم احتجاج ضد القيود والمخاطر المهددة بانهيار قطاع الصحافة.
ويأتي هذا التحرك بدعوة من «النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين»، مع استمرار محاكمات بحق صحافيين في السجون بقضايا ترتبط بآرائهم، والإرهاب والضرائب.
كما تأتي في أعقاب قرارات قضائية بتعليق أنشطة مؤسسات إعلامية، من بينها شبكة «نواة» وموقع «إنكفاضة» التي تعمل ضمن النشاط الجمعياتي، في حملة تدقيق ضريبي.

وقال نقيب الصحافيين زياد دبار، إن احتجاج 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، هو «ضد التنكيل بالصحافيين ومن أجل إنقاذ ما تبقى من القطاع». وتابع: «أن تكون صحافياً، فهذه جريمة اليوم في تونس. نحن أمام حكومة لا تطبق القانون ولا يكاد يمر يوم دون إيقاف أو تعطيل عمل صحافي».
وتقول النقابة، إن القطاع «يشهد تراجعاً خطيراً وغير مسبوق نتيجة سلسلة من التجاوزات والانتهاكات الصادرة عن السلطة التنفيذية، وانحسار الاستقلالية والتعددية بشكل كبير، ومنع الإعلانات الحكومية وتداول المعلومات».
وقال دبار: «إذا حلّت الفوضى يحل الخراب في القطاع. نحن نكرر الشعارات ذاتها منذ خمس سنوات. السلطة تنظر إلى الإعلام بوصفه جسماً وسيطاً تريد إقصاءه».
ويشكو الصحافيون من استمرار حرمانهم من بطاقاتهم الصحافية للسنة الحالية، وتعطيل منح التراخيص لممثلي وسائل الإعلام الدولية منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي؛ ما تسبب في إرباك للتغطيات الصحافية، وفي ملاحقات من الشرطة.

وردد صحافيون في الوقفة: «الحرية الحرية للصحافة التونسية»، و«شغل حرية كرامة وطنية». كما رفعوا شعارات، من بينها «لا للتضييق على الصحافيين» و«أبواب مغلقة على الصحافة... زنازين موصدة على العقول»، و«لا لمرسوم القمع».
ويثير المرسوم 54، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في 2022 المنظم «للجرائم المرتبطة بأنظمة الاتصال والمعلومات»، تحفظات وانتقادات شديدة من النقابة ومنظمات حقوقية.
الأطباء
وكان الآلاف من الأطباء الشبان في المستشفيات العمومية وكليات الطب بتونس، أضربوا عن العمل، الأربعاء، احتجاجاً على مماطلة السلطات في تنفيذ اتفاق موقع في شهر يوليو (تموز) الماضي بشأن زيادات في الأجور والمنح.

وشارك عدد من الأطباء المضربين في وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان؛ للتعبير عن رفضهم لتعثر المفاوضات الاجتماعية مع وزارة الصحة.
وجاء الإضراب، بعد يوم واحد من إضراب آلاف العمال في القطاع الخاص بمدينة صفاقس، العاصمة الاقتصادية للبلاد، وبعد أسابيع قليلة من إضراب قطاع البنوك.
وتستعد قطاعات أخرى أيضاً للإضراب، بينها قطاع التعليم الأساسي في يناير (كانون الثاني) المقبل.
وتحتج «منظمة الأطباء الشبان»، على ما عدَّته «تراجعاً من السلطات» عن بنود الاتفاق الموقّع مع وزارة الصحة في 3 يوليو (تموز) الماضي، والذي يتعلق أساساً بطرق احتساب الزيادة المحدودة في المنح، وعدم صرف منح أخرى مؤجلة تعود إلى عام 2020، إلى جانب التراجع عن مطالب اجتماعية أخرى.
وقالت المنظمة في بيان احتجاجي، إن هذه «التجاوزات لم تعد مجرد إخلالات إدارية أو اختلافات تقنية، بل تمثل انقلاباً صارخاً على اتفاق وطني».
وكانت الحكومة قد كشفت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عبر موازنة عام 2025، عن تخصيص نحو 344 مليون دولار لتمويل زيادات في الأجور على مدى ثلاث سنوات، بين عامي 2026 و2028، لكن اتحاد الشغل أعلن اعتراضه على أي زيادات تقر خارج إطار المفاوضات الاجتماعية.
جوهر بن مبارك...
وإلى ذلك، أعلنت عائلة المعارض السياسي التونسي المسجون والمضرب عن الطعام جوهر بن مبارك، الأربعاء، أنه نُقل «للمرة الخامسة» للعلاج في المستشفى.

وكتبت شقيقته دليلة بن مبارك مصدق، على صفحتها في موقع «فيسبوك»: «بعد زيارة المحامين، علمنا أنه تم نقله البارحة وللمرة الخامسة على التوالي إلى المستشفى بنابل (شرق) ثم أعادوه إلى زنزانته».
وأكدت أن شقيقها يواصل إضرابه «ويرفض التوقف رغم مرور 22 يوماً... ولا يتناول سوى الماء من دون سكر أو مواد مغذية».
وبدأ جوهر بن مبارك (57 عاماً)، أحد مؤسسي «جبهة الخلاص الوطني» وهي تحالف المعارضة الرئيسي في تونس، إضراباً عن الطعام في «سجن بلُي» المدني في جنوب شرق تونس العاصمة؛ احتجاجاً على ظروف اعتقاله منذ فبراير (شباط) 2023.
وحُكم على بن مبارك، في أبريل (نيسان) الماضي، بالسجن 18 عاماً بتهمة «التآمر ضد أمن الدولة» و«الانتماء إلى جماعة إرهابية»، في محاكمة جماعية انتقدتها منظمات حقوق الإنسان... والأسبوع الماضي، قالت العائلة ومحاميته إنه تعرض «للضرب والتعذيب» ونُقل على الإثر للعلاج في المستشفى.
وأعلن رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي (84 عاماً)، وعصام الشابي، الأمين العام لـ«الحزب الجمهوري» الوسطي، والسياسي رضا بالحاج، والقيادي في «حزب النهضة» عبد الحميد الجلاصي، وهم مسجونون أيضاً، أنهم شرعوا في إضراب عن الطعام... في حين أعلن الشابي، الأربعاء، في رسالة نشرها حزبه، تعليق إضرابه.

ونفت وزيرة العدل ليلى جفال في جلسة برلمانية السبت الماضي، «وجود أحد في السجون ينفذ إضراباً وحشياً، لا أحد... البعض ينفذون إضراباً ولكن يأكلون قليلاً».
وأضافت ضاحكة: «كلّهم يتناولون الطعام. ومن لا يأكل كثيراً يأكل قليلاً وحتى في أماكن لا يسمح فيها بالأكل».




