رغم إعلان «قوات الدعم السريع» موافقتها على مقترح لهدنة إنسانية مؤقتة في السودان، فإن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عامين بين هذه القوات والجيش السوداني لا يبدو أنها اقتربت من نهايتها، مع استمرار التقارير عن أعمال عنف في مناطق مختلفة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
ولم ترد الحكومة المدعومة من الجيش حتى الآن على مقترح الوسطاء الدوليين بقيادة الولايات المتحدة، بينما هزَّت انفجارات العاصمة الخرطوم، التي يسيطر عليها الجيش، الجمعة.
ويعرب الخبراء عن شكوكهم حول ما إذا كانت «قوات الدعم السريع» جاهزة حقاً لتطبيق الهدنة، ويحذّرون من أنها في الواقع تستعد لشنِّ هجوم للسيطرة على مدينة الأُبيّض.
لكن النزاع ربما وصل إلى نقطة تحول.
اندلعت الحرب في أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب بـ«حميدتي».
«الدعم السريع» تحكم قبضتها على دارفور
قبل أقل من أسبوعين، سيطرت «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش الكبرى في إقليم دارفور في غرب البلاد.
وتَرافَق ذلك مع تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي ونهب، ما أثار إدانات دولية.
وتزداد المخاوف من وقوع مزيد من الفظائع مع تمدد القتال شرقاً نحو الخرطوم ومنطقة كردفان الغنية بالنفط.
تحت ضغط دولي، أعلنت «قوات الدعم السريع» استعدادها لوقف إطلاق النار، لكن الجيش لم يرد على المقترح، في حين يبدي المراقبون شكوكاً في نوايا قوات «حميدتي».
ويقول كاميرون هدسون من «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» ومقره واشنطن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إن هدفها الوحيد هو صرف الانتباه عن الفظائع التي ترتكبها حالياً في الفاشر، وتقديم نفسها على أنها تتحلى بالمسؤولية أكثر من الجيش».
ويضيف أن الجيش في المقابل «يركز الآن على استعادة كامل كردفان، ثم التقدم إلى الفاشر».
أدى سقوط الفاشر إلى إحكام «قوات الدعم السريع» سيطرتها على عواصم ولايات دارفور الخمس، إضافة إلى أجزاء من الجنوب، بينما يسيطر الجيش على المناطق الشمالية والشرقية والوسطى على طول نهر النيل والبحر الأحمر.
ويرى هدسون أن «قوات الدعم السريع، بعد أن سيطرت الآن على كل دارفور، لديها حافز لمحاولة إدخال الغذاء والمساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولكن الجيش لديه حافز لعدم السماح لقوات الدعم السريع بتعزيز مكاسبها».
ولم يتم الكشف عن تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار، لكن «وكالة الصحافة الفرنسية» علم أنه ينصُّ على «هدنة تمتد 3 أشهر»، يتم خلالها تشجيع الجانبين على إجراء محادثات للتوصُّل إلى اتفاق سلام دائم.
انفجارات جديدة
واليوم، غداة موافقة «قوات الدعم السريع» على مقترح وقف إطلاق النار، سُمعت انفجارات في الخرطوم وعطبرة، وهي مدينة يسيطر عليها الجيش وتقع على مسافة نحو 300 كيلومتر شمال الخرطوم، وفق ما قال شهود لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ويسود هدوء نسبي في الخرطوم منذ أن سيطر عليها الجيش هذا العام، لكن «قوات الدعم السريع» تواصل شنَّ هجمات في مناطق عدة.
وقال شهود في شمال مدينة أم درمان في العاصمة إنهم سمعوا أصوات «مضادات (أرضية) ومن بعدها انفجارات» من جهة قاعدة وادي سيدنا العسكرية، ولاحقاً من جهة محطة المرخيات للطاقة قبل تسجيل «انقطاع التيار الكهربائي».
وفي عطبرة، تحدَّث شهود عن «ظهور عدد من المسيّرات فوق المدينة أسقطتها المضادات»، وأفادوا «باندلاع النيران وأصوات انفجارات في شرق المدينة».
ولم ترد أنباء فورية عن سقوط ضحايا.
ولم يعلق الجيش ولا «قوات الدعم السريع» على الانفجارات، علماً بأن الأخيرة تستخدم طائرات مسيّرة بعيدة المدى لضرب المناطق التي يسيطر عليها الجيش منذ أن أجبرها على الانسحاب من العاصمة.
معارك في كردفان
في الجنوب، اتهمت نقابة أطباء السودان «قوات الدعم السريع» بقصف مستشفى في مدينة الدلنج المُحاصَرة في جنوب كردفان، صباح الخميس؛ ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص.
وقالت النقابة إن القصف أدى إلى «تدمير قسم الأشعة والتصوير الطبي بمستشفى الدلنج التعليمي؛ مما أدى إلى تعطيل أحد أهم المرافق الصحية في المنطقة».
وأشارت إلى أن القصف أسفر عن سقوط جرحى في المدينة التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ يونيو (حزيران) 2023.
وتقع الدلنج على مسافة نحو 150 كيلومتراً جنوب غربي الأبيض، وهي مفترق طرق رئيسي يربط دارفور بالخرطوم.
المجاعة والنفط
من الصعب التأكد من المعلومات التي يوردها طرفا النزاع، والتطورات على الأرض، في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة، لكن الثابت أن الدلنج تواجه أزمة إنسانية مستفحلة.
وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فقد أصبحت المدينة الآن معرضة لخطر المجاعة، في حين تواجه عاصمة الولاية، كادوقلي، خطر المجاعة بالفعل.
تعدّ ولاية جنوب كردفان الواقعة على الحدود مع دولة جنوب السودان، واحدة من أغنى مناطق السودان بالموارد، وتضم حقل هجليج النفطي، أحد أكبر الحقول في البلاد.




