قالت نقابة الصحافيين التونسيين إن السلطات علّقت، اليوم (الجمعة)، نشاط جمعية صحافيي «نواة»، التي تدير موقع نواة، وهو أحد أبرز وسائل الإعلام الاستقصائية المستقلة في البلاد، وسط توسيع حملة ضد منظمات المجتمع المدني والصحافيين، بحسب ما أورده تقرير لوكالة «رويترز». تأتي الخطوة بعد إجراءات مماثلة ضد منظمات بارزة، منها «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، و«جمعية النساء الديمقراطيات». وتنشط هاتان المنظمتان في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق المرأة والحريات المدنية. ويسلط القرار الضوء على الضغوط المتزايدة التي تواجهها حرية الصحافة، وهي أبرز مكسب ناله التونسيون بعد ثورة 2011، التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. فيما تقول السلطات إن القرارات لها علاقة بتدقيق مالي مرتبط بالتمويل الأجنبي، لكن نشطاء في حقوق الإنسان يقولون إن الهدف الحقيقي هو إسكات الأصوات المعارضة، والمجتمع المدني القوي. وندّدت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» في بيان بالتعليق، واعتبرته «تصعيداً خطيراً في محاولات كتم الصحافة المستقلة تحت غطاء إداري». واتهم الرئيس قيس سعيد هذا العام بعض الجمعيات المدنية بأنها أدوات لقوى أجنبية، تسعى للتدخل في شؤون تونس الداخلية، مستفيدة من تمويلات ضخمة. وتأسست «نواة» في عام 2004، وهي معروفة بتقاريرها الإخبارية الاستقصائية حول الفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان قبل ثورة 2011، وبعدها. وقالت «نواة» في بيان: «لن تجف أقلام (نواة) ولن يخمد صوتها»، مضيفة أن «(نواة) ترفض التعسف ومحاصرة الإعلام المستقل. ولن تهاب السياق السياسي الحالي أو حملات التشويه والترهيب». ومنذ عزّز الرئيس سعيد سلطته في 2021، وبدأ الحكم بمراسيم، يقول منتقدون إن تونس شهدت تراجعاً مستمراً في حرية التعبير والصحافة. ويقبع ما لا يقل عن 10 ناشطين في السجن، فيما أفادت عدة منظمات غير حكومية بتجميد حساباتها المصرفية. وبينما لا يزال 5 صحافيين في السجن، يواجه آخرون ملاحقات قضائية. كما تقول النقابة إن معظم وسائل الإعلام الرسمية أصبحت بوقاً للسلطة. غير أن الرئيس سعيد يرفض هذه الانتقادات، ويؤكد باستمرار أن الحريات مصانة، وأنه لن يصبح ديكتاتوراً.
في سياق متصل، انطلقت الجمعة في تونس العاصمة محاكمة المحامي والقاضي السابق، أحمد صواب، في جلسة دامت دقائق معدودة فقط، وغاب عنها المتهم في قضايا تتعلق بقانون مكافحة الإرهاب ومرسوم مكافحة الأخبار الزائفة، على ما أفاد محامو هيئة الدفاع لوكالة «فرانس برس». وقالت المحامية يسر حميد إن الجلسة دامت «7 دقائق فقط»، مشيرة إلى أن صواب «رفض المحاكمة عن بعد». وأوضحت أن الحكم سيصدر في «غياب المتهم والمحامين وغياب أبسط أسس المحاكمة العادلة». وتم توقيف صواب (68 عاماً) في أبريل (نيسان) الماضي، عقب انتقاده القضاء خلال محاكمة متهمين «بالتآمر على أمن الدولة». وهو يعتبر من أهم المحامين في هيئة الدفاع في قضية «التآمر»، ويخضع لتحقيق في 11 تهمة، تتعلق بقانون مكافحة الإرهاب والمرسوم 54 ومجلة الاتصالات، وفق هيئة الدفاع. وجرى توقيفه إثر انتقاده محاكمة عقدت في 3 جلسات فقط، من دون مرافعات الادعاء أو الدفاع، وانتهت بإصدار أحكام طويلة بحق نحو 40 متهماً، غالبيتهم معارضون للرئيس قيس سعيّد. وبعد انتهاء الجلسة، قال محامٍ لـ«رويترز» إن المحكمة أصدرت حكماً بالسجن 5 سنوات على المحامي أحمد صواب، مع النفاذ بتهم مستندة لقانون مكافحة الإرهاب، مع فرض عليه أيضاً «3 سنوات من الرقابة الإدارية» في محاكمة استغرقت «7 دقائق».




