أثار قرار السلطات التونسية، التي بدأت منذ أمس الخميس، محاكمة نشطاء في منظمة حقوقية، من بينهم المسؤول السابق التونسي السويسري في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مصطفى الجمالي، بتهم تتعلّق بمساعدة مهاجرين، قلقاً شديداً داخل الأوساط الحقوقية، وانتقاداً شديداً من منظمات غير حكومية عَدّت المحاكمة «تجريماً للعمل الإنساني». وتُعد هذه المحاكمة الأولى في سلسلة من الملاحقات القضائية، التي يتوقع أن تجلب مزيداً من الانتقادات الحادة للسلطات التونسية، التي سبق أن اتهمتها منظمات في الداخل والخارج بالإساءة إلى المهاجرين وطالبي اللجوء. ووفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد أوقف الجمالي (81 عاماً) مؤسس «المجلس التونسي للاجئين»، وعبد الرزاق الكريمي، مسؤول مشروع بالمنظمة، قبل عام ونصف العام، في حين يلاحَق معهما أربعة أعضاء في حال سراح بتُهم مختلفة، أبرزها «إنشاء منظمة» تهدف إلى «تسهيل الدخول غير القانوني»، و«إيواء» المهاجرين.
وخلال الجلسة الأولى، طالب المحامون بتأجيل النظر في ملف القضية، ودعوا إلى «سماع شهادة» المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ لأن المجلس «شريك تنفيذي مع المفوضية، بمقتضى اتفاقية قانونية، وهو مكلف أيضاً بتنفيذ برنامج المفوضية بتمويل كلي منها»، وفقاً للمحامية منيرة العياري. وأوضحت العياري، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنها طلبت «الإفراج المؤقت عن المتهمين المحتجزين».
لكن القاضي قرر تأجيل النظر في القضية إلى تاريخ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ورفض الإفراج عن الموقوفين، وفقاً للمحامية، التي أشارت إلى أن الجمالي «لديه ظروف صحية متدهورة، ولم يعد يتحمل ظروف السجن». ولفتت إلى أنه «تجاوز مدة الاحتفاظ المقررة بـ14 شهراً، وهو موقوف منذ 18 شهراً». من جهتها، أكدت ابنته يسرى الجمالي أنه «لم يعد يستطيع الوقوف. ومن الصعب جداً رؤيته في هذه الحالة». وفي مطلع مايو (أيار) 2024، جرى توقيف المتهمين بشكل متزامن مع نحو عشرة ناشطين في المجال الإنساني، من بينهم رئيسة جمعية «تونس أرض اللجوء» شريفة الرياحي، ورئيسة منظمة «منامتي» سعدية مصباح.
وجرى توقيف الجمالي والكريمي «فقط بسبب عملهما الإنساني المشروع»، وفق ما صرحت، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنطونيا مولفي، المديرة التنفيذية «لمكتب العمل القانوني العالمي»، الذي يمثلهم في الإجراءات الدولية، منددة بـ«إجراء تعسفي يشكل انتهاكاً لالتزامات تونس الدولية». بدوره، ندّد «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» غير الحكومي بـ«تجريم المساعدة» للمهاجرين واللاجئين، مُعرباً عن «دعمه الكامل» للمجلس. وكان الرئيس قيس سعيّد قد انتقد، في خطاب، خلال فبراير (شباط) 2023، وصول «جحافل من المهاجرين غير النظاميين» من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وعَدَّ أنهم يهددون «التركيبة الديموغرافية» لتونس. وعلى أثر ذلك، طُرد عشرات المهاجرين غير النظاميين من المدن الكبرى، وجرى إجلاء آخرين بشكل عاجل بجهود من بلدانهم.




