تجدد الجدل الإسرائيلي حول دور أشرف مروان، صهر الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في خطة «الخداع» التي سبقت حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وذلك قبل أيام من الذكرى الـ«52» لاندلاع الحرب.
وهذه المرة أثارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» جدلاً في الأوساط الإسرائيلية عبر تحقيق موسع كشف أن مروان لم يكن «الجاسوس الأسطوري».
ودائماً ما درجت وسائل إعلام وأجهزة إسرائيلية على كشف معلومات جديدة بشأن دور مروان في حرب أكتوبر بالتزامن مع ذكراها، وصبت أغلبها في خانة كونه «جاسوساً يعمل لصالحها»، وهو ما يثير في المقابل جدلاً في أوساط مصرية مع طرح تساؤلات حول طبيعة دوره، واقتصر الموقف الرسمي على التأكيد على أنه «كان يخدم بلاده».
في الذكرى السنوية الـ«50» لحرب أكتوبر، نشر جهاز المخابرات الخارجية في إسرائيل (الموساد) كتاباً بعنوان «ذات يوم... حين يكون الحديث مسموحاً»، تضمن آلاف الوثائق الجديدة، بينها ما يشير إلى أن الجهاز «حصل من مروان على معلومات مهمة ودقيقة عن نية مصر وسوريا إعلان حرب على إسرائيل».
وقبل أيام من ذكرى حرب أكتوبر في عام 2018 تم بث فيلم «الملاك» الذي قدمته شبكة «نتفليكس»، ويروي قصة أشرف مروان من وجهة نظر إسرائيلية، وفي عام 2016 قدم الكاتب الإسرائيلي، يوري بار جوزيف، رواية «الملاك... الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل».
وحمل مروان، وهو أيضاً سكرتير الرئيس الأسبق أنور السادات، في إسرائيل لقب «الملاك»، وينظر «الموساد» إليه حتى اليوم على أنه «أبرز مصادره البشرية»، وارتبط اسمه بالتحذير الشهير الذي نقله لرئيس «الموساد»، تسفي زامير، عشية الحرب.

لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» في تقريرها الأخير، الخميس، قالت إن «مواد استخباراتية لم يُكشف عنها من قبل»، كشفت أن «مروان كان اللاعب الرئيسي في الخطة المصرية التي استهدفت تضليل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر 1973 وأثناءها».
وأورد التحقيق أن مروان شارك أواخر أغسطس (آب) 1973 في اجتماعات رفيعة المستوى بين الرئيسين المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد، جرى خلالها الاتفاق على خطة الحرب وتحديد موعد الهجوم في السادس من أكتوبر. لكن بدلاً من نقل هذه المعلومة الفاصلة إلى مشغّليه في «الموساد»، قدّم مروان سلسلة من الإنذارات المضللة حول مواعيد مختلفة، ترافقها تقديرات بأن الحرب «لن تندلع على الأرجح».
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة الإسكندرية، أحمد فؤاد أنور، قال إن «الثأر الإسرائيلي من مروان طيلة العقود الماضية كان مُركباً؛ لأن أجهزة الاستخبارات هناك عملت على تشويه أسرة عبد الناصر، والتشكيك في حجم الانتصار الذي حققه الجيش المصري في حرب أكتوبر».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما ذكرته الصحيفة الإسرائيلية أخيراً هدم 50 عاماً من الروايات المضللة، ورفضت مصر الانجراف إليها مع تأكيد رسمي مستمر أن مروان كان له دور وطني»، مشيراً إلى أن «(خداع مروان) تسبب في أن تفشل إسرائيل في حشد قوات الاحتياط قبل وقت كافٍ من اندلاع الحرب».

أيضاً ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الخميس، أنه «تم التأكيد في مقابلات مع ضباط مخابرات كبار، على أن مروان لم يكن مجرد عميل يقوده (الموساد)، بل إنه في الواقع شارك في اللعب على أكثر من سطر، وقدم معلومات مضللة في أوقات محددة لتحقيق أهداف استراتيجية مصرية».
عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، اللواء يحيى كدواني، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن الفصل بين التسريبات الحالية قبل أيام من ذكرى حرب أكتوبر، والأوضاع الراهنة في المنطقة، وهي تأتي في سياق جو مشحون تلعب فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية دوراً في إثارة الرأي العام هناك ضد مصر».
50 سنة عشان يبرأوا أشرف مروانالعبقري الخفي في لعبة الخداع الاستراتيجيالنهاردة وبعد 50 سنة من نشر سرديات العدو الكاذبة ومحاولات تثبيتها في عقول المصريين عن خيانة صهر الرئيس جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس السادات، يدعوت احرنوت الجريدة الإسرائيلية الشهيرة بتنشر مانشيت للخبير... pic.twitter.com/t7nazjlIve
— Sherin Helal (@sherinhelal555) September 26, 2025
وحضر وسم «#أشرف_مروان» ضمن هاشتاغات الأكثر بحثاً على منصة «إكس»، منذ مساء الخميس، وعدّ مصريون أن التقرير الإسرائيلي الأخير يكشف أنه «ساعد بلاده للوصول إلى نصر أكتوبر»، ووصفه آخرون بأنه «العبقري الخفي في لعبة الخداع الاستراتيجي».
خنجر مصري بقلب تل أبيبرأس حربة خداع مصريه ساعد بلاده ف الوصول #نصر_اكتوبر73إعتراف إسرائيلي بالوقوع ف شرك #الإستخبارات_المصريةبتحقيق صحيفة #يديعوت_أحرونوتتوصلت أن #أشرف_مروانكان عميل مصري وساعد بتضليل الموسادلقبوه #الملاكواعتبروه أفضل عميل جندوه#sohaf#مصـــــــــر_العظمى pic.twitter.com/AZTKKyiyLg
— ร๏ђค Єlรเรเ (@soha_elsisi777) September 25, 2025
الباحثة في الشؤون الإسرائيلية، سارة شريف، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه «في شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام يُعاد الحديث في إسرائيل عن حرب أكتوبر والفشل الاستخباراتي الذي قاد لهزيمتهم، ودائماً ما يكون أشرف مروان بطلاً لكثير من الروايات منذ أن جرى الكشف عن دوره في الحرب».
تحقيق يديعوت أحرونوت عن البطل أشرف مروان فوق العظمة بدرجتين تلاتة.. حاجة كده توريك الدماغ المصري لما بيشتغل بيلعلع ازاي..يديعوت أحرونوت نفسها بتقول إن أشرف مروان كان «الترس المركزي» في خطة الخداع الاستراتيجي قبل حرب أكتوبر، وانه تلاعب برئيس الموساد «كالأبله».. هما اللي قالوا مش...
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) September 26, 2025
ووفق رأي شريف، فإن في إسرائيل رأيين متعارضين بشأن دور مروان؛ الأول يدعمه «الموساد» الذي يرى أنه كان «جاسوساً يعمل لصالح إسرائيل»، والآخر رأي «جهاز الاستخبارات العسكرية» الذي يثق في أنه كان «عميلاً مزدوجاً»، والخلاف يرجع إلى عقود مع تشكيل لجنة لدراسة أسباب هزيمة حرب أكتوبر داخل إسرائيل؛ إذ «يرجع (جهاز الاستخبارات) جزءاً من هذا الفشل إلى خداع مروان لـ(الموساد)».
ورفض «الموساد» من جانبه ما جاء في تحقيق الصحيفة الإسرائيلية الأخير، واصفاً ما ورد فيه بأنه «مزاعم لا أساس لها، وتشويه للواقع التاريخي».



