عادت الاتهامات بين كينشاسا وكيغالي بعد 3 أشهر من اتفاق أولي للسلام رعته واشنطن بين البلدين الأفريقيين المتنازعين منذ 3 عقود على خلفيات اتهامات بـ«دعم حركة تمرد والاستيلاء على الثروة».
وحرك تلك الاتهامات، رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، عقب حديثه عن تعثر يشوب الاتفاق الذي تم في يونيو (حزيران) الماضي. وفي ضوء تلك التطورات، حذر خبير في الشؤون الأفريقية من أن الاتفاق «قريب من الانهيار»، لافتاً إلى أنه «إذا ركزت واشنطن فقط على مصالحها الاقتصادية ولم تركز على مسار سلام شامل ومستدام، فستعود موجة العنف مجدداً لشرق الكونغو في ظل التصعيد الحالي».
وعلى هامش وجوده في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيوريوك، قال تشيسكيدي إن اتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وجرى توقيعه مع رواندا «لم يسهم في تهدئة القتال» الدائر في شرق البلاد، وفق ما نقلته «رويترز»، الثلاثاء.
واتهم تشيسكيدي، كيغالي بأنها «تنفذ مناورات لعرقلة الاتفاق»، معبراً عن شكره للرئيس الأميركي دونالد ترمب على «جهوده الرامية لإنهاء الصراع»، مضيفاً: «وهذا لا يعني أننا سنقيم مزاداً على مواردنا المعدنية».

وتوصل وسطاء أميركيون في 27 يونيو (حزيران) الماضي، لاتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا بهدف إنهاء الدعم الذي تقول واشنطن وخبراء الأمم المتحدة، إن كيغالي تقدمه لمتمردي «حركة 23 مارس» التي سيطرت على مناطق واسعة في شرق الكونغو منذ بداية العام.
وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعد أن سيطرت على مدينتي غوما وبوكافو الرئيسيتين.
وعبَّرت إدارة ترمب عن حرصها على إنهاء القتال الذي أودى بحياة الآلاف هذا العام، في وقت تسعى إلى جذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى منطقة شرق الكونغو الغنية بالموارد الطبيعية، مثل التنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم. ومن المقرر أن يحدّد هذا الشهر، الموعد النهائي لتنفيذ جزء من الاتفاق الأميركي، حسب «رويترز».
تلك الاتهامات، حسب الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد المنعم أبو إدريس، «تعزز عاملين يشيران إلى أن اتفاق السلام في شرق الكونغو قريب من الانهيار. أولهما المناورات العسكرية التي بدأتها رواندا قرب الحدود بين البلدين وفي منطقة قريبة من بؤرة الصراع بين الحكومة الكونغولية و(حركة 23 مارس)، ما دفع الرئيس تشيسكيدي لاتهامها بخرق الاتفاق الذي نص على أن تتوقف رواندا عن دعم أي حركة متمردة تهدد الأمن والسلم في جارتها».
إضافة إلى «الاتهامات المتبادلة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، والتأخير في عمليات الدمج. كما أن الحركة تتهم الحكومة بتعيين شخصيات تنتمي إلى إقليم شرق الكونغو؛ لكنها على خلاف معها، في مناصب رسمية، ما عدته الحركة تحايلاً على الاتفاق»، وفق أبو إدريس.
ويشهد شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، تصاعداً جديداً للتوتر وسط تقارير عن اندلاع معارك عنيفة خلال الأيام الماضية، حسب مصادر محلية وأمنية، تحدثت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وتبادل الطرفان، حركة «23 مارس» وجيش الكونغو، الاتهامات، يومي الجمعة والسبت الماضيين، عبر بيانات رسمية، «بعرقلة» جهود السلام أو «انتهاك» مبادئها. وأعلنت «23 مارس» أنها باتت في «وضعية دفاع مشروع عن النفس»، بينما أكد الجيش احتفاظه «بحق الرد».
وكل هذه التوترات، يراها الخبير في الشؤون الأفريقية في تصريحات مع «الشرق الأوسط»، «تهديداً للاتفاق الذي تسوقه إدارة ترمب بأنه واحد من نجاحاتها في إيقاف حرب امتدت لعقود من الزمن».
ويعتقد أن « تركيز واشنطن كان على صفقة اقتصادية مع الكونغو للاستفادة من الموارد المعدنية النادرة في المنطقة دون العمل على معالجة جذور القضية وتداخلاتها الإقليمية»، مشدداً على أنه «إذا لم يتم تحرك سريع لنزع الفتيل، فالمنطقة ستشهد موجة جديدة من العنف».




