حفتر وتيتيه يبحثان سبل منع تفاقم التوتر الأمني في طرابلس

البعثة الأممية تدافع عن «خريطة الطريق» لحلحلة الأزمة

المشير خليفة حفتر مستقبلاً في مكتبه المبعوثة الأممية هانا تيتيه يوم الأحد (القيادة العامة)
المشير خليفة حفتر مستقبلاً في مكتبه المبعوثة الأممية هانا تيتيه يوم الأحد (القيادة العامة)
TT

حفتر وتيتيه يبحثان سبل منع تفاقم التوتر الأمني في طرابلس

المشير خليفة حفتر مستقبلاً في مكتبه المبعوثة الأممية هانا تيتيه يوم الأحد (القيادة العامة)
المشير خليفة حفتر مستقبلاً في مكتبه المبعوثة الأممية هانا تيتيه يوم الأحد (القيادة العامة)

بحث المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هانا تيتيه الوضع في البلاد، فيما قالت البعثة إنها «تيسّر (خريطة طريق) سياسية ليبية جديدة، مبنيّة على عملية متسلسلة ذات مراحل أساسية». وقال مكتب القائد العام، الأحد، إن حفتر استقبل في مكتبه بمقر القيادة في بنغازي المبعوثة الأممية، و«تباحث الجانبان حول (خريطة الطريق) التي عرضتها البعثة في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي؛ وآليات دعم المسار السلمي للعملية السياسية الهادفة إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد». كما تناول اللقاء، بحسب القيادة العامة، «بحث السبل الكفيلة بمنع تفاقم التوتر الأمني في العاصمة طرابلس، بما يضمن أمنها واستقرارها، ويحافظ على سلامة سكانها ومرافقها العامة والخاصة».

المشير خليفة حفتر مستقبلاً وفداً أممياً برئاسة المبعوثة هانا تيتيه يوم الأحد (القيادة العامة)

وكان «الجيش الوطني» قد شنّ حرباً على العاصمة طرابلس في أبريل (نيسان) 2019 استمرت 13 شهراً، قبل أن يتراجع إلى خارج الحدود الإدارية للعاصمة، حيث تُرابط قواته حتى الآن عند خط سرت - الجفرة.

محاولات «حلحلة الأزمة»

من جهتها، دافعت البعثة الأممية في ليبيا عن «خريطة الطريق» السياسية التي طرحتها تيتيه أمام مجلس الأمن في 21 أغسطس (آب) الماضي، وتستهدف حلحلة الأزمة السياسية المعقدة، مؤكدة أنها «تختلف عن المحاولات والخطط السابقة التي تعثرت».

وأوضحت البعثة، في إطار ردودها على تساؤلات تتعلق بـ«الخريطة السياسية» نشرتها عبر صفحتها الرسمية، الأحد، أن الخريطة «بُنيت على طيف واسع من الأصوات الليبية في العملية السياسية مقارنةً بالعمليات السابقة، سعياً إلى منع احتكارها من قِبَل الأطراف الرئيسية المستفيدة من الوضع القائم».

وأشارت إلى أنه «إدراكاً من البعثة لإخفاقات الماضي التي حالت دون إجراء الانتخابات، صُمّمت خريطة الطريق هذه حزمة واحدة، حيث يتعين على الجهات الفاعلة اتباع منهج متسلسل، ولا يمكنها انتقاء أجزاء منها على حساب أجزاء أخرى».

رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي مستقبلاً المبعوثة الأممية في مكتبه بطرابلس الأسبوع الماضي (البعثة الأممية)

وفيما يتعلق بالإطار الزمني اللازم للتنفيذ، أكدت البعثة أن «خريطة الطريق لا تضع جدولاً زمنياً مفصلاً بتواريخ محددة، لكنها ترى إمكانية تنفيذها على مدى فترة تتراوح بين 12 و18 شهراً، شريطة توفر الإرادة السياسية ودعم الليبيين».

وأضافت: «ستُنفذ خريطة الطريق تدريجياً وحزمة واحدة، مع التركيز على مراحل أساسية متسلسلة، حيث يُسهّل التنفيذ الناجح لكل مرحلة الانتقال إلى المرحلة التالية، بما يفضي في نهاية المطاف إلى تنظيم الانتخابات الوطنية والقبول بنتائجها».

«حكومة موحدة»

وبشأن خطتها لدعم التوافق على قاعدة دستورية قبل تحديد موعد الانتخابات، شددت البعثة على أن «هناك مراحل رئيسية متعددة يجب تحقيقها قبل الانتخابات، بما في ذلك اعتماد إطار دستوري وقانوني يكون سليماً من الناحية الفنية وقابلاً للتطبيق سياسياً».

ونوهت البعثة إلى أنها «تعتزم التواصل بشفافية مع عموم الليبيين وإشراكهم في هذه المراحل الرئيسية، حتى يتمكنوا من محاسبة الجهات المعنية».

أما فيما يخص «كيفية تشكيل حكومة موحدة» للإشراف على الانتخابات، فقالت إن «غالبية الليبيين، وفقاً لاستطلاعات ومشاورات البعثة، يتفقون على ضرورة وجود حكومة موحدة قبل الانتخابات»، مشيرة إلى أن «الانقسامات الحالية تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين وعلى إدارة موارد الدولة».

ويؤكد قرار مجلس الأمن لعام 2024 على «تشكيل حكومة ليبية موحدة قادرة على ممارسة الحكم في كل أنحاء البلاد وتمثل الشعب الليبي بأكمله». فضلاً عن ذلك، تنص القوانين الانتخابية الحالية على ضرورة تشكيل «حكومة واحدة».

وأضافت البعثة أنها «مستعدة لمساعدة القادة الليبيين للتوصل إلى اتفاق عادل وشامل بشأن تشكيل حكومة جديدة واحدة، ذات ولاية محددة، تخدم جميع الليبيين، وتسترشد بالمبادئ الدولية للحكم الرشيد».

المبعوثة الأممية هانا تيتيه في اجتماع بطرابلس الأسبوع الماضي مع مجموعة العمل الأمنية لعملية برلين (البعثة الأممية)

وفي الوقت نفسه، أشارت إلى أنها «استفادت من تجارب سابقة، حيث شُكّلت حكومات مؤقتة دون إجراء انتخابات لاحقة»، مؤكدة أن هذه المرة «تُشدد على ضرورة الاتفاق أولاً على قواعد الانتخابات، مع دعمها للجهود الرامية إلى توحيد المؤسسات، وتحسين الاقتصاد، وتعزيز الحوكمة».

ولفتت البعثة إلى أن «تشكيل حكومة جديدة موحدة سيتطلب في نهاية المطاف التزام ودعم الأطراف السياسية الرئيسية في ليبيا، لتمكينها من إدارة شؤون البلاد بفعالية في جميع أنحاء الوطن».

تقريب وجهات النظر

وبشأن فرص نجاح العملية السياسية في ظل غياب التوافق، قالت البعثة إن النجاح يعتمد على عوامل كثيرة، أبرزها الإرادة السياسية للأطراف الليبية بوضع المصلحة الوطنية في المقام الأول، إلى جانب الدعم الإقليمي والدولي الموحد للعملية السياسية التي تُيسّرها البعثة، مشددة على أن «العملية تهدف إلى تقريب وجهات النظر المختلفة لإيجاد حل توافقي يُخرج البلاد من دوامة المراحل الانتقالية التي لا نهاية لها».

وكانت البعثة قد أعلنت أن نائبة الممثلة الخاصة للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، ناقشت مع سفير قطر لدى ليبيا، خالد الدوسري، آخر التطورات السياسية والأمنية، وأكد الجانبان أهمية توصل حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة و«جهاز الردع» إلى اتفاق بشأن الترتيبات الأمنية في أقرب وقت ممكن، والمضي قدماً في خريطة الطريق السياسية.

ولا تزال القوات التابعة لحكومة «الوحدة» و«جهاز الردع» في حالة استنفار بمواقع داخل العاصمة طرابلس، لكنّ مراقبين يرون أن الوضع يسوده حالياً «الهدوء الحذر»، في ظل وساطات محلية وتدخلات من البعثة الأممية والمجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي للحفاظ على الهدنة في العاصمة.


مقالات ذات صلة

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

عاشت العاصمة الليبية طرابلس ليلة جديدة على صفيح ساخن، مع تجدُّد موجة احتجاجات غاضبة ضد حكومة «الوحدة» المؤقتة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا الحداد خلال حفل تخرج سابق لفوج جديد من الضباط في ثكنة الخمس العسكرية (رويترز)

ما هي تداعيات وفاة رئيس الأركان الليبي وتأثيرها على المؤسسة العسكرية؟

عدَّ المحلل السياسي، فرج فركاش، أن غياب رئيس الأركان الليبي، الفريق أول محمد الحداد، بهذا الشكل المفاجئ «يشكل ضربة قوية للمؤسسة العسكرية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لجنة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل الحداد ورفاقه (وزارة الداخلية بطرابلس)

نقل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي إلى ألمانيا للتحقيق

توقع مصدر ليبي مقرب من المجلس الرئاسي وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى البلاد، السبت، وذلك عقب انتهاء مراسم تأبينهم بقاعدة مرتد العسكرية في أنقرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

رفضت الجامعة العربية اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي بالصومال، ما يسمى «إقليم أرض الصومال»، مشددة على الوقوف ضد «أي إجراءات تترتب على هذا الاعتراف الباطل بغية تسهيل مخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني أو استباحة موانئ شمال الصومال لإنشاء قواعد عسكرية فيها».

وعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، أمس (الأحد)، دورةً غير عادية، أكد فيها «الموقف العربي الثابت والواضح بشأن عدّ إقليم الشمال الغربي بالصومال جزءاً لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي محاولة للاعتراف بانفصاله بشكل مباشر أو غير مباشر».

وطالب البيان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بـ«وضع خطة عمل عربية - أفريقية مشتركة تحُول دون إحداث أي تغيير في الوضع الأمني والجيوسياسي القائم، ومنع أي تهديد لمصالح الدول العربية والأفريقية في هذه المنطقة الحيوية».


«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
TT

«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)

نقلت تسريبات إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين كبار أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، معتمداً على «سلسلة من التقارير الكاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة»، خاصة فيما يتعلق بتسليح الجيش المصري في سيناء، وهو ما اعتبره دبلوماسيون وعسكريون سابقون بمصر «دعماً للموقف المصري»، مؤكدين أن «تجاهل نتنياهو كان متعمداً في إطار خطة تكتيكية لخدمة مصالحه الشخصية، ولو على حساب علاقات إسرائيل بمصر».

وبحسب ما نشرته صحيفة «إسرائيل هيوم»، فقد شملت هذه التقارير مزاعم بأنّ مصر تُشيِّد قواعد هجومية في سيناء، وهو ما ردّده السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، وأيضاً مزاعم بأنّ شخصيات بارزة في المخابرات المصرية كانت تتقاضى عمولات من تهريب الأسلحة إلى سيناء، وبأنّ مصر كانت متواطئة في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

واحتجّت مصر على حملة التشويه، وأثارت القضية في اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين، ولكن دون جدوى. وقد تسبب ذلك في تصاعد الخلاف بين مصر وإسرائيل.

في سبتمبر الماضي أعلن نتنياهو مخاوفه من حشد مصر قواتها العسكرية في سيناء (رويترز)

يقول السفير حسين هريدي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، إن «التجاهل من جانب نتنياهو لم يكن صدفة، لكنه تجاهل تكتيكي في إطار خطته وسعيه لخدمة نفسه ومصالحه، وتصوير أن هناك خطراً داهماً ودائماً يهدد إسرائيل».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تصوير الخطر على الحدود من جانب مصر مسألة تجعل الرأي العام في إسرائيل يحتشد خلفه تحت تأثير الخوف».

ونوّه هريدي بأن «نتنياهو نفسه وهو يردد الاتهامات ضد مصر يعلم تماماً أنها زائفة، لكنه ينظر لما يجنيه من جراء تلك الأكاذيب من مصالح تصرف النظر عن أي اتهامات توجّه له في ملفات الحرب على غزة، أو غيرها من اتهامات بالفساد، كما أنه يستغل ذلك في إطار الضغوط على مصر التي تقف حجر عثرة أمام مخططاته لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة».

هريدي أشار كذلك إلى أن «ظهور مثل هذه التسريبات التي تكشف تجاهل نتنياهو للتحذيرات الأمنية من الاتهامات الزائفة لمصر، قد يكون مقصوداً بغرض محاولة تهدئة الأجواء مع القاهرة قبيل لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وغير مستبعد أن يعود نتنياهو مرة أخرى لترديد اتهاماته عن الحشد العسكري المصري في سيناء، وغيرها من الاتهامات، ما دام ذلك يخدمه سياسياً في الداخل الإسرائيلي وفي تحركاته الإقليمية الأخرى».

وتثار حالياً خلافات بين مصر وإسرائيل تتعلق بالأوضاع في قطاع غزة، وتحميل مصر لإسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية في أن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والوجود الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا»، والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية.

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيَّرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة».

وسبق أن عدَّ رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو «مخاوفه من حشد مصر قواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها على أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام».

وأشارت «الهيئة» حينها إلى أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».

مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق في الجيش المصري، اللواء سمير فرج، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كل يوم يتأكد للجميع زيف ما يردده نتنياهو وإعلامه، وصدق الرواية المصرية، وأن ما يقوله ما هو إلا خطة من أجل خدمة نفسه انتخابياً في الفترة المقبلة، وتصوير أن مصر العدو الرئيسي ولا بد من الاستعداد لها ونسيان أي أمور أخرى تتعلق بالاتهامات الموجهة له».

وأشار إلى أن «تحذيرات الأجهزة الأمنية في إسرائيل لنتنياهو من مغبة هذه الادعاءات ضد مصر؛ لأن تلك الأجهزة تعلم، وكذلك نتنياهو نفسه يعلم، أن مصر قضت تماماً على الأنفاق التي كانت تهدد الأمن القومي المصري، كما أن التحركات المصرية في سيناء تتم من أجل حفظ الأمن وليست لتهديد أحد».

بدوره، قال وكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «طريقة الإسرائيليين هي إطلاق تصريحات مستفزة للتغطية على خروقاتهم، ومصر تعي ذلك جيداً، ولن تنجر إليه؛ فهم يريدون صرف الأنظار عن مخالفتهم لاتفاق غزة في شرم الشيخ، ورغبتهم في عدم الالتزام به».

رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، أوضح: «كل ما تطلقه إسرائيل من اتهامات يعتبر استمراراً لتشويه سمعة مصر؛ لأنها الحاجز القوي لأطماعها في الضفة الغربية وغزة وسوريا ولبنان، وهذا ليس جديداً. وستستمر هذه الاتهامات الزائفة، والتقارير الإسرائيلية المنشورة حديثاً تؤكد ذلك».

وشدد رشاد على أن «الأجهزة المصرية تعلم جيداً أغراض نتنياهو وما يردده ضد القاهرة؛ لذلك لا تنجر إلى الأرض التي يريد جرها إليها، وتتعامل بحكمة وقوة وحزم، والأيام تثبت صحة وعقلانية الموقف المصري».


احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
TT

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)

عاشت العاصمة الليبية، طرابلس، ليلة جديدة على صفيح ساخن، مع تجدُّد موجة احتجاجات غاضبة ضد حكومة «الوحدة» المؤقتة، بالتزامن مع انضمام ما تُعرف بـ«كتائب وسرايا الثوار بمدينة مصراتة» إلى مطالب المحتجين التي تجاوزت الدعوة لإقالة الحكومة إلى المطالبة بإسقاط جميع «الأجسام السياسية» الحاكمة، في بلد يرزح منذ سنوات تحت وطأة الانقسام السياسي والأمني.

وحسب شهود عيان ووسائل إعلام محلية، شهدت طرابلس، مساء السبت، إغلاق الطريق السريع وطريق الشط من قبل محتجين على حكومة عبد الحميد الدبيبة، مع إشعال إطارات في وسط العاصمة، وخروج مظاهرات ليلية بعدة أحياء، احتجاجاً على ما وُصف بتفشي الفساد وتدهور الخدمات والأوضاع المعيشية.

ونقل الدبلوماسي الليبي محمد خليفة العكروت مشهداً اتسم بقطع طرق وحرق إطارات وارتباك في حركة المرور، وازدحام خانق أسفر عن اصطدام عدد من السيارات.

إطارات محترقة في أحد شوارع العاصمة طرابلس (لقطة مثبتة)

ودخلت الاحتجاجات يومها الثاني بعد تظاهرات مماثلة يوم الجمعة في طرابلس، ترافقت مع مظاهرات أخرى في مدينتي مصراتة والزاوية؛ حيث ندد المحتجون بتردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية والأمنية، مطالبين بإنهاء المرحلة الانتقالية.

وأعلن قادة «كتائب وسرايا الثوار بمدينة مصراتة» تأييدهم الكامل لما وصفوه بـ«انتفاضة شعبية»، مطالبين بـ«إسقاط كل الأجسام السياسية المسؤولة عن معاناة الوطن»، ودعوا الليبيين إلى الخروج للشوارع، كما وجَّهوا نداءً للأجهزة الأمنية والعسكرية في مصراتة للوقوف إلى جانب المحتجين.

ويبدو أن إشارة البيان إلى «الأجسام السياسية» تشمل مجلسَي النواب والأعلى للدولة، إضافة إلى حكومة الوحدة في طرابلس، والحكومة المكلفة من البرلمان في شرق البلاد.

وتبرأ قادة «الكتائب» في بيان لهم من وكيل وزارة الدفاع عبد السلام زوبي، معتبرين أنه «لا يمثلهم»، وأنه لم يقم بأي دور يُذكَر «في الدفاع عن حقوق الثوار»، أو في التعاطي مع حادثة وفاة رئيس الأركان محمد الحداد، إثر سقوط طائرة كانت تقله وقادة عسكريين بعد قليل من إقلاعها من العاصمة التركية أنقرة، الثلاثاء الماضي، منتقدين صمته حيالها.

كما استنكروا ما وصفوه بالموقف «الهزيل» لحكومة الوحدة، بسبب غياب بيان نعي رسمي متلفز أو مؤتمر صحافي يوضح ملابسات تحطم الطائرة، عادِّين ذلك «إهانة للمؤسسة العسكرية وتضحيات الثوار».

وتُعتبر «كتائب ثوار مصراتة» أكبر وأقوى القوى العسكرية المنظمة في غرب ليبيا، ولعبت منذ بروزها خلال ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، دوراً محورياً في العمليات العسكرية التي أسهمت في إسقاط نظام الرئيس السابق معمر القذافي؛ خصوصاً في جبهات مصراتة وسرت وطرابلس.

جانب من إحدى جلسات مجلس النواب الليبي في بنغازي (مكتب إعلام المجلس)

وعلى مدى السنوات اللاحقة، احتفظت هذه التشكيلات بنفوذ عسكري ملحوظ داخل مصراتة وخارجها، مستندة إلى تنظيمها القتالي وتسليحها وقاعدتها الاجتماعية الواسعة، إضافة إلى حضورها في عدد من المفاصل الأمنية والعسكرية للدولة.

في هذه الأثناء، تجددت الحرائق الغامضة في مدينة الأصابعة بغرب البلاد؛ حيث اندلعت نحو 3 حرائق متزامنة، ما أعاد تسليط الضوء على سلسلة الحرائق التي شهدتها المدينة في 19 فبراير الماضي، وأسفرت عن احتراق عشرات -وربما مئات- المنازل.

وناشد المجلس البلدي لمدينة الأصابعة الجهات المعنية توفير سيارة إطفاء إضافية وأخرى للإسعاف، لتعزيز قدرات فرق السلامة الوطنية في ظل محدودية الإمكانات، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الليبية (وال) نقلاً عن مدير مكتب الإعلام بالمجلس، الصديق المقطف.

وأكد المقطف أن أسباب الحرائق «لا تزال مجهولة»، ودعا إلى «تكثيف المتابعة واتخاذ تدابير لحماية السكان؛ خصوصاً مع تكرار الحوادث منذ فبراير الماضي، بعد توقف مؤقت في مايو (أيار)».

أما في شرق البلاد، فيسود تكتم حول جدول أعمال جلسة مجلس النواب المقررة في بنغازي يومي الاثنين والثلاثاء، وسط ترجيحات بمناقشة 3 ملفات رئيسية، تشمل اعتماد ترشيحات رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح لتعيينات إدارية، وتعديل جدول مرتبات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، إضافة إلى إعادة انتخاب هيكل قيادي جديد للمجلس.