ما دوافع حكومة حماد وراء إلغاء زيارة وفد أوروبي إلى بنغازي؟

أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الحكومة)
أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الحكومة)
TT

ما دوافع حكومة حماد وراء إلغاء زيارة وفد أوروبي إلى بنغازي؟

أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الحكومة)
أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الحكومة)

برزت تفسيرات مختلفة لإقدام حكومة أسامة حمّاد، المكلفة من مجلس النواب بشرق البلاد، على إلغاء زيارة وفد أوروبي إلى بنغازي في الآونة الأخيرة، وسط تساؤلات عن الأهداف من وراء هذا الإجراء المفاجئ.

الوفد الذي ضمّ وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة، كان من المنتظر أن يناقش الثلاثاء الماضي ملفي الهجرة غير الشرعية، وترسيم الحدود البحرية شرق المتوسط، لكن الحكومة قالت في بيان حين ذلك، إن «الوفد تجاوز الأعراف الدبلوماسية»، بعدم اتباع الإجراءات المنظمة والمعلنة من قبلها لدخول وإقامة الدبلوماسيين.

«دفاع عن السيادة»

وفيما انبرى مؤيدو مجلس النواب و«الجيش الوطني» الليبي للدفاع عن موقف الحكومة، وكيف أنه يعدّ دفاعاً عن «السيادة الوطنية»، عدّته بعض الأصوات السياسية «غير مجدٍ»، محذرة من أنها قد تزيد من عزلتها، فيما أشار مراقبون إلى وجود ارتباط بين الحادثة والتقارب الأخير بين سلطات الشرق الليبي وأنقرة.

وأشاد المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، بخطوة حكومة حماد: «في ظل حرص الوفد الأوروبي على التنسيق مع حكومة طرابلس دونها، وذلك بالرغم مما تعيشه العاصمة من توتر أمني منذ شهرين». ورجّح المرعاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تسعى تلك الدول الأوروبية إلى «احتواء الخلاف مع الشرق الليبي»، لافتاً إلى «سيطرة الجيش الوطني على ثلثي مساحة البلاد بما يشمل الحدود الجنوبية والمواني وحقول النفط». ورأى أيضاً أن «أثينا باتت قلقة من تقارب الشرق الليبي في الآونة الأخيرة مع أنقرة، مما دفعها لتصعيد ملف ترسيم الحدود البحرية في (شرق المتوسط)، في محاولة لعرقلة هذا التقارب، وربما محاولة جر ليبيا لصالحها في صراعها المتأزم مع أنقرة».

وتعاني ليبيا من انقسام بين حكومتين؛ الأولى في طرابلس بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والثانية برئاسة حماد وتحظى بدعم من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.

«تصعيد غير حكيم»

في المقابل، وصف أسعد زهيو، رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب» الليبية، خطوة حكومة حماد بأنها «تصعيد غير حكيم؛ قد يضر بمكانة الشرق الليبي عبر إظهاره متلهفاً على انتزاع الشرعية لحكومة حماد بأي طريقة». وقال زهيو لـ«الشرق الأوسط» إن «الشرعية لا تُنتزع بالإكراه أو بالصور الإعلامية، بل عبر التوافق والاحترام المتبادل»، وتابع: «الجميع يعلم أن المسؤولين والدبلوماسيين الغربيين يتعاملون مع البرلمان بصفته سلطة تشريعية للبلاد، أو مع حفتر بوصفه القائد العسكري الذي يسيطر جيشه على شرق البلاد وبعض مدن الجنوب». ويرى أن الحكومة بطرابلس هي من تحظى بالاعتراف الأممي، وذلك بغض النظر عن موقف الشارع تجاهها، بالتأييد أو الرفض.

وكانت حكومة حماد قد طالبت في وقت سابق البعثة الأممية بمغادرة البلاد، وبررت ذلك بتطرّق المبعوثة الأممية هانا تيتيه في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن إلى مناقشات البرلمان حول ميزانية «صندوق التنمية وإعادة الإعمار»، وعدّت الحكومة ذلك «تدخلاً غير مقبول في عمل السلطة التشريعية».

من جانبه، رأى أستاذ العلاقات الدولية إبراهيم هيبة، أن إلغاء حكومة حماد زيارة الوفد «لن تترتب عليها ردود فعل حادة من الجانب الأوروبي لإدراك مسؤوليه بتعقيدات الانقسام السياسي والحكومي بالبلاد، وأن القوى والمؤسسات كافة تتنازع على تمثيلها للشرعية دون الآخرين». وقال هيبة لـ«الشرق الأوسط»: «الأوروبيون يرغبون في الحفاظ على علاقاتهم مع جميع الأطراف، خصوصاً الشرق الليبي لوجود مصالح تربطهم وقياداته، مثل ملفات كبح تدفق المهاجرين غير الشرعيين ومكافحة الإرهاب». وتابع أن الأوروبيين سيتعاملون بحكمة مع الحدث، وسوف يسرعون بدفع الجهود مع البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية الممتدة منذ أكثر من عقد.

وكان الوفد الأوروبي استبق زيارته إلى بنغازي بعقد اجتماع حكومة طرابلس، وهو ما أشار إليه عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، علي التكبالي، الذي قال إن «الملفات الأساسية لتلك الدول سواء المتعلقة بتصدير النفط والغاز الليبي، أو وقف تدفقات الهجرة وترسيم الحدود البحرية، لا يمكن حسمها دون الرجوع إلى سلطات الشرق».


مقالات ذات صلة

«رواتب العسكريين» تصطدم بالخلاف السياسي بين أفرقاء ليبيا

شمال افريقيا صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي

«رواتب العسكريين» تصطدم بالخلاف السياسي بين أفرقاء ليبيا

دخل المشهد السياسي الليبي مرحلة جديدة من التصعيد والتجاذب بعد الجدل الذي أثاره إقرار البرلمان زيادة مرتبات العسكريين بنسبة 150 % وهي خطوة قوبلت بمعارضة

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي الدبيبة خلال زيارة إلى تاورغاء قبل 4 أعوام (مكتب الدبيبة)

أهالي تاورغاء يشكون تجاهل «الوحدة» الليبية لأحكام القضاء

أعرب سياسيون ونشطاء في مدينة تاورغاء الليبية عن استيائهم وشكواهم من تجاهل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة لحكمين قضائيين بوقف قرار الحكومة ضم المدينة إلى مصراتة.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا شرطي في أحد شوارع العاصمة الليبية طرابلس (مديرية أمن طرابلس)

«شلل ليلي» مستمر في طرابلس على وقع الاحتجاجات... و«الوحدة» تغض الطرف

تواصل لليوم الثالث مشهد «الشلل الليلي» في بعض أحياء العاصمة الليبية طرابلس على وقع احتجاجات مناهضة لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

تلاحق ميليشيا مسلحة في غرب ليبيا اتهامات حقوقية متزايدة بارتكاب «انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين غير شرعيين من جنسيات متعددة تشمل المصرية والسورية والعراقية.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا من مراسم تشييع الحداد ومرافقيه في مدينة مصراتة الليبية (مكتب الدبيبة)

«الصندوق الأسود» يربك رواية سقوط طائرة الحداد ويشعل تساؤلات الليبيين

خيّمت أجواء من الارتباك والجدل على المشهد الليبي عقب اعتذار ألمانيا عن تحليل الصندوق الأسود لطائرة «فالكون 50» التي تحطمت في أنقرة.

علاء حموده (القاهرة)

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».


«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، سيطرتها على منطقة «التقاطع» الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، ونشر عناصر تابعون لها مقاطع مصورة تُظهر انتشارها هناك.

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني بهذا الخصوص، مع استمرار تمدد «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في مناطق واسعة من الإقليم.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان نشر على منصة «تلغرام»، إن «قوات تأسيس» المتحالفة معها بسطت سيطرتها بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينتي كادوقلي والدلنج، وإن هذه الخطوة تأتي «ضمن عمليات الانفتاح العسكري وتأمين الخطوط المتقدمة»، كما أنها تمكنت من «تسلم عدد من المركبات العسكرية والأسلحة والذخائر».

وأوضح البيان أن «هذا الانتصار يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف استراتيجية في الولاية».

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج، لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة، وبلدة هجليج النفطية، بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

من جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها بالولاية.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» إلى «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى، ضمن «تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)».

بدورها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان الثلاثاء، إنها سيطرت على حامية عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة تقاطع البلف، على طريق الدلنج - كادوقلي. وأضافت أن قواتها تواصل التقدم الميداني في إطار عمليات تهدف للوصول إلى العاصمة كادوقلي.

والأسبوع الماضي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على منطقتي الكرقل والدشول، الواقعتين على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدلنج؛ ثانية كبرى مدن الولاية، واتهمت الجيش السوداني والقوات المتحالفة بـ«عدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية».

ومنذ أشهر تفرض «قوات تأسيس» طوقاً محكماً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وتقطع طرق وخطوط الإمداد لقوات الجيش السوداني المحاصَرة داخل كادوقلي.