فرضت ملفات عدة من بينها «التدخلات الخارجية» في ليبيا، و«خريطة الطريق» السياسية، والانتخابات العامة المُعطّلة، نفسها على لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بالإضافة إلى مناقشات تتعلق بعملية التنمية في البلدين.
انعقد اللقاء، صباح الاثنين، في مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالي الغربي لمصر، بحضور اللواء حسن رشاد رئيس جهاز الاستخبارات العامة المصري. وبحث الجانبان مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، في زيارة عدّتها الرئاسة المصرية تستهدف «التأكيد على خصوصية العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين».
وقال المتحدث باسم الرئاسة، السفير محمد الشناوي، إن الرئيس السيسي «شدّد على أن استقرار ليبيا يُعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري». وفيما أشار إلى أن مصر «تبذل أقصى جهودها، بالتنسيق مع الأطراف الليبية والقيادة العامة لـ(الجيش الوطني)، لدعم أمن واستقرار ليبيا، والحفاظ على وحدتها وسيادتها، واستعادة مسار التنمية فيها»، أكد دعمها الكامل «للمبادرات كافة التي تستهدف تحقيق تلك الأهداف».
وزيارة حفتر إلى مصر - التي رافقه فيها ابناه الفريق صدام رئيس أركان القوات البرية، والفريق خالد رئيس أركان القوات الأمنية - تأتي في وقتٍ تعاني فيه الأزمة السياسية بليبيا حالة جمود، بينما تسعى البعثة الأممية إلى حلحلتها عبر مخرجات لجنتها الاستشارية.
وأعرب الرئيس المصري عن حرص بلاده على «الحفاظ على وحدة وتماسك مؤسسات الدولة الليبية»، مشدداً «على أهمية تعزيز التنسيق بين الأطراف الليبية كافة لوضع خريطة طريق سياسية شاملة تفتح المجال لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن».
«متغيرات مهمة»
ويرى الكاتب السياسي والإعلامي الليبي عيسى عبد القيوم أن هذه الزيارة تأتي وسط ثلاثة متغيرات مهمة في المنطقة، تتمثّل الأولى في انتهاء حرب إيران وإسرائيل، «ومحاولة استيعاب نتائجها وسط حديث عن إعادة ترتيب المنطقة برمتها».
وعن المتغير الثاني قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يكمن في «اختلال الأمن في غرب ليبيا بصورة لم يسبق لها مثيل»، مضيفاً: «احتمال حدوث تداعيات حرب ميليشيات موسعة وارد، وهو ما يقتضي التواصل مع الدول ذات العلاقة بأطراف النزاع الليبي لوضعها في الصورة، وربما للحديث عن أقرب السيناريوهات».
أما المتغير الثالث فيتمثل، بحسب الكاتب الليبي عبد القيوم، في «تفاقم أزمة مياه (شرق المتوسط) الاقتصادية على خلفية بيانات الحكومة الليبية الرافضة للخطوة اليونانية؛ وسط تصعيد تركي - يوناني وتحفظ مصري على ما يجري».
وكانت ليبيا قد أبدت تمسّكها برفض إعلان اليونان التنقيب عن النفط جنوب جزيرة كريت، وجدّدت التشديد على «حقوقها السيادية على مواردها بشرق المتوسط كونها ضمن الحدود الليبية».
الرئاسة المصرية أكدت أيضاً «على ضرورة التصدي للتدخلات الخارجية والعمل على إخراج جميع القوات الأجنبية و(المرتزقة) من الأراضي الليبية»، معربة عن «تقديرها للدور الوطني الذي يضطلع به الجيش الليبي في مكافحة الإرهاب، الذي أسهم في القضاء على التنظيمات الإرهابية في شرق البلاد».
وتحدث أكاديمي ليبي عن أهمية هذا اللقاء «كونه يأتي خلال وقت حساس في ظل صراع بين أطراف دولية»، لافتاً إلى «أهمية أن يكون لمصر دور أكبر في دعم الاستقرار بما يحقق الأمن الوطني الليبي في إطار وحدة المصير المشترك».
وقال الأكاديمي، الذي طلب عدم نشر اسمه: «نحن ندفع ونشجع القيادة المصرية لدعم أكبر للمؤسسات الأمنية والعسكرية في البلاد، والعمل على توحيد الجيش الليبي».
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن حفتر أكد على «بالغ تقديره للدور المحوري الذي تلعبه مصر في استعادة الأمن والاستقرار بليبيا»، مشيداً بجهودها «في دعم ومساندة الشعب الليبي منذ اندلاع الأزمة، في إطار العلاقات التاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين».
كما ثمَّن حفتر، بحسب المتحدث، «مساهمة مصر الفاعلة في نقل تجربتها التنموية إلى ليبيا، والاستفادة من خبرات الشركات المصرية الرائدة»، مؤكداً «استمرار العمل على تجاوز التحديات بما يحقق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والازدهار».
وتأتي زيارة حفتر إلى مصر بعد قرابة ستة أشهر من آخر لقاء له بالسيسي، الذي تم التركيز خلاله على كثير من الثوابت التي تشكل الانتقال الآمن للمسار الليبي.
الخيارات الأربعة
تُقدم مخرجات اللجنة الاستشارية التي رعتها البعثة الأممية أربعة خيارات لـ«خريطة الطريق» المحتملة لإنهاء الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات في ليبيا.
وتتضمن الخيارات بحسب البعثة: إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون عامين، أو انتخاب مجلس تشريعي من غرفتين خلال عامين، أو اعتماد دستور قبل الانتخابات؛ ويتضمن هذا الخيار «دراسة التحديات المرتبطة بمشروع دستور عام 2017 واستكشاف جدوى صياغة دستور جديد».
أما الخيار الرابع فهو: «تفعيل آلية الحوار المنصوص عليها في المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي، واستبدال الأجسام السياسية الحالية بواسطة مجلس تأسيسي يتم اختياره من خلال عملية الحوار».
وكان صدام حفتر، قد زار مصر نهاية الأسبوع الماضي، والتقى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، بمقر وزارة الدفاع. وتم التأكيد في اللقاء على ضرورة «تنسيق الرؤى، وتضافر الجهود المشتركة نحو تأمين الحدود، والحدّ من ظاهرة الهجرة غير النظامية، والبحث عن الأطر والآليات التي تحقق السيطرة على الأوضاع الأمنية في الأراضي الليبية كافة».




