أعاد محمد تكالة صراعه مع خالد المشري على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا إلى «نقطة الصفر»، بعد نفيه ادعاءات المشري حول شرعية رئاسته للمجلس، وعدها «مغالطات قانونية ومؤسسية لا تمت للواقع الدستوري أو القانوني بصلة».
لقاء المشري مع النائب العام بطرابلس (المشري)
وأكد تكالة في بيان أن الحكم القضائي المتعلق بطعن المشري لم يتضمن أي حكم لصالحه، بل اقتصر على مسألة شكلية تتعلق بعدم اختصاص القضاء الإداري، دون المساس بشرعية قرارات رئاسة المجلس. وأوضح أن الجدل القانوني حول جلسة انتخاب المشري تم تجاوزه بإجراء انتخابات جديدة مكتملة النصاب نهاية عام 2023، والتي أسفرت عن تشكيل مكتب رئاسي جديد برئاسة تكالة.
واتهم تكالة المشري وبعض الأعضاء المقاطعين بإصدار مراسلات باسم المجلس، دون أي تفويض قانوني، ونشرها على منصات غير رسمية، معتبراً ذلك «تعدياً على اختصاصات الرئاسة الشرعية، وانتحالاً لصفة لم تعد قائمة». ودعا جميع وسائل الإعلام المحلية والدولية، وكل الجهات الرسمية، إلى ضرورة التحقق من صحة البيانات المتداولة، محذراً من أن التعامل مع بيانات مزورة قد تترتب عليه مسؤوليات قانونية جسيمة.
في المقابل، سعى المشري إلى تكريس رئاسته لـ«الأعلى للدولة» باجتماع عقده، الأربعاء، في العاصمة طرابلس، مع النائب العام الصديق الصور، حيث شدد على أهمية تضافر الجهود بين المؤسسات لضمان انتخابات شفافة ونزيهة، تعكس إرادة الشعب، وتعزز المسار الديمقراطي وفق قواعد دستورية متينة.
وأوضح أن الصور أطلعه على الجهود المبذولة لضمان سلامة الهُوية الوطنية والسجلات المدنية، في إطار التحضيرات للاستحقاق الانتخابي المقبل، ومنع أي محاولات للتزوير، مؤكداً اتخاذ كل التدابير القانونية لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
من جهة أخرى، قال مجلس النواب الليبي إن رئيس لجنته لمتابعة الأجهزة الرقابية، زايد هدية، وعدد من النواب، بحثوا مع رئيس فريق الاستراتيجية بالأمم المتحدة، دانييلا كروسلاك، في بنغازي، أوجه التعاون بين ليبيا والأمم المتحدة، وتقييم دور البعثة الأممية في المراحل السابقة، وآفاق التعاون في دعم الإصلاح السياسي والاستقرار. وأكد الجانبان أهمية استمرار التنسيق ووضع استراتيجيات واضحة لدعم المرحلة الانتقالية من خلال المؤسسات الليبية القائمة.
نقاشات شبابية للبعثة الأممية (البعثة)
إلى ذلك، واصلت بعثة الأمم المتحدة، دعوة الليبيين للتعبير عن آراءهم شأن مقترحات اللجنة الاستشارية للمضي قدماً بليبيا نحو الانتخابات، وتوحيد مؤسسات الدولة.
ونظمت البعثة حلقة نقاشية بين الصحافيين وثلاثة من أعضاء اللجنة الاستشارية حول توصيات اللجنة بشأن الانتقال بليبيا نحو الانتخابات. وأدرجت الحوار في إطار برنامج «بصيرة» الذي تنفذه البعثة، والذي يتضمن فرصاً للتواصل والتطوير المهني للعاملين في مجال الإعلام.
عزز «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من وجوده قرب الحدود مع تشاد، فيما أعلنت قوات تابعة لـ«حكومة الوحدة» المؤقتة أنها بصدد تنفيذ «مناورة عسكرية».
أبلغت حكومة شرق ليبيا وفداً وزارياً أوروبياً عقب وصوله إلى «مطار بنينا الدولي» بمدينة بنغازي «بضرورة مغادرة الأراضي الليبية فوراً، باعتباره غير مرغوب فيه».
دخان يتصاعد وسط الدمار بمدينة غزة يوم الأربعاء (رويترز)
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
«هدنة غزة»: خلافات حول «فيلادلفيا 2» تعقد جهود الوسطاء
دخان يتصاعد وسط الدمار بمدينة غزة يوم الأربعاء (رويترز)
يدور حديث أميركي - إسرائيلي عن «نقطة واحدة» محل خلاف بين «حماس» وإسرائيل، تتمثل في السيطرة الإسرائيلية على محور استراتيجي قرب الحدود مع مصر، وهو ما سبق ورفضته القاهرة.
وأشارت مصادر مصرية وفلسطينية مطلعة لوجود «فجوات» و«تعنت إسرائيلي» خلال محادثات وقف إطلاق النار الجارية في الدوحة.
وتشي تسريبات ينقلها الإعلام الإسرائيلي بأن ثمة «أزمة» على طاولة المفاوضات، خاصة مع طلب مصري لدور دولي وأوروبي لدعم جهود الوسطاء للذهاب إلى اتفاق، ووجود وفد قطري بالولايات المتحدة.
ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المفاوضات قد تصل إلى طريق مسدود حال تمسكت إسرائيل بعدم الانسحاب من المحاور القريبة من الحدود مع مصر، وتحديداً محور «فيلادلفيا 1 و2».
مركبات عسكرية إسرائيلية على محور «موراغ» بجنوب غزة يوم الثلاثاء (أ.ب)
وكانت مصر قد رفضت إعادة إسرائيل احتلال «محور فيلادلفيا»، القريب من حدودها العام الماضي، وطالبت بانسحاب فوري وسط توترات بين الجانبين في هذا الملف؛ بينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أبريل (نيسان) الماضي ضرورة السيطرة على محور «موراغ» الذي وصفه بأنه «فيلادلفيا الثاني»؛ وهو طريق عسكري يمتد جنوب خان يونس مباشرة، واحتلاله يتيح فصل رفح الفلسطينية عن القطاع.
«مخاطر استراتيجية»
وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، إن القاهرة موقفها ثابت من أهمية الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا أو أي محور مشابه مثل «موراغ»، وإنه لا يمكن «فرض أمر واقع وتعطيل مسار الاستقرار بالمنطقة بمخططات أخرى مثل تجميع الفلسطينيين في رفح، باعتباره مقدمة لتهجيرهم القسري المرفوض بشكل قاطع».
ويعتقد المصدر أن المفاوضات الحالية بالدوحة «(محلك سر)، وربما وصل التفاوض لنهايته ولطريق مسدود، على عكس ما يروج في دوائر أميركية وإسرائيلية؛ إلا إذا تغير موقف إسرائيل بضغوط أميركية»، وهو ما قال إنه ليس هناك ما يدل بعد على حدوثه.
صورة من غرب جباليا بوسط قطاع غزة لدخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية بمدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
ويرى مصدر فلسطيني مطلع أن محور «موراغ» ليس وحده هو المشكلة المتبقية أو الأساسية بورقة التفاوض، «فهناك حاجة لاتفاق بشأن مناطق انسحاب الاحتلال الإسرائيلي، وتفعيل دور المؤسسات الدولية والأممية لتقديم المساعدة الإنسانية، وهذا يتطلب أن تُترجم ضغوط واشنطن لموقف جاد ضد الاحتلال للاستجابة وعدم تعطيل الاتفاق أو إفشاله».
وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، أن الموقف المصري واضح في رفض الطرح الإسرائيلي، «فالقاهرة تدرك أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة رفح يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، وأن أي انسحاب غير منضبط نحو مناطق محاذية للشريط الحدودي، مثل (موراغ)، يحمل في طياته مخاطر استراتيجية قد تؤدي إلى توترات خطيرة في المستقبل».
تلك التأكيدات تأتي غداة حديث صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن نقطة الخلاف الرئيسية تتعلق بخطة إسرائيل للاحتفاظ بالسيطرة على محور (موراغ)، مشيرة إلى وجود اختلاف حول الأمر داخل إسرائيل بين من يراه قد يؤخر صفقة الرهائن، ومن يرى أنه حيوي في ظل تحركات إسرائيلية لبناء مدينة لفصل النازحين عن مسلحي «حماس».
تشييع فلسطينيين أمام مستشفى ناصر بجنوب قطاع غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
وتحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تصريحات، الاثنين، عن أن الوزارة ستنشئ منطقة إنسانية جديدة في منطقة رفح لاستقبال ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، وستكون خالية من «حماس».
ورقة «الضغط الأميركي»
ولا يعتقد رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، وزير الخارجية الأسبق، محمد العرابي، أن هناك فرصة قائمة للهدنة طالما لم تغير إسرائيل من نهجها في فرض أمور غير مقبولة بالنسبة لمصر، كالبقاء في محاور على الحدود، مؤكداً أن «هناك صعوبات على الطاولة، ويبدو أن الفرصة الأخيرة للاتفاق تتلاشى تدريجياً، وليست هناك تحركات جادة من إسرائيل للقبول باتفاق بعد».
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أن إسرائيل تسعى لتعطيل الانسحاب، وعرقلة عمل المؤسسات الدولية. وقال: «الإصرار الإسرائيلي على عدم الانسحاب من جنوب وشرق قطاع غزة يعزز المخاوف من أن خطة التهجير القسري لا تزال قائمة، وهذا يقوض أي جهود لتهدئة حقيقية أو حل سياسي شامل».
فلسطيني ينظر الأربعاء لدمار خلفته ضربة إسرائيلية بمخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة (أ.ف.ب)
وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن حرص إسرائيل للبقاء في هذا المحور يُعقد جهود الوسطاء، ويكشف عن نياتها للمضي في مخطط التهجير، مضيفاً أن مصر «لن تقبل بذلك لأنه تهديد لأمنها القومي».
وأضاف: «لكن بالمجمل، قد تقود الضغوط الأميركية على نتنياهو لتقليل قواته بهذا المحور والذهاب لاتفاق مؤقت».
دور الاتحاد الأوروبي
ووسط هذه التحركات الإسرائيلية المهددة للاتفاق، ناقش وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيريه الفرنسي جان نويل بارو، والهولندي كاسبر فيلدكامب، الأربعاء، آخر التطورات بالنسبة لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته، وأهمية دور الاتحاد الأوروبي في دعم الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن وفداً قطرياً توجه إلى واشنطن هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، بينما عقد الرئيس دونالد ترمب اجتماعاً مع نتنياهو بالبيت الأبيض للمرة الثانية، الثلاثاء، «لممارسة أقصى قدر من الضغط بشأن غزة».
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، في تصريحات صحافية، الأربعاء، أن إسرائيل «جادة بشأن التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، وهو أمر يمكن تحقيقه»، مضيفاً: «إذا توصلنا لوقف مؤقت لإطلاق النار فسوف نتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار».
ويعتقد العرابي أن الترويج الإسرائيلي والأميركي لاتفاق «ليس هناك ما يطابقه في أرض الواقع».
وأضاف: «ما دامت واشنطن لم تضغط على إسرائيل، فلن تكون هناك قائمة للهدنة بما يجعلها تقبل مساراً حقيقياً لتحقيق السلام بالمنطقة دون تعطيل أو تأخير». وتابع قائلاً: «اتصالات مصر الحالية حكيمة ومسؤولة وتهدف لدعم دولي وأوروبي لجهود الوسطاء والذهاب لاستقرار المنطقة».
وفي رأي المدهون، فإن المضي بهذا النهج الإسرائيلي سيؤدي إلى مزيد من التصعيد والتوجه لهدنة محدودة لمدة 60 يوماً، دون حل نهائي، «وهذا لن يُقبل فلسطينياً».
أما نزال فيتوقع أن الاتفاق حال إعلانه بضغوط أميركية ستكون أمامه «ألغام إسرائيلية ستجعل المنطقة تعود للحرب مجدداً بعد تجريد جديد للحركة من عدد كبير من الرهائن».