رئيس «الوحدة» الليبية لإنهاء نفوذ التشكيلات المسلحة بالعاصمة

تيتيه تؤكد أن خطاب الكراهية «يعمّق الانقسامات ويشكّل تهديداً حقيقياً لتحقيق الاستقرار»

اجتماع الدبيبة في مقرّ بلدية أبو سليم (حكومة الوحدة)
اجتماع الدبيبة في مقرّ بلدية أبو سليم (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية لإنهاء نفوذ التشكيلات المسلحة بالعاصمة

اجتماع الدبيبة في مقرّ بلدية أبو سليم (حكومة الوحدة)
اجتماع الدبيبة في مقرّ بلدية أبو سليم (حكومة الوحدة)

بينما تعهد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، مجدداً بإنهاء نفوذ التشكيلات المسلحة في ليبيا، أعلنت حكومته بدء أشغال هدم سجن «المضغوطة» في بلدية أبو سليم بجنوب العاصمة طرابلس؛ تمهيداً لتحويله مرفقاً خدمياً لصالح المواطنين بالبلدية، وذلك في إطار خطة إعادة توظيف المرافق العامة غير المستغلة.

وشدَّد الدبيبة في اجتماع موسع عقده في بلدية أبو سليم، مساء الثلاثاء، على أهمية استقرار الأوضاع الأمنية داخل البلدية، مشيداً بأداء الأجهزة الشرطية، حيث أفادت التقارير بأن مراكز الشرطة تعمل بشكل اعتيادي، وتقوم بدورها في حفظ الأمن بصورة طبيعية.

إزالة سجن في منطقة أبو سليم بطرابلس (حكومة الوحدة)

كما شدَّد الدبيبة على ضرورة الإسراع في إنجاز أعمال لجنة حصر الأضرار؛ تمهيداً لتعويض المتضررين من الأضرار، التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة خلال السنوات الماضية، مع التأكيد على التزام الحكومة بتوفير الدعم الكامل لتنفيذ هذه المهام. ودعا إلى تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع الخدمية الحيوية، بصفتها «أولوية قصوى لتحسين جودة الحياة في البلدية».

وحددت الحكومة تاريخ سبتمبر (أيلول) المقبل موعداً لافتتاح حديقة الحيوان بحلّتها الجديدة في منطقة أبو سليم، في خطوة تهدف إلى تعزيز المرافق الترفيهية والخدمية للعائلات والشباب، ودعم انطلاق مشروع «بيوت شباب بوسليم» ليكون مرفقاً شبابياً نموذجياً، يحتضن الفعاليات الثقافية والرياضية والاجتماعية.

وتعرَّض هذا السجن لانتقادات واسعة من قِبل منظمات حقوقية محلية ودولية؛ بسبب ظروف الاحتجاز داخله، وغياب الإشراف القضائي عليه، وكان يخضع لـ«جهاز دعم الاستقرار»، وهو أحد التشكيلات الأمنية النافذة في طرابلس، بقيادة عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة»، الذى قُتل في مايو (أيار) الماضي خلال اشتباكات مسلحة في معسكر التكبالي بجنوب طرابلس، في عملية وُصفت بأنها «تصفية أمنية معقدة»، نفَّذتها قوات موالية لحكومة الدبيبة.

وأبلغ الدبيبة، مساء الثلاثاء، سفير المملكة المتحدة مارتن لونغدن، التزام حكومة «الوحدة» بفرض النظام، وإنهاء جميع التشكيلات الخارجة عن القانون، ومعالجة أوضاع السجون، ووقف الاعتقالات التعسفية، بما يعزز سيادة القانون ويعيد الثقة في مؤسسات إنفاذه. مشيداً بدور المملكة المتحدة في دعم الاستقرار، ومؤكداً استمرار التعاون مع الشركاء الدوليين في هذا الملف.

تعرَّض مقرّ وزارة الموارد المائية بحكومة «الوحدة» للاقتحام (وزارة الموارد المائية)

في غضون ذلك، تحدث موظفون بوزارة الموارد المائية، التابعة لحكومة الوحدة، الأربعاء، عن تعرّض مقرها بمنطقة باب بن غشير في العاصمة طرابلس لاقتحام مسلح من طارق أبو فليقة، الوزير الموقوف عن العمل، رفقة قوة عسكرية، مستخدماً العنف وأسلوباً استفزازياً تجاه الموظفين.

وأدان الموظفون في بيان هذا التصرف، خاصة وأن أبو فليقة موقوف احتياطياً من قِبل هيئة الرقابة الإدارية، وطالبوا الحكومة والمجلس الرئاسي باتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء ما حدث.

من جهة ثانية، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا سيروا تيتيه، الأربعاء، إن خطاب الكراهية يقوّض السلام، ويعمّق الانقسامات، عادَّةً أنه «تهديد حقيقي» لجهود توحيد ليبيا وتحقيق الاستقرار.

وأضافت تيتيه في بيان بمناسبة اليوم الدولي لمناهضة خطاب الكراهية: «في ظل الاستقطاب السياسي، والوضع الأمني الهش في ليبيا، يغدو خطاب الكراهية، خاصةً عندما يمارَس على أسس جهوية أو قبلية أو عرقية، تهديداً حقيقياً لجهود توحيد البلاد وتحقيق الاستقرار».

تيتيه أكدت أن خطاب الكراهية يقوّض السلام ويعمّق الانقسامات الليبية (غيتي)

وشددت تيتيه على أن مكافحة خطاب الكراهية «تتطلب التزاماً على جميع المستويات، من قِبل مؤسسات الدولة، والوجهات الاجتماعية، والعاملين في وسائل الإعلام، والمنصات الرقمية، والمجتمع المدني، والمواطنين كافة»، مؤكدة ضرورة أن يُستبدل الخطاب التحريضي بخطاب «يقوم على الشمول والاحترام والتطلع إلى المستقبل».

في سياق ذلك، أكدت تيتيه التزام البعثة الأممية بالعمل مع جميع الليبيين لتعزيز الحوار، ودعم المصالحة، وتشجيع الخطاب العام المسؤول. وقالت في هذا السياق: «يجب أيضاً أن نضمن أن تُستخدم التقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي لبناء السلام لا لتقسيم المجتمعات، أو نشر المعلومات المضللّة والكراهية».

وختمت تيتيه بيانها بالتأكيد على ضرورة أن «نقف في وجه الكراهية، وأن نعزز الاحترام عند كل اختلاف، وأن نعمل على النهوض بليبيا على أسس الوحدة والعدالة والسلام الدائم».


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تطلق استراتيجية لمكافحة الفساد وسط «شكوك» في جدّيتها

شمال افريقيا قادربوه رئيس هيئة الرقابة الإدارية خلال بحث مستجدات طباعة الكتاب المدرسي (هيئة الرقابة الإدارية)

«الوحدة» الليبية تطلق استراتيجية لمكافحة الفساد وسط «شكوك» في جدّيتها

قالت هيئة الرقابة الإدارية إنها تستهدف من وراء اعتماد «الاستراتيجية الوطنية» تعزيز الشفافية والنزاهة ومواكبة المعايير الدولية المنصوص عليها أممياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد عسكري من غرب ليبيا خلال زيارته لإيطاليا (وزارة الدفاع بغرب ليبيا)

احتقان يسود العاصمة الليبية... ودعوات إلى «نزع فتيل الفتنة»

تقول وزارة الدفاع التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، إنها بدأت «تنفيذ استراتيجيتها المتعلقة بملف التدريب العسكري للجيش» في حين تسود العاصمة حالة احتقان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من زيارة سابقة للدبيبة إلى تركيا (حكومة «الوحدة» الليبية)

تركيا تُعمّق حضورها في ليبيا عبر اتفاقيات تدريب وتعاون عسكريين

انفتحت السلطات في شرق ليبيا وغربها على تركيا بشكل ملحوظ، ما ساعد الأخيرة على تعميق حضورها في البلد الذي يعاني انقساماً سياسياً وحكومياً حاداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع تكالة ومعاونيه (المجلس الأعلى للدولة)

تكالة يتهم رئيس «النواب» الليبي بـ«تعقيد المشهد السياسي»

عاد النزاع مجدداً بين مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» بليبيا بعدما اتهم محمد تكالة المتنازع على رئاسة مجلس الدولة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بـ«تعقيد المشهد».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الوفد البريطاني مع السايح (السفارة)

تيتيه تجدد التزامها بوضع خريطة طريق لإجراء الانتخابات الليبية

جددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا هانا تيتيه التزامها بوضع خريطة طريق تؤدي إلى إجراء انتخابات ومؤسسات موحدة في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة )

حديث الانسحاب الإسرائيلي من «موراغ»... هل يمهد لاتفاق «هدنة» في غزة؟

فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
TT

حديث الانسحاب الإسرائيلي من «موراغ»... هل يمهد لاتفاق «هدنة» في غزة؟

فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

انطلقت تحركات جديدة بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بحسب تسريبات إسرائيلية، بعد حديث عن قبول حكومة بنيامين نتنياهو الانسحاب من حاجز «موراغ» جنوب القطاع المتاخم لحدود مصر، إحدى نقاط الخلاف الرئيسة بالمحادثات.

جاء ذلك تزامناً مع تأكيدات أميركية عن «تقدم» المحادثات، فيما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق يتوقف على ضغط واشنطن على نتنياهو الذي لا يمل من تكرار مناوراته»، وأكدوا أنه «إذا صحت أحاديث الانسحاب من موراغ، فإنها قد تسهل إتمام الاتفاق».

وقال مصدر من «حماس» مطلع على مسار المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، إن «هناك مقاربات واقعية تطرح حالياً بمفاوضات الهدنة، لكن الاتفاق يتوقف بشكل أساسي على موقف الولايات المتحدة التي تملك أدوات الضغط على الاحتلال الإسرائيلي».

وأكد أن «الخرائط الجديدة التي قدمها الاحتلال الإسرائيلي، التي تتضمن تراجعاً عن خرائط سابقة خاصة بمنطقة موراغ، هي خطوة إيجابية، ويمكن أن تساهم في تهيئة المناخ السياسي للوصول إلى اتفاق»، مضيفاً: «مع ذلك، أعتقد أننا ما زلنا في مرحلة تفاوض دقيقة، حيث تُطرح الكثير من التفاصيل والاشتراطات».

ولفت المصدر إلى أن «حركة (حماس) معنية بإنهاء العدوان ووقف الإبادة، وتمتلك رؤية واضحة تذهب نحو اتفاق شامل يتضمن إطلاق سراح عدد من الأسرى ضمن صفقة تبادل، قد تبدأ بعشرة منهم في هذه المرحلة، وهي تعمل بكل جهدها لإنجاح هذا الاتفاق»، مستدركاً: «لكن أي تقدم حقيقي يجب أن يُبنى على انسحاب إسرائيلي واضح من قطاع غزة، وهذا شرط أساسي لا يمكن تجاوزه».

فلسطينيون يصطفون بالقرب من حاوياتهم في انتظار شاحنة توزيع المياه بمخيم مؤقت للنازحين (أ.ف.ب)

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن القناة «12 الإخبارية» الإسرائيلية أن «تقدماً قد أحرز بعد أن أبدى نتنياهو تساهلاً في موقفه بشأن خطوط انتشار الجيش». جاء ذلك بعد ساعات من حديث قناة «i24NEWS» الإسرائيلية، الأربعاء، نقلاً عن مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات أنه «بحسب الخرائط التي قدمتها إسرائيل للوسطاء، فإن إسرائيل تخلت عملياً عن محور موراغ، والحديث الراهن ليس بشأن المحور، بل بشأن الوجود الإسرائيلي في منطقة رفح»، مشيرة إلى «تفاؤل لدى الوسطاء، خاصة أن الخرائط الجديدة تُعزز بشكل كبير إمكانية التوصل إلى إتفاق قريب».

ذلك الترويج الإسرائيلي لمرونة فريق تفاوض حكومة نتنياهو والتقدم بالمفاوضات أكدته أيضاً صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الخميس، لافتة إلى أن رئيس الوزراء «طلب من فريق التفاوض إبداء مرونة أكبر سعياً للتوصل إلى اتفاق تهدئة»، وأكدت موافقته على الانسحاب من محور موراغ، ومناطق أخرى داخل غزة، وأن احتمالات التوصل إلى إتفاق باتت تفوق إحتمالات الفشل، في ظل ضغوط متزايدة من الوسطاء الدوليين.

وذكر مسؤولان في «حماس» تحدثا إلى «رويترز»، الخميس، أن الخلافات لا تزال قائمة بشأن خرائط الانسحاب الإسرائيلي التي أظهرت أن الجيش سيبقى مسيطراً على 40 في المائة من القطاع، وآلية إيصال المساعدات التي تسيطر عليها منظمة تتبع أميركا وإسرائيل دون وجود أممي تطالب به الحركة، والضمانات بأن الاتفاق سيؤدي إلى إنهاء الحرب.

وقال أحدهما، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المحادثات، «لم نتسلم حتى الآن أي خريطة جديدة... حتى الآن لا تقدم في أي من الملفات والحوارات تراوح في مكانها (متوقفة)».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، يعتقد «أن تلك التراجعات الإسرائيلية لا سيما الخاصة بمحور موراغ الذي يفصل خان يونس عن رفح قد تحدث انفراجة، لكن ذلك لم يترجم بعد على أرض الواقع، ونأمل أن ينفذ الانسحاب بشكل جدي».

امرأة فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها خلال غارات إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال المحلل السياسي الفلسطيني المتخصص في شؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، إنه «حتى اللحظة، سلوك نتنياهو يؤشر إلى استمرار تمسكه بخطة التهجير، رغم الرفض الإقليمي والدولي الواسع لها. كل ما يقوم به لا يهدف فقط إلى خلق وقائع ميدانية، بل أيضاً إلى مراكمة أوراق ضغط على الحركة في طاولة التفاوض».

ومع «أن بعض التحركات قد تظهر كأنها تقدم، إلا أن التجربة تؤكد أن الاحتلال يستخدم التقدم الميداني ورقة مساومة، وليس بالضرورة أنه تمهيد حقيقي لانسحاب شامل»، وفق المدهون.

في المقابل، لا يزال التفاؤل الأميركي متواصلاً، وأكد مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن المفاوضات الجارية لوقف إطلاق نار في غزة تسير «على نحو جيد»، مشيراً إلى إحراز «تقدم جيد»، رغم تحفظه على الإفصاح عن تفاصيل الصيغة، أو الجدول الزمني المقترح، فيما قال مسؤول فلسطيني مقرب من المحادثات لـ«رويترز»، الخميس، إن هذه التصريحات المتفائلة «فارغة من المضمون».

فرج أكد أن ضغوط واشنطن على نتنياهو «قادرة على إنتاج اتفاق قريب، وسننتظر ما ستفعله»، بينما يرى المدهون أنه رغم كل هذا التفاؤل وهذه المطالبات، فإن «كل الاحتمالات من إسرائيل واردة»، مستدركاً: «لكن (حماس) هذه المرة تسعى للحصول على ضمانات صلبة تضمن تنفيذ الاتفاق خلال فترة 60 يوماً، تشمل انسحاباً إسرائيلياً، ووقفاً شاملاً للعدوان، وإدخال المساعدات، والمواد الضرورية لإعادة الحياة إلى القطاع».

ويشير إلى أن «هناك مخاوف من أن يسعى الاحتلال لتسلم 8 جنود أسرى في الأيام الأولى، ثم ينقلب على الاتفاق»، لذلك «حماس» تصر على أن «تكون كل البنود والضمانات واضحة ومُلزِمة، وأن يتم التوافق عليها بضمانات دولية تُجبر الاحتلال على الالتزام بها».