الجيش السوداني يتقدم غرب كردفان وجنوب النيل الأزرق

بعثة للأمم المتحدة رصدت «انتهاكات جسيمة» من طرفي القتال

النيران تلتهم سوقاً في عاصمة ولاية شمال دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً في عاصمة ولاية شمال دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم غرب كردفان وجنوب النيل الأزرق

النيران تلتهم سوقاً في عاصمة ولاية شمال دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً في عاصمة ولاية شمال دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)

أفادت مصادر محلية بأن قوات الجيش السوداني مسنودة بفصائل من «القوة المشتركة» (حركات من إقليم دارفور) تتقدم بشكل كبير في بلدات بولاية غرب كردفان؛ ما يقربها من مدينة الخوي، التي تقع بالكامل تحت قبضة «قوات الدعم السريع».

وتعرض الجيش السوداني لخسائر كبيرة في صفوفه إبان المعارك التي دارت في الخوي منتصف مايو (أيار) الماضي، أجبرته على سحب قواته إلى قاعدته العسكرية الرئيسية في مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان. وقالت مصادر إعلامية وثيقة الصلة بالجيش، إن قوات الجيش بدأت منذ يومين في التقدم والسيطرة على عدد من البلدات، وعلى وشك الاستيلاء على الخوي. ولم يصدر أي تعليق من جانب «قوات الدعم السريع» بشأن المعارك التي تدور في تلك المنطقة. والاستيلاء على الخوي قد يمهد الطريق للجيش السوداني، للتقدم نحو مدينة النهود الاستراتيجية، ثالث أكبر مدن كرفان، وهي مركز للإمداد والتموين لـ«قوات الدعم السريع»، التي تتخذ من المدينة خطوط دفاع متقدمة عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وتأتي أهمية هذا التقدم العسكري في أنه يفك جزئياً الحصار الذي فرضته «قوات الدعم السريع» على مدينة الأبيض؛ ما يسهم في تأمين متحركات قوات الجيش التي تسعى لفك الحصار عن مدينة الفاشر.

معارك بجنوب النيل الأزرق

وفي ولاية جنوب كردفان، تصدى الجيش السوداني، لهجوم جديد نفذته قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو استهدف منطقتي الكرقل والدشول. وقالت المتحدث الرسمي باسم الجيش، نبيل عبد الله، إن قواته (الفرقة 14 مشاة كادوقلي) صدت الثلاثاء، هجوماً من مقاتلي الحركة الشعبية، التي تسيطر على المنطقة. وأضاف في بيان صحافي: «استولت قواتنا على عدد من الأسلحة والسيارات القتالية و3 دبابات».

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان يونيو 2024 (أ.ف.ب)

ونشرت عناصر من الجيش السوداني مشاهد مصورة تبين الاستيلاء على الدبابات بعد هزيمة قوات الحركة الشعبية وفرارها من المنطقة، على حد وصفهم.

وأفادت التقارير الواردة من هناك بأن الجيش السوداني فرض سيطرته الكاملة على مدينة الكرقل، بمحلية هبيلا بعد معارك مع قوات فصيل الحلو.

ومنذ انضمام الحركة الشعبية إلى «تحالف السودان التأسيسي» إلى جانب «قوات الدعم السريع»، وسعت من عملياتها الحربية ضد الجيش السوداني في المناطق المحيطة بمدينة الدلنج، وهي ثاني كبرى مدن ولاية جنوب كردفان، وتقع ناحية الجنوب من مدينة الأبيض حاضرة شمال كردفان.

ووفقاً لمصادر ميدانية انسحبت قوات الحركة الشعبية إلى المناطق المحيطة بمعقلها الرئيسي في مدينة كاودا، لكنها توقعت أن تعاود الهجوم مرة أخرى لاستعادة السيطرة على منطقة الكرقل الاستراتيجية التي كانت سابقاً تحت سيطرتها.

انتهاكات جسيمة

من جهة ثانية، حذرت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان، من تصاعد حدّة الحرب الأهلية؛ ما قد يتسبب في مزيد من الضحايا من المدنيين العالقين في النزاع. ودعت البعثة المجتمع الدولي لتنفيذ حظر بيع الأسلحة للمقاتلين في السودان، وضمان مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

وأفادت في أحدث تقرير لها عن النتائج التي توصلت إليها، أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، الثلاثاء، بأنها وثّقت تصاعداً في استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان وارتفاعاً حاداً في العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي. وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق، محمد شاندي عثمان: «إن النزاع في السودان لم يقترب من الانتهاء بعد». وأضاف أن «حجم المعاناة الإنسانية لا يزال يتفاقم، وأيضاً تفكّك الحكم، وعسكرة المجتمع وتدخل جهات أجنبية، كلّها عوامل تُغذي أزمة تزداد دموية يوماً بعد يوم».

وأدت الحرب التي اندلعت في نيسان (أبريل) 2023 بين القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» إلى مقتل آلاف السودانيين، ونزوح أكثر من 13 مليون شخص.

أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)

بدورها، قالت عضوة البعثة، منى رشماوي، إن الحرب المدمّرة في السودان تدخل عامها الثالث دون أي مؤشر على قرب إنهائها. وأضافت: «نحن جميعاً نعلم، ولكن ربما يقتضي التذكير، أن المدنيّين لا يزالون يتحملون العبء الأكبر من تصاعد العنف والاشتباكات». وأشار تقرير البعثة إلى أن طرفي النزاع قد صعّدا من استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان، حيث تعرض المدنيون في محيط الفاشر للاعتداء والاحتجاز والقتل كما تمت مهاجمة وإحراق قرى ونهب ممتلكات من قبل «قوات الدعم السريع».

وذكر التقرير أنه في المناطق التي استعادت القوات المسلحة السودانية السيطرة عليها في الخرطوم والجزيرة وسنّار، وثقت البعثة أعمال عنف انتقاميّة واسعة النطاق، وتعرّض أفراد هناك للاعتقال التعسفي والتعذيب وفي بعض الحالات، الإعدام. ووجدت بعثة تقصي الحقائق، ارتفاعاً حاداً في العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي، حيث يتعرّض النساء والفتيات إلى الاغتصاب الجماعي والخطف والعبودية الجنسية والزواج القسري في الأغلب في مخيمات النازحين القابعة تحت سيطرة «قوات الدعم السريع». ونظّمت البعثة في مايو الماضي، في العاصمة الكينية نيروبي لقاءات تشاورية حول المساءلة، شدّد على أهمية حفظ الأدلة بنزاهة، حتى لو استغرق تحقيق المساءلة سنوات أو عقوداً.


مقالات ذات صلة

البرهان يتدخل ويبقي على أنصبة «الحركات المسلحة» في الحكومة

شمال افريقيا الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان يتدخل ويبقي على أنصبة «الحركات المسلحة» في الحكومة

أطراف «مسار دارفور» في اتفاق جوبا للسلام تتمسك بالحقائب الوزارية التي كانت تشغلها في «الحكومة المحلولة» دون تغيير.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا السودان يقول إنه دمر 50 ألف «جسم متفجر» من مخلفات الحرب  (أ.ف.ب)

السودان... السلاح في يد الجميع فمن يحمي المدنيين؟

يهدد انتشار السلاح في السودان بكثافة الأمن خارج مناطق الحرب، ورغم تقليل الخبراء من خطورته، فإن خلو البلاد منه يعد أمراً معقداً.

وجدان طلحة (بورتسودان)
تحليل إخباري البرهان و«حميدتي» خلال تعاونهما في إطاحة نظام البشير (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري هدوء القتال في السودان... هدنة غير معلنة أم استراحة محارب؟

تشهد محاور القتال في السودان هدوءاً نسبياً، أرجعه خبراء إلى إنهاك الطرفين المتحاربين والصراعات الداخلية في صف كل طرف والضغوط الدولية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نزوح من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

الفاشر المحاصرة تنازع القتال والجوع

على وقع الحصار المستمر لمدينة الفاشر في غرب السودان، تراجعت قدرات السكان الشرائية، وباتوا عاجزين عن شراء القليل من الطعام بسبب الغلاء.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جامعة الخرطوم قبل الحرب (المكتبة الوطنية السودانية)

السودان: 3 مليارات دولار خسائر «التعليم العالي» جراء الحرب

قدَّرت وزارة التعليم العالي السودانية الأضرار الناتجة عن الحرب بقطاع التعليم العالي بنحو 3 مليارات دولار.

وجدان طلحة (بورتسودان)

تونس تصدر أحكاماً مشددة بالسجن على سياسيين كبار بينهم الغنوشي

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
TT

تونس تصدر أحكاماً مشددة بالسجن على سياسيين كبار بينهم الغنوشي

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)

قالت إذاعة «موزاييك إف إم» التونسية إن محكمة أصدرت، اليوم الثلاثاء، أحكاماً بالسجن تتراوح من 12 إلى 35 عاماً على سياسيين كبار من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ومسؤولين أمنيين سابقين بتهمة التآمر، في خطوة يقول منتقدون إنها تظهر «استخدام الرئيس قيس سعيد للقضاء لترسيخ حكم استبدادي».

ومن بين المحكوم عليهم بتهمة التآمر على الدولة في هذه المحاكمة نادية عكاشة، مديرة ديوان الرئيس قيس سعيد السابقة.

وحُكم على عكاشة التي فرت من البلاد بالسجن 35 عاماً.

وقالت «موزاييك» إن رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد المتهم في هذه القضية طعن على قرار دائرة الاتهام بإحالته إلى الدائرة الجنائية، وهو ما يعني أنه ليس مشمولاً في الأحكام حتى الآن في انتظار نتيجة الطعن.

وحُكم على الغنوشي (84 عاماً)، الرئيس المخضرم لحزب «النهضة الإسلامي»، بالسجن 14 عاماً.

والغنوشي، الذي كان رئيساً للبرلمان الذي حله سعيد، مسجون منذ عام 2023، وصدرت بحقه ثلاثة أحكام بالسجن لمدة تبلغ 27 عاماً في قضايا منفصلة في الأشهر القليلة الماضية.

ووُجهت اتهامات إلى 21 شخصاً في القضية، منهم عشرة في السجن بالفعل و11 فروا من البلاد.

وحكمت المحكمة على رئيس جهاز المخابرات السابق كمال القيزاني بالسجن 35 عاماً، ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بالسجن 35 عاماً، ومعاذ الغنوشي، ابن راشد الغنوشي، بالسجن 35 عاماً. وفر الثلاثة من البلاد.

وحل سعيد البرلمان عام 2021 وبدأ الحكم بالمراسيم، ثم حل المجلس الأعلى للقضاء المستقل وأقال عشرات القضاة، وهي خطوة تصفها المعارضة بأنها انقلاب قوض الديمقراطية الناشئة التي فجرت شرارة انتفاضات «الربيع العربي» عام 2011.

ويرفض سعيد هذه الاتهامات، ويقول إن خطواته قانونية وتهدف إلى إنهاء سنوات من الفوضى والفساد المستشري في أوساط النخبة السياسية.

ويقبع معظم قادة المعارضة وبعض الصحافيين ومنتقدي سعيد في السجن منذ أن سيطر سعيد على معظم السلطات في عام 2021.

وهذا العام، أصدرت محكمة أخرى أحكاماً بالسجن تتراوح من خمسة أعوام إلى 66 عاماً على قادة للمعارضة ورجال أعمال ومحامين بتهمة التآمر أيضاً، وهي قضية تقول المعارضة إنها ملفقة في محاولة لقمع معارضي الرئيس.

وتقول جماعات حقوقية ونشطاء إن سعيد حول تونس إلى سجن مفتوح ويستخدم القضاء والشرطة لاستهداف خصومه السياسيين.

ويرفض سعيد هذه الاتهامات، ويقول إنه لن يصبح ديكتاتوراً وإنه لا أحد فوق القانون مهما كان اسمه أو منصبه.