الحكومة السودانية تنتقد تشكيك كينيا في شرعيتها

مسيرة تستهدف مدينة في ولاية البحر الأحمر للمرة الأولى

الحكومة السودانية تنتقد تشكيك كينيا في شرعيتها
TT

الحكومة السودانية تنتقد تشكيك كينيا في شرعيتها

الحكومة السودانية تنتقد تشكيك كينيا في شرعيتها

صعدت الحكومة السودانية من لهجتها الانتقادية تجاه دولة كينيا، بسبب ما سمته التشكيك في شرعيتها، واستمرارها في رعاية «قوات الدعم السريع» وداعميها، متهمة نيروبي بالتواطؤ في تقسيم السودان. في حين استهدفت طائرة مسيرة في الساعات الأولى من صباح السبت مطار مدينة كسلا، بولاية البحر الأحمر في شرق السودان للمرة الأولى منذ بداية الحرب. وقال بيان لوزارة الخارجية السودانية، مساء الجمعة، إن الحكومة الكينية تُصر على التصرف كـ«حكومة مارقة» لا تحترم سيادة الدول الأخرى، وتتدخل بشكل صارخ في شؤونها الداخلية، و«تحتضن ميليشيات الإبادة الجماعية المدعومة من قبلها».

تشكيك كيني

وجاء التصعيد السوداني رداً على بيان من الحكومة الكينية الأسبوع الماضي استخدمت فيه مصطلح «إدارة القوات المسلحة السودانية»، بدلاً من حكومة السودان. وأعربت الحكومة السودانية عن قلقها إزاء ما سمّته «التوصيفات الخاطئة والدلالات المضللة الواردة في البيان الكيني». وقال بيانها: «لا يمكن للسودان أن يلتزم الصمت عندما تستضيف دولة عضو في الاتحاد الأفريقي وهيئة (إيغاد) فعاليات تنظمها ميليشيات قوات الدعم السريع لتستمر في أجندة ارتكاب الإبادة الجماعية».

الرئيس الكيني ويليام روتو (إ.ب.أ)

وحث البيان حكومة كينيا على إعادة النظر في نهجها والعمل بما يتماشى مع ميثاقي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، اللذين يلزمان الدول الأعضاء بعد التدخل في شؤون بعضهما، بدلاً من السعي إلى مبادرات أحادية الجانب تهدد بتقسيم المنطقة.

وأكدت الحكومة السودانية التزامها بالحل السلمي للأزمة، والحفاظ على سلامة مؤسسات الدولة، وتهيئة البلاد لتحول ديمقراطي مستدام، بالتعاون مع شركاء حقيقيين يدعمون عملية سلام بقيادة سودانية وملكية أفريقية، تحترم سيادة البلاد ووحدتها.

وساءت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، عقب استضافة كينيا اجتماعاً لـ«قوات الدعم السريع» وبعض القوى السياسية، في نيروبي فبراير (شباط) الماضي، تمخض عنه توقيع ميثاق سياسي لتشكيل حكومة موازية في البلاد، في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، في مقابل سلطة الأمر الواقع بقيادة الجيش السوداني، مقرها بورتسودان.

عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» محاطاً بممثلي الأحزاب السياسية في اجتماع بنيروبي 18 فبراير (أ.ف.ب)

وسحبت الحكومة السودانية سفيرها من كينيا في فبراير الماضي احتجاجاً على هذه الخطوة، واتخذت إجراءات اقتصادية بوقف استيراد الشاي الكيني. وتقدم السودان بمذكرة للاتحاد الأفريقي لاتخاذ إجراءات ضد نيروبي لتدخلها في الشأن الداخلي السوداني.

ورفضت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الكينية «ادعاءات القيادة العسكرية السودانية» التي تحمّل كينيا مسؤولية الصراع المأساوي الدائر في السودان. وعبّرت في بيان، الثلاثاء الماضي، عن قلقها إزاء رسالة وجهتها «إدارة القوات المسلحة السودانية» إلى السفارات الأجنبية تتهم فيها كينيا بالتدخل في الصراع.

وقالت إن الحكومة الكينية قامت، بالتنسيق مع جهود السلام الإقليمية، بعقد اجتماعات مع الجماعات السودانية المتناحرة في نيروبي وأماكن أخرى، بهدف تحقيق السلام، وأن دورها كان محايداً ومستنداً إلى التزامها الراسخ بالسلام في المنطقة.

وأضافت أن عقد بعض القادة السودانيين اجتماعات في نيروبي أثار قلق القيادة السودانية، التي اتهمت كينيا بدعم حكومة في المنفى. وأوضحت وزارة الخارجية الكينية أن انعقاد المنتدى الحواري في نيروبي لا يعني تأييداً لنتائج الاجتماع، الذي طالب بتشكيل حكومة في المنفى «كما زُعم».

استهداف مطار كسلا

من جهة ثانية استهدفت طائرة مسيرة في الساعات الأولى من صباح السبت مطار مدينة كسلا في شرق السودان. ووفقاً لمصادر محلية استهدفت المسيرة مخازن الوقود في المطار، دون تسجيل خسائر مادية. وهي المرة الأولى التي تهاجم المسيرات مدينة تقع في ولاية البحر الأحمر، شرقي البلاد، التي تضم مدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة للبلاد.

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، السبت، سيطرتها على مدينة الخوي، بعد يوم من الاستيلاء على مدينة النهود، ثاني أكبر مدينة بولاية غرب كردفان.

وقالت، في بيان على منصة «تلغرام»، إن قواتها كبّدت الجيش السوداني خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، كما استولت على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.


مقالات ذات صلة

قوات حليفة للجيش السوداني تستعيد بلدة في كردفان

شمال افريقيا نازحون من الخرطوم لجأوا إلى إقليم كردفان (أ.ف.ب)

قوات حليفة للجيش السوداني تستعيد بلدة في كردفان

نفذت «القوة المشتركة» عملية التفاف تكتيكية مباغتة، استعادت بها بلدة أم صميمة بعد ساعات من سيطرة «الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مواطن يحاول تصريف المياه من أمام مسكنه في مدينة أم درمان (الشرق الأوسط)

أمطار غزيرة في الخرطوم تجرف جثثاً متحللة

هطلت أمطار غزيرة في عدد من المناطق بولاية الخرطوم، مما أدّى إلى تراكم المياه في الأحياء والشوارع، كما جرفت بعض مخلفات الحرب، بما في ذلك جثث متحللة.

وجدان طلحة (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

طرفا الحرب في السودان يتبادلان الاتهامات بارتكاب مجازر

تبادل طرفا الحرب في السودان اتهامات بارتكاب مجازر في إقليم كردفان بغرب البلاد، إثر عمليات برية وجوية خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي أشخاص يسيرون في شارع يحمل آثار الدمار نتيجة صراع دموي على السلطة في السودان (أرشيفية - د.ب.أ)

السودان: مقتل 11 وإصابة 31 آخرين بهجوم لـ«الدعم السريع» بولاية شمال كردفان

أعلنت «شبكة أطباء السودان» اليوم (الأحد) مقتل 11 وإصابة 31 آخرين جراء هجوم لـ«قوات الدعم السريع» على منطقة بولاية شمال كردفان في وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا نازحون سودانيون في مخيم تديره «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» خلال نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

اعتداءات على لاجئين سودانيين في مخيم بأوغندا

تعرض لاجئون سودانيون في مخيم «كيرياندقو» بشمال أوغندا لاعتداءات عنيفة من قبل لاجئين آخرين، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

سلطات «شرق ليبيا» تحقق مع تشكيل عصابي بتهمة تعذيب «مهاجرين»

مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

سلطات «شرق ليبيا» تحقق مع تشكيل عصابي بتهمة تعذيب «مهاجرين»

مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

أخضعت السلطات الأمنية في شرق ليبيا تشكيلاً عصابياً للتحقيق، لاتهامه باحتجاز وتعذيب مهاجرين غير نظاميين بغرض «بيعهم بالعملة الصعبة لتجار البشر، أو مساومة أسرهم على دفع فدية».

وقال مصدر أمني في مديرية أمن أجدابيا إن جهات التحقيق بدأت، الاثنين، استجواب التشكيل «للوقوف على أبعاد جريمة أفراده التي خلت من كل إنسانية، وكشف المتعاونين معهم من خارج ليبيا»، لافتاً إلى أن التشكيل، الذي وصفه بأنه «خطير»، يضم سودانيين، ومصرياً، وأربعة ليبيين.

مهاجرون «محرَّرون» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

وتحدث المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «هذه الجريمة ستُسهل على الأجهزة الأمنية الوصول إلى جرائم أخرى مشابهة»، مشيراً إلى «توسيع عمليات المطاردة في شرق ليبيا لعصابات الاتجار بالبشر».

وكشفت مديرية أمن أجدابيا بشرق ليبيا عن قضية قالت إنها «تحمل في طياتها صورة من صور الإرهاب بأعمالها الوحشية وتصرفاتها القمعية»، بعدما عرضت مقاطع مصورة «مروعة» لتشكيل عصابي وهو يعذب محتجزين.

عشرات المهاجرين عثرت عليهم الأجهزة في شرق ليبيا بعد تعرضهم للتعذيب (جهاز مكافحة الهجرة)

وأوضحت أن الأجهزة الأمنية داهمت «مزرعة كان يُحتجز فيها أكثر من مائة مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة، ذكوراً وإناثاً، في دهاليز مظلمة ضيقة يصعب فيها التنفس، وقد كانوا متكدسين بعضهم فوق بعض، وهم على أعتاب الموت»، مشيرة إلى أن غالبية المحتجزين كانوا «في حالة صحية سيئة جداً، ويعانون من العطش والألم والخوف والجوع».

كما كشفت أنها عثرت على بعضهم مكبلي الأيدي والأقدام وقد تعرضوا للجلد، وكانت أجسادهم تنزف دماً.

وأشارت إلى أن الغرض من احتجازهم كان «إما بيعهم بالعملة الصعبة لتجار البشر الذين يديرون مراكب الموت وعمليات التهريب عبر البحر، أو تصويرهم وهم يتعرضون للجلد والتعذيب، ثم إرسال تلك المقاطع إلى ذويهم عبر تطبيقات التواصل لابتزازهم بطلب الفدية مقابل إطلاق سراحهم».

الهجرة غير النظامية

في سياق متصل، بحث فتحي التباوي، وزير الدولة لشؤون الهجرة غير المشروعة في حكومة شرق ليبيا، مع مستشار المجلس الأمني القومي المستشار إبراهيم بوشناف، في مستجدات ملف الهجرة غير النظامية.

وقالت الوزارة إنه تم استعراض التحديات التي تواجهها الدولة الليبية في ملف الهجرة غير النظامية، والآليات المقترحة لتعزيز التنسيق بين الجهات المختصة، بما يحقق الأمن القومي ويحفظ السيادة الوطنية، مع مراعاة الجوانب الإنسانية المرتبطة بالهجرة.

وأكد الطرفان أهمية «التكامل المؤسسي وتوحيد الجهود للتعامل مع هذه الظاهرة بفعالية، وضرورة تبني استراتيجية وطنية شاملة تعالج الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وتدعم جهود الدولة في ضبط الحدود والتعاون الإقليمي والدولي في هذا الملف».

وتؤكد السلطات في شرق ليبيا وغربها أنها تعمل على مكافحة تهريب المهاجرين غير النظاميين، والتوسع في عمليات إعادتهم مرة أخرى إلى بلدانهم.

وتُعد الرحلة من ليبيا إلى إيطاليا أحد أكثر المسارات المستخدمة في الهجرة عبر البحر.

وبموجب القانون الدولي الإنساني، لا يجوز إعادة المهاجرين قسراً إلى بلدان يواجهون فيها إساءة معاملة خطيرة، وقد وُثقت حالات كثيرة من إساءة معاملة المهاجرين على نطاق واسع في ليبيا.

وأشارت «وكالة الأنباء الليبية» إلى أن الأجهزة الأمنية بشرق ليبيا رحَّلت 1700 مهاجر هذا الشهر حتى الآن.