مصر لإنهاء قوائم انتظار «العلاج على نفقة الدولة»

«الصحة» أكدت إصدار أكثر من 800 ألف قرار خلال 3 أشهر

طواقم طبية داخل مستشفيات مصرية (وزارة الصحة المصرية)
طواقم طبية داخل مستشفيات مصرية (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر لإنهاء قوائم انتظار «العلاج على نفقة الدولة»

طواقم طبية داخل مستشفيات مصرية (وزارة الصحة المصرية)
طواقم طبية داخل مستشفيات مصرية (وزارة الصحة المصرية)

تخطو مصر بشكل متسارع نحو إنهاء قوائم انتظار «العلاج على نفقة الدولة» التي تتحمل فيها الدولة تكلفة العمليات والإجراءات الطبية الواجب اتخاذها مع المرضى في المستشفيات سواء كانت حكومية أو خاصة.

وأصدرت وزارة الصحة المصرية «أكثر من 800 ألف قرار خلال الربع الأول من العام الحالي بتكلفة وصلت إلى 6 مليارات جنيه» (الدولار يساوي 50.05 جنيه في البنوك المصرية)، بحسب تصريحات المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، الدكتور حسام عبد الغفار، الذي أكد «تضمين القرارات لمختلف أنواع العلاج».

وخلال عامي 2023 و2024 صدر 10 آلاف و646 قرار علاج بجراحات لزراعة الأنسجة والأعضاء بتكلفة تجاوزت 360 مليون جنيه من بينها عمليات جراحية لمرضى زراعة النخاع، وزراعة الكبد، بالإضافة إلى جراحات زراعة القوقعة على الأذن وزراعة القرنية، وفق بيان رسمي للوزارة، مساء الجمعة.

وأطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في يوليو (تموز) 2018، مبادرة لـ«القضاء على قوائم انتظار المرضى»، وهي المبادرة التي جاء إطلاقها بالتزامن مع خطة لتطوير آليات العمل بالمنظومة الصحية، وبلغت تكلفتها حتى الآن 7.392 مليار جنيه، بحسب الموقع الرسمي للرئاسة المصرية.

وبدأت المبادرة باستهداف القضاء على قوائم الجراحات العاجلة في 9 تخصصات، لتتوسع لاحقاً وتشمل كل التخصصات، مع قيام المرضى بتسجيل التدخلات الجراحية التي يحتاجون إليها من خلال الموقع الرسمي للمبادرة أو عبر الهاتف، أو البريد الإلكتروني.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في جولة تفقدية داخل مجمع طبي (مجلس الوزراء المصري)

ومنذ عام 2018، بدأت الحكومة المصرية في تطبيق منظومة «التأمين الصحي الشامل» بهدف تطوير وتحديث المنظومة الصحية وتحسين الجودة لدى مقدمي الخدمات، وهو المشروع الذي جرى فيه تسجيل 3.8 مليون مواطن حتى نهاية العام الماضي. في وقت تعهد وزير الصحة المصري، الدكتور خالد عبد الغفار، بتغطية المنظومة لمختلف المحافظات المصرية بحلول عام 2030، بحسب البيان الذي ألقاه أمام مجلس النواب (البرلمان)، في أكتوبر (تشرين أول) الماضي.

مدير «وحدة المبادرات الرئاسية» بوزارة الصحة المصرية، الدكتورة منى خليفة، أكدت «نجاح الوزارة خلال السنوات الماضية في تقليص مدة الانتظار بالجراحات الدقيقة ومرتفعة التكلفة من سنوات وشهور طويلة في بعض الأحيان إلى أسابيع فقط، وهو أمر جاء بدعم من توافر الإرادة السياسية لمعالجة هذا الملف وحل مشكلة تكدس أعداد المرضى».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «الجراحات العاجلة لم يعد انتظارها يطول أكثر من أيام فقط، وفي أضيق الحدود، مع وجود قاعدة بيانات تسهل إجراء الجراحات اللازمة، وسرعة اتخاذ القرارات لدخول المريض غرفة العمليات»، لكنها لفتت في الوقت نفسه إلى أن «فكرة القضاء الكامل على قوائم الانتظار أمر لا يمكن حدوثه بالمعني الحرفي بسبب استمرار الحالات المرضية». وأكدت أن الهدف الرئيسي الذي يتم العمل على تحقيقه بشكل واقعي «جعل المريض قادراً على الخضوع للجراحة التي يحتاج إليها في أضيق وقت ممكن»، مشيرة إلى أن بعض العمليات الجراحية «لم يعد المريض يحتاج إلى أكثر من يوم انتظار لإجرائها».

مصر توسّعت في إصدار قرارات «العلاج على نفقة الدولة» (وزارة الصحة المصرية)

فيما عدَّ رئيس أقسام الباطنة والمناعة بطب عين شمس سابقاً، الدكتور أشرف عقبة، أن «القضاء على قوائم الانتظار من أهم الإنجازات في القطاع الصحي، خصوصاً في ظل الأعداد الكبيرة من المرضى التي تتحمل فيها الدولة تكلفة علاجهم، بغض النظر عن طبيعة الجراحات المطلوبة»، مشيراً إلى أن «التغطية الطبية لا تقتصر على العمليات الجراحية؛ لكن تشمل أيضاً إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة، وما تتطلبه أي جراحة من متابعة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «إجراء بعض الجراحات ضمن قوائم الانتظار في الماضي كان يستغرق سنواتٍ لبعضها، الأمر الذي كان يتسبب في ضرر للمرضى ومضاعفات، وهو أمر لم يعد موجوداً (اليوم)»، مشيراً إلى أن «تسارع وتيرة إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، ودعم مبادرات قوائم الانتظار ساهما في حل هذا الأمر».


مقالات ذات صلة

هل يعود نجوم الكرة المصريون للدوري الليبي؟

رياضة عربية محمود «كهربا» أحد أبرز اللاعبين المصريين المحترفين في الدوري الليبي (صفحة اللاعب على «فيسبوك»)

هل يعود نجوم الكرة المصريون للدوري الليبي؟

مع مؤشرات عن هدوء الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا، عقب تشكيل لجنة الهدنة في طرابلس، وما ترتب عليه من قرار الاتحاد الليبي لكرة القدم استئناف مباريات الدوري.

محمد عجم (القاهرة )
العالم العربي محادثات سعودية - مصرية الثلاثاء تتناول عدداً من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك (مجلس الوزراء المصري)

مصر تتطلع لتفعيل المجلس الأعلى التنسيقي مع السعودية

أعرب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الثلاثاء، عن تقديره دور السعودية على المستوى الإقليمي الداعم للقضايا العربية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الدفاع المصري يتفقد جواً عدداً من نقاط التأمين الحدودية المتمركزة بنطاق المنطقة الغربية العسكرية (المتحدث العسكري)

وزير الدفاع المصري يشيد بدور مقاتلي المنطقة الغربية في صد «التهديدات»

أشاد وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد المجيد صقر، الثلاثاء، بما وصفه بـ«الدور المهم»، الذي يقوم به مقاتلو المنطقة الغربية العسكرية في حماية البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)

مصر: جدل «سرقة» الدجوي يتصاعد عقب ظهور خلافات أسرية

تصاعد الجدل في مصر حول بلاغ «سرقة» شقة رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، نوال الدجوي، وذلك عقب حديث عن خلافات أسرية حول الميراث.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي الأتوبيس الترددي يشق طريقه قريباً في القاهرة (وزارة النقل)

الحكومة المصرية تحاصر «فوضى الميكروباص» بـ«الأتوبيس الترددي»

يشكو مواطنون ومسؤولون في مصر من أزمات عدة يتسبب فيها «الميكروباص»، رغم كونه وسيلة نقل حيوية داخل المدن المصرية، من بينها عدم الالتزام بالقوانين المرورية.

رحاب عليوة (القاهرة)

«الجثث»... سلاح حكومة «الوحدة» الليبية لـ«إدانة» الككلي وفلوله

المقر الذي يقول «اللواء 444» إنه عثر فيه على «مقبرة جماعية» ويعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)
المقر الذي يقول «اللواء 444» إنه عثر فيه على «مقبرة جماعية» ويعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)
TT

«الجثث»... سلاح حكومة «الوحدة» الليبية لـ«إدانة» الككلي وفلوله

المقر الذي يقول «اللواء 444» إنه عثر فيه على «مقبرة جماعية» ويعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)
المقر الذي يقول «اللواء 444» إنه عثر فيه على «مقبرة جماعية» ويعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

زادت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، من التصعيد ضد «جهاز دعم الاستقرار»، الذي فككته بعد مقتل آمره، عبد الغني الككلي، الشهير بـ«غنيوة».

وبدت قوات الدبيبة منشغلةً - وفق متابعين ليبيين- بترتيب مرحلة ما بعد اغتيال الككلي، بالحديث عن «جرائمه»، التي سبق أن تغاضت عنها، بحسب تقارير دولية، مستخدمةً «الجثث» التي تقول إنها تستخرجها من «مقبرة جماعية» بمنطقة نفوذ نجله في أبوسليم.

عينات من الأدلة التي تم تجميعها (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

ويقرُّ حقوقيون ليبيون بـ«تورط» جهاز الككلي في «جرائم» عدة، تتعلق بالإخفاء القسري لمواطنين خلال السنوات الماضية، لكنهم «يشكِّكون» في هذه الجثث، التي قالوا: «ربما تكون نُقلت من أماكن أخرى للتدليل على ما تريده حكومة الوحدة».

وتتحدَّث وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» عن وجود ثلاجة بمستشفى الحوادث في أبوسليم (منطقة نفوذ الككلي)، تضم 58 جثة مجهولة الهوية، قالت إنها استخرجت منها 23 حتى الآن.

وأوضحت الوزارة أن الكشف عن هذه الجثث جاء «بناءً على بلاغ وارد إلى المحامي العام بطرابلس من إدارة مستشفى الحوادث في أبوسليم»، لافتةً إلى أن الإفادة أشارت إلى «وجود ثلاجة كانت تحت حماية (جهاز دعم الاستقرار) سابقاً، وتحتوي على 58 جثة مجهولة الهوية، تم تخزينها منذ فترة، دون إبلاغ النيابة العامة، أو مراكز الشرطة المختصة».

وقالت الوزارة إن الأجهزة المختصة بدأت، صباح الاثنين، «تنفيذ التعليمات الصادرة عن النيابة العامة، حيث تولى جهاز المباحث الجنائية، بالتعاون مع جهاز الطب والطوارئ، وتحت إشراف مباشر من النيابة العامة، عمليات الكشف والمعاينة الفنية للجثامين».

وانتهت الوزارة إلى أنه «حتى الآن، تم الكشف على 23 جثة، واتُّخذت بشأنها الإجراءات القانونية اللازمة كافة، بما في ذلك توثيق البيانات ورفع العينات».

المقر الذي يقول «اللواء 444» أنه عثر فيه على «مقبرة جماعية» ويعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

وسبق أن علَّقت منظمة العفو الدولية، في بيانات رسمية، على تصاعد نفوذ الككلي في طرابلس، على الرغم «من تاريخ حافل بجرائم مشمولة في القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، ارتكبتها الميليشيات تحت قيادته، ووُثِّقت على نحو وافٍ».

الأمر لم يتوقف على الثلاجة، التي عُثر فيها على 58 جثة، بل وصل إلى اكتشاف «مقبرة جماعية» في مقر مملوك لبلقاسم، نجل الككلي.

وقال «اللواء 444 قتال»، التابع للدبيبة، إن أفراد الفرق المختصة من هيئة البحث والتعرف على المفقودين، رفقة جهاز المباحث الجنائية، وبإشراف مباشر من النيابة العامة، «يواصلون العمل على إخراج الجثث من المقبرة المكتشَفة في مقر نجل الككلي»، مبرزاً أن هذا التحرك «جاء بناءً على التحقيقات والاعترافات التي تحصَّل عليها اللواء من المقبوض عليهم من التابعين للعصابة»، في إشارة إلى فلول الككلي.

وقُتل الككلي، الأسبوع الماضي، داخل معسكر التكبالي، مقر «اللواء 444 قتال»، في عملية وصفتها حكومة «الوحدة» المؤقتة، بـ«الأمنية المعقدة».

وأوضح «اللواء» أن «اعترافات أحد المقبوض عليهم دلَّت على وجود الفتاة المختطفة (رؤية)، ضمن الجثث التي آوتهم المقبرة من ضحايا بلقاسم الككلي». «كما أسهمت في تحديد هوية أحد الجثامين، وعزَّزت الفرق المختصة تلك الرواية بأخذ عينات، ومطابقتها عبر تحليل الحمض النوويّ».

وأوضح «اللواء» أن «بعض الجثث تم حرقها»، مشيراً إلى أنه «لتحرّي الدقة، أعادت الفرق المختصة إجراء التحاليل باستخدام معدات أكثر دقة، وسيتم إعلان نتائجها قريباً، لا سيما النتائج المتعلقة بالرفات الذي يعود لجثة المفقودة (رؤية)».

وكانت الفتاة رؤية قد اختفت في منطقة أبوسليم خلال السنوات الماضية، ويعتقد أن ميليشيا الككلي وراء ذلك. لكن لم يتضح الأمر بعد.

وانتهى اللواء متحدثاً عن «بشاعة الإجرام»، الذي طال أصحاب الجثث، سواء كانت الفتاة (رؤية) أم سواها؛ «مما يعكس شناعة عصابة غنيوة»، وفق قوله.

المقر يعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

وقال أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إنه «عندما كانت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية توثِّق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها ميليشيا (دعم الاستقرار)، كانت (الوحدة) تدافع عنها، وتتنكر لحقيقة هذه التقارير الصادرة بهذا الشأن».

وأضاف حمزة في تصريح صحافي: «اليوم تحاول الحكومة تبرئة نفسها من الاشتراك في المسؤولية القانونية حيال التواطؤ مع هذه الميليشيا وقادتها، والتستر على جرائمهم».

جانب من الأدلة التي تم العثور عليها في «المقبرة الجماعية» (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

وكانت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ«العفو الدولية»، قد قالت إن «الميليشيا تحت قيادة الككلي دأبت على إرهاب الأفراد في حي أبوسليم بطرابلس لأكثر من عقد، وذلك بممارسة الإخفاء القسري والتعذيب، وتنفيذ عمليات القتل غير المشروع». ودعت حنيها إلى «إجراء تحقيقات بشأنه؛ ومقاضاته في إطار محاكمة عادلة، إذا توفرت أدلة كافية مقبولة»، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، إلاّ بعد أن دبَّ خلافٌ بين الدبيبة والككلي، قُتل على أثره وفق أرجح الروايات.