بدأ المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج في المفوضية الأوروبية، ستيفانو سانّينو، اليوم الثلاثاء، زيارة إلى الجزائر، أجرى خلالها محادثات مع مسؤولين جزائريين في وزارة الشؤون الخارجية، تناولت ملف إعادة التفاوض حول «اتفاق الشراكة»، الذي انطلقت مشاوراته مطلع العام، ومشروع انخراط دول جنوب المتوسط في «الميثاق الجديد من أجل المتوسط».
وأكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر، في بيان، أن زيارة سانّينو ستستمر حتى 24 من أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أنها «تندرج في إطار المشاورات المستمرة حول الميثاق الجديد من أجل المتوسط، الذي تعتزم المفوضية الأوروبية اعتماده خلال الأشهر المقبلة، بهدف تعزيز نهج أكثر تكاملاً وتماسكاً للتعاون الإقليمي».
وأضاف البيان أن سانّينو سيجري محادثات مع ممثلين عن عدة وزارات جزائرية، خصوصاً وزارات الشؤون الخارجية، والطاقة، والمالية، والثقافة. كما سيشارك، الأربعاء، في مؤتمر حول «الديناميكيات الجديدة للاستثمار وآفاق التعاون بين الاتحاد الأوروبي والجزائر».
يُنظم هذا الحدث من قبل بعثة الاتحاد الأوروبي بالجزائر، بالتعاون مع الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وبمشاركة ممثلين عن مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، وهو أكبر تنظيم اقتصادي لرجال الأعمال في البلاد.
وأكدت ممثلية الاتحاد الأوروبي أن زيارة سانّينو تمثل «فرصة ثمينة لتجديد التأكيد على رغبة الاتحاد الأوروبي في إعطاء دفعة جديدة للتعاون الثنائي مع الجزائر، في إطار الميثاق الجديد من أجل المتوسط، الذي يتميّز ببعد استراتيجي أوسع وأكثر ترابطاً».
وأضاف البيان موضحاً أن الاتحاد الأوروبي «يطمح إلى شراكة تتجاوز العلاقات القوية القائمة بالفعل، خصوصاً في قطاع الطاقة، بهدف بناء تكاملات استراتيجية جديدة تخدم النمو المستدام والشامل، في ظل سياق جيوسياسي متغير، ولمواجهة تحديات مشتركة، منها إعادة التصنيع، والتنافسية الاقتصادية، والتحول البيئي».
تأتي هذه الزيارة فيما تتواصل الاجتماعات الدورية بين وزارتي التجارة والخارجية الجزائريتين، ووحدة شمال أفريقيا في المفوضية الأوروبية المعنية بعلاقات الجوار؛ لمناقشة إعادة التفاوض حول «اتفاق الشراكة» المبرم في 2002.
وخلال السنوات الأخيرة، دعت الجزائر مسؤولي الاتحاد الأوروبي إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض لتعديل الاتفاق، الذي بدأ تطبيقه في 2005، مبررة ذلك بـ«غياب التوازن في المكاسب». فقد فتحت الجزائر أسواقها للسلع الأوروبية التي استفادت من إعفاءات جمركية، لكنها لم تستفد بالشكل الكافي من الاستثمارات الأوروبية، كما لم تحقق نمواً اقتصادياً موازياً، أو مكاسب تصديرية مماثلة، حسب تبريراتها.
وتُسجّل الجزائر عجزاً تجارياً كبيراً مع الاتحاد الأوروبي، حيث تفوق الواردات الأوروبية بكثير الصادرات الجزائرية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أطلق مبادرة «الميثاق الجديد من أجل المتوسط» في فبراير (شباط) 2021، لإعادة تشكيل علاقاته مع دول جنوب المتوسط، مثل الجزائر وتونس والمغرب ومصر، بهدف تعزيز التعاون في مواجهة تحديات مشتركة، تشمل التغير المناخي، والهجرة والأمن، والاستقرار والتنمية الاقتصادية، إضافة إلى التحول الطاقوي والبيئي.
ويشكل «الميثاق الجديد من أجل المتوسط»، حسب مراقبين، إطاراً واعداً لتوسيع مجالات التعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، خاصة في قطاعات استراتيجية. ففي مجال الطاقة تُعد الجزائر شريكاً مهماً لأوروبا في الغاز، بينما يوفر الميثاق فرصاً لتعزيز الشراكة في الطاقات المتجددة، كالطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.
كما يدعم «الميثاق» التنمية الاقتصادية عبر تمويلات موجهة للمؤسسات الصغيرة وبرامج تشغيل الشباب والنساء. أما في قطاع التعليم، فيتيح توسيع برامج التبادل والتكوين المهني، بينما يعزز التعاون في الهجرة والأمن، من خلال مواجهة الهجرة غير النظامية ومكافحة التهديدات الإرهابية، خاصة في منطقة الساحل، عبر تبادل المعلومات وبناء القدرات.
في السياق نفسه، زار سانّينو تونس في نهاية فبراير الماضي للغرض ذاته، حيث اجتمع بوزير الاقتصاد والتخطيط التونسي، سمير عبد الحفيظ، وفق بيان لبعثة الاتحاد الأوروبي في تونس، الذي أكد أهمية الشراكة بين الجانبين، وحرصهما على تعزيزها وتنويع مجالاتها.
كما أشار البيان إلى أن اللقاء كان فرصة استعرض خلالها الوزير التونسي تحسّن المؤشرات الاقتصادية في البلاد، وجهود الحكومة لتسريع وتيرة تنفيذ المشاريع، وتحسين مناخ الاستثمار والأعمال.
من جانبه، أكد سانّينو استعداد الاتحاد الأوروبي لمواصلة دعم تونس في تحقيق أهدافها التنموية.