اتهامات للجيش السوداني و«الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان

تتضمن تصفيات ميدانية وقتلاً على الهوية وتعذيباً نفسياً وبدنياً

مواطنون يحيون قوات من الجيش في منطقة الكلاكلة قرب الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يحيون قوات من الجيش في منطقة الكلاكلة قرب الخرطوم (أ.ب)
TT
20

اتهامات للجيش السوداني و«الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان

مواطنون يحيون قوات من الجيش في منطقة الكلاكلة قرب الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يحيون قوات من الجيش في منطقة الكلاكلة قرب الخرطوم (أ.ب)

يتبادل الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» الاتهامات بشأن انتهاكات «فظيعة» لحقوق الإنسان، يرتكبانها كل في مناطق سيطرته. وفي حين وثقت منظمات حقوقية ونشطاء، مجازر بشعة بحق مدنيين في المناطق التي استردها الجيش أخيراً، وبخاصة في العاصمة الخرطوم وود مدني، تتضمن القتل على الهوية والتصفية العرقية، والتعذيب البدني والنفسي، والمحاكمات الجائرة، يقول الجيش إن مئات المدنيين قتلوا في سجون «الدعم السريع»، نتيجة للجوع والتعذيب، إلى جانب القتلى جراء القصف الجوي والمدفعي من قبل الطرفين.

جنود من الجيش السوداني قرب الخرطوم (أ.ب)
جنود من الجيش السوداني قرب الخرطوم (أ.ب)

وقال «محامو الطوارئ»، وهم منظمة حقوقية طوعية، في بيان، إنهم وثقوا مقاطع فيديو لـ«تصفيات ميدانية نفذها أفراد من الجيش السوداني، والمجموعات التي تقاتل معه، ضد أسرى ومدنيين في أحياء جنوب الخرطوم وجبل أولياء، وبُرّي، والجريف غرب، والصحافات، ومايو، والأزهري، والكلاكلة».

وأوضح المحامون أن «عمليات القتل والتصفيات، تزامنت مع حملة مكثفة بوسائل التواصل الاجتماعي، نظمها نشطاء مؤيدون للجيش، لتغطية وتبرير هذه الجرائم، بذريعة التعاون (من الضحايا) مع قوات الدعم السريع». وعدّوا ذلك «خرقاً خطيراً للقوانين الوطنية والدولية، وتأجيجاً لخطاب الكراهية والعنف، بما يهدد النسيج الاجتماع في البلاد، ونشر ثقافة أخذ الحق باليد، وتصفيه الخصوم خارج إطار القضاء والقانون».

وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي عشرات مقاطع الفيديو لعمليات قتل وتصفيات ميدانية لأشخاص بثياب مدنية، وبـ«سحنات» تحيل إلى جغرافيا محددة، وطوابير لأفراد من تلك المجموعة السودانية، وهم يساقون بشكل مهين بواسطة رجال يهللون ويكبرون وهم بزي الجيش، بينما يطلق الرصاص مباشرة على بعضهم، وسط صيحات الحاضرين بمن فيهم الأطفال والنساء، وتحت رايات التكبير والتهليل.

عناصر من الجيش تنتشر في الكلاكلة قرب العاصمة الخرطوم (أ.ب)
عناصر من الجيش تنتشر في الكلاكلة قرب العاصمة الخرطوم (أ.ب)

وقال اللاجئ «م. ج» لـ«الشرق الأوسط»، إن جديه، عثمان محمد، وحسب الله أبو طاقية، «وهما شيخان تعدت أعمارهما التسعين، تمت تصفيتهما تحت ذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع في منطقة طيبة جنوب الخرطوم، ومعهما السيدة حلاوة، التي تعيل زوجها المعاق». وتابع: «عدد كبير من أهلنا تم قتلهم وتصفيتهم تحت ذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع، وهم مجرد مواطنون لم يتمكنوا من النزوح».

ووصف «محامو الطوارئ» عمليات الإعدام خارج القضاء، بأنها «جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر قتل الأسرى والمدنيين دون محاكمات». وقالوا: «تكرار هذه الجرائم، لا سيما بعد سيطرة القوات المسلحة - الجيش - على مدينة ود مدني، تؤكد أنها سياسة ممنهجة لترهيب المدنيين ونشر الخوف، ما يجعلها جرائم ضد الإنسانية، وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية».

وطالب المحامون بـ«الوقف الفوري لعميات القتل خارج نطاق القضاء، ومحاسبة المتورطين فيها والمنفذين والمحرضين، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، ووقف دعوات التحريض التي تبرر الانتهاكات بذريعة التعاون مع الدعم السريع، بعدّها خطراً على السلم المجتمعي».

من آثار المعارك في الخرطوم (أ.ف.ب)
من آثار المعارك في الخرطوم (أ.ف.ب)

وتضج منصات التواصل الاجتماعي السودانية، بعديد مقاطع الفيديو التي تصور مشاهد لانتهاك حقوق الإنساني، ويظهر أحدها رجل بثياب الجيش، يطلق الرصاص على شخص مدني ويرديه قتيلاً، لمجرد أن مواطناً آخر، وصفه بأنه «دعم سريع»، فيما شاهد الكثيرون مقطعاً لجندي بثياب الجيش وهو يسوق مجموعة من الأشخاص، معظمهم شباب أو أطفال، وهم مقيدون، وهو يهدد بقتلهم.

ويقول أحد القضاة إن «البلاد لا تخضع لأي تشريعات أو قوانين، وإن الذين توجه لهم تهمة التعاون، حتى لو قدموا لمحاكمات، تتم محاكمتهم بوصفهم متمردين، تحت بند الجرائم الموجهة ضد الدولة».

وعادة يتهم مواطنون منتمون لغرب البلاد وجنوبها، بأنهم «حواضن اجتماعية»، ويتم تجريمهم لمجرد هذا الانتماء، وتعنيفهم والتحرش بهم، وقتلهم، تحت ذريعة «الوجوه الغريبة»، ومن يتم تقديمهم للمحاكمة يتم الحكم عليهم بالإعدام في محاكمات «صورية».

وذكر نشطاء وبينهم محمد خليفة، الذي يتابع الملايين صفحته على «فيسبوك»، أن آلاف المساجين في المناطق التي استعادها الجيش أخيراً، لا سيما في مدينة ود مدني، «يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب البدني والنفسي والتحرش الجنسي، والتجويع حد الموت، والوفاة نتيجة للإصابة بالأمراض الوبائية الناتجة عن تلوث بيئة هذه السجون، وإن الكثيرين فقدوا حياتهم نتيجة إصابتهم بالكوليرا».

دبابة مدمرة في الضاحية الجنوبية للخرطوم (أ.ف.ب)
دبابة مدمرة في الضاحية الجنوبية للخرطوم (أ.ف.ب)

وأصدرت المحاكم السودانية أحكاماً بالإعدام ضد مئات المدنيين بتهمة «التعاون» مع قوات «الدعم السريع». وذكر محامون في مواقع التواصل الاجتماعي، أن أحكام الإعدام تلك «طالت الآلاف. وإن النازحين لمجرد كونهم من جغرافيا محددة، يمكن أن يخضعوا للمحاكمة تحت ذريعة التعاون».

في المقابل، أظهرت مقاطع فيديو لأعداد كبيرة من «أسرى وسجناء قوات الدعم السريع»، وهم في وضع صحي مريع، جراء الجوع والتعذيب، وتناقلت منصات موالية للجيش قوائم طويلة لأسرى وسجناء «حررهم» الجيش بعد استعادة الخرطوم ومدني، وقالت إن المئات لقوا حتفهم في سجون «الدعم السريع»، فضلاً عن جرائم أخرى ارتكبها تحت ذريعة أنهم «فلول الإسلاميين»، إلى جانب عمليات القتل الانتقامي، والنهب والسلب، التي يرتكبها أفراده ضد المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، وبخاصة في مناطق جنوب أم درمان التي «فروا» إليها بعد استعادة الجيش للعاصمة الخرطوم.

من العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
من العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

كما تشمل الجرائم الموجهة للطرفين، القصف الجوي من قبل الجيش للمناطق المدنية، والمدفعي، وقصف الطيران المسير من قبل قوات «الدعم السريع» مناطق حضرية.

ولا توجد إحصاءات رسمية لأعداد القتلى والأسرى والسجناء، لكن تقديرات غير رسمية تقول إن الذين قتلوا جراء الحرب تتراوح أعدادهم بين 20 و150 ألفاً، فيما لجأ نحو 4 ملايين لدول الجوار، ونزح 12 مليوناً إلى مناطق آمنة داخل البلاد.


مقالات ذات صلة

عشرات القتلى المدنيين في الفاشر بدارفور

شمال افريقيا نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

عشرات القتلى المدنيين في الفاشر بدارفور

قُتل عشرات المدنيين في مدينة الفاشر في إقليم دارفور غرب السودان في ظل تصاعد الاشتباكات ووسط مخاوف من اقتحام «قوات الدعم السريع» للمدينة.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
تحليل إخباري المشاركون في مؤتمر لندن حول السودان أثناء اجتماعهم (موقع وزارة الخارجية البريطانية)

تحليل إخباري مؤتمر لندن للسودان... بصيص أمل في نفق «الحرب المنسية»

استضافت العاصمة البريطانية لندن مؤتمراً دولياً حول النزاع في السودان الثلاثاء الماضي وصفه البعض بـ«الفشل الدبلوماسي» فيما رأى فيه آخرون «بصيص أمل»

عيدروس عبد العزيز (لندن)
تحليل إخباري سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات ليل الثلاثاء - الأربعاء (وكالة السودان للأنباء/ سونا)

تحليل إخباري هل يصمد سد مروي في السودان أمام ضربات المسيرات؟

يواجه سد مروي أحد أكبر المشاريع الكهرومائية في السودان، أخطاراً جمة، بسبب هجمات مسيرات «قوات الدعم السريع» على بنيته التحتية، خاصة بنية الكهرباء والبوابات.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» يستريحون في مخيم مؤقت بالقرب من بلدة طويلة بمنطقة دارفور غرب السودان التي مزَّقتها الحرب 13 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

السودان: 57 قتيلاً جراء اشتباكات وهجمات على مدينة الفاشر بإقليم دارفور

قُتل 57 مدنياً على الأقل في اشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، وفي قصف نفذته «الدعم السريع» على مدينة الفاشر في إقليم دارفور بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
المشرق العربي تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على توزيع المساعدات على 1500 أسرة محتاجة في قولو، جبل مرة  (موقع الصليب الأحمر)

«الصليب الأحمر» الدولي في السودان: الخطر يطارد الناس بمناطق النزاع

قال رئيس البعثة الدولية للصليب الأحمر دانيال اومالي، إن نظام الرعاية الصحية في السودان تعرَّض للانهيار، واضطر بعض الجرحى إلى طلب العلاج في بلدان مجاورة

وجدان طلحة (بورتسودان)

قرية المزونة التونسية تنتفض ضد التهميش بعد مقتل طلاب بانهيار جدار مدرسة

جانب من احتجاجات أهالي المزونة المهمشة في وسط تونس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات أهالي المزونة المهمشة في وسط تونس (أ.ف.ب)
TT
20

قرية المزونة التونسية تنتفض ضد التهميش بعد مقتل طلاب بانهيار جدار مدرسة

جانب من احتجاجات أهالي المزونة المهمشة في وسط تونس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات أهالي المزونة المهمشة في وسط تونس (أ.ف.ب)

يطالب أهالي المزونة، القرية المهمشة في وسط تونس، بنيل حقوقهم وتوفير خدمات التعليم والصحة لأبنائهم، إثر انهيار جدار مدرسة متداعٍ، تسبب في مقتل ثلاثة تلاميذ في القرية القريبة من مدينة سيدي بوزيد، مهد ثورة 2011.

تقول نجاة المسعدي بصوت يملأه الغضب: «نحن نطالب فقط بالمرافق الأساسية، وبدلاً من ذلك يرسلون لنا 112 سيّارة شرطة. هل نحن إرهابيون؟».

المحتجون الغاضبون أحرقوا عجلات السيرات وأقفلوا الشوارع تنديداً بمقتل الطلبة (أ.ف.ب)
المحتجون الغاضبون أحرقوا عجلات السيرات وأقفلوا الشوارع تنديداً بمقتل الطلبة (أ.ف.ب)

أصيب مُهند جدايدة، ابن أخت نجاة المسعدي، البالغ من العمر 18 عاماً، في رأسه بقنبلة غاز مسيل للدموع خلال إحدى المظاهرات، التي أعقبت وفاة ثلاثة تلاميذ يدرسون بثانوية القرية، وتتراوح أعمارهم بين 18 و19 عاماً، الاثنين الماضي، جرّاء انهيار جدار مدرستهم الآيل للسقوط. وتضيف نجاة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنهم يضيفون آلماً على آلامنا، دفنا ثلاثة من شبابنا، ومن الممكن أن نواصل دفن آخرين».

وتقول والدة مهند، منيرة المسعدي، التي أغمي عليها بسبب الغاز المسيل للدموع، خلال محاولتها الوصول إلى ابنها الجريح: «يسألوننا ما المشكلة؟ نحن لا نريد ثورة أخرى، نحن نريد فقط حقوقنا». تقع قرية المزونة، التي تضم نحو 7 آلاف نسمة، على بُعد 70 كيلومتراً من محافظة سيدي بوزيد، المنطقة النائية والمهمّشة، التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية قبل نحو 15 عاماً، وأطاحت بنظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي، وأطلقت موجة ما عرف «بالربيع العربي».

سوء إدارة متراكم

بعد مقتل التلاميذ تواصلت الاحتجاجات، وتم حرق إطارات من المطاط وغلق طرق ورشق الحجارة، وخرج عشرات الشباب إلى الشوارع لعدة ليالٍ متتالية للتعبير عن غضبهم بالقرب من مركز الحرس الوطني، ونشبت مواجهات ليلية بينهم وبين عناصر الأمن. وكان السكان قد حذروا على مدى سنوات من أن حائط المدرسة الثانوية الوحيدة في القرية معرض للانهيار، لكن تحذيراتهم لم تلقَ آذاناً مصغية.

سكان القرية الغاضبة خلال دفن ضحايا انهيار جدار المدرسة (أ.ف.ب)
سكان القرية الغاضبة خلال دفن ضحايا انهيار جدار المدرسة (أ.ف.ب)

هذا الحادث الذي وقع يوم 14 أبريل (نيسان) الحالي، «لم يأتِ من فراغ، إنه نتيجة سوء إدارة تراكم على يد مختلف المسؤولين»، على ما يفيد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وليد الجد، الناشط في منظمات المجتمع المدني المحلية. مضيفاً: «نحن نطالب بأشياء أساسية لا تتطلب معجزة... لن نقبل بعد الآن بالعيش كما كنا في السابق». ومؤكداً أن سيارات الإسعاف المقبلة من مدينة الرقاب، التي تبعد 30 كيلومتراً عن المزونة، استغرقت «وقتاً طويلاً للوصول إلى المكان... وهذا التأخير أدى لتفاقم الوضع، وربما تسبب في وفاة بعضهم، بينما كان من الممكن إنقاذهم». والأسوأ من ذلك، يضيف الجد، أن أسرة أحد القتلى «لم تتمكن من العثور على الماء فوراً لغسل (جسده) قبل الجنازة، وهذا لم يعد مقبولاً».

ويشكل شح المياه مشكلة بارزة أخرى في المناطق الريفية الفقيرة في تونس، تُضاف إلى البنية التحتية الهشة والمنعدمة أحياناً في أغلب مناطق تونس الداخلية. وهذه الأزمات متراكمة منذ عقود طويلة. وتونس بلد مثقل بالديون (80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، ويعاني من نسبة بطالة تبلغ 16 في المائة، وترتفع إلى 25 في المائة لدى خريجي الجامعات، ما يدفعهم في غالب الأوقات إلى التفكير في الهجرة. وزار الرئيس قيس سعيّد المزونة، فجر اليوم الجمعة، ووصل إلى مكان الاحتجاجات، حيث استقبله عدد من الأهالي الذين طالبوه «بتنمية» القرية وبناء مستشفى. فردّ سعيّد بأن «مطالبكم مشروعة ولكم الحق فيها»، مندداً «بالخونة»، الذين قاموا «بتدمير النقل والمستشفيات» في البلاد.

والد ووالدة محمد أمين الذي قتل في الحادث (أ.ف.ب)
والد ووالدة محمد أمين الذي قتل في الحادث (أ.ف.ب)

في بيت محمد أمين المسعدي، الذي قضى في انهيار الجدار، وُضع حذاء رياضي بجانب مصباح فوق مكتب صغير وُضعت عليه كتب مدرسية. محمد أمين الذي كان في الثامنة عشرة من عمره، كان يحلم بمغادرة المزونة لينضم إلى أحد نوادي كرة القدم في المدن الكبرى. لكن فريقه لم يحتفظ به في الخريف الماضي بسبب نقص المال.

مخاوف من انهيارات جديدة

يقول والده سالم: «كان حزيناً عند عودته إلى المزونة، لم يعد الشخص نفسه، ترك الصلاة، وأحياناً كان يتغيب عن المدرسة». والدته شافية، التي تدرِّس اللغة العربية في الثانوية، تقول بدورها: «جميع الفصول الدراسية معرضة لخطر الانهيار... نخاف أن تقع علينا الجدران. الكارثة دائماً قريبة».

عشرات الشبان خرجوا إلى الشوارع لعدة ليالٍ متتالية للتعبير عن غضبهم قرب مركز الحرس الوطني (أ.ف.ب)
عشرات الشبان خرجوا إلى الشوارع لعدة ليالٍ متتالية للتعبير عن غضبهم قرب مركز الحرس الوطني (أ.ف.ب)

مثل الأغلبية الساحقة من التونسيين، ضحى والدا محمد أمين بكل شيء من أجل تعليم أبنائهما. تقول الوالدة: «نحن ضحايا الفساد... الفساد في التربية (التعليم)». وما زال زوجها يجد صعوبة في تقبل خبر وفاة ابنهما، وعن ذلك يقول: «أصحو في الليل وأقرص نفسي لأتأكد إن كان كل هذا حقيقياً».