دخل المبعوث الأميركي إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، على خط أزمة «الاعتقالات التعسفية» في البلاد، وقال إن الولايات المتحدة تشارك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «مخاوفها المتزايدة بشأن عمليات الاحتجاز غير القانونية».
ودعا المبعوث الأميركي عبر حساب سفارته على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء (الخميس)، إلى الإفراج الفوري عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً. وجاء ذلك على خلفية تصاعد عمليات الاعتقال والخطف بشكل ملحوظ.
وسبق أن أثارت موجة من «الاحتجازات والتوقيفات التعسفية» نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا «ذعر» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وقالت البعثة إن هذه الأطراف «تستغل سلطة الاحتجاز والتوقيف المنوطة بها لاستهداف أفراد على ضوء انتماءاتهم السياسية المزعومة، ولتكميم أفواه كل من ينظر إليه بوصفه معارضاً وتقويض استقلال القضاء»، مشيرة إلى أن هذه الممارسات غير القانونية «تسببت في خلق مناخ من الخوف، وتحجيم الحيَّز المدني، وتهالك سيادة القانون».
وطالت أعمال العنف والاحتجاز التعسفي العاملين في مجال القانون وأعضاء هيئة القضاء، إذ تعرض القاضي علي الشريف لتوقيف اتَّسم بالعنف في مدينة طرابلس في 10 من مارس (آذار) الحالي.

غير أن الاحتجاز التعسفي المستمر لكل من المحامي منير العرفي في بنغازي منذ 12 مارس (آذار)، وأيضاً لاثنين من المدعين العسكريين، هما منصور داعوب ومحمد المبروك الكار منذ عام 2022 في طرابلس يُسلط الضوء على الارتفاع في وتيرة التهديدات التي تطول العاملين في مجال القانون.
أما في طرابلس، فلا يزال عضو مجلس النواب، علي حسن جاب الله، محتجزاً تعسفياً لما يزيد على عام قبل صدور الحكم عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في محاكمة عسكرية مشوبة بالمخالفات، وحرمانه من الحق في إجراءات التقاضي السليمة.
في حين تعرَّض مدير عام مكتب استرداد أموال الدولة الليبية، وإدارة الأصول المستردة محمد المنسلي للاحتجاز التعسفي منذ 7 يناير (كانون الثاني) الماضي، علماً بأنه لم يتمكن من الحصول على تمثيل قانوني له، أو الحصول على رعاية طبية، في ظل بلاغات مقلقة تُفيد بتدهور حالته الصحية. كما لا يزال خليفة مغار عبد الرسول، وهو أحد أعيان مدينة غات، قيد الاحتجاز التعسفي في بنغازي منذ شهر مايو (أيار) 2024، دون توجيه أي تهم إليه، علماً بأنه لم يتمكن من التواصل مع محاميه أو حتى أسرته.
وترى البعثة أن هذه الممارسات «أصبحت أمراً طبيعياً في ليبيا، إذ يحتجز مئات غير هؤلاء بشكل غير قانوني في عموم ليبيا»، وقالت إنها تشعر بالقلق إزاء ظاهرة الاعترافات المسجلة؛ حيث يحتجز الأفراد، ويجبرون على «الاعتراف» بارتكاب جرائم مزعومة، ومن ثم تنشر هذه الأفلام التسجيلية عبر «الإنترنت».
وانتهت البعثة إلى أن هذه «الاعترافات» المسجلة تستخدم «لترهيب الأفراد المستهدفين وإهانتهم»، ويفترض بجميع هذه «الأدلة» المُسجلة أن تصنف على أنها غير مقبولة، وينبغي أيضاً محاسبة الجناة.
في شأن مختلف، قالت وسائل إعلام ليبية إن أجهزة الأمن أطلقت سراح 53 تونسياً، كانوا موقوفين بتهم تتعلَّق بتهريب السلع الغذائية والوقود عبر المنافذ الحدودية، مشيرة إلى أن 25 آخرين سيتم الإفراج عنهم السبت.