أميركا تدخل على خط أزمة «الاعتقالات التعسفية» في ليبيا

نورلاند دعا إلى الإفراج «الفوري» عن جميع المحتجزين

لقاء سابق يجمع نورلاند (وسط) والقائم بالأعمال الأميركي جيريمي برنت مع عبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي الليبي (السفارة)
لقاء سابق يجمع نورلاند (وسط) والقائم بالأعمال الأميركي جيريمي برنت مع عبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي الليبي (السفارة)
TT
20

أميركا تدخل على خط أزمة «الاعتقالات التعسفية» في ليبيا

لقاء سابق يجمع نورلاند (وسط) والقائم بالأعمال الأميركي جيريمي برنت مع عبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي الليبي (السفارة)
لقاء سابق يجمع نورلاند (وسط) والقائم بالأعمال الأميركي جيريمي برنت مع عبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي الليبي (السفارة)

دخل المبعوث الأميركي إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، على خط أزمة «الاعتقالات التعسفية» في البلاد، وقال إن الولايات المتحدة تشارك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «مخاوفها المتزايدة بشأن عمليات الاحتجاز غير القانونية».

ودعا المبعوث الأميركي عبر حساب سفارته على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء (الخميس)، إلى الإفراج الفوري عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً. وجاء ذلك على خلفية تصاعد عمليات الاعتقال والخطف بشكل ملحوظ.

وسبق أن أثارت موجة من «الاحتجازات والتوقيفات التعسفية» نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا «ذعر» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وقالت البعثة إن هذه الأطراف «تستغل سلطة الاحتجاز والتوقيف المنوطة بها لاستهداف أفراد على ضوء انتماءاتهم السياسية المزعومة، ولتكميم أفواه كل من ينظر إليه بوصفه معارضاً وتقويض استقلال القضاء»، مشيرة إلى أن هذه الممارسات غير القانونية «تسببت في خلق مناخ من الخوف، وتحجيم الحيَّز المدني، وتهالك سيادة القانون».

وطالت أعمال العنف والاحتجاز التعسفي العاملين في مجال القانون وأعضاء هيئة القضاء، إذ تعرض القاضي علي الشريف لتوقيف اتَّسم بالعنف في مدينة طرابلس في 10 من مارس (آذار) الحالي.

النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

غير أن الاحتجاز التعسفي المستمر لكل من المحامي منير العرفي في بنغازي منذ 12 مارس (آذار)، وأيضاً لاثنين من المدعين العسكريين، هما منصور داعوب ومحمد المبروك الكار منذ عام 2022 في طرابلس يُسلط الضوء على الارتفاع في وتيرة التهديدات التي تطول العاملين في مجال القانون.

أما في طرابلس، فلا يزال عضو مجلس النواب، علي حسن جاب الله، محتجزاً تعسفياً لما يزيد على عام قبل صدور الحكم عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في محاكمة عسكرية مشوبة بالمخالفات، وحرمانه من الحق في إجراءات التقاضي السليمة.

في حين تعرَّض مدير عام مكتب استرداد أموال الدولة الليبية، وإدارة الأصول المستردة محمد المنسلي للاحتجاز التعسفي منذ 7 يناير (كانون الثاني) الماضي، علماً بأنه لم يتمكن من الحصول على تمثيل قانوني له، أو الحصول على رعاية طبية، في ظل بلاغات مقلقة تُفيد بتدهور حالته الصحية. كما لا يزال خليفة مغار عبد الرسول، وهو أحد أعيان مدينة غات، قيد الاحتجاز التعسفي في بنغازي منذ شهر مايو (أيار) 2024، دون توجيه أي تهم إليه، علماً بأنه لم يتمكن من التواصل مع محاميه أو حتى أسرته.

وترى البعثة أن هذه الممارسات «أصبحت أمراً طبيعياً في ليبيا، إذ يحتجز مئات غير هؤلاء بشكل غير قانوني في عموم ليبيا»، وقالت إنها تشعر بالقلق إزاء ظاهرة الاعترافات المسجلة؛ حيث يحتجز الأفراد، ويجبرون على «الاعتراف» بارتكاب جرائم مزعومة، ومن ثم تنشر هذه الأفلام التسجيلية عبر «الإنترنت».

وانتهت البعثة إلى أن هذه «الاعترافات» المسجلة تستخدم «لترهيب الأفراد المستهدفين وإهانتهم»، ويفترض بجميع هذه «الأدلة» المُسجلة أن تصنف على أنها غير مقبولة، وينبغي أيضاً محاسبة الجناة.

في شأن مختلف، قالت وسائل إعلام ليبية إن أجهزة الأمن أطلقت سراح 53 تونسياً، كانوا موقوفين بتهم تتعلَّق بتهريب السلع الغذائية والوقود عبر المنافذ الحدودية، مشيرة إلى أن 25 آخرين سيتم الإفراج عنهم السبت.


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تبحث في إيطاليا سبل محاربة «الهجرة السرية»

شمال افريقيا لقاء الدبيبة مع ديكارلو وتيتيه (حكومة الوحدة)

«الوحدة» الليبية تبحث في إيطاليا سبل محاربة «الهجرة السرية»

البعثة الأممية تدعو الناخبين للمشاركة بقوة في انتخابات المجالس البلدية لرسم ملامح مستقبل ليبيا.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا بالقاسم حفتر وأسامة حماد خلف لافتة «مركز المرج» وذلك خلال مباشرة عمليات الإعمار بالمدينة (حكومة الاستقرار)

إلى أي حدّ يمكن أن تؤثر التحديات الاقتصادية على إعادة إعمار ليبيا؟

أعلن المصرف المركزي عن اتساع حجم الإنفاق الحكومي في ليبيا خلال العام الماضي إلى 224 مليار دينار، واضطراره إلى خفض سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا العايب يتوسط الدبيبة والطرابلسي (يسار) في اجتماع سابق ترأسه المنفي (المجلس الرئاسي الليبي)

تساؤلات تحاصر «الاستخبارات» الليبية بعد «تورط» بعض أعضائه في محاولة اغتيال

يلتزم جهاز الاستخبارات بغرب ليبيا الصمت بعد حكم قضائي أدان بالسجن نجل رئيس الجهاز وعددا آخر به بتهمة محاولة اغتيال مسؤول ليبي فيما تتصاعد الأسئلة باحثة عن أجوبة

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اللقاء الليبي- البريطاني في طرابلس لبحث سبل مكافحة الفساد (الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في ليبيا)

ليبيا: سجن 7 مدانين في محاولة اغتيال مستشار الدبيبة

من دون أن يكشف النائب العام الليبي أسماء المدانين السبعة، وإن كانوا يحاكمون غيابياً أم أنهم قيد الحبس، أوضح أنه صدرت بحقهم أحكام متفاوتة لتورطهم في القضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خالد حفتر خلال لقائه القائم بأعمال سفارة أميركا في ليبيا (السفارة عبر إكس)

​أميركا ما بين بنغازي وطرابلس... مساعٍ لدعم البعثة و«توحيد المؤسسات»

تتحدث الولايات المتحدة مجدداً عن أنها مستمرة بالتواصل مع الضباط العسكريين في أنحاء ليبيا فيما يجري برنت القائم بأعمال سفارتها جولات بين بنغازي وطرابلس.

جمال جوهر (القاهرة)

 تجدد التوترات في العلاقات بين الجزائر وباريس

المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
TT
20

 تجدد التوترات في العلاقات بين الجزائر وباريس

المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

احتجت الجزائر بشدة على اتهام وسجن أحد دبلوماسييها العاملين في فرنسا، في قضية مثيرة تتعلق بخطف واحتجاز معارض جزائري يعرف بـ«أمير دي زاد»، واسمه الحقيقي أمير بوخرص.

وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان، السبت، أن أمينها العام لوناس مقرمان استقبل بمقر الوزارة، السفير الفرنسي بالجزائر ستيفان روماتيه، وأبلغه احتجاج بلاده «الشديد» على «قرار السلطات القضائية الفرنسية بتوجيه الاتهام لأحد أعوانها القنصليين العاملين على التراب الفرنسي ووضعه رهن الحبس المؤقت، في إطار فتح تحقيق قضائي على خلفية قضية الاختطاف المزعوم».

ووصف البيان المعارض بوخرص بـ«المارق».

وأكدت الجزائر، عبر جهازها الدبلوماسي، «رفضها رفضاً قاطعاً، شكلاً ومضموناً، الأسباب التي قدمتها النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب قصد تبرير قرارها بوضع الموظف القنصلي رهن الحبس الاحتياطي». من دون ذكر اسمه.

ووفق البيان ذاته، تم اعتقال الموظف القنصلي «في الطريق العام ووضع تحت الحجز للنظر دون إشعار عبر القنوات الدبلوماسية، وذلك في انتهاك صارخ للحصانات والامتيازات المرتبطة بوظائفه في القنصلية الجزائرية بكريتاي (وسط باريس)، وكذلك للممارسات المتعارف عليها في هذا الإطار بين الجزائر وفرنسا». مشدداً على هشاشة وضعف الحجج التي قدمتها الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية خلال التحقيقات، حيث تستند هذه الحملة القضائية المرفوضة على مجرد كون هاتف الموظف القنصلي المتهم قد يكون تم رصده بالقرب من عنوان منزل المدعو أمير بوخرص».

وطالبت الجزائر بـ«الإفراج فوراً عن الموظف القنصلي المحتجز احتياطيًا، وبالاحترام التام للحقوق المرتبطة بوظيفته المنصوص عليها سواء في إطار الاتفاقيات الدولية أوالثنائية، بما يتيح له الدفاع عن نفسه بشكل لائق وفي الظروف الأساسية المواتية».

وعد البيان الوقائع الخاصة بالدبلوماسي الجزائري «منعطفاً قضائياً غيرمسبوق في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية، وهو ليس من قبيل الصدفة، حيث يأتي في سياق محدد وبغرض تعطيل عملية إعادة بعث العلاقات الثنائية التي اتفق عليها رئيسا الدولتين خلال محادثتهما الهاتفية الأخيرة».

وأضاف: «إن هذا التحول المؤسف وغير اللائق يدل على أن بعض الجهات الفرنسية لا تحمل نفس الإرادة لإعادة تنشيط العلاقات الثنائية، كما لا تملك حسن النية والصدق الكفيلين بتهيئة الظروف المناسبة لاستئناف طبيعي وسلس للعلاقات الثنائية».

وأبدت الجزائر، حسب خارجيتها، «اندهاشا للاختيار الساخر الذي اتخذه معرقلو إحياء العلاقات الثنائية بشأن المجرم الذي تم استخدامه كآداة لهذا العمل المدبر. فالتسرع المفضوح في استغلال هذا المجرم كواجهة جديدة للخطاب المعادي للجزائر، يقابله تماطل السلطات الفرنسية في التعامل مع طلبات السلطات الجزائرية بتسليم هذا المخرب المرتبط بتنظيمات إرهابية». وانتهى البيان إلى أن «هذا التطور الجديد وغير المقبول وغير المبرر، من شأنه أن يلحق ضررًا بالغا بالعلاقات الجزائرية-الفرنسية ولن يسهم في التهدئة».

ووُجّه الاتهام إلى ثلاثة رجال، يعمل أحدهم في قنصلية جزائرية لدى فرنسا، الجمعة في باريس، وذلك للاشتباه في ضلوعهم في اختطاف اللاجىء السياسي أمير بوخرص نهاية أبريل (نيسان) 2024 على الأراضي الفرنسية، حسب ما أفادت مصادر مطلعة على الملف لوكالة الصحافة الفرنسية. والرجال ملاحقون في قضية اختطاف المؤثر الجزائري أمير بوخرص. كما يلاحق الثلاثة بتهم «التوقيف والخطف، والاحتجاز التعسفي على ارتباط بمخطط إرهابي»، حسب ما أكدت النيابة العامة الوطنية لقضايا مكافحة الإرهاب.

ولاحت بوادر انفراجة في علاقات البلدين بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الجزائر الأحد الماضي، حيث تم الاتفاق على تجاوز مشكلات كثيرة بعضها مرتبط بالهجرة والاستعمار. وكان الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، تباحثا في اتصال هاتفي يوم 31 مارس (آذار) الماضي، طي التوترات التي اندلعت الصيف الماضي إثر احتجاج الجزائر على انحياز باريس للمغرب في نزاع الصحراء.