هل تشجع انتصارات الجيش «سودانيي مصر» على العودة لبلادهم؟

سودانيون عائدون إلى بلادهم (وكالة أنباء السودان)
سودانيون عائدون إلى بلادهم (وكالة أنباء السودان)
TT

هل تشجع انتصارات الجيش «سودانيي مصر» على العودة لبلادهم؟

سودانيون عائدون إلى بلادهم (وكالة أنباء السودان)
سودانيون عائدون إلى بلادهم (وكالة أنباء السودان)

طرحت انتصارات الجيش السوداني الأخيرة في العاصمة الخرطوم تساؤلات بشأن إمكانية تشجيعها لأعداد أكبر من السودانيين في مصر، على العودة إلى بلادهم مرة أخرى.

وهناك مبادرات للعودة الطوعية دشنها أعضاء بالجالية السودانية في مصر، مع تطورات الحرب الداخلية بالسودان. وتوقع مراقبون ومسؤولون بتلك المبادرة أن «يدفع تقدم الجيش في الخرطوم أعداداً كبيرةً من السودانيين للعودة، والمساهمة في ترتيبات إعادة الإعمار في الوقت نفسه».

وتسببت الحرب الداخلية في السودان، الدائرة منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، في نزوح ملايين السودانيين، داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف سوداني دخلوا مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وحقق الجيش السوداني أخيراً تقدماً ملحوظاً في الحرب التي تقترب من عامها الثاني بتوسيع سيطرته على العاصمة الخرطوم، بعد استعادة مناطق حيوية، من بينها القصر الرئاسي، ومقر البنك المركزي، ومقر جهاز الأمن والمخابرات الوطنية، والمتحف القومي، وجامعة السودان.

وتُضاف تلك الانتصارات إلى مناطق أخرى رئيسية، استعادها الجيش السوداني من «قوات الدعم السريع»، منذ بداية العام الحالي، بينها مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة (جنوب الخرطوم).

وازدادت أعداد السودانيين، العائدين من مصر، مع التقدم الميداني للجيش السوداني الأخير، وفق وكالة أنباء السودان (سونا)، وأشارت إلى أن «التطورات الأخيرة زادت من رغبة السودانيين في العودة».

ورصدت وكالة «سونا» رحلات العودة البرية للسودانيين من مصر، وأشارت في تقرير لها، نُشر 10 مارس (آذار) الحالي، إلى أن «الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى أنه خلال 4 شهور ماضية، تجاوز عدد السودانيين العائدين من مصر 300 ألف شخص».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما أرقين وأشكيت، ويعتمد البلدان عليهما في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وارتفع عدد الرحلات الأسبوعية للعائدين من مصر، ضمن مبادرة «راجعين للبلد الطيب» (مبادرة للعودة الطوعية مدعومة من السفارة السودانية بمصر)، حسب المدير التنفيذي للمبادرة، علاء الدين صالح، وأشار إلى أن «الشهر الماضي شهد تسيير 200 حافلة، نقلت نحو 10 آلاف سوداني من مصر إلى بلادهم».

وتنطلق رحلات المبادرة، عبر حافلات نقل ركاب، من حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية، إلى وادي حلفا (شمال السودان)، بواقع ثلاث رحلات أسبوعياً، وفق صالح، وأشار إلى أن «غالبية العائدين من الخرطوم وأم درمان وولاية الجزيرة»، وقال: «عدد كبير من الأسر السودانية تتخذ ترتيبات للعودة لديارها بعد نهاية رمضان».

وتستهدف مبادرات العودة الطوعية للسودانيين دعم الأسر غير القادرة على تكلفة السفر، بتذاكر مجانية، وبدعم من رجال أعمال ومساهمات من رموز الجالية.

وتجاوزت ترتيبات السودانيين في مصر مسألة إجراءات العودة، لتشمل تدابير لإعادة الإعمار، وفق أحد المشرفين على مبادرة «الانصرافي» للعودة الطوعية (يشرف عليها نشطاء ومتطوعون)، خليل الإمام، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأسر السودانية تعمل على نقل أدوات البناء والإعمار والأثاث معها إلى السودان، عبر حافلات للنقل الثقيل».

وتستفيد الأسر السودانية، الراغبة في نقل أدوات الإعمار، من تسهيلات جمركية توفرها الحكومة السودانية للعائدين، وفق الإمام، وأشار إلى أن «مبادرة (الانصرافي) تُسير رحلات يومية للعائدين تنطلق من عدة مناطق بالقاهرة، مثل عابدين وإمبابة، إلى عدة مدن في شمال السودان، منها دنقلا وعطبرة».

مع توالي انتصارات الجيش السوداني، بدأ تفاعل سوشيالي، وأشارت حسابات مستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي إلى «ترحيب بعائدين إلى ود مدني»، عاصمة ولاية الجزيرة.

بينما أشار البرلماني المصري، مصطفى بكري، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى أن «عشرات الآلاف من السودانيين بدأوا في العودة إلى بلادهم، بعد انتصارات الجيش الأخيرة في الخرطوم».

وأمام تحسن الظروف التي تتيح عودة الفارين من الحرب، أصبح هناك اختلافٌ في أحاديث السودانيين بالتفكير في كيفية حل مشاكل نقص الخدمات والمرافق، وفق مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، وقال إن «كثيراً من الأسر باتت تبحث، قبل العودة، عن حلول لمشكلات الكهرباء وتوافر السلع»، إلى جانب «عودة المدارس لتعليم أبنائهم».

ويعتقد المغربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «النسبة الأكبر من السودانيين الفارين من الحرب سيعودون إلى البلاد قريباً، لا سيما مع بدء إجراءات إعادة الإعمار»، وقال: «نسبة قليلة من الأسر ستؤجل عودتها، لارتباطها بتعليم أبنائها في القاهرة».

واتفقت مصر والسودان على تشكيل «فريق مشترك لدراسة خطة إعادة الإعمار، والتجارب الدولية لتحقيقها»، خلال مشاورات سياسية، جمعت وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف، في القاهرة، نهاية فبراير (شباط) الماضي، وأكدت القاهرة «استعدادها للمساهمة في جهود إعادة تهيئة قطاعات الدولة السودانية»، حسب الخارجية المصرية.


مقالات ذات صلة

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

شمال افريقيا النزوح من مخيمات النزوح ظاهرة جديدة في مدينة الفاشر المحاصرة منذ عدة أشهر(الشرق الأوسط) play-circle 00:35

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

بين سندان الموت تحت القصف والجوع والمرض، ومطرقة النزوح إلى المجهول، يواجه مئات الآلاف من سكان مدينة الفاشر بدارفور، والمخيمات حولها، واقعاً إنسانياً مؤلماً.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي صورة من الأقمار الاصطناعية لمدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور (أ.ف.ب)

السودان: أكثر من 30 قتيلاً جراء قصف «الدعم السريع» لمدينة الفاشر بدارفور

قتل أكثر من 30 شخصا جراء قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور، بحسب ما أعلن ناشطون اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))
شمال افريقيا سودانيون عائدون إلى بلادهم (وكالة الأنباء السودانية)

تسهيلات جديدة تُشجّع سودانيين بمصر على العودة

أكد وزير النقل السوداني، أبو بكر أبو القاسم، توفير رحلات نقل نهرية عبر الباخرة «سيناء» من أسوان إلى وادي حلفا.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة حميدتي وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، يوم الأحد، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بتهمة قتل والي ولاية غرب دارفور.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي لاجئة سودانية تحمل ابنها خلال مغادرتهما السفينة «يو إس إن إس برونزويك» في ميناء جدة (أ.ب) play-circle

في الفاشر السودانية المحاصَرة... إسعافات أولية بمواد بدائية ونباتات طبية

في مدينة الفاشر السودانية مرضى لا ينامون من الألم، ومناشدات من منظمات دولية لإدخال المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))

وفاة الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع

الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع (أرشيفية)
الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع (أرشيفية)
TT

وفاة الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع

الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع (أرشيفية)
الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع (أرشيفية)

توفي الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع الأربعاء عن عمر 91 عاما، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية.

وشغل المبزع منصب الرئيس المؤقت للبلاد إثر هروب الرئيس الراحل زين العابدين بعد انتفاضة شعبية أطاحت بنظامه في 2011. وفي نهاية 2011 اندلعت تظاهرات في محافظ سيدي بوزيد إثر حرق البائع الشاب محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على تعامل الشرطة معه واتسعت رقعتها لتشمل كامل البلاد واضطر اثرها بن علي إلى الهروب خارج البلاد.

وترأس المبزع مجلس نواب الشعب التونسي من العام 1997 وحتى 2011. كما شغل مناصب وزارية تنقل فيها بين الخارجية والشباب والرياضة والصحة خلال عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وبن علي.