إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

أقام المأدبة مستشار الدبيبة وحضرها «الفأر» المطلوب قضائياً

من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)
من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس (حسابات ليبية موثوقة)
TT
20

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)
من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس (حسابات ليبية موثوقة)

فجّر إفطار رمضاني أقامه إبراهيم الدبيبة، مستشار رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، لعدد من المسؤولين وقادة ميليشيات مسلحة، حالة من الغضب لدى أطراف عديدة في ليبيا، وأثار تساؤلات تتعلق بـ«النفوذ السياسي» لهؤلاء القادة ومدى تغلغلهم في صناعة القرار.

وإبراهيم الدبيبة هو نجل رجل الأعمال الليبي المعروف علي الدبيبة، ويعمل مستشاراً لخاله رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ولديه علاقات قوية بصدام، نجل المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».

وجمع إبراهيم حول مائدته قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس، من بينهم بشير خلف الله المعروف بـ«بشير البقرة»، آمر كتيبة «رحبة الدروع» في تاجوراء، ومعمر الضاوي آمر «الكتيبة 55 مشاة»، وعبد الغني الككلي الشهير بـ«غنيوة» رئيس «جهاز دعم الاستقرار» بجانب آمر غرفة العمليات المشتركة مصراتة عمر بوغدادة، ومحمود بن رجب آمر «اللواء 53 مشاة».

«الميليشياوي» محمد بحرون الملقب بـ«الفأر» (إلى اليمين) (حسابات ليبية موثوقة)
«الميليشياوي» محمد بحرون الملقب بـ«الفأر» (إلى اليمين) (حسابات ليبية موثوقة)

ومثار الغضب بين عديد الليبيين، ظهور محمد بحرون الملقب بـ«الفأر» ضمن المدعوين للمائدة، وهو المطلوب من النائب العام في قضية اغتيال مُهرب البشر والوقود المُعاقب دولياً، عبد الرحمن ميلاد، المعروف باسم «البيدجا»... الأمر الذي اعتبره الحقوقي الليبي ناصر الهواري «إهانة للعدالة».

واعتبر الهواري ظهور «الفأر» على مائدة إفطار مع وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، ورئيس جهاز الأمن الداخلي لطفي الحراري «أمراً مستفزاً»، ورأى أن «العدالة مهانة في ليبيا»، وقال متسائلاً: «كيف يمكن للمواطن أن يثق بالقضاء بعد ظهور (الفأر) ملوحاً، وكأنه يتحدى الجميع؟».

وعدّ متابعون، اجتماع قادة الميليشيات على مائدة الإفطار بأنه «تغوّل وتكريس لتداخلهم في العملية السياسية»، مجددين السؤال عن أسباب «عدم إخراج هذه التشكيلات من العاصمة، كما سبق وتعهد الطرابلسي».

وكان الطرابلسي قد أعلن، بمؤتمر صحافي في 21 فبراير (شباط) 2024، أنه اتفق مع الأجهزة الأمنية في طرابلس بعد مفاوضات، «على إخلاء العاصمة بالكامل من التشكيلات المسلحة»، لكن بعد شهرين من الاتفاق، لم يطبق منه شيء حتى الآن.

وسبق وتحدث الطرابلسي عن 7 ميليشيات وصفها بـ«الأجهزة الأمنية»، وقال إنه جرى الاتفاق على إخراجها من العاصمة. وعادة ما تطلق السلطات الرسمية اسم «الأجهزة الأمنية» على «التشكيلات المسلحة». وهذه الأجهزة هي: «جهاز قوة الردع»، و«جهاز الأمن العام»، و«الشرطة القضائية»، و«جهاز دعم الاستقرار»، و«اللواء 444 قتال» و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «قوة دعم المديريات».

عناصر تابعة لوزارة الداخلية في حكومة «الوحدة» الليبية (وزارة الداخلية)
عناصر تابعة لوزارة الداخلية في حكومة «الوحدة» الليبية (وزارة الداخلية)

وتتباين آراء المتابعين في ليبيا، إزاء عدم تفريغ العاصمة من مسلحي الميليشيات، حتى الآن، وإعادتهم إلى ثكناتهم خارجها، بين من عدّ أن الأمر «يحتاج إلى مزيد من الوقت لإنفاذه»، وبين مَن عدّه «فشلاً لحكومة الوحدة»، ودليلاً على التوتر الذي تشهده الساحة السياسية «بين المتصارعين على النفوذ والمال».

ووجد تجمع قادة الميليشيات صداه في مدينة الزاوية (غربي ليبيا) التي كان ينتمي إليها «البيدجا»؛ حيث اعتبر البعض ما حدث «تحدياً لأهاليها» الذين سبق وطالبوا بالقبض على «الفأر» وإخضاعه للمحاكمة.

ونقل عن بعض سكان الزاوية أن هناك دعوات راهناً بين شبابها للتوجه إلى مصفاة نفط الزاوية وإغلاقها لحين تسليم «الفأر» إلى النيابة العامة. وكان «الفأر» قد خضع للتحقيق أمام النائب العام بعد مقتل «البيدجا»، وأُخلي سبيله على ذمة القضية، وتردد أنه فرّ من البلاد قبل أن يظهر مجدداً في مائدة إفطار الدبيبة بمنزله في طريق السكة بالعاصمة.

واستغرب حسن الصغير، وكيل وزارة الخارجية السابق، عدم تطبيق الأحكام القضائية على المدانين، وقال إن الأزمة تتمثل في أن «الجالسين مع (الفأر) هم أدوات التنفيذ لأوامر النائب العام».

والإفطار الذي حضره أيضاً عبد السلام زوبي، وكيل وزارة الدفاع بحكومة «الوحدة»، عدّه كثيرون «رسالة واضحة وانعكاساً لمدى قدرة مَن يمتلكون السلاح في ليبيا على بسط نفوذهم، وحضور موائد المسؤولين».

وأعادت مائدة إفطار إبراهيم الدبيبة، المطالبة ثانية بضرورة تفكيك المجموعات المسلحة، وسحب سلاحها بشكل نهائي، بدلاً من إغداق الأموال عليها من قبل حكومة «الوحدة» ودعوتها إلى موائد فاخرة.

وسبق وقال أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن حديث الطرابلسي عن إخراج التشكيلات من العاصمة «مجرد وعود جوفاء، ودغدغة لمشاعر الشارع المستاء من هذه المظاهرة المسلحة التي تضيق الخناق على المواطنين».

ويشار إلى أن كثيراً من الميليشيات تتحكم بمقاليد الأمور بالعاصمة سواء عبر حراسة المقار الوزارية السيادية مثل «المصرف المركزي» وغيره أو توفير الحماية للسلطة التنفيذية بطرابلس.


مقالات ذات صلة

الدبيبة يدخل على خط المطالبات الدولية بوقف «الاعتقالات التعسفية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال حضوره إعلان دار الإفتاء التابعة لحكومته حول مطلع هلال شوال (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يدخل على خط المطالبات الدولية بوقف «الاعتقالات التعسفية»

قال رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إن «العدل هو أساس الحكم، والكرامة الإنسانية لا تتجزأ ولا تؤجل ولا تخضع لأي حسابات أو مساومات».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا قوات أمن في العاصمة الليبية طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

السلطات الأمنية في غرب ليبيا تعلن تفكيك «تنظيم إرهابي»

أعلن جهاز الأمن الداخلي في غرب ليبيا أنه تمكن من تفكيك «تنظيم إرهابي محظور» كان يخطط لتنفيذ سلسلة من «العمليات التخريبية» وسعى للحصول على دعم خارجي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون جرى توقيفهم في شرق ليبيا بانتظار تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)

دعوات في ليبيا إلى التصدي لـ«مهربي البشر» وتقديمهم للعدالة

تجددت في ليبيا المطالب بالتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية وكشف هويات المتورطين في الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

دعوات لتحقيق أممي في «انتهاكات ممنهجة» لحقوق الإنسان بليبيا

دعت منظمات حقوقية وأحزاب وتكتلات سياسية ليبية إلى ضرورة التحقيق في عملية الخطف والاعتقال، واتخاذ مواقف «جادة وحازمة» لإنهاء هذه الممارسات، والانتهاكات الممنهجة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي مستقبلاً وفد ترهونة ( المجلس الرئاسى)

توتر غرب طرابلس بعد الحكم بسجن 6 ليبيين في تونس

على خلفية حكم السلطات التونسية على 6 ليبيين بالسجن 44 سنة، بتهمة التورط في محاولة اغتيال مستشار الدبيبة، أغلق محتجون الطريق الساحلي المؤدي إلى الزاوية.

خالد محمود (القاهرة )

مصر تجاهلت دعوة سفير إسرائيل لحفل استقبال الدبلوماسيين الجدد

سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
TT
20

مصر تجاهلت دعوة سفير إسرائيل لحفل استقبال الدبلوماسيين الجدد

سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)

في الوقت الذي تحدَّثت فيه تقارير صحافية إسرائيلية عن حالة غضب تجاه القاهرة بسبب تجاهل الرئاسة المصرية دعوة السفير الإسرائيلي الجديد لحفل استقبال واعتماد السفراء الجدد بمصر، فإن مصادر مصرية مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «سفير إسرائيل ليس موجوداً في مصر، ولم يحصل على الموافقة الرسمية من القاهرة على قبول ترشيحه حتى الآن».

وكانت الرئاسة المصرية قد أقامت في 24 مارس (آذار) الحالي حفل استقبال تسلَّم خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسي أوراق اعتماد 23 سفيراً جديداً لدى مصر، لم يكن من بينهم سفير إسرائيل.

وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، بأن الرئيس السيسي رحَّب بالسفراء الجدد، معرباً عن خالص تمنياته لهم بالتوفيق في أداء مهامهم، مؤكداً حرص مصر على تعزيز العلاقات الثنائية مع دولهم في مختلف المجالات، وأهمية استمرار التواصل والتنسيق والتشاور إزاء مختلف الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية التي تحظى باهتمام مشترك.

وكشفت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «تل أبيب سحبت سفيرتها السابقة، أميرة أورون، من القاهرة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد أيام من هجوم (حماس)، كما سحبت جميع القيادات الدبلوماسية والأمنية المهمة، وأبقت فقط على موظفين في درجات عادية لتسيير الأعمال بسفارتها في مصر».

وأوضحت المصادر أنه منذ هذا التوقيت لم تَعُد السفيرة الإسرائيلية لمصر حتى انتهت مهامها في آخر أسبوع من أغسطس (آب) 2024، ورشحت تل أبيب بعدها أوري روتمان سفيراً جديداً لها لدى مصر، وأرسلت خطاب ترشيحه للخارجية المصرية.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتسلَّم أوراق اعتماد سفراء جدد لدى مصر في 24 مارس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتسلَّم أوراق اعتماد سفراء جدد لدى مصر في 24 مارس (الرئاسة المصرية)

وأشارت المصادر إلى أنه «حتى الآن لم ترد القاهرة على خطاب الترشيح الإسرائيلي، ولم تمنح الموافقة على السفير الجديد، ويبدو الأمر مرتبطاً بالتوتر في العلاقات بين البلدين بسبب الخلافات حول الحرب في غزة».

المصادر نفسها أشارت إلى أن «القاهرة طلبت منذ أشهر من سفيرها في تل أبيب خالد عزمي الحضور لمصر، ولم يَعُد لإسرائيل بعد، في حين أن مدة تعيينه في المنصب لم تنتهِ بعد، وفي الوقت نفسه لم تعلن القاهرة سحبه بشكل رسمي».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قد نشرت في تقرير حديث أن الحكومة المصرية لم توجه الدعوة للسفير الإسرائيلي الجديد أوري روتمان لحضور حفل استقبال السفراء في القاهرة الأسبوع الماضي.

وأوضحت الصحيفة أن هذا الإجراء يأتي في إطار التوترات الحالية بين البلدين، مشيرة إلى أن مصر لم تمنح بعد الموافقة الرسمية على تعيين روتمان، رغم تقديم إسرائيل الطلب في أبريل (نيسان) الماضي.

وأفادت الصحيفة بأن التأخير المصري في منح الموافقة للسفير الجديد يعكس تذمر القاهرة من السياسات الإسرائيلية الحالية، خصوصاً فيما يتعلَّق باستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وإصرار تل أبيب على خطة تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مشيرة إلى أن سفير مصر يتغيب عن تل أبيب في إجازة طويلة بالقاهرة، ضمن خطوات مصر الاحتجاجية ضد السياسات الإسرائيلية.

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس منطقياً أن تمنح القاهرة موافقة على ترشيح سفير جديد لإسرائيل لدى مصر، وتتم دعوته لحفل اعتماد السفراء، ويظهر مع الرئيس المصري، في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بكل هذه الخروقات للقانون الدولي والإنساني، وتواصل حربها المستعرة ضد الفلسطينيين، وكذلك تحتل محور فيلادلفيا بالمخالفة لاتفاقية السلام مع مصر، وتغلق المعابر، وتمنع المساعدات من مصر إلى غزة».

وشدد على أن «إسرائيل تُغلق كل أبواب السلام، وتهدد مبادئ حسن الجوار مع مصر، ومن ثم لا يمكن أن تتعامل القاهرة بشكل طبيعي معها وتقبل أوراق سفيرها الجديد وكأن شيئاً لم يكن، وفي ظل عدم موافقة مصر على أوراق ترشيح السفير الإسرائيلي الجديد فلا يمكنه الحضور للقاهرة».

ولم تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً كما الحادث تلك الفترة منذ بدء الحرب الحالية في غزة، خصوصاً بعدما أخلَّت إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» الذي تم التوصل له بوساطة رئيسية من مصر؛ حيث استأنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف غزة، ولم تُنفذ تعهداتها بالانسحاب من محور فيلادلفيا والمعابر الفلسطينية.

سفير تايلاند لدى مصر مقدماً أوراق اعتماده للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
سفير تايلاند لدى مصر مقدماً أوراق اعتماده للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)

وسيطرت القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة مع مصر، بما فيها محور فيلادلفيا، وكذلك معبر رفح، في مايو (أيار) 2024، واتهمت مصر بأنها «لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق على حدودها إلى قطاع غزة»، وهو ما نفته القاهرة.

ويُعدّ محور فيلادلفيا منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، يمتد على مسافة 14 كيلومتراً. وجغرافياً، يمتد هذا الشريط الحدودي من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط».

ووفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس» الذي نقضته إسرائيل، كان من المفترض أن تبدأ الانسحاب من محور فيلادلفيا في اليوم الأخير من المرحلة الأولى للاتفاق؛ أي اليوم الأول من مارس 2025، على أن تستكمل الانسحاب خلال 8 أيام، ولكنها لم تفعل، واستأنفت القصف على غزة، كما أعلنت عن تشكيل إدارة وصفتها بأنها لتسهيل «المغادرة الطوعية» لأهل غزة، وهو ما رفضته القاهرة وعبَّرت عن إدانته رسمياً؛ حيث تصر مصر على استمرار الفلسطينيين في أرضهم، وقدمت خطة لإعادة إعمار غزة، وتحقيق حل الدولتين، وتمت الموافقة عليها في قمة عربية طارئة قبل 3 أسابيع.

وقال سفير مصر السابق لدى الأمم المتحدة، معتز أحمدين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن فصل عدم موافقة مصر على أوراق ترشيح سفير إسرائيل الجديد عن التوتر والخلافات بين البلدين حول حرب غزة، والخروقات الإسرائيلية على الحدود مع مصر».

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

ولفت إلى أنه «بروتوكولياً لا يوجد وقت معين ملزم للدولة بأن توافق على أوراق ترشيح سفير دولة أخرى، وهذه مسألة متروكة لحرية كل دولة، ومن ثم فلا يمكن لإسرائيل أن تلوم مصر على شيء»، منوهاً في الوقت نفسه بأنه «لا يحضر السفير للبلد المرشح له إلا بعد إبلاغ بلده بالموافقة عليه رسمياً من البلد المستضيف، وإذا حضر يكون حضوره غير رسمي، ولا يمكنه التعامل بالصفة الرسمية للسفير إلا بعد الموافقة».

وأشار إلى أن «تقديم أوراق الاعتماد أمام رئيس الدولة يكون بأسبقية الموافقة، أي أن مَن تتم الموافقة على ترشيحه أولاً يأخذ دوراً متقدماً وهكذا، ومن حق الدولة أيضاً أن تُقيم حفل اعتماد أوراق أمام الرئيس لعدد من السفراء الذين وافقت عليهم بأسبقية أدوارهم، وتؤخر بعض من وافقت عليهم لحفل آخر؛ حيث إن الدولة تُقيم مراسم اعتماد السفراء الجدد كل 3 أو 4 أشهر».