حكومة شرق ليبيا تتحرك ضد المتورطين في «الاتجار بالبشر»

«الوحدة» تعرض على «الجيش الوطني» المساعدة بتأمين الحدود الجنوبية

أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)
أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)
TT
20

حكومة شرق ليبيا تتحرك ضد المتورطين في «الاتجار بالبشر»

أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)
أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)

استنفرت السلطات الأمنية في ليبيا قواتها لمواجهة أزمة تدفقات المهاجرين غير النظاميين، إذ أعلنت السلطات في شرق البلاد تحركها لكشف «قوائم المتورطين في التهريب والاتجار بالبشر».

ووجّه اللواء عصام أبو زريبة، وزير الداخلية، بحكومة أسامة حمّاد في شرق ليبيا، بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد عمليات التهريب والمهربين؛ وقال إن هذا الأمر «يشكل تهديداً للأمن القومي».

أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا في اجتماع أمني (المكتب الإعلامي للوزارة)
أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا في اجتماع أمني (المكتب الإعلامي للوزارة)

وجاءت تصريحات أبو زريبة في اجتماع مساء السبت مع رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة اللواء صلاح الخفيفي، ورؤساء الفروع بالجهاز، في مركز إيواء قنفودة لمناقشة تعزيز جهود مكافحة الهجرة غير النظامية. وأكد أن وزارته تعزز التعاون الأمني مع دول الجوار لمكافحة شبكات التهريب العابرة للحدود، موضحاً أن القوات المسلحة قدمت دعماً لجهاز مكافحة الهجرة من خلال صيانة مراكز الإيواء وتوفير المعدات اللازمة.

وقال محمد أبو لموشة مدير المكتب الإعلامي بالوزارة، إن أبو زريبة أكد على ضرورة العمل على إعداد قوائم ضبط للمهربين وتجار البشر، ووجه بتكثيف الجهود الأمنية لملاحقتهم وتقديمهم للعدالة.

الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة غرب ليبيا في اجتماع أمني بالوزارة (المكتب الإعلامي للوزارة)
الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة غرب ليبيا في اجتماع أمني بالوزارة (المكتب الإعلامي للوزارة)

في موازاة ذلك، عقد اللواء عماد الطرابلسي وزير الداخلية بغرب ليبيا اجتماعاً طارئاً للجنة العليا لمتابعة ملف الهجرة غير المشروعة والحدود، وذلك في أعقاب الجدل حول اتهام الحكومة بالاتجاه إلى «توطين» المهاجرين استجابة لرغبات أوروبية ودولية.

وقال الطرابلسي، في الاجتماع الذي حضره وزراء العمل علي العابد، والعدل حليمة البوسيفي، والشؤون الاجتماعية وفاء الكيلاني، ورئيس أركان حرس الحدود بوزارة الدفاع، ورئيس جهاز حرس الحدود بوزارة الداخلية، إن «معالجة أزمة الهجرة تبدأ من تأمين الحدود، وخاصة الجنوبية».

وأعاد الطرابلسي تكرار عرضه على «الجيش الوطني» بالمشاركة في تأمين الحدود، وقال إن «وزارة جاهزة لتشكيل قوة أمنية متخصصة لحماية الحدود الجنوبية، بالتنسيق مع الجهات الأمنية والعسكرية في المنطقة كافة».

ومعلوم أن قوات «الجيش الوطني» تبسط سيطرتها على غالبية المناطق الحدودية بجنوب ليبيا.

وسبق أن أعلن «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، إنهاء مهمة لقواته لتأمين الحدود الجنوبية بـ«نجاح»، في سبتمبر (أيلول) 2024 إثر ما وصفته بـ«معارك شرسة مع العصابات الإجرامية»، أسفرت عن «تطهير المنطقة من الأسلحة والمخدرات»، ما أدى إلى سقوط عدد من عناصره.

وشدّد الطرابلسي على أهمية شن عمليات أمنية مكثفة لمكافحة الهجرة غير المشروعة، والتصدي لعصابات تهريب البشر، وتفكيك شبكاتهم، وقال: «ملف الهجرة يعدّ قضية دولية، وليس شأناً محلياً». وفي مواجهة الاتهامات التي توجه لحكومته، جدّد الطرابلسي «نفيه ورفضه القاطعين لأي محاولات لتوطين المهاجرين غير النظاميين داخل ليبيا، تحت أي مبرر أو ذريعة».

وأشاد الحقوقي الليبي طارق لملوم باتجاه وزارة الداخلية بشرق ليبيا لكشف عصابات تهريب البشر عبر قوائم بأسمائهم في كل المدن الليبية، وقال متسائلاً: «هل يفعلها وزير الحكومة في طرابلس ويعلن عن قوائم المتورطين في الاتجار والتهريب من المنافذ الجوية والبرية؟».

فريق الهلال الأحمر بفرع الزاوية ينتشل جثة قذفتها الأمواج إلى الشاطئ (الهلال)
فريق الهلال الأحمر بفرع الزاوية ينتشل جثة قذفتها الأمواج إلى الشاطئ (الهلال)

في السياق ذاته، انتشل فريق جمعية الهلال الأحمر فرع الزاوية بغرب ليبيا جثة مجهولة الهوية بمنطقة إسبان كانت أمواج البحر قذفتها إلى الشاطئ. وذلك غداة انتشال ثلاث جثث أخرى.

وقالت جمعية الهلال الأحمر في بيان، الأحد، إنه تم تسليم الجثة إلى السلطات المعنية لاستكمال باقي الإجراءات والتحقيقات.

وعادة ما تقذف أمواج البحر المتوسط إلى شواطئ ليبيا جثثاً لمهاجرين كانوا قد فروا من ليبيا بقصد التوجه إلى أوروبا لكنهم غرقوا في عرضه.

وتعد ليبيا واحدة من نقاط العبور إلى أوروبا للمهاجرين غير الشرعيين الآتيين من دول أفريقيا جنوب الصحراء والباحثين عن حياة أفضل، وفي هذا السياق أوضح الطرابلسي وجود أكثر من 3 ملايين مهاجر دخلوا إلى ليبيا بطرق غير مشروعة.

ودافعت السلطات الليبية، عن الجهود التي تبذلها البلاد لمواجهة تدفقات المهاجرين غير النظاميين، منذ الفوضى الأمنية التي ضربت ليبيا عقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.

وسبق أن قال عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية في حكومة حمّاد، إن ليبيا لن تكون «شرطياً لأوروبا» لصد موجات «الهجرة»، ورأى أن «الحل الحقيقي لهذه الظاهرة يتمثل في شراكة تنموية، تركز على معالجة الجذور الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنزاعات والحروب التي تؤدي إلى الهجرة».

وكانت «منظمة العفو الدولية» قد انتقدت الدعم الذي تقدمه حكومة إيطاليا إلى السلطات في ليبيا لوقف تدفقات الهجرة غير النظامية إلى سواحل أوروبا.

وقالت الناطقة باسم المنظمة أنلييزي بالداتشيني، إن «المنظمة وثقت خلال السنوات الماضية عواقب التعاون الأوروبي والإيطالي مع السلطات الليبية، بهدف احتواء تدفقات الهجرة غير النظامية». وبرّرت بالداتشيني، الأمر بأن ليبيا «تظل دولة خطيرة بالنسبة للأمم المتحدة لجهة التعامل مع المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر وإعادتهم إلى مراكز الاعتقال الليبية، ومن ثم يتعرضون لمعاملة قاسية».


مقالات ذات صلة

تباين ليبي بشأن نقل مقار مؤسسات حكومية من العاصمة إلى بنغازي

شمال افريقيا حماد مستقبلاً وئام العبدلي مدير عام الشركة العامة للكهرباء المعيَّن من جانبه (مكتب حماد)

تباين ليبي بشأن نقل مقار مؤسسات حكومية من العاصمة إلى بنغازي

يُعد الجدل بشأن مقار المؤسسات السيادية حلقة في صراع سياسي مستمر بليبيا، وذلك على أثر قرار رئيس حكومة شرق البلاد نقل مقر شركة الكهرباء من العاصمة إلى بنغازي.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)

ليبيا: اعتقال أحد المتورطين في جرائم «المقابر الجماعية» بترهونة

قال جهاز الأمن الداخلي بغرب ليبيا إن التحريات قادته إلى إسقاط أحد المتهمين البارزين في قضية «المقابر الجماعية»، الذي كان «تجسيداً للشر المطلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تيتيه مستقبلةً السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين (السفارة الروسية)

مرشحون للانتخابات المحلية الليبية ملاحقون قضائياً

قال مكتب النائب العام الليبي إن النيابة مدّت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بمعلومات عن الحالة الجنائية للمترشحين لانتخابات المجالس البلدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مسلح على رأس مهاجرين غير نظاميين بعد القبض عليهم بغرب ليبيا (المنطقة العسكرية الوسطى)

توقيف «عشرات» المهاجرين الأفارقة غرب ليبيا

أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا ترحيل أكثر من 200 مهاجر إلى بلدانهم، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً اللجنة الموفدة لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين في تونس (حكومة «الوحدة»)

هدوء حذر يعود إلى غريان الليبية بعد اشتباكات مسلحة

توقفت اشتباكات كانت قد اندلعت بين تشكيلين مسلحين غرب ليبيا، وسط حالة من الهدوء الحذر بالنظر إلى تربص الميليشيات المسلحة بقصد تمديد نفوذها على الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ليبيا: اعتقال أحد المتورطين في جرائم «المقابر الجماعية» بترهونة

خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)
خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)
TT
20

ليبيا: اعتقال أحد المتورطين في جرائم «المقابر الجماعية» بترهونة

خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)
خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)

اعتقلت السلطات الأمنية في العاصمة الليبية أحد المتهمين في جرائم «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس)، صدرت بحقه أوامر قبض من مكتب النائب العام والشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول).

وشهدت ترهونة عمليات قتل جماعية، وأعمالاً وحشية واسعة النطاق، تكشفت بعد فشل العملية العسكرية، التي قادها «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس.

نموذج من سجون ميليشيا «الكانيات» في ترهونة (المجلس الرئاسي)
نموذج من سجون ميليشيا «الكانيات» في ترهونة (المجلس الرئاسي)

وكان سكان ترهونة قد عثروا على «مقابر جماعية» عقب انتهاء الحرب، على طرابلس مطلع يونيو (حزيران) 2020، ضمّت مئات الجثث من مختلف الأعمار. كما تم انتشال عشرات الجثث لأشخاص، بعضهم مكبل اليدين من مواقع بصحراء ترهونة، وبحاوية حديدية وبئر معطلة بالقرب منها، بينهم أطفال.

وقال جهاز الأمن الداخلي إن التحريات قادته إلى إسقاط أحد المتهمين البارزين في قبضة العدالة، يدعى محمد ميلاد الأزرق، الملقب بـ«التحلي»، والذي كان بحسب وصف بعضهم «تجسيداً للشر المطلق»، مشيراً إلى أن المتهم «لم يشفع له نفوذه ولا سطوته، ولا القوة الغاشمة التي كان يحتمي بها، والتي مكّنته من ارتكاب أبشع الجرائم، فلم يسلم منها شيخ ولا طفل، لا رجل ولا امرأة، بل استباحت الجميع بوحشيةٍ كاملة».

وأوضح الجهاز أنه «عقب جمع المعلومات اللازمة، وإجراء المتابعات الأمنية الدورية بحق كل الجناة في ارتكاب تلك الوقائع، وتحديد كل الداعمين لإشعال الحروب وبث الفتن، والمندسين المتاجرين بدماء الأبرياء، تم الوصول إلى المتهم».

«مقابر جماعية» عثر عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)
«مقابر جماعية» عثر عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

واستعرض جهاز الأمن الداخلي جانباً من «اعترافات» المتهم، التي روي فيها تفاصيل بعض جرائم القتل التي شارك فيها، رفقة عناصر من ميليشيا «الكانيات».

وقال الجهاز إنه اكتفى «بعرض جزئيات من اعترافات المعني، احتراماً لأهالي الضحايا ولسرية التحقيقات، التي ستطول كل الفاعلين والمشاركين في انتهاك القوانين والأعراف، وعدم احترام سيادة الدولة».

وسبق للمستشارة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، زيارة ترهون، وقالت حينها: «رأيت في ترهونة مقابر جماعية، وزنزانات حبس انفرادي غير إنسانية، تعرض فيها مئات الضحايا للتعذيب والقتل»، مؤكدة أن الأمم المتحدة «ستدعم سعي أسر الضحايا لتحقيق العدالة، والمساءلة لجميع المتورطين في المقابر الجماعية».

وتواجه «الكانيات» اتهامات بتصفية مئات من الأسرى الذين وقعوا في قبضتها؛ انتقاماً لمقتل آمرها محسن الكاني، وشقيقه عبد العظيم، ودفنهما في «مقابر جماعية» على أطراف المدينة.

وتكوّنت «الكانيات» من 6 أشقاء وأتباعهم، وكانت تتمتع بقوة عسكرية مطلقة في المدينة قبل عام 2020، وقد بثّ عناصرها الرعب في صفوف السكان المحليين، بينما قُضي بشكل منهجي على الأصوات الناقدة، حتى إن أقاربهم لم يسلموا من بطشهم، وذهبوا إلى حد استخدام «الأسود» لبث الرعب في ترهونة.

وفي منتصف أغسطس (آب) 2022، أعلن النائب العام الليبي، الصديق الصور، فتح 280 قضية تتعلق بتلك المقابر، لافتاً إلى إحالة 10 قضايا منها إلى المحاكم، وتوجيه تهم القتل والتعذيب والخطف، والإخفاء القسري والسطو المسلح والسرقة إلى 20 متهماً، لكن لا تزال القضية مفتوحة.

وسبق أن سقط عدد من المتورطين في جرائم «المقابر الجماعية» في قبضة الأجهزة الأمنية. وأعلن «اللواء 444 قتال» في العاصمة الليبية، اعتقال مواطنين اثنين بتهمة التورط في خطف وقتل بمدينة ترهونة.

وبعد ضبط «التحلي» قال جهاز الأمن الداخلي، إنه «أُسدِل الستار على فصل دام من تاريخ الجرائم، التي استهدفت الضعفاء والآمنين في مدينة ترهونة، جرائم تجلت في مذابح دموية وفظائع لا تُغتفر». فيما لا تزال أسر المفقودين والقتلى يطالبون بضبط جميع الجناة و«إخضاعهم للعدالة».