ليبيا: اعتقال أحد المتورطين في جرائم «المقابر الجماعية» بترهونة

جهاز الأمن الداخلي بث جانباً من «اعترافاته»

خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)
خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)
TT

ليبيا: اعتقال أحد المتورطين في جرائم «المقابر الجماعية» بترهونة

خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)
خلال العثور على «مقابر جماعية» في ترهونة العام الماضي (هيئة البحث عن المفقودين)

اعتقلت السلطات الأمنية في العاصمة الليبية أحد المتهمين في جرائم «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس)، صدرت بحقه أوامر قبض من مكتب النائب العام والشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول).

وشهدت ترهونة عمليات قتل جماعية، وأعمالاً وحشية واسعة النطاق، تكشفت بعد فشل العملية العسكرية، التي قادها «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس.

نموذج من سجون ميليشيا «الكانيات» في ترهونة (المجلس الرئاسي)

وكان سكان ترهونة قد عثروا على «مقابر جماعية» عقب انتهاء الحرب، على طرابلس مطلع يونيو (حزيران) 2020، ضمّت مئات الجثث من مختلف الأعمار. كما تم انتشال عشرات الجثث لأشخاص، بعضهم مكبل اليدين من مواقع بصحراء ترهونة، وبحاوية حديدية وبئر معطلة بالقرب منها، بينهم أطفال.

وقال جهاز الأمن الداخلي إن التحريات قادته إلى إسقاط أحد المتهمين البارزين في قبضة العدالة، يدعى محمد ميلاد الأزرق، الملقب بـ«التحلي»، والذي كان بحسب وصف بعضهم «تجسيداً للشر المطلق»، مشيراً إلى أن المتهم «لم يشفع له نفوذه ولا سطوته، ولا القوة الغاشمة التي كان يحتمي بها، والتي مكّنته من ارتكاب أبشع الجرائم، فلم يسلم منها شيخ ولا طفل، لا رجل ولا امرأة، بل استباحت الجميع بوحشيةٍ كاملة».

وأوضح الجهاز أنه «عقب جمع المعلومات اللازمة، وإجراء المتابعات الأمنية الدورية بحق كل الجناة في ارتكاب تلك الوقائع، وتحديد كل الداعمين لإشعال الحروب وبث الفتن، والمندسين المتاجرين بدماء الأبرياء، تم الوصول إلى المتهم».

«مقابر جماعية» عثر عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

واستعرض جهاز الأمن الداخلي جانباً من «اعترافات» المتهم، التي روي فيها تفاصيل بعض جرائم القتل التي شارك فيها، رفقة عناصر من ميليشيا «الكانيات».

وقال الجهاز إنه اكتفى «بعرض جزئيات من اعترافات المعني، احتراماً لأهالي الضحايا ولسرية التحقيقات، التي ستطول كل الفاعلين والمشاركين في انتهاك القوانين والأعراف، وعدم احترام سيادة الدولة».

وسبق للمستشارة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، زيارة ترهون، وقالت حينها: «رأيت في ترهونة مقابر جماعية، وزنزانات حبس انفرادي غير إنسانية، تعرض فيها مئات الضحايا للتعذيب والقتل»، مؤكدة أن الأمم المتحدة «ستدعم سعي أسر الضحايا لتحقيق العدالة، والمساءلة لجميع المتورطين في المقابر الجماعية».

وتواجه «الكانيات» اتهامات بتصفية مئات من الأسرى الذين وقعوا في قبضتها؛ انتقاماً لمقتل آمرها محسن الكاني، وشقيقه عبد العظيم، ودفنهما في «مقابر جماعية» على أطراف المدينة.

وتكوّنت «الكانيات» من 6 أشقاء وأتباعهم، وكانت تتمتع بقوة عسكرية مطلقة في المدينة قبل عام 2020، وقد بثّ عناصرها الرعب في صفوف السكان المحليين، بينما قُضي بشكل منهجي على الأصوات الناقدة، حتى إن أقاربهم لم يسلموا من بطشهم، وذهبوا إلى حد استخدام «الأسود» لبث الرعب في ترهونة.

وفي منتصف أغسطس (آب) 2022، أعلن النائب العام الليبي، الصديق الصور، فتح 280 قضية تتعلق بتلك المقابر، لافتاً إلى إحالة 10 قضايا منها إلى المحاكم، وتوجيه تهم القتل والتعذيب والخطف، والإخفاء القسري والسطو المسلح والسرقة إلى 20 متهماً، لكن لا تزال القضية مفتوحة.

وسبق أن سقط عدد من المتورطين في جرائم «المقابر الجماعية» في قبضة الأجهزة الأمنية. وأعلن «اللواء 444 قتال» في العاصمة الليبية، اعتقال مواطنين اثنين بتهمة التورط في خطف وقتل بمدينة ترهونة.

وبعد ضبط «التحلي» قال جهاز الأمن الداخلي، إنه «أُسدِل الستار على فصل دام من تاريخ الجرائم، التي استهدفت الضعفاء والآمنين في مدينة ترهونة، جرائم تجلت في مذابح دموية وفظائع لا تُغتفر». فيما لا تزال أسر المفقودين والقتلى يطالبون بضبط جميع الجناة و«إخضاعهم للعدالة».


مقالات ذات صلة

تجدد «سباق النفوذ» بين روسيا وأميركا في ليبيا

شمال افريقيا اجتماع الدبيبة في طرابلس مع الوفد الروسي (حكومة الوحدة)

تجدد «سباق النفوذ» بين روسيا وأميركا في ليبيا

عقد وفد من «الجيش الوطني»، تقدمه صدام حفتر، قائد القوات البرية، اجتماعاً في واشنطن، بينما زار وفد روسي حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة الدبيبة، في طرابلس.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا تكالة والدبيبة يتوسطان مسؤولين في مؤتمر بالعاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)

هل يطوي «الأعلى للدولة» الليبي صفحة الانقسام قريباً؟

دخل المجلس الأعلى للدولة في ليبيا دوامة الانقسام بعد خلاف على رئاسته بين خالد المشري ومحمد تكالة لكن الأخير يدعو اليوم إلى تشكيل لجنة مشتركة لبحث أزمته.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال اجتماع بمسؤولي القطاعات الصحية في غرب ليبيا مساء الأحد (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يتعهد بمكافحة «الفساد» في القطاع الصحي الليبي

حذر رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، من أي تورط في أعمال فساد، خصوصاً بالقطاع الصحي، وذلك رداً على اتهامات وُجّهت لوزارة الصحة بحكومته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عامل ليبي في موقع إنتاج بأحد الحقول النفطية (المكتب الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط)

انتقادات برلمانية تلاحق عروض التنقيب عن النفط الليبي

تتصاعد الانتقادات البرلمانية في ليبيا لعروض التنقيب عن النفط التي أعلنت عنها «المؤسسة الوطنية للنفط» وسط مطالب بتأجيلها لحين انتخاب «حكومة موحدة».

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي مساء الأحد (المجلس الرئاسي)

«قلق وترقب» في طرابلس الليبية غداة اغتيال قائد عسكري

طالب رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الادعاء العام العسكري بفتح تحقيق «عاجل وشامل» لكشف ملابسات مقتل العميد علي الرياني في هجوم مسلح.

خالد محمود (القاهرة)

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح
TT

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح

عرض رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في كلمة له ببورتسودان، أمس (الثلاثاء)، عفواً عمن يلقي السلاح، قائلاً إن «الحرب ضد من يحمل السلاح ضد الدولة، وسنعفو عمن يضع السلاح (...) ويتبرأ من ذنوبه في ما تعرض له السودانيون»، مشيراً إلى أن هناك «من كانوا مع الميليشيات (الدعم السريع) وعادوا للقتال مع الجيش، وحراستي الشخصية فيها سودانيون من كل القبائل».

ونفى البرهان، غداة عودته من مصر، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجود «أي دور للإسلاميين وأنصار النظام السابق في بورتسودان في استمرار الحرب».