ليبيون يطالبون الدبيبة بكشف أسباب «حرائق الأصابعة» الغامضة قبل تعويض المتضررين

وسط تخوّفات من اشتعالها مجدداً

الدبيبة خلال إطلاق مشروع استكمال «مول زمرد الاستثماري» (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال إطلاق مشروع استكمال «مول زمرد الاستثماري» (حكومة الوحدة)
TT

ليبيون يطالبون الدبيبة بكشف أسباب «حرائق الأصابعة» الغامضة قبل تعويض المتضررين

الدبيبة خلال إطلاق مشروع استكمال «مول زمرد الاستثماري» (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال إطلاق مشروع استكمال «مول زمرد الاستثماري» (حكومة الوحدة)

طالب سياسيون وقيادات محلية ببلدية الأصابعة الليبية، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، بالعمل على كشف أسباب اندلاع «حرائق غامضة» شبّت في الكثير من منازلها خلال الأسبوع الماضي، وذلك قبل الإقدام على تعويض المتضررين.

وكانت الحكومة قد قرّرت تخصيص 70 مليون دينار لتعويض المتضررين من الحرائق التي طالت عشرات المنازل في الأصابعة (غرب)، لكن القرار قُوبل بانتقادات لعدم التوصل إلى الأسباب الحقيقية وراء اندلاعها حتى الآن. (الدولار يساوي 4.82 دينار ليبي).

وعدّ رئيس لجنة الإدارة والحكم المحلي في مجلس النواب الليبي، عبد الوهاب عمر زوليه، أن الوضع في بلدية الأصابعة التي ينتمي إليها «سيبقى غير مطمئن، إلى أن يتم الكشف عن أسباب الحرائق»، وقال: «هذا مطلبنا الأول».

وأضاف زوليه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعويضات مطلوبة، خصوصاً مع تضرّر قرابة 160 منزلاً بسبب الحرائق حتى الآن، وما تتطلّبه من صيانة وترميم؛ لكن مع تكرار اندلاعها لعدم معالجة الأسباب لن تكون هناك فائدة من الصيانة». ولفت إلى معاناة البلدية منذ ثمانينات القرن الماضي من هذه الظاهرة نفسها؛ لكن بشكل محدود مقارنة بما يحدث الآن.

ورأى زوليه أن قيمة المخصصات التي حدّدتها الحكومة «قد تكون كافية إذا توقفت الحرائق. أما إذا استمرت فلا يمكن التكهن بحجم التكلفة، خصوصاً أن البلدية تفتقر إلى الكثير من شبكات البنية التحتية مثل الصرف الصحي»، مشيراً إلى أن «الحكومة الليبية، المكلّفة من البرلمان، بصدد إعلان تعويضات للمتضررين، إلا أنها تنتظر نتائج التحقيقات أولاً لتقدير التكلفة المطلوبة».

وتتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى حكومة «الوحدة» التي يرأسها الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس في الغرب الليبي مقراً لها، والأخرى مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب ويرأسها أسامة حماد.

وقال عميد بلدية الأصابعة، عماد المقطوف، إن «الأولوية لدينا حالياً هي الاستعانة بفرق دولية للكشف عن الأسباب الحقيقية، واحتوائها قبل أي حديث آخر»، لافتاً إلى «تجدّد اندلاع النيران بالمنازل في اليوم الرابع من الشهر الجاري، بعد توقفها لعدة أيام». وأكد المقطوف لـ«الشرق الأوسط» أن «التعويضات يمكن صرفها في أي وقت، لكن الوقوف على الأسباب هو الأهم لتفادي حالة الرعب والأذى النفسي الذي تتعرّض له غالبية السكان»، منوهاً إلى أنه «لم يتضرر إلا عدد محدود قياساً بالعدد الإجمالي لسكان البلدية، لكن الجميع يتخوّف من اندلاع النيران، وهناك منازل اشتعلت أكثر من مرة».

وأشار رئيس البلدية إلى وصول «فرق الدعم والإغاثة من وزارتي الحكم المحلي والشؤون الاجتماعية، والمؤسسة الوطنية للنفط، وكذلك بعض البلديات القريبة منذ بداية الأحداث»، داعياً إلى «توفير المزيد من سيارات الإسعاف وإطفاء الحرائق، والمزيد من أسطوانات الإطفاء لتوزيعها على أكثر من 11 ألف أسرة، خصوصاً في المناطق التي يتجدّد بها اشتعال النيران».

أما عضو مجلس النواب، محمد أمدور، فرأى أن قرار صرف التعويضات قبل الكشف عن أسباب الحرائق يُعدّ بمثابة «الهروب من المسؤولية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «النتائج النهائية لأسباب الحرائق قد تكشف عن تقصير ما من قِبل السلطات في متابعة أوضاع تلك المنطقة، وإعلان صرف التعويضات بشكل مبكر يُسهم في امتصاص الغضب».

وتباينت تعليقات أهالي الأصابعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يرى البعض أن التعويضات يجب ألا تسبق معرفة الأسباب، في حين ثمّن آخرون قرار الدبيبة بصرف تعويضات.

وأبدى عميد بلدية طرابلس المركز السابق، عبد الرؤوف بيت المال، تفهمه لما طُرح بكثرة على منصات التواصل الاجتماعي، فور إعلان صرف التعويضات اشتكى عدد من المواطنين من تأخر صرف تعويضاتهم، المتعلقة بحوادث ومواجهات مسلحة وقعت من قبل. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأفضل هو أن يتم إرجاء الحديث عن التعويضات حالياً، والتركيز على تقديم مساعدات عاجلة لمن تضررت منازلهم بشكل كلي أو جزئي».

ولم يبتعد الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، عن الآراء السابقة، منتقداً «مناخ المزايدة بين الحكومتَيْن المتنازعتَيْن على السلطة، عقب حدوث أي كارثة أو أزمة، وتحولها إلى باب لاستنزاف موارد البلاد بإعلان صرف تعويضات، في استمرار لسياسة إطفاء حرائق الغضب الشعبي». كما انتقد التواتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إرسال الهيئة العامة للأوقاف، التابعة لحكومة «الوحدة»، لجاناً من برنامج «حصين» المخصص لمحاربة السحر والشعوذة لإغاثة الأصابعة، مشدداً على أن «الإغاثة الحقيقة تكمن في عدم صرف الأنظار عن الأسباب والحلول الجذرية للحرائق».


مقالات ذات صلة

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

لم يحدد اللافي موعداً لبدء هذه الحوارات الليبية أو مكانها مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

جمع إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة على مائدة إفطار قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الليبي خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة (مجلس النواب)

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

رصدت وسائل إعلام ليبية محلية وجود ما وصفته بحالة من التوتر الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس على خلفية اشتباكات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من قوة الردع بطرابلس غربي ليبيا (قوة الردع)

«الاعتقالات التعسفية»... سلاح السلطات في ليبيا لمواجهة معارضيها

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن موجة من الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعرها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قادة الجيش الوطني الليبي على مائدة إفطار القيادة العامة (الجيش الوطني)

موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه الرسائل السياسية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

البرلمان المصري يقرّ تشكيل مجلس التنسيق الأعلى مع السعودية

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

البرلمان المصري يقرّ تشكيل مجلس التنسيق الأعلى مع السعودية

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، الاثنين، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري، الذي يستهدف الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق استراتيجية غير مسبوقة.

وكان الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد السعودي.

ونهاية العام الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل المجلس، الذي يهدف إلى «تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين السعودية ومصر في مختلف المجالات التي تهم الجانبين»، وفق الإعلان الرسمي.

وجاءت موافقة مجلس النواب المصري، الاثنين، بعد استعراض النائب أحمد فؤاد أباظة، رئيس لجنة الشؤون العربية، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون العربية ومكتبي لجنتي الشؤون الاقتصادية، والدفاع والأمن القومي، على قرار رئيس الجمهورية رقم (55) لسنة 2025 والخاص بمحضر تشكيل مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري.

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة (أرشيفية - الخارجية المصرية)

وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المشتركة».

ويعد أمينا الجانبين محضراً مشتركاً يتضمن حوكمة لأعمال المجلس ولجانه ومهماتها وآليات التنسيق والتواصل بما يكفل تحقيق الغايات المنشودة من تشكيل المجلس، وتعتمد الحوكمة بموافقة رئيسي الجانبين.

وقال النائب أحمد فؤاد أباظة، رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، إن المجلس الجديد يستهدف تحقيق أهداف استراتيجية عدة، من بينها تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضاف: «يعمل كذلك على تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتذليل العقبات أمام تدفق الاستثمارات السعودية إلى مصر، وتشجيع القطاع الخاص في البلدين على إقامة مشاريع مشتركة»، كما يستهدف تبادل الخبرات والمعلومات في المجالات الأمنية والعسكرية، وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وأكد أباظة أن المجلس يعمل على تطوير التعاون في مجالات التعليم والصحة والزراعة والبيئة والثقافة والصناعة والتقنية والاتصالات والنقل والتعاون الرقمي والبنى التحتية والطاقة وغيرها من المجالات الحيوية.