أعلنت «قوات الدعم السريع» السودانية عن اكتمال الاستعدادات لتشكيل «حكومة سلام ووحدة» في مناطق سيطرتها، وأوضحت أنها ستحمي هذه الحكومة من غارات الطيران الحربي التابع للجيش، لكي تستطيع الحكومة الجديدة تقديم الخدمات لسكان تلك المناطق، بما في ذلك توفير ماكينات طباعة العملة والجوازات.
وتوعدت «قوات الدعم السريع» بمواصلة القتال، حتى هزيمة «القوة الباطشة (في إشارة إلى الجيش) وتحرير ولايات: الشمالية، ونهر النيل، والبحر الأحمر، وكسلا، من سيطرة الحركة الإسلامية» التي تتهمها «الدعم السريع» بالتحكم في قرارات الجيش.
وقال قائد ثاني «قوات الدعم السريع»، الفريق أول عبد الرحيم حمدان دقلو، خلال مخاطبته جماعات سياسية ومدنية وأهلية في العاصمة الكينية نيروبي، إن «ترتيبات تشكيل الحكومة قد اكتملت، وإن ماكينات طباعة جوازات السفر وطباعة العملة أصبحت جاهزة، بجانب تجهيز مآرب أخرى تهم الحكومة» لم يكشف عنها.
«تحالف تأسيس»
ووقعت «قوات الدعم السريع» مع حركات مسلحة، أبرزها «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بالإضافة إلى قوى سياسية ومدنية، أبرزها حزب «الأمة القومي»، ميثاقاً سياسياً تكوّن بموجبه ما أطلقوا عليه اسم «تحالف تأسيس»، ويهدف لتشكيل حكومة موازية ومناوئة لتلك التي يقودها الجيش، وتتخذ من مدينة بورتسودان عاصمة مؤقتة لها، منذ أن فقد الجيش السيطرة على العاصمة الخرطوم بعد أشهر من اندلاع الحرب مع «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.
وقال دقلو إن المناطق التي تسيطر عليها قواته ستكون محمية حماية كاملة من هجمات الطيران الحربي التابع للجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وذلك في تلميح لامتلاك قواته مضادات طيران فعالة. وتعهد دقلو بالعمل على إعمار ما دمرته الحرب، وإقامة مشروعات تنمية في المناطق التي يسيطر عليها، وإن بناء ما سمَّاه «السودان الجديد» سيكتمل في وقت وجيز بعد القضاء على أعداء السودان، وفق تعبيره. وأعلن دقلو عن اقتراب عودته إلى ميدان القتال وقيادة العمليات بنفسه، قائلاً: «سنقاتلهم أينما كانوا، وحق الشعب السوداني لن يضيع أبداً، حتى تخليص شعبنا ليعيش حراً ونزيهاً». وتابع: «ولايات الشمالية، ونهر النيل، وبورتسودان، وكسلا، كلهم نعدهم أهلنا، وسنحررهم من الفلول»، في إشارة إلى أنصار النظام السابق من جماعة الإخوان المسلمين.
مخاوف من التقسيم
وأعلنت «قوات الدعم السريع» السودانية اكتمال الاستعدادات لتشكيل «حكومة سلام ووحدة» في مناطق سيطرتها، وأوضحت أنها ستحمي هذه الحكومة من غارات الطيران الحربي التابع للجيش.
وأثارت خطوة تكوين حكومة موالية لـ«قوات الدعم السريع» بموازاة حكومة الجيش في بورتسودان، مخاوف بين عدد من السودانيين، من أن تؤدي لتفاقم القتال وتجزئه السودان، وذلك على الرغم من تأكيدات تحالف «تأسيس» حرصه على وحدة البلاد. كما أدت الخطوة إلى تقسيم أكبر تحالف لقوى مدنية في البلاد المعروف باسم «تقدم»، إلى مجموعتين: إحداهما بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، التي غيّرت اسمها الآن إلى تحالف «صمود»، وهي تعارض قيام حكومة موازية، بينما المجموعة الأخرى تؤيد قيام مثل هذه الحكومة وتنسق مع الأطراف الأخرى في تحالف «تأسيس».
وفي هذا الصدد، قال الناشط السياسي عزام عبد الله، إن فكرة الحكومة الموازية نشأت بعد أن حرمت حكومة البرهان المواطنين خارج مناطق سيطرتها من خدمات البنوك والتعليم، وحق الحصول على الأوراق الثبوتية وجوازات السفر. وأضاف عبد الله على حسابه في منصة «يوتيوب»، قائلاً: «السودان حالياً مقسوم... والسبب أن الحكومة التابعة للجيش أصدرت عملة جديدة، وحرمت المواطنين من خارج مناطق سيطرة الجيش، من خدمة البنوك، وأيضاً الحصول على الأوراق الثبوتية والجوازات».
دولياً، أعربت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي عن «قلقها البالغ» من تداعيات قيام حكومة موازية في السودان، خوفاً من أن يفاقم ذلك الصراع المسلح الذي يهدد بتفكيك السودان. وأحدث استمرار القتال لنحو عامين، انقساماً حاداً في البلاد، بين ولايات الوسط والشمال والشرق حيث يسيطر الجيش، ومناطق غرب البلاد وجنوبها حيث تسيطر «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في مناطق دارفور وكردفان وجنوب النيل الأزرق.
وتدخل الحرب في السودان عامها الثالث في منتصف أبريل (نيسان) المقبل، وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف، وتشريد الملايين بين نازح ولاجئ في دول الجوار.