تساؤلات عن أسباب الفشل في انتخاب رئيس لليبيا

وسط احتفالات بالذكرى الـ14 لإسقاط نظام القذافي

خوري في لقاء سابق بأعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا (البعثة الأممية)
خوري في لقاء سابق بأعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا (البعثة الأممية)
TT
20

تساؤلات عن أسباب الفشل في انتخاب رئيس لليبيا

خوري في لقاء سابق بأعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا (البعثة الأممية)
خوري في لقاء سابق بأعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا (البعثة الأممية)

بينما يحتفل الليبيون بالذكرى 14 لـ«ثورة 17 فبراير/ شباط» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، عادت التساؤلات تتوالى بشأن ما تحقق من أهداف تلك «الثورة»، والبحث عن أسباب الفشل في إجراء انتخابات عامة حتى الآن.

وذكّر عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، بـ«ما نشب من خلافات بين الأفرقاء الليبيين، وتحديداً حملة السلاح بثورة فبراير بعد أشهر قليلة من نجاحهم في إسقاط نظام القذافي، وكيف كان ذلك مؤشراً حينذاك على صعوبة فكرة القبول بشخصية واحدة تحكم البلاد لتستأثر دون الآخرين بالسلطة والثروة».

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط»: «سقط القذافي ولكن بات لدينا بدلاً منه مائة ديكتاتور جديد من قادة تلك الجماعات ممن استغلوا الفراغ المؤسسي، وبخاصة على المستوى الأمني، لفرض إرادتهم قياساً لحجم ترسانتهم العسكرية والمناطق التي يسيطرون عليها»، مشيراً إلى أنها «عقدت تحالفات مع عواصم خارجية وقوى سياسية محلية عجزت حينذاك عن فرض مشروعها للحكم بمفردها».

وأضاف: «مع ما شهدته البلاد من صراعات مسلحة عززتها التدخلات من دول كبرى، وأخرى إقليمية تمتلك مصالح بليبيا، أو لها مطامع بهذا الصدد، تصاعد نفوذ تلك الجماعات سياسياً واقتصادياً».

ويرى البرلماني الليبي أنه «دون وجود ضغط من المجتمع الدولي عبر البعثة الأممية، والتلويح الجدي بمعاقبة معرقلي العملية السياسية، لا يمكن الوصول حتى لحكومة موحدة تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية، وبالطبع احترام نتائج الأخيرة وحمايتها».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى «الوحدة الوطنية»، وهي برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتّخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والأخرى مُكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب برئاسة أسامة حمّاد.

أما عضو «المجلس الأعلى للدولة»، محمد معزب، فذهب إلى أن الخوف من «شبح القذافي» ممثلاً في شخصية الرئيس ذي الصلاحيات الواسعة، ربما أعاق تقبل أغلب الليبيين لوجود رئيس جديد لبلادهم، وخاصة في أول عامين بعد الثورة. إلا أن معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عاد ليؤكد أن «المزاج الليبي تغير، وباتت كتلة واسعة من الشعب تتمسك بوضع اشتراطات للترشح للرئاسة مماثلة لما هو موجود بدول عدة بالمنطقة وخارجها، ومحاولة تحديد صلاحياته بهدف ضمان عدم انفراد أي شخصية سيفرزها الصندوق الانتخابي بالسلطة، أو تغولها على التشريعات والمؤسسات».

وأعرب عن قناعته بأنه مع «فشل جهود تسعة مبعوثين أمميين في تقريب وجهات النظر بين فرقاء الساحة الليبية، واستمرار النزاع بين مجلسي النواب و(الدولة) حول شروط الترشح للرئاسة، وتمسك الحكومات بالبقاء في السلطة، ربما يمكن الاكتفاء بإجراء انتخابات تشريعية، وأن يضطلع برلمان جديد بمهمة وضع قوانين انتخابية تحظى بالتوافق».

أما المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، فيرى أن الوصول للانتخابات الرئاسية «لن يتحقق قبل حلحلة المواقف من قضايا أخرى، في مقدمتها إقرار دستور للبلاد».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، اعتبر محفوظ أن «أكبر إخفاقات المسار السياسي طيلة الأعوام الـ14 الماضية هو عدم حسم هذا المسار والاستفتاء على مواد مشروع الدستور الذي جرى إعداده قبل 7 سنوات من قبل لجنة منتخبة شعبياً، وهي اللجنة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي».

وبرغم تثمينه للمبادرة السياسية الجديدة للبعثة الأممية الراهنة، ولما شكلته مؤخراً من لجنة استشارية تضطلع بمهمة وضع مقترحات للقضايا العالقة بالقوانين الانتخابية، يرى محفوظ أن «عقبات جمة قد تواجه هذا المسار ومحاولة البعثة فرضه على فرقاء الأزمة السياسية ممن يرفضون إقصاءهم ويملكون السلاح والعلاقات الدولية».

وقال مدير «مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية»، محمد الأسمر، إن «الانتخابات وبخاصة الرئاسية تحتاج لدولة مستقرة، وإلى جدية المجتمع الدولي في السعي لإجرائها، بفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية. وكلا الأمرين مفقود».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» ذكّر الأسمر بـ«ما أصاب المؤسسة التشريعية من انقسامات على مدار السنوات العشر الأولى بعد الثورة». وقال: «في بداية عام 2022 تجدد الانقسام وبات هناك مجدداً حكومتان للبلاد، في حين تحتاج الانتخابات لتشريعات وسلطة تنفيذية موحدة تضطلع بإجرائها».

وانتقد الأسمر «تساهل المجتمع الدولي مع إعلان تأجيل الانتخابات التي كان من المزمع عقدها في ديسمبر (كانون الأول) 2021 لأجل غير محدد، وعدم الاهتمام بإجراء تحقيق لمعرفة من قام بعرقلتها ومعاقبته، وذلك برغم تأكيد أغلب ممثلي الدول الغربية الكبرى ضرورة انعقادها».

وانتهى إلى أنه «إلى الآن لا توجد مؤشرات واضحة على خروج ليبيا من أزمتها، والاقتراب من إجراء الانتخابات، باستمرار الخلاف حول إطارها القانوني والحكومة التي ستضطلع بتنفيذها».


مقالات ذات صلة

تجدد الاشتباكات في ليبيا واغتيال مسؤول عسكري

شمال افريقيا قوات تابعة للحدود في مناطق الحدود بليبيا (وزارة الداخلية)

تجدد الاشتباكات في ليبيا واغتيال مسؤول عسكري

تصاعَد التوتر الأمني في ليبيا، وشهدت مدينة الزاوية إلى الغرب من العاصمة، أمس (الأحد)، اشتباكات مسلحة بين مجموعات متنازعة على النفوذ، مما أدى إلى سقوط قذائف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون غير نظاميين من نيجيريا قبيل ترحيلهم (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)

السلطات الليبية تعلن عن ترحيل المزيد من المهاجرين غير النظاميين

أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا ترحيل 70 مهاجراً غير نظامي من جنسيات مصرية وسودانية وتشادية، عبر منافذ برية وجوية مختلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صدام حفتر نجل المشير خليفة حفتر يتفقد وحدات الجيش على الحدود (القوات البرية)

​اشتباكات مسلحة في ليبيا واغتيال مسؤول عسكري

تجددت صباح الأحد الاشتباكات المسلحة بين مجموعات مسلحة متنازعة على النفوذ في مدينة الزاوية بغرب ليبيا وتحدثت وسائل إعلام عن اغتيال مسؤول عسكري بطرابلس

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من المشاركين في ورشة عمل رعتها البعثة الأممية في ليبيا عن "خطاب الكراهية" (البعثة)

البعثة الأممية تدشن حملة لمناهضة «خطاب الكراهية» في ليبيا

دشّنت البعثة الأممية حملة لمناهضة «خطاب الكراهية» في ليبيا، ورعت في الأيام الماضية، ورش عمل شارك فيها العشرات من مدن عدة، بينها طرابلس وبنغازي؛ لمناقشة الظاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع وفد حكومة «الوحدة» في واشنطن (الوحدة)

ليبيا: اشتباكات مفاجئة بين ميليشيات مسلحة موالية لحكومة «الوحدة»

صعدت السلطات في ليبيا من وتيرة حملاتها الأمنية ضد «مهاجرين غير نظاميين»، السبت، وسط تنافس بين القوات التابعة لحكومتي «الوحدة» و«الاستقرار» على ملاحقتهم وترحيلهم

خالد محمود (القاهرة )

مصر تتطلع إلى أن تفضي المباحثات الإيرانية - الأميركية لخفض التوترات

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
TT
20

مصر تتطلع إلى أن تفضي المباحثات الإيرانية - الأميركية لخفض التوترات

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم الأحد، إن الوزير بدر عبد العاطي بحث في اتصالات هاتفية مع نظيريه العماني بدر البوسعيدي، والإيراني عباس عراقجي، والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، تطورات المفاوضات بين واشنطن وطهران حول الملف النووي الإيراني.

وأوضح المتحدث باسم «الخارجية» المصرية، تميم خلاف، في بيان، أن اتصالات عبد العاطي تناولت «تطورات الأوضاع الإقليمية، خصوصاً فيما يتعلق بالجولة الثالثة من المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي الإيراني... حيث اطلع على آخر مستجدات المباحثات بين الجانبين».

واستضافت العاصمة العُمانية مسقط الجولة الثالثة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي.

وقالت «الخارجية» المصرية إن عبد العاطي أكد «دعم مصر الكامل لكل المبادرات التي تستهدف التوصل إلى حلول سياسية عبر الحوار والتفاوض... وأعرب عن تطلعه إلى أن تفضي المفاوضات إلى تسوية سياسية متوازنة تُسهم في خفض التصعيد وتخفيف حدة التوترات بالمنطقة».