​اشتباكات مسلحة في ليبيا واغتيال مسؤول عسكري

داعمون للدبيبة يطالبون بانتخابات برلمانية «لحل الأزمة السياسية»

صدام حفتر نجل المشير خليفة حفتر يتفقد وحدات الجيش على الحدود (القوات البرية)
صدام حفتر نجل المشير خليفة حفتر يتفقد وحدات الجيش على الحدود (القوات البرية)
TT

​اشتباكات مسلحة في ليبيا واغتيال مسؤول عسكري

صدام حفتر نجل المشير خليفة حفتر يتفقد وحدات الجيش على الحدود (القوات البرية)
صدام حفتر نجل المشير خليفة حفتر يتفقد وحدات الجيش على الحدود (القوات البرية)

تصاعد التوتر الأمني بالمنطقة الغربية في ليبيا، إذ تجددت الاشتباكات المسلحة في مدينة الزاوية بغرب البلاد، وشهدت منطقة طرابلس اغتيال مسؤول عسكري يوم الأحد، فيما طالب داعمون لرئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، بانتخابات برلمانية «لحل الأزمة السياسية».

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن اغتيال العميد علي الرياني، الضابط بهندسة الصواريخ التابعة لقوات حكومة «الوحدة»، وذلك بمنطقة الخلة جنوب العاصمة طرابلس، بعدما استهدفه ثلاثة مسلحين داخل منزله، حيث أسفر تبادل إطلاق النار عن مقتل الأربعة.

وتجددت في الساعات الأولى من صباح الأحد الاشتباكات المسلحة في منطقة الركينة، بمدينة الزاوية الواقعة على بعد 45 كيلومتراً إلى الغرب من العاصمة، بين مجموعات مسلحة متنازعة على النفوذ، ما أدى إلى سقوط قذائف ورصاص على ممتلكات المواطنين بالمنطقة.

واندلعت المناوشات، التي تجاهلتها حكومة «الوحدة الوطنية»، بين ما يعرف باسم ميليشيا «الفار»، وميليشيا «القصب» بالمدينة.

لقاء رئيس حكومة «الاستقرار» بشرق ليبيا أسامة حماد مع أمين قيادة «الجيش الوطني» (حكومة الاستقرار)

من جهة أخرى، قال الفريق صدام حفتر، رئيس أركان القوات البرية بـ«الجيش الوطني»، إنه زار، الأحد، مواقع تمركز «قوة العمليات الخاصة» المُكلفة بتأمين المناطق الحدودية للبلاد، مشيراً إلى أنه تفقَّد الوحدات المكلفة بمهام الاستطلاع، حيث اطَّلع على جاهزيتها القتالية، وعتادها، وإمكاناتها الفنية، بالإضافة إلى الوقوف على مستوى الاستعداد في تأمين الحدود ومكافحة أعمال التهريب بأشكالها كافة.

وأدرج صدام هذه الجولة المفاجئة، في إطار تنفيذ تعليمات والده المشير حفتر، لحماية الحدود وفرض الأمن والاستقرار في كامل الشريط الحدودي.

بدوره أكد رئيس حكومة «الاستقرار» بشرق ليبيا أسامة حماد، لدى لقائه مساء السبت في بنغازي، مع أمين عام قيادة «الجيش الوطني»، الفريق خيري التميمي، حرص حكومته على دعم منتسبي الجيش من المتقاعدين العسكريين، تقديراً لدورهم الوطني في ترسيخ دعائم الاستقرار والحفاظ على أمن البلاد.

قوات تابعة للحدود في مناطق الحدود (وزارة الداخلية)

في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» مواصلة تسيير جهاز حرس الحدود دوريات صحراوية متجولة في منطقة الحمادة الحمراء، مروراً بعدة نقاط، لمكافحة جميع أشكال التهريب والهجرة غير المشروعة التي تهدد أمن واستقرار البلاد، وتعزيز السيطرة الأمنية بالمناطق الصحراوية.

مرحلة دقيقة

في غضون ذلك، عدّ الدبيبة أن البلاد تمر بـ«مرحلة دقيقة»، مشيراً خلال مشاركته في اجتماع أعيان وحكماء مدينتي الزنتان ومصراتة، إلى أن «محاولات المساس بوحدتها الوطنية ونسيجها الاجتماعي، تزداد يوماً بعد يوم».

لكنه أضاف: «ليبيا ستظل موحدة قوية رغم الصعاب. لا نحمل معنا إلا أجندة ليبيا، ولا نطمع سوى في وطن يتسع للجميع»، مؤكداً أن ليبيا «أكبر من أي أسماء ومن المصالح الضيقة، وقادرة على العبور إلى مرحلة جديدة».

من جهتها، عقدت «جمعية بيوت الشباب الليبية»، اجتماعاً في بيت شباب مصراتة، في إطار دور هذه البيوت «في دعم جسور التواصل وتعزيز العلاقات الأخوية».

لكن بدا أن الاجتماع، الذي تجاهل المطالبة بالانتخابات الرئاسية المؤجلة، ركَّز في المقابل على دعم حكومة «الوحدة»، حيث عدّ محمد الرجوبي، رئيس مجلس أعيان وحكماء مصراتة أن اللقاء خلص إلى أن حل الأزمة يبدأ بانتخابات برلمانية تنهي مجلس النواب الحالي الذي شرعّن الحروب، على حد تعبيره.

وأضاف في تصريحات تلفزيونية: «أكدنا أن الليبيين مستعدون لإجراء الانتخابات البرلمانية على عكس المتشائمين، والدليل نجاح تجربة الانتخابات البلدية»، لافتاً إلى الاتفاق على أن «تغيير السلطة التنفيذية، لن يكون إلا عبر مجلس نواب جديد، يهيئ الظروف لحكومة جديدة مُنتخبة».

الحماية القانونية للنساء

على صعيد آخر، شددت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، على ضرورة توفير الدولة الليبية الحماية القانونية والمدنية للنساء لتمكينهن من تحقيق طموحاتهن والمساهمة بشكل فعال في تنمية بلدهن.

وجددت، في حوار لموقع الأمم المتحدة نشرت البعثة جزءاً منه، تأكيدها على دعم قضية المرأة في ليبيا ومناصرتها، مشيرة إلى العمل على مشروع قانون لمنع العنف ضد النساء، أحيل إلى مجلس النواب، وعبَّرت عن أملها في إقراره في النهاية، بوصفه أداة مهمة لحماية النساء المعرضات للعنف وسوء المعاملة.

وعدّت أن تمرير قانون ما «لا يعني بالضرورة أن هذه هي الممارسة السائدة، ولكن يعني أنه يوجد ما يستدعي تدخلاً قانونياً وتنظيمياً لحماية المتضررات»، وتعهدت بمواصلة العمل مع زملائها في فريق الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الليبي لخلق مزيد من المساحات والفرص لنساء ليبيا.


مقالات ذات صلة

ما خيارات الدبيبة في التعامل مع الميليشيات بالعاصمة الليبية؟

تحليل إخباري عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)

ما خيارات الدبيبة في التعامل مع الميليشيات بالعاصمة الليبية؟

باتت هناك أسئلة تتعلق بخيارات الدبيبة وخططه في التعامل مع الميليشيات لا سيما أن هناك قرارات لم تنفذ بإخراجها من طرابلس

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة عربية محمود «كهربا» أحد أبرز اللاعبين المصريين المحترفين في الدوري الليبي (صفحة اللاعب على «فيسبوك»)

هل يعود نجوم الكرة المصريون للدوري الليبي؟

مع مؤشرات عن هدوء الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا، عقب تشكيل لجنة الهدنة في طرابلس، وما ترتب عليه من قرار الاتحاد الليبي لكرة القدم استئناف مباريات الدوري.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا المقر الذي يقول «اللواء 444» إنه عثر فيه على «مقبرة جماعية» ويعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

«الجثث»... سلاح حكومة «الوحدة» الليبية لـ«إدانة» الككلي وفلوله

تتحدَّث قوات حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عن العثور على جثث بثلاجة داخل مستشفى كانت تسيطر عليه قوات الككلي، كما تقول إنها عثرت على مقبرة في منطقة نفوذ لنجله.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة جماعية لأعضاء اللجنة الاستشارية الأممية (البعثة الأممية)

البعثة الأممية تطرح 4 خيارات لحلحلة أزمة الانتخابات الليبية

طرحت لجنة استشارية تابعة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اليوم الثلاثاء، أربعة خيارات، قالت إنها يمكن أن تشكل خريطة طريق لإجراء الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الحدّاد مع عدد من مساعديه (أركان قوات الوحدة)

«المحاسبة» الليبي يجمّد حسابات أجهزة تابعة للميليشيات المسلحة

جمّد رئيس ديوان المحاسبة الليبي خالد شكشك خمسة حسابات لجهات أمنية تابعة للميليشيات المسلحة بطرابلس في إجراء يستهدف «حماية المصلحة العامة».

خالد محمود (القاهرة)

ما خيارات الدبيبة في التعامل مع الميليشيات بالعاصمة الليبية؟

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
TT

ما خيارات الدبيبة في التعامل مع الميليشيات بالعاصمة الليبية؟

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)

انتهت بشكل مؤقت الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية إلى إفراز وضع جديد، على ما يبدو، بين رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، وعدد من التشكيلات المسلحة في طرابلس، يعتقد فيه البعض أن ميزان القوى «بات يميل» أكثر إلى الدبيبة.

ووسط الأجواء التي تشهدها العاصمة حالياً، باتت تطرح أسئلة تتعلق بخيارات الدبيبة، وخططه في التعامل مع الميليشيات، لا سيما أن هناك قرارات لم تنفذ، كانت تقضي بإخراجها من طرابلس، أو دمجها في الأجهزة الأمنية والمدنية.

«صفقة للتهدئة»

توقع مدير «مركز صادق للدراسات»، أنس القماطي، وجود «صفقة للتهدئة، وتجميد مرحلي للصراع راهناً»، وأبرز أن الدبيبة يواجه احتجاجات ومحاولات من خصومه لإزاحته؛ لذا «فإنه قد يفضل اللجوء لخيارات، أبرزها دمج أي تشكيل مسلح تحت سلطته، بعيداً عن المواجهة التي كلفته ثمناً باهظاً من شعبيته».

الدبيبة في لقاء سابق مع وفد أعيان ووجهاء مدينة صبراتة (الوحدة)

وتبنى القماطي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما يطرحه البعض من أن «تصفية المجموعات المسلحة غير المنضوية في المؤسستين الأمنية والعسكرية بالمنطقة الغربية، هي في الغالب خطة مدعومة من أطراف دولية، تستهدف تمهيد الطريق أمام أي سلطة جديدة يتم الاتفاق عليها». مشيراً إلى أن خريطة سيطرة ونفوذ المجموعات المسلحة في طرابلس «شهدت تغييرات بعد مقتل عبد الغني الككلي، (رئيس جهاز دعم الاستقرار)، وتخوف قيادات مسلحة متمركزة بالعاصمة وخارجها من إنهاء وجودها، كما حدث لجهاز دعم الاستقرار، مما دفع إلى التصدي للقوات التابعة لحكومة الوحدة».

ومن أبرز قوات الدبيبة «اللواء 444 قتال»، الذي يقوده اللواء محمود حمزة، و«اللواء111» بقيادة العقيد عبد السلام الزوبي، وكيل وزارة الدفاع بغرب ليبيا، وهما من القوات التي تواجه «قوة الردع الخاصة»، التي يرأسها عبد الرؤوف كارة، وبعض المجموعات المتمركزة بمدن قريبة من العاصمة.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: «الوحدة» التي تتخذ من طرابلس غرب البلاد مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتحظى أيضاً بدعم المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني» وتدير المنطقة الشرقية، وبعض مدن الجنوب برئاسة أسامة حماد.

ترجيح كفة الدبيبة

بخصوص قوات «الردع الخاصة»، وإن لم تهزم، فإن مدير «مركز صادق للدراسات» يرى أن القيادات «ربما تفضل حدوث تطور سياسي يمهد لرحيل حكومة الدبيبة، خاصة أنها تدرك أن أي حديث عابر عن تحرك قوات (الجيش الوطني) نحو العاصمة، مجدداً، قد يؤدي ذلك لاصطفاف التشكيلات في المنطقة الغربية مع الدبيبة».

جانب من المظاهرات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

بدوره، يرى الناشط السياسي، حسام القماطي، أن ميزان القوى المسلحة بالعاصمة «بات يصب في صالح الدبيبة، ومن يتبعه من قوات، وذلك بعد الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها طرابلس». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد منتسبي (قوة الردع) والشرطة القضائية تحت قيادة المطلوب دوليا أسامة نجيم، ومجموعات تتبع قادة أمنين بالزاوية، مثل آمر فرقة الإسناد محمد بحرون، لا يقارن بعدد عناصر وتسليح وتدريب قوات وزارتي الدفاع والداخلية بحكومة الدبيبة». مضيفاً أنه «إلى جانب حمزة والزوبي اللذين يتمتعان بدعم وعلاقات قوية مع واشنطن وأنقرة، يوجد عماد الطرابلسي، وزير داخلية الدبيبة المنتمي لمدينة الزنتان، وشقيقه عبد الله رئيس (جهاز الأمن العام)، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية والتشكيلات الموجودة بمصراتة، التي قد تصطف معه، وأبرزها (العمليات المشتركة) بقيادة عمر بوغدادة».

المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» (أرشيفية - رويترز)

وأوضح القماطي أن «قطع الدعم المالي الذي كان يوجه من خزينة الدولة للمجموعات، التي ناصبت الدبيبة العداء مؤخراً، يعدّ ورقة ضغط جديدة في يد الأخير تعزز موقفه»، وقال بهذا الخصوص: «لن يكون أمام هؤلاء سوى الاعتماد على ما يوجد لديهم من احتياطات، أو عوائدهم من أنشطة التهريب خصوصاً البشر، وبالطبع فإن الدبيبة لن يتوانى عن محاصرتهم بذريعة مكافحة الهجرة غير المشروعة».

أما أستاذ القانون العام الليبي، خيري الشيباني، ورغم تبنيه سياسة ضرورة تصفية تلك الأجهزة والتشكيلات، التي يعوق استمرارها استقرار الدولة ويهدد كيانها، فقد تحدث لـ«الشرق الأوسط» عما وصفه بـ«بعض الأخطاء» في نهج خطوات حكومة الدبيبة في التعاطي معها. وقال إن «دعم الاستقرار» ورغم أنه سلب صلاحيات عدة من وزارتي الداخلية والعدل، من ضبط الأفراد والتحقيق معهم وإقامة سجون، فإنه يتبع سلطة المجلس الرئاسي مثل (قوة الردع). مشيراً إلى أن المجلس الرئاسي تأخر في التعليق على حل هذين الجهازين، مما أحدث ارتباكاً في المشهد، فضلاً عن توظيف مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» للتوترات التي شهدتها طرابلس.