ليبيا: سلطات طرابلس تطلق سراح وزير بحكومة حمّاد

بعد إيقافه والتحقيق معه في «قضية نصب»

بوزقية وزير الدولة لشؤون السلطة التشريعية في حكومة حماد (صفحات تابعة للحكومة الليبية)
بوزقية وزير الدولة لشؤون السلطة التشريعية في حكومة حماد (صفحات تابعة للحكومة الليبية)
TT

ليبيا: سلطات طرابلس تطلق سراح وزير بحكومة حمّاد

بوزقية وزير الدولة لشؤون السلطة التشريعية في حكومة حماد (صفحات تابعة للحكومة الليبية)
بوزقية وزير الدولة لشؤون السلطة التشريعية في حكومة حماد (صفحات تابعة للحكومة الليبية)

أعلنت «قوة العمليات المشتركة» التابعة لحكومة "الوحدة" الليبية المؤقتة، إطلاق سراح وزير الدولة لشؤون السلطة التشريعية في حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب، محمد بوزقية، "بعد إيقافه بموجب أمر ضبط وإحضار صادر عن النيابة العامة في قضية "نصب واحتيال وتزوير".

وقالت القوة، الجمعة، إنه فور ضبط "المتهم" باشرت إدارة التحقيقات التابعة لها إجراءاتها القانونية بإبلاغ النيابة العامة، والاستدلال معه تمهيدًا لإحالته إلى النيابة المختصة. وعند ورود أمر وكيل النيابة العامة بنيابة غرب مصراتة بإخلاء سبيله، قامت القوة بتنفيذ القرار وأخلت سبيله.وناشدت قوة العمليات المشتركة جميع وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي "عدم نشر الأخبار الكاذبة والإشاعات المضللة، لما تشكله من تهديد خطير لأمن البلاد واستقرارها".

وقبل الإعلان عن إطلاق سراحه، تصاعدت في ليبيا أصداء عملية «خطف» بوزقية، وسط غضب وتنديد واسعين من قوى حكومية وسياسية وحقوقية. وأعلنت حكومة حمّاد وعدد من النشطاء السياسيين، في وقت مبكر من صباح (الجمعة)، «خطف» عناصر «القوة المشتركة» بمصراتة، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الوزير بوزقية، أثناء زيارة اعتيادية إلى عائلته بالمدينة.

الوزير المخطوف (الثاني من اليمين) خلال فعالية سابقة في مجلس النواب الليبي (المجلس)

واستهجنت حكومة حمّاد ما سمّته بـ«الأفعال التي تمسّ بسلامة وحرية الأفراد داخل الأراضي الليبية»، وقالت إنه «رغم الانقسام السياسي والتجاذبات القائمة؛ فإنها تفصل بين هذه التجاذبات وحرية الأشخاص في التنقل داخل ربوع البلاد كافة». ورأت أن مثل هذه العمليات يأتي «خارج إطار القانون، ودون مراعاة للنسيج الاجتماعي وسلامة الليبيين، أياً كانت صفاتهم أو تبعيتهم الوظيفية».

كما أعلن عدد من الحقوقيين الليبيين، من بينهم ناصر الهواري، عن خطف بوزقية، من قبل عناصر «القوة المشتركة». وعقب ذلك، سارع أبو القاسم قزيط، عضو المجلس الأعلى للدولة، بالتنديد بالواقعة، وقال إن وزير الدولة الدكتور محمد بوزقية «خطف من قوى الأمن، التي لا تقوم بشيء سوى الترويع والتخويف وهدر الحريات».

وصعّد قزيط باتجاه أجهزة الأمن بغرب ليبيا، قائلاً: «لا خطر على الأمن أكثر من أجهزة الأمن المنفلتة من عقال أي منطق أو قانون؛ مع صمت مريب من الأجهزة العدلية والقانونية والقضائية».

وفي حين طالبت حكومة حمّاد الجهات المختصة للتحرك «السريع والعاجل لإطلاق بوزقية فوراً؛ وعدم التعرض لسلامته بأي شكل من الأشكال»، اعتبرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، العملية «انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وخروجاً صريحاً عن القانون».

كما رأت المؤسسة الوطنية، في بيان لها، الجمعة، أن خطف الوزير يمثل «تعدياً على حق التنقل والسفر للمواطنين بحرية وأمان، في جميع أنحاء البلاد، بغض النظر عن صفاتهم الوظيفية، وانتماءاتهم السياسية والاجتماعيّة». وطالب الجهات المختصة بـ«فتح تحقيق شامل وعاجل في ملابسات الواقعة؛ وضمان ملاحقة المتهمين بارتكابها ومحاسبتهم، وضمان عدم تكرار هذه الجرائم».

ومع تصاعد الغضب داخل الأوساط السياسية والاجتماعية، تم تداول أمر كتابي منسوب لنيابة غرب مصراتة، يطالب «القوة المشتركة» بإطلاق سراح الوزير بوزقية «فوراً ودون قيود».

وتتكرر عمليات الخطف والإخفاء القسري في عموم ليبيا بشكل واسع، وتطول المسؤولين والمواطنين على حد سواء. وكان مجهولون قد خطفوا في العاصمة طرابلس مدير إدارة الأمن المركزية بجهاز الاستخبارات، العميد مصطفى علي الوحيشي، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، كما سبق أن خطفت إحدى الميليشيات رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان، في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2013.

النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

في شأن مختلف، قضت محكمة جنايات طرابلس بالسجن على 6 متهمين بمدد متفاوتة، ورد مبالغ مالية استولوا عليها من المصرف «التجاري الوطني» فرع الظهرة.

وأوضح مكتب النائب العام، مساء الخميس، أن النيابة العامة أقامت الدعوى العمومية في مواجهة 6 موظفين، سهلوا لموظف آخر الاستيلاء على مليون و17 ألف دينار، (الدولار يساوي 4.91 دينار في السوق الرسمية). فقضت المحكمة بإدانة المحكوم عليهم، وأنزلت بخمسة منهم عقوبة السجن لثلاث سنوات، وحرمانهم من حقوقهم المدنية، وأنزلت بالمحكوم السادس عقوبة الحبس سنتين مع الشغل، في حين ألزمت كل واحد منهم بدفع 336 ألفاً و35 ديناراً.

قوات تابعة لحكومة الوحدة خلال إحباط عملية لتهريب الوقود (الشرق الأوسط)

وفيما يتعلق بعملية تهريب الوقود، قالت مديرية أمن الجفرة إن «اللجنة الأمنية المشتركة»، المشكلة من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ضبطت 4 شاحنات نقل ثقيل، عليها صهاريج وبراميل وقود بمنطقة زلة، وذلك بقصد تهريبها إلى دول أفريقية جنوب ليبيا.

في غضون ذلك، قالت وزارة المواصلات بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن الوزير محمد الشهوبي اجتمع مع لجنة الترتيبات لعمليات التدقيق، التي تجريها الهيئة العربية للطيران المدني، والبرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني لمطاري معيتيقة ومصراتة الدوليين، ما بين 8 و14 من الشهر الحالي، بهدف متابعة المعوقات التي تواجه سير العمل وإيجاد الحلول لها.


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تعزز الأمن الحدودي مع تونس

شمال افريقيا دوريات أمنية ليبية على الحدود التونسية (جهاز حرس الحدود)

«الوحدة» الليبية تعزز الأمن الحدودي مع تونس

عززت الحكومة الليبية من تأمين الحدود المشتركة مع تونس.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر خلال إفطار رمضاني في بنغازي (الجيش الوطني)

مصادر ليبية تنفي اتجاه البرلمان لتنصيب حفتر رئيساً للبلاد

نفت مصادر بمجلس النواب الليبي ومقربون من المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» ما تردد عن عزم المجلس عقد جلسة لتنصيب حفتر رئيساً مؤقتاً.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا المقريف وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة» يتسلم درعاً للتميز اليوم رغم الحكم بحبسه (الوزارة)

السجن لوزير التعليم بحكومة الدبيبة بتهمة الفساد

قالت النيابة العامة الليبية إنه «بعد إثباتها إخلال المقريف بمبدأ المساواة، وممارسته الوساطة والمحسوبية» لإجراءات التعاقد على طباعة الكتاب المدرسي، قضت بسجنه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي خلال مأدبة إفطار أقامها في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي يتحدث عن «أفكار جديدة» لتوحيد الجيش والأمن في ليبيا

قال المنفي إن ليبيا اليوم «أمام مفترق طرق؛ وعلينا نتحمل مسؤولياتنا التاريخية لضمان عبورها إلى بر الأمان»، وقال إنه يعول على دعم من أسماهم بـ«الشركاء الدوليين».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)

حكومة شرق ليبيا تتحرك ضد المتورطين في «الاتجار بالبشر»

وجه أبو زريبة وزير الداخلية في حكومة شرق ليبيا بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد عمليات التهريب والمهربين وقال إن هذا الأمر يُشكل تهديداً للأمن القومي

جمال جوهر (القاهرة)

رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»

فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)
فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)
TT

رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»

فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)
فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)

تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض.

وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».

وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.

وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.

وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.

ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.

ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.

مدينة مدمَّرة

تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.

وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.

واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.

وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.

ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.

وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.

ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.

وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.

وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.

وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.

وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.

وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».

عملية انتشال الجثث من الحفرة قرب شرق النيل بالخرطوم (رويترز)

جوع

وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.

في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».

وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.

والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.

وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.

ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.

وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».

وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.

وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.

وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.