«صفقة» سلاح أميركية لمصر... دعم يتواصل رغم «تباينات التهجير»

الرئيس الأميركي خلال لقائه مع نظيره المصري في نيويورك عام 2019 (الرئاسة المصرية)
الرئيس الأميركي خلال لقائه مع نظيره المصري في نيويورك عام 2019 (الرئاسة المصرية)
TT

«صفقة» سلاح أميركية لمصر... دعم يتواصل رغم «تباينات التهجير»

الرئيس الأميركي خلال لقائه مع نظيره المصري في نيويورك عام 2019 (الرئاسة المصرية)
الرئيس الأميركي خلال لقائه مع نظيره المصري في نيويورك عام 2019 (الرئاسة المصرية)

تواصل الدعم الأميركي لمصر عبر «صفقة سلاح» جديدة، رغم «تباينات» المواقف بين القاهرة وواشنطن في مسألة «تهجير» الفلسطينيين من قطاع غزة.

وجاء إعلان واشنطن عن بيع «معدات عسكرية» للقاهرة بمثابة تأكيد من الإدارة الأميركية على «ثبات علاقاتها ودعمها لمصر رغم اختلاف مواقف البلدين بشأن تهجير سكان قطاع غزة»، وفق خبراء أكدوا أن «المصالح المصرية - الأميركية متعددة ومتشعبة، ولا تتأثر في مستواها العسكري والأمني بصعود وهبوط المواقف السياسية».

وأعلنت «الخارجية الأميركية» الموافقة على «بيع أسلحة متطورة، طلبتها القاهرة». وقالت في بيانين منفصلين، الثلاثاء، إن «الصفقة تهدف إلى تعزيز الأمن القومي الأميركي، من خلال دعم أمن مصر».

وجاءت صفقة التسليح الأميركية للقاهرة عشية دعوة جديدة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير سكان قطاع غزة، وقال بعد محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، إنه «ليس أمام الفلسطينيين أي بديل سوى مغادرة غزة، وإن بلاده ستسيطر على القطاع».

ووفق «الخارجية الأميركية» تشمل صفقة التسليح «تزويد البحرية المصرية بأنظمة إدارة قتال من طراز (كومباس - 21) بتكلفة تصل إلى 625 مليون دولار»، (الدولار الأميركي يساوي 50.3 في البنوك المصرية)، إلى جانب «أنظمة رادار للمراقبة الجوية والسطحية وأنظمة تشويش وحرب إلكترونية».

يضاف إلى ذلك «صفقة عسكرية» أخرى للقاهرة، تضم «أنظمة رادار بعيدة المدى بنحو 304 ملايين دولار»، وتشمل «أنظمة رادار متكاملة، بالإضافة إلى أجهزة تشفير، وأجهزة نظام تحديد المواقع (جي بي إس)، مزودة بوحدات مقاومة للتشويش، وقطع الغيار، وبرمجيات الدعم، وتدريب الأفراد، وخدمات الدعم الفني والهندسي واللوجستي»، حسب «الخارجية الأميركية».

وتأتي «صفقة التسليح» الأميركية الجديد إجراء تنفيذياً للدعم العسكري الذي أعلنت عنه واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ببيع أسلحة بنحو 5 مليارات دولار، وفق الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، مشيراً إلى أن «موافقة المؤسسات الأميركية على هذه الصفقة، خصوصاً وزارة الدفاع (البنتاغون) تعكس حرصها على تعزيز العلاقات مع القاهرة».

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وافقت في ديسمبر الماضي، على بيع أسلحة جديدة لمصر، بقيمة تقارب 5 مليارات دولار.

ورغم الترقب المصري لمواقف «إدارة ترمب» من قضية «تهجير» الفلسطينيين، فإن فرج يعتقد أن «مسار العلاقات والدعم الأميركي للقاهرة ثابت حتى الآن، ولم يتأثر بهذه الدعوات»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «هناك حرص على العلاقات بين البلدين، ودعم إيجابي من بعض المؤسسات الأميركية، خصوصاً الأمنية والعسكرية، وفي مقدمتها البنتاغون».

وكان الرئيس المصري تلقى اتصالاً من نظيره الأميركي، السبت، وقالت الرئاسة المصرية إن «الاتصال شهد حواراً إيجابياً، وأكد على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين»، إلى جانب «أهمية استمرار تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، وضرورة التوصل إلى سلام دائم في المنطقة».

وهناك تنسيق مستمر بين القاهرة وواشنطن لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، غير أن الخبير العسكري المصري يرى أن تصريح ترمب بـ«سيطرة بلاده على غزة يشكل سيناريو جديداً ومختلفاً للوضع في القطاع، وهو ما تترقب تداعياته مصر».

ووفق المحلل السياسي الأميركي، ماك شرقاوي «لا تتأثر العلاقات العسكرية والأمنية بين مصر وأميركا بصعود وهبوط مستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، مشيراً إلى أن «وجود تعاون وثيق وثابت بين وزراتي الدفاع المصرية والأميركية لا تغيره كثيراً المواقف السياسية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «علاقات القاهرة وواشنطن تحكمها مجموعة من المصالح المتعددة والمتشعبة».

ويعتقد شرقاوي أن «واشنطن تدرك أهمية القاهرة في دعم الاستقرار بالمنطقة»، ودلل على ذلك بـ«الحرص الأميركي على تقديم المساعدات العسكرية كاملة لمصر»، إلى جانب «انتظام إقامة تدريبات عسكرية مشتركة سنوياً بواقع مناورتين في العام».

جانب من إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

يشار إلى أن واشنطن علقت خلال السنوات القليلة الماضية نحو 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقدمة لمصر، بعد ربطها باشتراطات تتعلق بملف حقوق الإنسان، لكن في سبتمبر (أيلول) الماضي، قررت الولايات المتحدة الأميركية عدم تعليق جزء من مساعداتها العسكرية لمصر، لتحصل القاهرة على كامل قيمتها البالغة 1.3 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

مدبولي يرد على ويتكوف... إلى أين وصلت معدلات البطالة في مصر؟

شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي الأربعاء (مجلس الوزراء المصري)

مدبولي يرد على ويتكوف... إلى أين وصلت معدلات البطالة في مصر؟

نال معدل البطالة في مصر جانباً لافتاً من الجدل السياسي على مدار الأيام الماضية، عقب تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ البحر الأحمر عمرو حنفي يزور المصابين في حادثة غواصة الغردقة (محافظة البحر الأحمر)

مصر: تحقيق موسَّع في حادثة غرق «غواصة» سياحية بالبحر الأحمر

فتحت السلطات المصرية تحقيقاً موسعاً في حادثة غرق غواصة سياحية في مياه البحر الأحمر قرب شواطئ مدينة الغردقة، أسفرت عن مقتل 6 سياح روس، وإصابة 9 آخرين.

هشام المياني (القاهرة)
المشرق العربي دخان يتصاعد من موقع في شمال غزة عقب قصف إسرائيلي (رويترز)

وفد أمني مصري يتوجَّه إلى قطر لمواصلة محادثات هدنة غزة

ذكرت قناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية»، الخميس، أن وفداً أمنياً مصرياً توجه إلى الدوحة لمواصلة المباحثات الرامية للإفراج عن الأسرى والرهائن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أحد الشواطئ السياحية بمدينة الغردقة (صفحة محافظة البحر الأحمر على «فيسبوك»)

مصر: مقتل 6 أشخاص بعد غرق غواصة سياحية قبالة مدينة الغردقة

لقي ستة أشخاص حتفهم في غرق غواصة سياحية قبالة سواحل مدينة الغردقة المصرية على البحر الأحمر في جنوب شرقي مصر، بحسب الإعلام الحكومي الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة الملتقطة من مرتفعات الجولان دخاناً يتصاعد فوق الأراضي السورية أثناء القصف الإسرائيلي 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)

مصر: نرفض استغلال إسرائيل للتطورات في سوريا للاستيلاء على المزيد من الأراضي

أدانت مصر، اليوم الأربعاء، التوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا وقصف بلدة كويا، الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات أمس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
TT

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)

أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية. وقالت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مينيون هيوستن، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» هي الأولى لمسؤول أميركي في عهد الرئيس دونالد ترمب عن ملف السودان، إن هذا الموقف لن يتغيَّر رغم كل المكاسب الميدانية التي حققها الجيش السوداني في الفترة الأخيرة.

وشدَّدت هيوستن على ضرورة وقف الأعمال العدائية فوراً، مشيرة إلى تعاون وثيق من قبل إدارة ترمب مع دول المنطقة للحرص على إنهاء الصراع الدائر، و«ضمان وقف الأعمال العدائية لتهيئة الظروف لحكومة بقيادة مدنية تعطي الشعب السوداني ما يستحقه، وأن الولايات المتحدة لن تتنازل عن هذا الجهد». كما أكدت على الاستمرار في سياسة المحاسبة عبر العقوبات، وضرورة الاستمرار في توفير المساعدات الإنسانية.

وقالت هيوستن: «نحن نعلم أن الوضع في السودان كارثي. إنها أكبر أزمة إنسانية في العالم. ما نراه في السودان أمر مؤسف، ومن المهم أن يعرف المتابعون والعالم أن الولايات المتحدة لا تزال منخرطة جداً في هذا الملف». وأضافت أن الإدارة الأميركية الحالية تعمل على جبهات متعددة، و«تشمل جهودنا الدبلوماسية الانخراط مع الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، بالإضافة إلى السعودية ودول أخرى».

واشنطن مستعدة للضغط

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو بعد تعاونهما في إطاحة نظام عمر البشير عام 2019 (أ.ف.ب)

وأوضحت هيوستن أن واشنطن مستعدة للضغط من أجل وقف الأعمال العدائية لأنها تعلم أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في السودان، وهو السبيل لخلق سودان موحد، ومنح شعب السودان المستقبل الذي يستحقه.

وأكدت، المسؤولة الأميركية أن الولايات المتحدة كانت واضحةً للغاية بشأن ما تحاول تحقيقه في السودان، قائلة: «كنا صريحين للغاية حول ضرورة أن يكون تدخل الشركاء والدول الأخرى في الأزمة (السودانية) تدخلاً بنّاءً يؤدي إلى وقف الأعمال العدائية، لأنه بخلاف ذلك فستكون هذه الدول متواطئةً في إطالة أمد النزاع، ومتواطئةً في خلق مزيد من المعاناة للسودانيين، وخلق مزيد من عدم الاستقرار، وهذا لن يؤدي إلى السلام».

كما تعمل الإدارة الأميركية على الجبهة الإنسانية، إذ إن هناك كثيرًا من العمل بمشاركة الشركاء المنفذين الذين يعملون على دعم الاحتياجات الحيوية للناس في السودان، وكذلك اللاجئين في الدول المجاورة ودعم جهودها لقبول اللاجئين. وأشارت إلى أهمية تدابير المساءلة فيما يتعلق بالعقوبات.

ولدى واشنطن 31 تصنيفاً للعقوبات في الوقت الحالي بين «قوات الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية، وهذا أمر مهم للإدارة الأميركية بوصفه إجراء آخر لدفع الطرفين المتحاربين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ووقف الأعمال العدائية، وإعطاء الشعب السوداني ما يستحقه.

التزام طويل تجاه السودان

الحرب والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)

وفيما يتعلق بطرف أو آخر، قالت المسؤولة الأميركية: «كنا واضحين جداً في هذا الموقف بأن كلا الطرفين انخرط في أعمال ضارة وزَعزعَ استقرار البلاد، وخلقَ حالةً من عدم الاستقرار الشامل. وقد دعونا كلا الطرفين إلى العمل معاً لخلق عملية سياسية من شأنها أن تؤدي إلى تهيئة الظروف لحكومة يقودها مدنيون».

وأوضحت أن واشنطن تطلب من الشركاء الإقليميين الاستمرار في لعب دور بنّاء في الجمع بين الطرفين، وأن نركز على احتياجات الشعب السوداني «وهو أمر أكثر أهميةً من أي شيء آخر».

وشدَّدت هيوستن على أن التزام واشنطن «هو تجاه شعب السودان، والالتزام بالسلام الدائم، والالتزام بوقف الأعمال العدائية، وهذا الالتزام لا يتزعزع ». وأكدت أن وزارة الخارجية الأميركية، تحت قيادة الوزير ماركو روبيو، تواصل العمل مع الشركاء المنفذين على الأرض للتأكد من وصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها، كما تواصل الوزارة دعوة الجهات الفاعلة الإقليمية والحكومات الدولية، إلى بذل مزيد من الجهد، وأن تبذل الدول المانحة مزيدًا، لأن ما نراه في السودان وفي جنوب السودان يظهر أهمية تضافر الجهود العالمية لحل الأزمة.

لا استثمار مع الأسلحة

ظلت العاصمة السودانية الخرطوم مسرحاً دموياً للمعارك (أ.ف.ب)

وأشارت المسؤولة الأميركية إلى أنه لا يمكن دعم أي جهود تتعلق بالتقدم الاقتصادي والاستثمار ما لم يتم إخماد نار الأسلحة، لذلك «سنركز في هذا الوقت على الشعب السوداني وإنهاء القتال، فكلا الطرفين مسؤول عن الدمار في السودان، وعن عدم الاستقرار الإقليمي. لذا يبقى تركيزنا منصبّاً على جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات لتهيئة الظروف لوصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها قبل كل شيء».

وأشارت إلى أنه خلال الأسبوعين الأولين من مارس (آذار)، كان يوجد 2.1 مليون شخص تلقوا مساعدات إنسانية مهمة لأنهم كانوا على حافة المجاعة. وعن العقوبات، قالت هيوستن، إنها مهمة بوصفها أداةً لدفع الطرفين المتحاربَين إلى وقف الأعمال العدائية.