في إطار تعميق التقارب بين مصر والصومال، استضافت القاهرة النسخة الأولى لـ«منتدى رجال الأعمال المصري - الصومالي»؛ لمناقشة «أوجه التعاون الثاني بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية».
وانطلقت فعاليات «المنتدى»، الأربعاء، في مقر اتحاد الغرف التجارية المصرية بالقاهرة، بحضور مسؤولين حكوميين من البلدين، في وقت تشهد فيه العلاقات بين القاهرة ومقديشو زخماً، خصوصاً إزاء مساندة مصر للصومال في أزمته مع إثيوبيا، بعد مساعي أديس أبابا للحصول على منفذ بحري لها بالاتفاق مع إقليم «أرض الصومال الانفصالي».
وشارك في المنتدى رجال أعمال ومستثمرون صوماليون ومصريون، وممثلون عن القطاع الخاص في البلدين؛ لإرساء قواعد عمل وشراكات تجارية واستثمارية، وحسب إفادة من «اتحاد الغرف التجارية» في مصر، يعدّ المنتدى «خطوة مهمة على الطريق الصحيحة؛ لتعزيز التعاون بين القاهرة ومقديشو، على المستويات كافة، خصوصاً المجال الاقتصادي».
وعدّ سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، علي عبدي، أن «انعقاد النسخة الأولى لمنتدى رجال الأعمال المصري - الصومالي يعكس التزاماً مشتركاً من البلدين، لرفع معدلات التبادل التجاري، ليصل إلى نسب ترقى لمستوى العلاقات الاستراتيجية كشريكين اقتصاديين، خصوصاً بعد تدشين خط طيران مباشر»، مشيراً في كلمته بـ«المنتدى» إلى «وجود اتفاقيات ثنائية في مجال التجارة والصناعة، تحتاج فقط إلى التنفيذ»، حسب إفادة للسفارة الصومالية في القاهرة.
ودشنت الحكومة المصرية خط الطيران المباشر بين القاهرة ومقديشو، في يوليو (تموز) الماضي؛ بهدف تعزيز العلاقات المصرية مع دول القرن الأفريقي.
وحول أهمية انعقاد «منتدى الأعمال»، أشار عبدي إلى أنه «فرصة لتبادل الرؤى والأفكار، بشأن تعزيز التبادل التجاري، وبحث الفرص الاستثمارية بين القاهرة ومقديشو، بحضور مستثمرين ورجال أعمال في قطاعات الثروة الحيوانية والسمكية والزراعة والصناعات الدوائية والغذائية، وقطاع البنوك والإنشاءات»، منوهاً إلى «وجود إرادة قوية من القيادة السياسية في البلدين لتذليل العقبات كافة أمام رجال الأعمال والمستثمرين».
وتعهد السفير الصومالي في القاهرة بـ«التزام بلاده بتعزيز العلاقات والتعاون مع مصر، وإقامة النسخة الثانية من منتدى رجال الأعمال بين البلدين بعد 6 أشهر في مقديشو»، حسب السفارة الصومالية لدى مصر.
وأتاحت المشاركة الواسعة لممثلي القطاع الخاص، المصري والصومالي، فرصة للخروج بـ«نتائج إيجابية ومبشرة في مسار التعاون الاقتصادي»، وفق أمين عام «اتحاد الغرف التجارية» في مصر، علاء عز، مشيراً إلى أن «المنتدى شارك فيه نحو 32 من رجال الأعمال الصوماليين إلى جانب نحو 90 شركة مصرية».
وأوضح عز لـ«الشرق الأوسط» أن «مناقشات المنتدى بحثت تدشين منطقة لوجيستية لتبادل السلع بين القاهرة ومقديشو، بما يعزز التبادل التجاري والسلعي بين القطاع الخاص في البلدين بالعملة المحلية الصومالية»، وقال إن «المنتدى بحث تحقيق دفعة لمستوى التبادل التجاري، من خلال التوسع في تبادل السلع الضرورية للبلدين»، مشيراً إلى أن «مستوى التبادل التجاري الحالي، لا يرقى لمستوى العلاقات السياسية».
وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصومال 59 مليون دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.31 جنيه في البنوك المصرية) خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 31 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 88 في المائة، وسجلت الصادرات المصرية نحو 57 مليون دولار، مقابل مليونَي دولار واردات، حسب «الجهاز المركزي للإحصاء المصري».
وناقش «منتدى الأعمال المصري - الصومالي»، الفرص الاستثمارية في البلدين، وفق عز، الذي أشار إلى أن من المشروعات التي جرى بحثها «إقامة مجازر آلية مصرية، في مقديشو، بما يدفع معدلات استيراد اللحوم الصومالية»، لافتاً إلى أن «هناك فرصاً تساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي، منها، خط الطيران المباشر، وافتتاح فرع لبنك (مصر) بالصومال». وأعلنت «الخارجية المصرية»، في يوليو الماضي، عن افتتاح فرع لبنك مصر، في الصومال.
ويعكس انعقاد «منتدى الأعمال» التقارب بين مصر والصومال خلال الفترة الحالية، وفق مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية»، الدكتورة أماني الطويل، مشيرة إلى أن «القاهرة حريصة على مسارات التعاون متعدد الأوجه مع مقديشو، لتشمل المجالات الاقتصادية والثقافية إلى جانب التعاون العسكري والأمني».
وعززت مصر تعاونها العسكري مع الصومال، ووقّع البلدان، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتُفق حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، كما دعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.
وأضافت الطويل لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة المصرية تسعى لتنويع أدوات تحركها وحضورها الأفريقي، من خلال التركيز على آلية الاستثمارات، وإقامة المشروعات المشتركة». ودللت على ذلك بـ«انعقاد منتدى الأعمال مع الصومال، بعد منتدى رجال الأعمال المصري - السوداني بالقاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي»، موضحة أن ذلك «يُعمّق مسارات التعاون مع تلك الدول».