إلى أي مدى حلّ اتفاق «هدنة غزة» أزمة محور «فيلادلفيا»؟

«الصفقة» تتضمن انسحاباً إسرائيلياً خلال 50 يوماً من بدء التنفيذ

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

إلى أي مدى حلّ اتفاق «هدنة غزة» أزمة محور «فيلادلفيا»؟

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

لطالما وقف احتلال إسرائيل لـ«محور فيلادلفيا» حجر عثرة في إنهاء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، سواء من قبل «حماس» أو القاهرة، قبل أن يشمل نص الاتفاق فقرة بشأنه تنص على «انسحاب تدريجي على مدار 50 يوماً»، إلا أن تصاعد الدعوات داخل إسرائيل لعدم الانسحاب منه أثار مخاوف من إمكانية «المماطلة» خلال المراحل المتبقية من الاتفاق.

الاتفاق الذي يتضمن انسحاباً إسرائيلياً متدرجاً، ينقسم خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إزاءه، بين من يرى إمكانية أن تؤدي شروط الصفقة لإجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على الالتزام ومغادرة المحور الذي لا تسمح اتفاقية السلام مع مصر بوجود قوات إسرائيلية فيه، مقابل تشكيك تقديرات أخرى في إمكانية تحقق ذلك في ظل «مماطلات» إسرائيلية متوقعة، معولين على ضغوط من الوسطاء والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

يذكر أن «محور فيلادلفيا» المعروف أيضاً باسم «محور صلاح الدين» هو شريط حدودي يمتد بطول 14.5 كيلومتر من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية كامب ديفيد» الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.

وبعد ماراثون من المفاوضات، أعلن الوسطاء، في بيان مشترك، الأربعاء، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتنفيذ المرحلة الأولى التي تمتد إلى 42 يوماً، سيبدأ الأحد المقبل. ونص الاتفاق على أن «يقوم الجانب الإسرائيلي بخفض القوات تدريجياً في منطقة الممر (محور فيلادلفيا) خلال المرحلة الأولى، وفقاً للخرائط المتفق عليها والاتفاق بين الجانبين».

وبحسب الاتفاق، فإنه «بعد إطلاق سراح آخر رهينة من المرحلة الأولى في اليوم الـ42، تبدأ القوات الإسرائيلية انسحابها وتستكمله بما لا يتجاوز اليوم الـ50».

منظر عام لمحور «فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

ومنذ احتلال إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومحور «فيلادلفيا»، في مايو (أيار) 2024، جرت محادثات بين مصر وإسرائيل برعاية أميركية، عدّة في 2024، دون التوصل لحلول مع تمسك مصري بضرورة انسحاب إسرائيلي منهما، وسط تبادل التصريحات بين البلدين للتأكيد على مواقفهما طيلة الأشهر الأخيرة.

ورفض نتنياهو مطلب مصر، وأعلن مراراً ذلك، كان أحدثها في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بإصراره على البقاء بالمحور لـ«ضمان عدم حصول عمليات تهريب أسلحة»، وهو اتهام عادةً ما نفته مصر مراراً، وقالت عبر مصدر مسؤول: «هي تصريحات الغرض منها التغطية على فشله في القطاع».

وبرأي الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء عادل العمدة، فإن الاتفاق يؤثر إيجابياً حتى الآن لحل أزمة محور «فيلادلفيا» بين مصر وإسرائيل، موضحاً أن أحد شروط الصفقة والتهدئة الانسحاب التدريجي الإسرائيلي وصولاً لانسحاب كلي باليوم الخمسين ما عدا عناصر بسيطة سيوجدون في منطقة غير مرتبطة بمناطق اتفاقية السلام.

غير أن الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء محمود زاهر، يدعو إلى التمهل في توقع الوصول لحل بالنسبة لمحور «فيلادلفيا»، لافتاً إلى أن الوصول لنهاية المرحلة الأولى يحدد مدى جدية إسرائيل في تنفيذ التزاماتها، خاصة الانسحاب من المحور أو رؤية مماطلات إسرائيلية في التنفيذ.

وغداة الاتفاق، نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله، إن الاتفاق يتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من محور «فيلادلفيا» بعد استكمال المرحلة الأولى من الصفقة، مشيراً إلى أن القوات ستواصل البقاء في المحور بعد المرحلة الأولى من الصفقة إذا رفضت «حماس» مطالب إسرائيل.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

فيما تحدث مسؤول سياسي إسرائيلي لوسائل إعلام إسرائيلية، الخميس، قائلاً إن «قوات بلاده لن تنسحب من ممر فيلادلفيا»، نافياً ما وصفه بـ«التقارير المضللة» التي تحدثت عن مغادرتها للمنطقة، وفق ما نقلته قناة «الحرة» الأميركية.

المسؤول أوضح أنه سيحدث إعادة توزيعها بشكل مختلف، بما يشمل نقاطاً عسكرية، ودوريات، ومراقبة، وسيطرة على طول المحور، مضيفاً أنه في حال رفضت حركة «حماس» شروط إسرائيل (لم يحددها) لإنهاء الحرب، فإن القوات الإسرائيلية ستبقى في محور «فيلادلفيا» بعد اليوم الـ42، وكذلك بعد اليوم الـ50.

فيما هدد وزير الشتات ومكافحة معاداة السامية الإسرائيلي، أميخاي شيكلي، بالاستقالة من منصبه بسبب هذا المحور، قائلاً في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: «أتعهد بأنه إذا حدث انسحاب من محور فيلادلفيا قبل تحقيق أهداف الحرب، أو إذا لم نعد إلى القتال من أجل استكمال أهداف الحرب، فسأستقيل من منصبي وزيراً في الحكومة».

وبرأي العمدة، فإنه من الطبيعي وجود اعتراض على الانسحاب لكن الضمانة هو «وجود اتفاق سينفذ، فضلاً عن إصرار مصري على الانسحاب الإسرائيلي»، لافتاً إلى أن «إسرائيل من عادتها عدم الالتزام، لكن من المبكر التعليق على رد الفعل المصري أو الوسطاء حال حدوث ذلك».

وأضاف: «لكن وارد أن يتم حدوث ترتيبات مع مصر لحل أزمة، وضغوط من ترمب والوسطاء».

وبتقدير زاهر، فإن نتنياهو إذا نفذ المرحلة الأولى من أجل نيل عدد من الرهائن، سيماطل في تنفيذ المرحلة الثانية والثالثة بلا شك لضمان بقائه السياسي، متوقعاً أنه قد يتأخر الانسحاب وننتظر ضغوطات جديدة على إسرائيل للالتزام بالاتفاق والانسحاب الفعلي.


مقالات ذات صلة

«وزاري إسلامي» طارئ لدعم حقوق الشعب الفلسطيني

العالم العربي اجتماع لوزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والإمارات وقطر في القاهرة قبل أيام (الخارجية المصرية)

«وزاري إسلامي» طارئ لدعم حقوق الشعب الفلسطيني

كشفت وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء، عن اتصالات مع وزراء خارجية عدد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي؛ للبحث في تطورات القضية الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الأميركي ماركو روبيو، في واشنطن (وزارة الخارجية المصرية)

مصر: احتفاء «سوشيالي» باستخدام «الخارجية» تعريفاً مغايراً لعاصمة فلسطين

حظي بيان لوزارة الخارجية المصرية، صدر مساء الاثنين، بتفاعل كبير بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، كونه عرف عاصمة الدولة الفلسطينية بالقدس الشريف وليس «الشرقية».

محمد عجم (القاهرة)
المشرق العربي لقطة تُظهر الدمار في خان يونس بغزة أثناء عودة الفلسطينيين إلى منازلهم (د.ب.أ) play-circle 00:36

بعد تهديدات ترمب... اتفاق الهدنة في غزة على المحك

وُضع اتفاق وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل على المحك الثلاثاء بعدما توعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحركة الفلسطينية بـ«الجحيم»

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الجندي الإسرائيلي يوفال فاجداني (صحيفة يديعوت أحرونوت)

ملاحقات جرائم الحرب تطارد الجنود الإسرائيليين بالخارج

تسعى مؤسسة «هند رجب» لملاحقة جنود إسرائيليين حول عدة دول في العالم للقبض عليهم لارتكابهم جرائم حرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي امرأة فلسطينية مسنة تُمسك بعكازها وتستريح على جانب طريق متضرر في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ) play-circle

«يكررون ما فعلوه في غزة»... نزوح نصف سكان مخيم نور شمس جراء الاستهداف الإسرائيلي

نزحت عشرات العائلات لليوم الثاني على التوالي من مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية في ظل مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية.

«الشرق الأوسط» (رام الله )

اتفاقيات جزائرية-نيجيرية-نيجرية لتسريع أنبوب الغاز العابر للصحراء

الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)
الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)
TT

اتفاقيات جزائرية-نيجيرية-نيجرية لتسريع أنبوب الغاز العابر للصحراء

الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)
الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)

وقّعت الجزائر ونيجيريا والنيجر الثلاثاء في الجزائر العاصمة سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» الذي يمتدّ لأكثر من أربعة آلاف كيلومتر لتصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

ومن المفترض أن ينقل هذا الأنبوب عند اكتمال بنائه مليارات الأمتار المكعبة من الغاز النيجيري إلى النيجر ثم إلى الجزائر حيث يمكن بعد ذلك أن يتمّ تصديره إلى الاتحاد الأوروبي سواء عبر أنبوب «ترانسميد» الذي ينقل الغاز من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس، أو عبر تحويله إلى غاز طبيعي مسال ونقله على متن سفن شحن مخصصة لنقل هذا النوع من الوقود.

ووقّعت الدول الثلاث في العاصمة الجزائرية الثلاثاء عقودا بين الشركات النفطية التابعة لها، يتعلّق أحدها بـ«تحديث دراسة الجدوى» والآخر بـ«التعويض» في حين أنّ العقد الثالث هو اتفاق «عدم إفصاح». ونقلت الوكالة عن وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب قوله إنّ «هذا المشروع الطاقوي المهم والاستراتيجي يجسّد التعاون بين الدول الإفريقية للولوج الى الأسواق العالمية في مجال توريد الغاز الطبيعي».

كما أكّد الوزير على «الطابع الاستراتيجي الذي يكتسيه المشروع بالنسبة لإفريقيا ككلّ والذي من شأنه نقل من 20 إلى 30 مليار م3 سنويا من الغاز من نيجيريا مرورا بالنيجر والجزائر نحو الأسواق الدولية، لا سيّما أوروبا».

وفي يوليو (تمّوز) 2022، وقّعت الجزائر وأبوجا ونيامي خلال اجتماع وزاري مذكرة تفاهم لبناء خط أنابيب غاز بطول 4128 كيلومترا عبر الصحراء الكبرى، لكن من دون تحديد تاريخ إنجازه. وعندما تمّ إطلاق المشروع في 2009، قُدِّرت تكلفة بنائه بنحو 10 مليارات دولار. ومن المفترض بهذا الخط أن يزوّد أيضا دول الساحل بالغاز.

وتلقّى المشروع دفعة نحو الأمام في ظلّ الوضع الجيوسياسي الراهن بعد أن زاد الطلب الدولي على الغاز والنفط وارتفعت أسعارهما في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في نهاية فبراير (شباط) 2022.